وظائف الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الثلاث
ثانياً: الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ كَاهِنٌ إِلَى ٱلأَبَدِ
إعداد
د. القس
سامي منير اسكندر
ثانياً: الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ كَاهِنٌ إِلَى ٱلأَبَدِ
كانت
وظيفة الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ الكهنوتية أيضاً ضمن الخواص المميزة للمسيّا الذي
تنبأت عنه أسفار نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ، فقد قيل عنه: «4أَقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ: «أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى
الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادِقَ»(سِفْرُ
اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور110: 4). كما قالت النبوة إنه: «13يَبْنِي هَيْكَلَ ٱلرَّبِّ، وَهُوَ يَحْمِلُ
ٱلْجَلالَ وَيَجْلِسُ وَيَتَسَلَّطُ عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَيَكُونُ كَاهِناً عَلَى
كُرْسِيِّهِ»(سِفْرُ زَكَريَّا6: 13). أما الوصف
الكامل لمركزه وخدمته الكهنوتية فقد ورد قبل مجيئه إلى عالم البشر بنحو 700 سنة،
وذلك على لسان النَّبِيُّ إِشَعْيَاءَ (سِفْرُ إِشَعْيَاءَ53) من نبوّته التي
تُعتبر من أجمل سجلات الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ.
وتُعتبر
وظيفة الكهنوت في الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ موازية لوظيفة النبّوة. فبينما يقوم النَّبِيُّ
بنقل رسالة من اللّه إلى البشر، أو بالتكلُّم للبشر بالنيابة عنه، فإن الكاهن هو
الشخص الذي يقوم بتمثيل البشر أمام اللّه، وذلك إما بتقديم ذبائحهم للّه بالنيابة
عنهم، وإما بنقل صلواتهم وطلباتهم إلى اللّه. إن ذلك بالطبع يعود لفقدان البشر
المقدرة على الوقوف أمام اللّه بأنفسهم بسبب فسادهم وخطيتهم. لأجل هذا السبب رتّب
اللّه وجود الكهنة من بين البشر الذين أهّلهم وأعدّهم للقيام بتلك المهمة
الكهنوتية. فلم يكن الشخص العادي يقدر أن يقترب من قدس الأقداس داخل الهيكل حيث
تُقدَّم الذبائح والصلوات الشفاعية الخاصة، لأن الإِنسان في حالته الساقطة مفصول
أخلاقياً وروحياً عن اللّه، وهو ذو طبيعة مغايرة لطبيعة اللّه الطاهرة، لذلك ليس
باستطاعة الإنسان القدوم إلى محضر اللّه بنفسه. أما الكهنة الذين أقامهم اللّه عبر
أجيال حقبة نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ فقد أُعطوا الحق في
تمثيل بني البشر أمام المحضر الإِلهي، فكان الكاهن يأخذ على نفسه مهمة إعادة تلك
العلاقة الطبيعية التي كانت بين اللّه وبني البشر إلى ما كانت عليه قبل السقوط،
ولو بشكل جزئي ومؤقّت. وهكذا أُوقعت على الكاهن مسؤولية الاعتراف العلني بخطية
وعصيان من يمثّلهم أمام اللّه، كما أنه يقوم بتقديم الذبائح الرمزية التي تعبّر عن
الرغبة في التوبة عن حالة التمرّد تلك والتكفير عنها.
