• اخر الاخبار

    الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ هو اللهُ خالق النُّورُ د. القس / سامي منير اسكندر






    الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ هو اللهُ خالق النُّورُ

    إعداد
    د. القس / سامي منير اسكندر

    يجتاز النُّورُ كلّ صفحات الإعلان الإلهي المكتوب المقدس. وأول عمل قام به الخالق، هو الفصل بين النُّورُ والظَلاَمُ «1فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. 2وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ. 3وَقَالَ اللهُ (الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الذي كَلِمَةُ اللَّهَ): «لِيَكُنْ نُورٌ» فَكَانَ نُورٌ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ1: 3-4).

    وفي ختام الإعلان الإلهي المكتوب المقدس سيكون اللهُ نفسه نور الخليقة الجديدة «5وَقَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ: «هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيداً». وَقَالَ لِيَ: «اكْتُبْ، فَإِنَّ هَذِهِ الأَقْوَالَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ...23وَالْمَدِينَةُ لاَ تَحْتَاجُ إِلَى الشَّمْسِ وَلاَ إِلَى الْقَمَرِ لِيُضِيئَا فِيهَا، لأَنَّ مَجْدَ اللهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَالْخَرُوفُ سِرَاجُهَا»(سِفْرُ رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ21: 5و23).

    ومن النُّورُ الطبيعي الذي يتعاقب هنا على الأرض وظلمة الليل، ننتقل إلى النُّورُ الذي لا مغيب له، ألا وهو اللهُ نفسه «5وَهَذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ»(رِّسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى1: 5).

    فالتاريخ الذي تجري أحداثه بينهما، يأخذ هو أيضاً شكل معركة يتصادم فيها النُّورُ والظَلاَمُ، تصادماً أشبه ما يكون بذاك الذي بين الحياة والموت «4فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ، 5وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا1: 4-5).

    إلا أن هذه النظرة الدرامية للعالم لاتخضع هنا لأي إيديولوجية ثنائية قاطعة كما هو الحال في الفكر الإيراني. هذا الصدام يدور حول الإنسان الذي يتحدّد مصيره الأخير بين النُّورُ والظَلاَمُ، مثلما هو المصير بين الموت والحياة. وإذن يحتل الموضوع مكاناً بارزاً بين الرموز الدينية، التي يلجأ إليها الإعلان الإلهي المقدس.

    Ø     إله النُّورُ في نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ
    النُّورُ، كسائر المخلوقات، لا وجود له إلا مستمداً من اللهُ. سواء أكان نور النهار الذي بزغ من الخواء الأصلي «1فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. 2وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ. 3وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ» فَكَانَ نُورٌ. 4وَرَأَى اللهُ النُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَفَصَلَ اللهُ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. 5وَدَعَا اللهُ النُّورَ نَهَاراً وَالظُّلْمَةُ دَعَاهَا لَيْلاً. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْماً وَاحِداً»(سِفْرُ التَّكْوِينِ1: 1-5)، أو نور الكواكبء التي تضيء الأرض نهاراً وليلاً «14وَقَالَ اللهُ: «لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتَفْصِلَ بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ وَتَكُونَ لآيَاتٍ وَأَوْقَاتٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينٍ. 15وَتَكُونَ أَنْوَاراً فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذَلِكَ. 16فَعَمِلَ اللهُ النُّورَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ: النُّورَ الأَكْبَرَ لِحُكْمِ النَّهَارِ وَالنُّورَ الأَصْغَرَ لِحُكْمِ اللَّيْلِ وَالنُّجُومَ. 17وَجَعَلَهَا اللهُ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ 18وَلِتَحْكُمَ عَلَى النَّهَارِ وَاللَّيْلِ وَلِتَفْصِلَ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 19وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْماً رَابِعاً»(سِفْرُ التَّكْوِينِ1: 14-19).

    فاللهُ يرسل النُّورُ، ويستدعيه، فيطيع برعدة، لأن إلهاً واحداً هو مبدع النُّورُ وخالق الظلمة «7مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هَذِهِ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ45: 7)، «13فَإِنَّهُ هُوَذَا الَّذِي صَنَعَ الْجِبَالَ وَخَلَقَ الرِّيحَ وَأَخْبَرَ الإِنْسَانَ مَا هُوَ فِكْرُهُ الَّذِي يَجْعَلُ الْفَجْرَ ظَلاَماً وَيَمْشِي عَلَى مَشَارِفِ الأَرْضِ يَهْوَهُ إِلَهُ الْجُنُودِ اسْمُهُ»(سِفْرُ عَامُوسَ4: 13).


