الثمر جيّدة والثمر رديئة
(ثَمَرُ الرُّوحِ)
إعداد
د. القس / سامي منير اسكندر
بما أن آدم قد رفض أن يقبل من الله وحده ثمرة الحياة التي
كانت مُعدَّة له، فإنه يرى نفسه مُلزماً بأن يحرث أرضاً ملعونة، بدلاً من أشجار
الجنة «كُلَّ شَجَرَةٍ شَهِيَّةٍ لِلنَّظَرِ وَجَيِّدَةٍ
لِلأَكْلِ»: «9وَأَنْبَتَ الرَّبُّ الإِلَهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ شَجَرَةٍ شَهِيَّةٍ لِلنَّظَرِ وَجَيِّدَةٍ
لِلأَكْلِ وَشَجَرَةَ الْحَيَاةِ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ وَشَجَرَةَ
مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ2: 9)، فتخرج له شوكاً وحسكاً «18وَشَوْكاً وَحَسَكاً تُنْبِتُ لَكَ وَتَأْكُلُ عُشْبَ
الْحَقْلِ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ3: 18).
وعندما يذوق آدم من شجرة معرفة الخير والشر، يدّعي أنه يحدد
بنفسه ما هو صالح وما هو شرير. فتصبح أفعاله ملتبسة حتى في عينيه نفسيهما. إلا أن
الله الذي يفحص الكلى والقلوب، يُحكم على كرمته إسرائيل من ثمارها. لقد كان ينتظر
منها عنباً، فإذا به لا يجد فيها إلا حصرماً «1لأُنْشِدَنَّ عَنْ حَبِيبِي نَشِيدَ مُحِبِّي
لِكَرْمِهِ. كَانَ لِحَبِيبِي كَرْمٌ عَلَى أَكَمَةٍ خَصِبَةٍ 2فَنَقَبَهُ وَنَقَّى حِجَارَتَهُ وَغَرَسَهُ
كَرْمَ سَوْرَقَ وَبَنَى بُرْجاً فِي وَسَطِهِ وَنَقَرَ فِيهِ أَيْضاً مِعْصَرَةً
فَانْتَظَرَ أَنْ يَصْنَعَ عِنَباً فَصَنَعَ عِنَباً رَدِيئاً. «3وَالآنَ يَا سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ وَرِجَالَ
يَهُوذَا احْكُمُوا بَيْنِي وَبَيْنَ كَرْمِي. 4مَاذَا
يُصْنَعُ أَيْضاً لِكَرْمِي وَأَنَا لَمْ أَصْنَعْهُ لَهُ؟ لِمَاذَا إِذِ
انْتَظَرْتُ أَنْ يَصْنَعَ عِنَباً صَنَعَ عِنَباً رَدِيئاً؟ 5فَالآنَ أُعَرِّفُكُمْ مَاذَا أَصْنَعُ
بِكَرْمِي. أَنْزِعُ سِيَاجَهُ فَيَصِيرُ لِلرَّعْيِ. أَهْدِمُ جُدْرَانَهُ
فَيَصِيرُ لِلدَّوْسِ. 6وَأَجْعَلُهُ
خَرَاباً لاَ يُقْضَبُ وَلاَ يُنْقَبُ فَيَطْلَعُ شَوْكٌ وَحَسَكٌ. وَأُوصِي
الْغَيْمَ أَنْ لاَ يُمْطِرَ عَلَيْهِ مَطَراً». 7إِنَّ
كَرْمَ رَبِّ الْجُنُودِ هُوَ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ وَغَرْسَ لَذَّتِهِ رِجَالُ
يَهُوذَا. فَانْتَظَرَ حَقّاً فَإِذَا سَفْكُ دَمٍ وَعَدْلاً فَإِذَا صُرَاخٌ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ5: 1–7).
إن الثمرة تُظهر نوعية الحديقة، وهكذا الكلمة، فإنها تعبّر
عن أفكار القلب. إن يوحنا المعمدان يدين أيضاً وَهْمَ أولئك الذين كانوا يفخرون
بأنهم أبناء إبراهيم، ولا يأتون بثمار جيّدة «8فَاصْنَعُوا أَثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. 9وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ:
لَنَا إِبْراهِيمُ أَباً. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ أَنْ
يُقِيمَ مِنْ هَذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَداً لِإِبْراهِيمَ. 10وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ
فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ»(إِنْجِيلُ مَتَّى3: 8-10).
ويعلن الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: «إن الشجرة تعرف من ثمارها»
ويكشف وراء القشرة الغريبة، عصارة ملعونة «33اِجْعَلُوا الشَّجَرَةَ جَيِّدَةً وَثَمَرَهَا جَيِّداً،
أَوِ اجْعَلُوا الشَّجَرَةَ رَدِيَّةً وَثَمَرَهَا رَدِيّاً، لأَنْ مِنَ الثَّمَرِ
تُعْرَفُ الشَّجَرَةُ. 34يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتَكَلَّمُوا
بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ؟ فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ
يَتَكَلَّمُ الْفَمُ. 35اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْبِ يُخْرِجُ
الصَّالِحَاتِ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ
الشُّرُورَ»(إِنْجِيلُ مَتَّى12: 33-35)، فهو يعلِّم تلاميذه كيف
يميّزون الأنبياء الكذبة: «16مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ
عِنَباً، أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِيناً؟»(إِنْجِيلُ مَتَّى7: 16).
إذن، وبوجه أعم، ثمة التباس في قلب الإنسان الذي قد «يثمر
ثماراً للموت»، في حين يجب «أن يثمر ثماراً للحياة»: «4إِذاً يَا إِخْوَتِي أَنْتُمْ أَيْضاً قَدْ مُتُّمْ
لِلنَّامُوسِ بِجَسَدِ الْمَسِيحِ لِكَيْ تَصِيرُوا لِآخَرَ لِلَّذِي قَدْ أُقِيمَ
مِنَ الأَمْوَاتِ لِنُثْمِرَ
لِلَّهِ. 5لأَنَّهُ لَمَّا كُنَّا فِي الْجَسَدِ كَانَتْ أَهْوَاءُ الْخَطَايَا
الَّتِي بِالنَّامُوسِ تَعْمَلُ فِي أَعْضَائِنَا لِكَيْ نُثْمِرَ لِلْمَوْتِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى
أَهْلِ رُومِيَةَ7: 4-5).