إذن
تقع على عاتق الكاهن مهمتان: تمثيل بني البشر، والتشفُّع فيهم أمام اللّه. في الإِنْجِيل
نرى أن كهنة نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ لم تكن مهمّتهم رغم
عظمتها وفعاليتها وجدّيتها سوى مهمّة رمزية، ترمز إلى الكاهن الأعظم الذي سعى
هؤلاء الكهنة للتشبُّه به. إن الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ هو المرموز إليه في
الذبائح والصلوات التي قاموا بتقديمها. لعلّ أوضح ما ورد في الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ عن هذا الأمر هو في المضمون الكلّي للرسالة إلى
العبرانيين، التي أكدت تفَوُّق مركز الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الكهنوتي،
وألوهيته، وتفَوُّق مركزه النبوي على كافة الأنَّبِيُّاء. فبينما أشارت كتب الإِنْجِيل
الأخرى إلى عمل الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ الكهنوتي:
«45لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضاً لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ
بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ»(إِنْجِيلُ
مَرْقُسَ10: 45)،
«29وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ،
فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ
الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ!»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا1: 29)،
«24مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي
بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ 25الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ
كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ
الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ3: 24و25)،
«7إِذاً نَقُّوا مِنْكُمُ الْخَمِيرَةَ الْعَتِيقَةَ
لِكَيْ تَكُونُوا عَجِيناً جَدِيداً كَمَا أَنْتُمْ فَطِيرٌ. لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضاً الْمَسِيحَ قَدْ
ذُبِحَ لأَجْلِنَا»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ5: 7)،
«4الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ
لأَجْلِ خَطَايَانَا، لِيُنْقِذَنَا مِنَ
الْعَالَمِ الْحَاضِرِ الشِّرِّيرِ حَسَبَ إِرَادَةِ اللهِ وَأَبِينَا،»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ1: 4)،
«2وَاسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ أَيْضاً وَأَسْلَمَ
نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، قُرْبَاناً وَذَبِيحَةً
لِلَّهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ5: 2)،
«2وَهُوَ كَفَّارَةٌ
لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا
فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضاً»(رِّسَالَةُ
يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى2: 2)،
«24الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ
خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ
الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ»(رِّسَالَةُ
بُطْرُسَ الرَّسُولِ الأُولَى2: 24)،
و«18فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً
تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ
الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا
إِلَى اللهِ، مُمَاتاً فِي الْجَسَدِ
وَلَكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ،»(رِّسَالَةُ
بُطْرُسَ الرَّسُولِ الأُولَى3: 18)،
فإن
دور الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ الخاص هو في شرح ذلك العمل وتوضيح
أهميته. كما أنها لا تدع مجالاً للشك في أحقّية الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ للقبه الكهنوتي
المجيد.
في
الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ دُعي الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ:
1)
«1مِنْ ثَمَّ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْقِدِّيسُونَ،
شُرَكَاءُ الدَّعْوَةِ السَّمَاوِيَّةِ، لاَحِظُوا رَسُولَ اعْتِرَافِنَا وَرَئِيسَ كَهَنَتِهِ الْمَسِيحَ
يَسُوعَ،»(الرِّسَالَةُ
إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ3: 1)،
و2) «14فَإِذْ لَنَا
رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ قَدِ اجْتَازَ السَّمَاوَاتِ، يَسُوعُ ابْنُ اللهِ،
فَلْنَتَمَسَّكْ
بِالإِقْرَارِ»(الرِّسَالَةُ
إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ4: 14)،
و3) «6كَمَا يَقُولُ أَيْضاً فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: «أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ
مَلْكِي صَادِقَ»(الرِّسَالَةُ
إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ5: 6)،
و4)«20حَيْثُ دَخَلَ يَسُوعُ كَسَابِقٍ لأَجْلِنَا، صَائِراً عَلَى رُتْبَةِ
مَلْكِي صَادَقَ، رَئِيسَ كَهَنَةٍ إِلَى الأَبَدِ»(الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ6: 20)،
و5) «26لأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ
بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هَذَا، قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ
الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ»(الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ7: 26)،
و6) «1وَأَمَّا رَأْسُ الْكَلاَمِ فَهُوَ أَنَّ لَنَا رَئِيسَ كَهَنَةٍ مِثْلَ
هَذَا، قَدْ جَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ الْعَظَمَةِ فِي السَّمَاوَاتِ 2خَادِماً لِلأَقْدَاسِ وَالْمَسْكَنِ
الْحَقِيقِيِّ الَّذِي نَصَبَهُ الرَّبُّ لاَ إِنْسَانٌ»(الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ8: 1و2).
ومثلما
تميّز يسوع كنَّبِيُّ من بين جميع الأَنْبِيَاءِ، تميّز أيضاً عن جميع الكهنة. هذا
ما نراه في جانبي خدمته الكهنوتية بوضوح: أي في عمله الكفاري كفادي البشر والبديل
الحقيقي عنهم أمام اللّه، وفي عمل وساطته وخدمته الشفاعية كالممثل الأوحد لكنيسته
المفديَّة، أمام اللّه.