    من أجل هذا يرنم النُّورُ والظلمات نفس الترنيمة تسبيحاً للخالق «2يَوْمٌ إِلَى يَوْمٍ يُذِيعُ كَلاَماً وَلَيْلٌ إِلَى لَيْلٍ يُبْدِي عِلْماً. 3لاَ قَوْلَ وَلاَ كَلاَمَ. لاَ يُسْمَعُ صَوْتُهُمْ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور19: 2-3)، «3سَبِّحِيهِ يَا أَيَّتُهَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. سَبِّحِيهِ يَا جَمِيعَ كَوَاكِبِ النُّورِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور148: 3). وهكذا تُستبعد كل قصة أسطورية استبعاداً جذرياً، إلا أن ذلك لا يمنع أن يكون لكل من النُّورُ والظلمة معنى رمزي.


    Ø     الإله اللاَّبِسُ النُّورُ:

    إن النُّورُ هو في الواقع، كالخلوقات الأخرى، علامة تُظهر بطريقة ملموسة شيئاً من صفات اللهُ. إنه أشبه بانعكاس لمجده. وبهذا الاعتبار فهو جزء لا يتجزأ من الأسلوب الأدبي، الذي يستخدم في إبراز الظهورات الإلهية. إنه اللباس الذي يتوشح به اللهُ «2اللاَّبِسُ النُّورَ كَثَوْبٍ الْبَاسِطُ السَّمَاوَاتِ كَشُقَّةٍ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور 104: 2).

    فعندما يظهر اللهُ، يكون «ضياؤه كالنُّورُ، وله من يده قرنان «3اَللَّهُ جَاءَ مِنْ تِيمَانَ وَالْقُدُّوسُ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ. سِلاَهْ. جَلاَلُهُ غَطَّى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضُ امْتَلَأَتْ مِنْ تَسْبِيحِهِ. 4وَكَانَ لَمَعَانٌ كَالنُّورِ. لَهُ مِنْ يَدِهِ شُعَاعٌ وَهُنَاكَ اسْتِتَارُ قُدْرَتِهِ»(سِفْرُ حَبَقُّوقُ3: 3-4). والقبة الزرقاء التي يقوم عليها عرشه تسطع كالبلور «10وَرَأُوا إِلَهَ إِسْرَائِيلَ وَتَحْتَ رِجْلَيْهِ شِبْهُ صَنْعَةٍ مِنَ الْعَقِيقِ الأَزْرَقِ الشَّفَّافِ وَكَذَاتِ السَّمَاءِ فِي النَّقَاوَةِ»(سِفْرُ اَلْخُرُوجُ24: 10)، «22وَعَلَى رُؤُوسِ الْحَيَوَانَاتِ شِبْهُ مُقَبَّبٍ(الْجَلَدِ الْمُنْبَسِطِ) كَمَنْظَرِ الْبَلُّورِ (الْمُتَلَأْلِيءَ) الْهَائِلِ مُنْتَشِراً عَلَى رُؤُوسِهَا مِنْ فَوْقُ»(سِفْرُ حِزْقِيَال1: 22).

    وفي مواضع أخرى يصفه الإعلان الإلهي الله محاطاً بالنار:

    «17ثُمَّ غَابَتِ الشَّمْسُ فَصَارَتِ الْعَتَمَةُ وَإِذَا تَنُّورُ دُخَانٍ وَمِصْبَاحُ نَارٍ يَجُوزُ بَيْنَ تِلْكَ الْقِطَعِ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ15: 17)،

    «18وَكَانَ جَبَلُ سِينَاءَ كُلُّهُ يُدَخِّنُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الرَّبَّ نَزَلَ عَلَيْهِ بِالنَّارِ وَصَعِدَ دُخَانُهُ كَدُخَانِ الأَتُونِ وَارْتَجَفَ كُلُّ الْجَبَلِ جِدّاً»(سِفْرُ اَلْخُرُوجُ19: 18)،

