1) أسئلة عن الخليقة
إعداد
د. القس / سامي منير اسكندر
عن كتاب علم اللاهوت النظامي (بتصرف وتبسيط)
تأليف: القس جيمس أَنِس
اسم المُرَاجِع والمنقِّح:
الدكتور القس منيس عبد النور
راعي الكنيسة الإنجيلية
بقصر الدوبارة. القاهرة
السؤال الرَّابعُ عَشَرَ
مَا هُوَ مذهب الخَلَقَ
المباشر بطريقة غير النشوء؟
هُوَ
أن الله خَلَقَ مواد الكون الأصلية مَنْ لا شيء بكَلِمَةِ قدرته، ثُمَّ أعدها فِي أثناء
أدوار طويلة لإبداع الحياة. ولمَا صارت مهيأة لذلك أبدع أولاً النباتات عَلَى أجناسها،
ثُمَّ الحيوانات غير العاقلة عَلَى أجناسها، بالتتابع فِي أدوار كثيرة. ولمَا حان
الوقت لخَلَقَ الإنسان أبدعه عَلَى صورته مميّزاً إياه بالنفس عن سائر الحيوانات،
أي أن الإنسان يشبه الْخَالِق فِي نفسه الناطقة، ويشبه الحيوانات فِي بنيته
الجسدية.
ثُمَّ استراح مَنْ جميع عمله الَّذِي عمل خالقاً، واستمرّ مَا أوجده مَنْ
ذوات الحياة حياً يثمر ويتكاثر عَلَى الأرض. وقد قبل هذا المذهب كثيرون مَنْ المؤمنين
بالوحي فِي جميع القرون الغابرة بناء عَلَى مفهوم الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ، لأنه ينسب الخَلَقَ كله لمشيئة الله وقدرته، وهُوَ كافٍ لتعليل
حوادث الكون منذ إنشائه، ولا ينسب للخالق عملاً يناقض نظام الكون، بل يبيّن
التوافق الكامل بين الكائنات، ويقول إن الله أوجد الكائنات حسب نظام كان مقرراً سابقاً
فِي فكره. ويتضح مَنْ الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ والطبيعة أن الله
تدرَّج فِي عمله مَنْ المواد البسيطة إِلَى المركبة، وفِي الحياة مَنْ الأدنى إِلَى
الأعَلَى بالترتيب، إِلَى أن وصل إِلَى الإنسان تاج الخليقة. وذلك باستعمال المواد
الموجودة، واستخدام القوات الطبيعية بمقتضى قوانينها، وجعل الأنواع الجديدة مشابهة
لمَا سبقها فِي أمور كثيرة، وأجرى ذلك بطرق مختلفة حسب استحسانه.
وليس فِي هذا
المذهب مَا ينفِي فعل الأحوال الخارجية فِي المخلوقات وإحداثها بعض التغييرات فِي طبيعة
المخلوقات وعوائدها، دون مساسٍ بخواصها النوعية، فالبشر مثلاً نوع واحد، تفرّعوا
صنوفاً يتميّز بعضهم عن بعض فِي أعراض كثيرة، بفعل أسباب خارجية وداخلية، غير أن
الخواص النوعية استمرت عَلَى أصلها.
وبحسب هذا المذهب يمكن تعليل كُلّ مَا أورده
أهل مذهب النشوء مَنْ الحقائق لإثبات مذهبهم بغاية السهولة، كالمشابهة التي تُرى
بين الأنواع الكائنة والتي كَانَتْ فِي الأدوار الجيولوجية، والتي تُرى بين أنواع
مختصة بمكانٍ واحد، ومَنْ علامات القصد فِي بنية الحيوانات، ووجود أعضاء ابتدائية
غير كاملة وغير مستعملة فِي بعض الأنواع، والتسلسل المتتابع فِي الأنواع الحية.
فبحسب مذهب «الخَلَقَ المباشر» نرى مقاصد الْخَالِق
الَّذِي استحسن إبداع الكائنات عَلَى المنوال المذكور. ولا يناقض هذا المذهب مَا يمكن
إثباته مَنْ النشوء فِي الخليقة، بل ينسبه إِلَى فعل عقل الْخَالِق لا إِلَى
الطبيعة نفسها، مستقلة عنه.
وبمَا
أن المباحثات العلمية والمجادلات العنيفة فِي المسائل الطبيعية قد كثرت فِي هذا
العصر، وجب عَلَى المسيحي أن يتمسك بإيمانه بوجود الله، وبأنه هُوَ الَّذِي خَلَقَ
الكائنات مَنْ العدم، ولو أن الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ لم يذكرها.
وعليه فإن صحة إيماننا لا تتوقَّف عَلَى صحة مذهبٍ ما، مَا دام ذلك المذهب يعظم الْخَالِق
ويتفق مع الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ.
0 التعليقات:
إرسال تعليق