ويطرح
الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ أمامنا حقيقة راسخة لا نزاع عليها بالنسبة
إلى عمل الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ الكفاري، وهي أنه هو وحده الذي كان مؤهَّلاً لأن
يكون فادي البشر، والذي باستطاعته معالجة معضلة سقوطهم وخطيتهم. وما كانت ذبائح نَامُوسِ
مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ سوى رموز يتذكر بها البشر خطيتهم،
ويتطلعون إلى قدوم ذلك المخلّص الذي يذبح قانونياً بالنيابة عنهم:
«21لأنَّ أُولٰئِكَ بِدُونِ قَسَمٍ قَدْ صَارُوا
كَهَنَةً وَأَمَّا هٰذَا فَبِقَسَمٍ مِنَ ٱلْقَائِلِ لَهُ: أَقْسَمَ ٱلرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ،
أَنْتَ كَاهِنٌ
إِلَى ٱلأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادِقَ. 22عَلَى قَدْرِ ذٰلِكَ قَدْ صَارَ يَسُوعُ ضَامِناً لِعَهْدٍ أَفْضَلَ.
23وَأُولٰئِكَ قَدْ صَارُوا كَهَنَةً كَثِيرِينَ لأنَّ ٱلْمَوْتَ
مَنَعَهُمْ مِنَ ٱلْبَقَاءِ، 24وَأَمَّا هَذَا فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ،
لَهُ كَهَنُوتٌ لاَ
يَزُولُ. 25فَمِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضاً إِلَى ٱلتَّمَامِ
ٱلَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى ٱللّٰهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ
لِيَشْفَعَ فِيهِمْ. 26لأنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ
كَهَنَةٍ مِثْلُ هٰذَا، قُدُّوسٌ بِلا شَرٍّ وَلا دَنَسٍ، قَدِ ٱنْفَصَلَ عَنِ
ٱلْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ ٱلسَّمَاوَاتِ 27ٱلَّذِي لَيْسَ لَهُ ٱضْطِرَارٌ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلُ رُؤَسَاءِ
ٱلْكَهَنَةِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَبَائِحَ أَّوَلاً عَنْ خَطَايَا نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ
خَطَايَا ٱلشَّعْبِ، لأنَّهُ فَعَلَ هٰذَا مَرَّةً وَاحِدَةً، إِذْ قَدَّمَ نَفْسَهُ
28فَإِنَّ ٱلنَّامُوسَ (أي الشريعة) يُقِيمُ أُنَاساً بِهِمْ
ضُعْفٌ رُؤَسَاءَ كَهَنَةٍ. وَأَمَّا كَلِمَةُ ٱلْقَسَمِ ٱلَّتِي بَعْدَ ٱلنَّامُوسِ
فَتُقِيمُ ٱبْناً مُكَمَّلاً إِلَى ٱلأَبَدِ»(الرِّسَالَةُ
إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ7: 21- 28). إذن ذبيحة الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ تختلف
عن ذبائح الآخرين من عدة جوانب:
أولاً: هي ذبيحة حقيقية: فالذبائح السابقة لم تكن لها
سوى فائدة واحدة، وهي أنها كانت ترمز إليه: «4لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ
خَطَايَا. 5لِذَلِكَ عِنْدَ
دُخُولِهِ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: «ذَبِيحَةً وَقُرْبَاناً لَمْ تُرِدْ،
وَلَكِنْ هَيَّأْتَ لِي جَسَداً. 6بِمُحْرَقَاتٍ
وَذَبَائِحَ لِلْخَطِيَّةِ لَمْ تُسَرَّ. 7ثُمَّ
قُلْتُ: هَنَذَا أَجِيءُ. فِي دَرْجِ الْكِتَابِ مَكْتُوبٌ عَنِّي، لأَفْعَلَ
مَشِيئَتَكَ يَا أَللهُ». 8إِذْ
يَقُولُ آنِفاً: «إِنَّكَ ذَبِيحَةً وَقُرْبَاناً وَمُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ
لِلْخَطِيَّةِ لَمْ تُرِدْ وَلاَ سُرِرْتَ بِهَا». الَّتِي تُقَدَّمُ حَسَبَ
النَّامُوسِ. 9ثُمَّ قَالَ: «هَنَذَا
أَجِيءُ لأَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا أَللهُ». يَنْزِعُ الأَوَّلَ لِكَيْ يُثَبِّتَ الثَّانِيَ.
10فَبِهَذِهِ الْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ
جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً. 11وَكُلُّ كَاهِنٍ يَقُومُ كُلَّ يَوْمٍ يَخْدِمُ وَيُقَدِّمُ
مِرَاراً كَثِيرَةً تِلْكَ الذَّبَائِحَ عَيْنَهَا، الَّتِي لاَ
تَسْتَطِيعُ الْبَتَّةَ أَنْ تَنْزِعَ الْخَطِيَّةَ»(الرِّسَالَةُ
إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ10: 4-11)، أما الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فكان
إنساناً طاهراً، ولا يحل محل الإِنسان سوى إنسان، «5لِذٰلِكَ
عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى ٱلْعَالَمِ يَقُولُ: ذَبِيحَةً وَقُرْبَاناً لَمْ تُرِدْ، وَلٰكِنْ هَيَّأْتَ لِي
جَسَد»(الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ10:
5).
