1) ما هو معني السَلام؟
السَّلاَمِ فى نَامُوسِ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ
إعداد
د. القس
سامي منير اسكندر
السَّلاَمِ هو الأمن والاطمئنان والخلو من الخوف والانزعاج والقلق
والاضطراب، سواء لأسباب خارجية أو لأسباب نفسية. كما أنه يعنى النجاح والصحة
والسعادة مادياً وجسمانياً ونفسياً.
وتتراوح المواقف التى توصف بالسَّلاَمِ – فى الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ – من الراحة من العداء بين الأمم، وعدم وجود اضطرابات مدنية أو دينية،
إلى التحرر من المنازعات والخصومات بين الأفراد نتيجة المواقف الإيجابية التى
يتحقق معها نجاح الفرد مادياً أو صحياً، والخلو من القلق نفسياً وروحياً، وحيث
تتوفر السكينة والهدوء، ويقل الضجيج إلى أبعد حد .
ولكن ليس فى الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ موقف هو مجرد موقف
بشري، ففي جميع وجوه النشاط الإِنْسَانِي، يتجلى الأثر الإلهي. ويجب فهم المضمون
الكتابي للسلام من خلال ذلك. أما أسفار الإِنْجِيل فقد أضافت عنصراً آخر لمفهوم السَّلاَمِ
فى نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ، بإقرار أن أساس المصلحة بين
الله والإِنْسَانِ، وبين الإِنْسَانِ والإِنْسَانِ، بل وبين الإِنْسَانِ ونفسه،
إنما هو موت الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وقيامته، وعمل الروح القدس، وهكذا أصبح السَّلاَمِ
متاحاً للإنسان
أولاً: السَّلاَمِ فى نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ
وَالْمَزَامِيرِ:
لم يستخدم كتَّاب نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ –
فى أغلب الأحيان – كلمة «شالوم» (أى سلام) دون أن يتضمن ذلك –
تلميحاً على الأقل – مفهوماً دينياً، وهى تستخدم فى:
1) التحية المألوفة بين الأصدقاء
والسؤال عن صحتهم، كما كانت تستخدم أيضا عند الوداع «6فَقَالَ لَهُمْ: «هَلْ لَهُ سَلاَمَةٌ؟» فَقَالُوا: «لَهُ سَلاَمَةٌ.
وَهُوَذَا رَاحِيلُ ابْنَتُهُ آتِيَةٌ مَعَ الْغَنَمِ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ29: 6)، «23فَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمْ. لاَ تَخَافُوا. إِلَهُكُمْ
وَإِلَهُ أَبِيكُمْ أَعْطَاكُمْ كَنْزاً فِي عِدَالِكُمْ. فِضَّتُكُمْ وَصَلَتْ
إِلَيَّ». ثُمَّ أَخْرَجَ إِلَيْهِمْ شَمْعُونَ. 27فَسَأَلَ عَنْ سَلاَمَتِهِمْ وَقَالَ: «أَسَالِمٌ أَبُوكُمُ الشَّيْخُ الَّذِي قُلْتُمْ عَنْهُ؟
أَحَيٌّ هُوَ بَعْدُ؟»(سِفْرُ التَّكْوِينِ43: 23و27)، «15فَمَالُوا إِلَى هُنَاكَ وجَاءُوا إِلَى بَيْتِ
الْغُلاَمِ اللاَّوِيِّ، بَيْتِ مِيخَا، وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ»(سِفْرُ اَلْقُضَاة18: 15)، «20فَقَالَ الرَّجُلُ الشَّيْخُ: «السَّلاَمُ لَكَ. إِنَّمَا كُلُّ
احْتِيَاجِكَ عَلَيَّ، وَلكِنْ لا تَبِتْ فِي السَّاحَةِ»(سِفْرُ اَلْقُضَاة19: 20)، فقال الرب لجدعون عندما ظهر
له: «23فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «السَّلاَمُ لَكَ. لاَ تَخَفْ. لاَ تَمُوتُ»(سِفْرُ اَلْقُضَاة6: 23).
