ثمر الروح والرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ
(ثَمَرُ الرُّوحِ)
إعداد
د. القس / سامي منير اسكندر
أن الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ عاش في حكم «شريعة إعطاء
الثمار التي أعلنها على العالم: «24اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ
حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَتْ
تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا12: 24). وقد قَبِل ساعة التضحية
فمجّده الآب. وبذا صارت الشريعة الطبيعية، عن طريق الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، «شريعة
الوجود المسيحي». «1أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ
وَأَبِي الْكَرَّامُ. 2كُلُّ غُصْنٍ
فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ
يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا15: 1-2)، لأنه لابد لإعطاء الثمر من
أن يبقى على الكرمة «4اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ
أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ،
كَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيْضاً إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا15: 4)، أي أن نكون أمناء للرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
إن الاتحاد بالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ يجب أن يكون خصباً
وسخياً: «2كُلُّ غُصْنٍ
فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ
يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا15: 2): تلك هي الطريقة الإلهية،
الوفرة، التي تفترض أن يتطهّر التلميذ باستمرار ويبدي الصبر «15وَالَّذِي فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ، هُوَ الَّذِينَ
يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَحْفَظُونَهَا فِي قَلْبٍ جَيِّدٍ صَالِحٍ، وَيُثْمِرُونَ
بِالصَّبْرِ»(إِنْجِيلُ لُوقَا8: 15)، إذ ذاك سيبلغ نضجه كاملاً: «11مَمْلُوئِينَ مِنْ ثَمَرِ الْبِرِّ الَّذِي بِيَسُوعَ
الْمَسِيحِ لِمَجْدِ اللهِ وَحَمْدِهِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى
أَهْلِ فِيلِبِّي1: 11)، «8بِهَذَا يَتَمَجَّدُ أَبِي: أَنْ تَأْتُوا بِثَمَرٍ
كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ تَلاَمِيذِي»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا15: 8).
وإذن فإن النُبُوّة عن الأزمنة الأخيرة قد تمت. فإسرائيل كأغصان
في الكرمة الحقيقية: «1أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ...5أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هَذَا يَأْتِي
بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا15: 1و5)، لم تثبت، فالأغصان اليانعة:
«8فِي حَقْلٍ
جَيِّدٍ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ هِيَ مَغْرُوسَةٌ لِتُنْبِتَ أَغْصَانَهَا
وَتَحْمِلَ ثَمَراً,
فَتَكُونَ كَرْمَةً وَاسِعَةً»(سِفْرُ حِزْقِيَال17: 8)، ثم اليابسة فيما بعد «10أُمُّكَ كَكَرْمَةٍ, مِثْلِكَ غُرِسَتْ عَلَى الْمِيَاهِ. كَانَتْ مُثْمِرَةً
مُفْرِخَةً مِنْ كَثْرَةِ الْمِيَاهِ. 11وَكَانَ لَهَا فُرُوعٌ قَوِيَّةٌ لِقُضْبَانِ الْمُتَسَلِّطِينَ,
وَارْتَفَعَ
سَاقُهَا بَيْنَ الأَغْصَانِ الْغَبْيَاءِ, وَظَهَرَتْ فِي
ارْتِفَاعِهَا بِكَثْرَةِ زَرَاجِينِهَا. 12لَكِنَّهَا اقْتُلِعَتْ بِغَيْظٍ وَطُرِحَتْ عَلَى الأَرْضِ,
وَقَدْ يَبَّسَتْ
رِيحٌ شَرْقِيَّةٌ ثَمَرَهَا. قُصِفَتْ
وَيَبِسَتْ فُرُوعُهَا الْقَوِيَّةُ. أَكَلَتْهَا النَّارُ. 13وَالآنَ غُرِسَتْ فِي الْقَفْرِ فِي أَرْضٍ يَابِسَةٍ
عَطْشَانَةٍ. 14وَخَرَجَتْ
نَارٌ مِنْ فَرْعِ عِصِيِّهَا أَكَلَتْ ثَمَرَهَا. وَلَيْسَ لَهَا
الآنَ فَرْعٌ قَوِيٌّ لِقَضِيبِ تَسَلُّطٍ. هِيَ رِثَاءٌ وَتَكُونُ لِمَرْثَاةٍ»(سِفْرُ حِزْقِيَال19: 10-14)، «1إِسْرَائِيلُ جَفْنَةٌ مُمْتَدَّةٌ. يُخْرِجُ ثَمَراً
لِنَفْسِهِ. عَلَى حَسَبِ كَثْرَةِ ثَمَرِهِ قَدْ كَثَّرَ الْمَذَابِحَ. عَلَى
حَسَبِ جُودَةِ أَرْضِهِ أَجَادَ الأَنْصَابَ»(سِفْرُ هُوشَعَ10: 1)، «21وَأَنَا قَدْ غَرَسْتُكِ كَرْمَةَ سُورَقَ زَرْعَ حَقٍّ
كُلَّهَا. فَكَيْفَ تَحَوَّلْتِ لِي سُرُوغَ جَفْنَةٍ غَرِيبَةٍ؟»(سِفْرُ إِرْمِيَا2: 21)، تُعطي من جديد ثمرها، والأَرْضِ
إتاءها «12بَلْ زَرْعُ السَّلاَمِ. الْكَرْمُ يُعْطِي ثَمَرَهُ وَالأَرْضُ تُعْطِي غَلَّتَهَا
وَالسَّمَاوَاتُ تُعْطِي نَدَاهَا وَأُمَلِّكُ بَقِيَّةَ هَذَا الشَّعْبِ هَذِهِ
كُلَّهَا»(سِفْرُ زَكَريَّا8: 12).