ثانياً: ذبيحة الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ هي ذات مدى
غير محدود، فهو كالكاهن الإِلهي غير المحدود قدّم ذبيحة غير محدودة الفعالية، «24لأنَّ ٱلْمَسِيحَ لَمْ يَدْخُلْ إِلَى أَقْدَاسٍ مَصْنُوعَةٍ
بِيَدٍ أَشْبَاهِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ، بَلْ إِلَى ٱلسَّمَاءِ عَيْنِهَا، لِيَظْهَرَ ٱلآنَ
أَمَامَ وَجْهِ ٱللّٰهِ لأجْلِنَا. 25وَلا
لِيُقَدِّمَ نَفْسَهُ مِرَاراً كَثِيرَةً، كَمَا يَدْخُلُ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ
إِلَى ٱلأَقْدَاسِ كُلَّ سَنَةٍ بِدَمِ آخَرَ»(الرِّسَالَةُ
إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ9: 24-25).
ثالثاً: ذبيحة الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ هي أبدية الأثر. «10فَبِهٰذِهِ ٱلْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ
جَسَدِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً...12وَأَمَّا
هَذَا فَبَعْدَمَا قَدَّمَ عَنِ الْخَطَايَا ذَبِيحَةً وَاحِدَةً، جَلَسَ إِلَى
الأَبَدِ عَنْ يَمِينِ اللهِ،...14لأنَّهُ بِقُرْبَانٍ
وَاحِدٍ قَدْ أَكْمَلَ إِلَى ٱلأَبَدِ ٱلْمُقَدَّسِينَ»(الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ10: 10و 12و14).
إلى
جانب الذبيحة العظمى التي قدّمها يسوع كفّارة عن خطايا الكثيرين، فإن وظيفته
الكهنوتية لها جانب آخر هو شفاعته بالنيابة عن مفدييه. في هذا الصدد يقول الرسول
يوحنا: «1إِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ (أي من
المؤمنين) فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ ٱلآبِ، يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ ٱلْبَارُّ»(رِّسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى2: 1). والشفيع
هو الشخص الذي يُعِين المذنبين ويدافع عنهم، وهو محامي الدفاع أمام محكمة العدالة
الإِلهية. بالنسبة للمؤمنين «34مَنْ
هُوَ ٱلَّذِي يَدِينُ؟ اَلْمَسِيحُ هُوَ ٱلَّذِي مَاتَ، بَلْ بِٱلْحَرِيِّ قَامَ
أَيْضاً، ٱلَّذِي هُوَ أَيْضاً عَنْ يَمِينِ ٱللّٰهِ، ٱلَّذِي أَيْضاً يَشْفَعُ
فِينَ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ
رُومِيَةَ8: 34). «25فَمِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ
أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضاً إِلَى ٱلتَّمَامِ ٱلَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى
ٱللّٰهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ»(الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ7: 25). إنه «24لأنَّ ٱلْمَسِيحَ لَمْ يَدْخُلْ إِلَى أَقْدَاسٍ
مَصْنُوعَةٍ بِيَدٍ أَشْبَاهِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ، بَلْ إِلَى ٱلسَّمَاءِ عَيْنِهَا، لِيَظْهَرَ ٱلآنَ
أَمَامَ وَجْهِ ٱللّٰهِ لأجْلِنَا(لأجل المؤمنين)»(الرِّسَالَةُ
إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ9: 24).
أمّا
عظمة شفاعة الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ فقاعدتها هي عظمة ذبيحته الكفارية. أمّا نتيجة تلك
الشفاعة النهائية فهي في مجيئه الثاني، «28هٰكَذَا
ٱلْمَسِيحُ أَيْضاً، بَعْدَمَا قُدِّمَ مَرَّةً لِكَيْ يَحْمِلَ خَطَايَا
كَثِيرِينَ، سَيَظْهَرُ ثَانِيَةً بِلا خَطِيَّةٍ لِلْخَلاصِ لِلَّذِينَ
يَنْتَظِرُونَهُ»(الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ9:
28).
إلى اللقاء في
ثالثا: الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ هو الملك