2) السَّلاَمِ من الأعداء، مما يعنى
الفوز والنجاح، وكانت هذه أعظم أمنية عند الأمة، وكان السَّلاَمِ منحة من الله
لشعبه إذا ساروا فى طرقه «26يَرْفَعُ الرَّبُّ وَجْهَهُ عَليْكَ وَيَمْنَحُكَ سَلاماً»(سِفْرُ اَللاَّوِيِّينَ26: 6). وكانت بركة هرون وبنيه للشعب
هى: «26يَرْفَعُ الرَّبُّ وَجْهَهُ عَليْكَ وَيَمْنَحُكَ سَلاماً»(سِفْرُ اَلْعَدَد6: 26) – «11الرَّبُّ يُعْطِي عِزّاً لِشَعْبِهِ. الرَّبُّ يُبَارِكُ
شَعْبَهُ بِالسَّلاَمِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور29: 11)، «12يَا رَبُّ تَجْعَلُ لَنَا سَلاَماً لأَنَّكَ كُلَّ
أَعْمَالِنَا صَنَعْتَهَا لَنَا...»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ26: 12... ألخ). و«7إِذَا أَرْضَتِ الرَّبَّ طُرُقُ إِنْسَانٍ جَعَلَ
أَعْدَاءَهُ أَيْضاً يُسَالِمُونَهُ» (سِفْرُ الأَمْثَالُ16: 7)، بل حتى الوحوش تسالمه «23لأَنَّهُ مَعَ حِجَارَةِ الْحَقْلِ عَهْدُكَ وَوُحُوشُ
الْبَرِّيَّةِ تُسَالِمُكَ. 24فَتَعْلَمُ
أَنَّ خَيْمَتَكَ آمِنَةٌ
وَتَتَعَهَّدُ مَرْبِضَكَ وَلاَ تَفْقِدُ شَيْئاً»(سِفْرُ أَيُّوبَ5: 23و24). وكان الموت فى سلام هو
أمنية كل فرد «15وَأَمَّا أَنْتَ
فَتَمْضِي إِلَى آبَائِكَ بِسَلاَمٍ وَتُدْفَنُ بِشَيْبَةٍ صَالِحَةٍ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ15: 15)، «6فَافْعَلْ حَسَبَ حِكْمَتِكَ وَلاَ تَدَعْ شَيْبَتَهُ تَنْحَدِرُ بِسَلاَمٍ
إِلَى الْهَاوِيَةِ»(سِفْرُ اَلْمُلُوكِ الأَوَّلُ2: 6)، «28هَئَنَذَا أَضُمُّكَ إِلَى آبَائِكَ فَتُضَمُّ إِلَى
قَبْرِكَ بِسَلاَمٍ
وَكُلَّ الشَّرِّ الَّذِي أَجْلِبُهُ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَعَلَى سُكَّانِهِ
لاَ تَرَى عَيْنَاكَ». فَرَدُّوا عَلَى الْمَلِكِ الْجَوَابَ»(سِفْرُ أَخْبَارِ الأَيَّامِ
الثَّانِي34: 28...الخ).
3) السَّلاَمِ الداخلي، وكان من
نصيب الأبرار المتكلين على الله، «21تَعَرَّفْ بِهِ وَاسْلَمْ. بِذَلِكَ يَأْتِيكَ خَيْر»(سِفْرُ أَيُّوبَ22: 21)، «8إِنِّي أَسْمَعُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ اللهُ الرَّبُّ. لأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ
بِالسَّلاَمِ لِشَعْبِهِ وَلأَتْقِيَائِهِ فَلاَ يَرْجِعُنَّ إِلَى
الْحَمَاقَةِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور85: 8)، «8بِسَلاَمَةٍ أَضْطَجِعُ بَلْ أَيْضاً أَنَامُ لأَنَّكَ أَنْتَ يَا
رَبُّ مُنْفَرِداً فِي طُمَأْنِينَةٍ تُسَكِّنُنِي»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور4: 8)، «165سَلاَمَةٌ
جَزِيلَةٌ لِمُحِبِّي شَرِيعَتِكَ وَلَيْسَ لَهُمْ مَعْثَرَةٌ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور119: 165)، «2فَإِنَّهَا تَزِيدُكَ طُولَ أَيَّامٍ وَسِنِي حَيَاةٍ وَسَلاَمَةً. 17طُرُقُهَا طُرُقُ نِعَمٍ وَكُلُّ مَسَالِكِهَا سَلاَمٌ»(سِفْرُ الأَمْثَالُ3: 2و17)، «3ذُو الرَّأْيِ الْمُمَكَّنِ تَحْفَظُهُ سَالِماً سَالِماً لأَنَّهُ عَلَيْكَ مُتَوَكِّلٌ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ26: 3)، «5كَانَ عَهْدِي مَعَهُ لِلْحَيَاةِ وَالسَّلاَمِ وَأَعْطَيْتُهُ
إِيَّاهُمَا لِلتَّقْوَى. فَاتَّقَانِي وَمِنِ اسْمِي ارْتَاعَ هُوَ»(سِفْرُ مَلاَخِي2: 5).