    «17وَكَانَ مَنْظَرُ مَجْدِ الرَّبِّ كَنَارٍ آكِلَةٍ عَلَى رَأْسِ الْجَبَلِ أَمَامَ عُيُونِ بَنِي إِسْرَائِيلَ»(سِفْرُ اَلْخُرُوجُ 24: 17)،

    «7فَارْتَجَّتِ الأَرْضُ وَارْتَعَشَتْ أُسُسُ الْجِبَالِ. ارْتَعَدَتْ وَارْتَجَّتْ لأَنَّهُ غَضِبَ. 8صَعِدَ دُخَانٌ مِنْ أَنْفِهِ وَنَارٌ مِنْ فَمِهِ أَكَلَتْ. جَمْرٌ اشْتَعَلَتْ مِنْهُ. 9طَأْطَأَ السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ وَضَبَابٌ تَحْتَ رِجْلَيْهِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور18: 7-9)،

    «3يَأْتِي إِلَهُنَا وَلاَ يَصْمُتُ. نَارٌ قُدَّامَهُ تَأْكُلُ وَحَوْلَهُ عَاصِفٌ جِدّاً»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور50: 3)،
    أو قاذفاً بروق العاصفة «13أَمَّا شِبْهُ الْحَيَوَانَاتِ فَمَنْظَرُهَا كَجَمْرِ نَارٍ مُتَّقِدَةٍ, كَمَنْظَرِ مَصَابِيحَ هِيَ سَالِكَةٌ بَيْنَ الْحَيَوَانَاتِ. وَلِلنَّارِ لَمَعَانٌ, وَمِنَ النَّارِ كَانَ يَخْرُجُ بَرْقٌ»(سِفْرُ حِزْقِيَال13: 1)، «15فَظَهَرَتْ أَعْمَاقُ الْمِيَاهِ وَانْكَشَفَتْ أُسُسُ الْمَسْكُونَةِ مِنْ زَجْرِكَ يَا رَبُّ مِنْ نَسَمَةِ رِيحِ أَنْفِكَ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور18: 15).

    كل هذه اللوحات الرمزية تعبر عن العلاقة بين الحضور الإلهي والتأثير الناجم عن ضوء باهر على الإنسان. وأما بخصوص الظلمات، فهي لا تستبعد وجود اللهُ، فهو يفحصها ويرى ما يحدث فيها  «11فَقُلْتُ: «إِنَّمَا الظُّلْمَةُ تَغْشَانِي». فَاللَّيْلُ يُضِيءُ حَوْلِي! 12الظُّلْمَةُ أَيْضاً لاَ تُظْلِمُ لَدَيْكَ وَاللَّيْلُ مِثْلَ النَّهَارِ يُضِيءُ. كَالظُّلْمَةِ هَكَذَا النُّورُ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور139: 11-12)، «22هُوَ يَكْشِفُ الْعَمَائِقَ وَالأَسْرَارَ. يَعْلَمُ مَا هُوَ فِي الظُّلْمَةِ وَعِنْدَهُ يَسْكُنُ النُّورُ»(سِفْرُ دَانِيآل2: 22).


    ومع ذلك فإن الظلمة بحدّ ذاتها هي الجحيم، حيث الخاسرون «منقطعون عن يد اللهُ»: «6وَضَعْتَنِي فِي الْجُبِّ الأَسْفَلِ فِي ظُلُمَاتٍ فِي أَعْمَاقٍ. 7عَلَيَّ اسْتَقَرَّ غَضَبُكَ وَبِكُلِّ تَيَّارَاتِكَ ذَلَّلْتَنِي. سِلاَهْ...13أَمَّا أَنَا فَإِلَيْكَ يَا رَبُّ صَرَخْتُ وَفِي الْغَدَاةِ صَلاَتِي تَتَقَدَّمُكَ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور88: 6-7، 13). لكن في هذا الظَلاَمُ أيضاً، يرى اللهُ كل شيء، بدون أن يراه أحد، وهو حاضر، بدون أن يدع أحداً يدركه.

    للموضوع بقية
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    Item Reviewed: الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ هو اللهُ خالق النُّورُ د. القس / سامي منير اسكندر Rating: 5 Reviewed By: د. القس سامي منير اسكندر
    Scroll to Top