يمكننا أن ننتعش بالحكمة، بل أن نصير بها أيضاً ينبوع حياة:
«30ثَمَرُ الصِّدِّيقِ شَجَرَةُ حَيَاةٍ وَرَابِحُ النُّفُوسِ حَكِيمٌ»(سِفْرُ الأَمْثَالُ11: 30). ويتيح لنا الإِنْجِيل أن
نحدّد بدقة فيما يقوم بالضبط ثمر الروح، الذي تحمله مائية الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ: إنه ليس كثيراً، ولكنه يتكاثر، إنه المحبة التي تتفتّح بكل أنواع
الفضائل: «22وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ
لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ 23وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هَذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى
أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ5: 22-23).
على أن المحبة ليست: «3كَالتُّفَّاحِ بَيْنَ شَجَرِ الْوَعْرِ كَذَلِكَ
حَبِيبِي بَيْنَ الْبَنِينَ. تَحْتَ ظِلِّهِ اشْتَهَيْتُ أَنْ أَجْلِسَ وَثَمَرَتُهُ
حُلْوَةٌ لِحَلْقِي»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ2: 3)، بل المحبوب نفسه يستطيع «16اِسْتَيْقِظِي يَا رِيحَ الشَّمَالِ وَتَعَالَيْ يَا
رِيحَ الْجَنُوبِ! هَبِّي
عَلَى جَنَّتِي فَتَقْطُرَ أَطْيَابُهَا. لِيَأْتِ حَبِيبِي إِلَى
جَنَّتِهِ وَيَأْكُلْ ثَمَرَهُ النَّفِيسَ»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ4: 16).
وعن آخر الأزمنة، كان النبي قد استشف أن انتظام الفصول «22مُدَّةَ كُلِّ أَيَّامِ الأَرْضِ زَرْعٌ وَحَصَادٌ
وَبَرْدٌ وَحَرٌّ وَصَيْفٌ وَشِتَاءٌ وَنَهَارٌ وَلَيْلٌ لاَ تَزَالُ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ8: 22)، «17مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ نَفْسَهُ بِلاَ شَاهِدٍ،
وَهُوَ يَفْعَلُ خَيْراً يُعْطِينَا مِنَ السَّمَاءِ أَمْطَاراً وَأَزْمِنَةً
مُثْمِرَةً وَيَمْلأُ قُلُوبَنَا طَعَاماً وَسُرُوراً»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ14: 17)، سيتجدّد: إن الأشجار
المغروسة على شاطئ النهر الذي ينبع من جانب الهيكل، ستعطي كل شهر ثمارها «12وَعَلَى النَّهْرِ يَنْبُتُ عَلَى شَاطِئِهِ مِنْ هُنَا
وَمِنْ هُنَاكَ كُلُّ شَجَرٍ لِلأَكْلِ, لاَ يَذْبُلُ وَرَقُهُ وَلاَ يَنْقَطِعُ
ثَمَرُهُ. كُلَّ شَهْرٍ يُبَكِّرُ لأَنَّ مِيَاهَهُ خَارِجَةٌ مِنَ الْمَقْدِسِ,
وَيَكُونُ ثَمَرُهُ لِلأَكْلِ وَوَرَقُهُ لِلدَّوَاءِ»(سِفْرُ حِزْقِيَال47: 12). وكتاب الرؤيا، إذ يربط بين
هذه الرؤيا ورؤيا الفردوس، لم يعد يتأمل بعد سوى شجرة حياة واحدة، تلك التي صارت
شجرة الصليب، القادرة على شفاء الوثنيين أنفسهم «2فِي وَسَطِ سُوقِهَا وَعَلَى النَّهْرِ مِنْ هُنَا
وَمِنْ هُنَاكَ شَجَرَةُ حَيَاةٍ تَصْنَعُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ثَمَرَةً، وَتُعْطِي
كُلَّ شَهْرٍ ثَمَرَهَا، وَوَرَقُ الشَّجَرَةِ لِشِفَاءِ الأُمَمِ»(سِفْرُ رُؤْيَا يُوحَنَّا
اللاَّهُوتِيِّ22: 2).