4) كان على البار أن يطلب السَّلاَمِة
ويسعى وراءها «14حِدْ
عَنِ الشَّرِّ وَاصْنَعِ الْخَيْرَ. اطْلُبِ السَّلاَمَةَ وَاسْعَ وَرَاءَهَا»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور34: 14)، وأن يحب «16هَذِهِ هِيَ الأُمُورُ الَّتِي تَفْعَلُونَهَا.
لِيُكَلِّمْ كُلُّ إِنْسَانٍ قَرِيبَهُ بِالْحَقِّ. اقْضُوا بِالْحَقِّ وَقَضَاءِ السَّلاَمِ فِي
أَبْوَابِكُمْ. 19هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: إِنَّ صَوْمَ الشَّهْرِ
الرَّابِعِ وَصَوْمَ الْخَامِسِ وَصَوْمَ السَّابِعِ وَصَوْمَ الْعَاشِرِ يَكُونُ
لِبَيْتِ يَهُوذَا ابْتِهَاجاً وَفَرَحاً وَأَعْيَاداً طَيِّبَةً. فَأَحِبُّوا الْحَقَّ
وَالسَّلاَمَ»(سِفْرُ زَكَريَّا8: 16و19).
5) سيكون السَّلاَمِ من أبرز معالم
عصر المسيا الذى هو
«رَئِيسَ السَّلاَمِ»: «6لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْناً
وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيباً مُشِيراً
إِلَهاً قَدِيراً أَباً أَبَدِيّاً رَئِيسَ السَّلاَمِ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ9: 6)، «6فَيَسْكُنُ الذِّئْبُ مَعَ الْخَرُوفِ وَيَرْبُضُ النَّمِرُ
مَعَ الْجَدْيِ وَالْعِجْلُ وَالشِّبْلُ وَالْمُسَمَّنُ مَعاً وَصَبِيٌّ صَغِيرٌ
يَسُوقُهَا»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ11: 6)، «4فَيَقْضِي
بَيْنَ الأُمَمِ وَيُنْصِفُ لِشُعُوبٍ كَثِيرِينَ فَيَطْبَعُونَ سُيُوفَهُمْ
سِكَكاً وَرِمَاحَهُمْ مَنَاجِلَ. لاَ تَرْفَعُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ سَيْفاً وَلاَ
يَتَعَلَّمُونَ الْحَرْبَ فِي مَا بَعْدُ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ2: 4)، «25وَأَقْطَعُ
مَعَهُمْ عَهْدَ سَلاَمٍ، وَأَنْزِعُ الْوُحُوشَ الرَّدِيئَةَ مِنَ الأَرْضِ، فَيَسْكُنُونَ فِي الْبَرِّيَّةِ
مُطْمَئِنِّينَ وَيَنَامُونَ فِي الْوُعُورِ»(سِفْرُ حِزْقِيَال34: 25)، «2وَتَسِيرُ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ وَيَقُولُونَ: «هَلُمَّ
نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ وَإِلَى بَيْتِ إِلَهِ يَعْقُوبَ فَيُعَلِّمَنَا
مِنْ طُرُقِهِ وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ». لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ
وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ. 3فَيَقْضِي بَيْنَ
شُعُوبٍ كَثِيرِينَ. يُنْصِفُ لِأُمَمٍ قَوِيَّةٍ بَعِيدَةٍ فَيَطْبَعُونَ
سُيُوفَهُمْ سِكَكاً وَرِمَاحَهُمْ مَنَاجِلَ. لاَ تَرْفَعُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ سَيْفاً
وَلاَ يَتَعَلَّمُونَ الْحَرْبَ فِي مَا بَعْدُ. 4بَلْ يَجْلِسُونَ كُلُّ وَاحِدٍ تَحْتَ كَرْمَتِهِ وَتَحْتَ
تِينَتِهِ وَلاَ يَكُونُ مَنْ يُرْعِبُ لأَنَّ فَمَ رَبِّ الْجُنُودِ
تَكَلَّمَ»(سِفْرُ مِيخَا4: 2-4)، «10وَأَقْطَعُ الْمَرْكَبَةَ مِنْ أَفْرَايِمَ وَالْفَرَسَ
مِنْ أُورُشَلِيمَ وَتُقْطَعُ قَوْسُ الْحَرْبِ. وَيَتَكَلَّمُ بِالسَّلاَمِ
لِلأُمَمِ وَسُلْطَانُهُ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ وَمِنَ النَّهْرِ إِلَى
أَقَاصِي الأَرْض»(سِفْرُ زَكَريَّا9: 10).