1) أسئلة عن الخليقة
إعداد
د. القس / سامي منير اسكندر
عن كتاب علم اللاهوت النظامي (بتصرف وتبسيط)
تأليف: القس جيمس أَنِس
اسم المُرَاجِع والمنقِّح:
الدكتور القس منيس عبد النور
راعي الكنيسة الإنجيلية
بقصر الدوبارة. القاهرة
السؤال السَّابعُ عَشَرَ
هل يخبرنا موسى بنظام خَلَقَ
العالم؟
التعليم
الجوهري فِي الوحي هُوَ أن الله هُوَ الْخَالِق، لكننا نتعلم منه حقائق أخرى مفيدة
جداً، منها أن ذلك العمل جرى بكُلّ نظام وترتيب، وبالتقدم التدريجي مَنْ البسيط إِلَى
المركب ومَنْ الأدنى إِلَى الأعلى، وأن درجات ذلك التقدم مثل حلقات سلسلة واحدة
تتصل بعضها ببعض، الحلقة الأولى منها إيجاد المواد الأصلية مَنْ لاشيء، والأخيرة
إبداع الإنسان رأس الخليقة عَلَى صورة الله. أمَا الأعمال التي جرت بعد إيجاد
المواد الأصلية فهي بالتفصيل:
2)
الفصل بين مياهٍ ومياه، وتوسُّط الجلَد (القبة الزرقاء) بينهما، والجلَد فِي الأصل
شيء مبسوط، وهُوَ الغلاف الجوي المحيط بالأرض.
3)
فصل اليابسة عن المياه، أي الأرض عن البحر، وإبداع الحياة النباتية.
4)
إقامة أنوار فِي جلَد السماء للفصل بين النهار والليل ولتمييز الفصول، أي ترتيب
الشمس والقمر والنجوم فِي النظام الشمسي وعلاقتها الحاضرة بالأرض. والمقصود
بالأنوار الكواكب التي تحمل النور أو تعكسه، ومفردها فِي اللغة العبرية الأصلية
ليس هُوَ نفس الكَلِمَةِ المستعملة عن النور الأصلي الَّذِي أُبدع فِي اليوم
الأول.
5)
خَلَقَ الحيوانات الأدنى التي تعيش فِي المياه والهواء، أي الحيتان العظام وكُلّ متحرك
فِي الماء، ثُمَّ الطيور.
6)
خَلَقَ الحيوانات العليا التي تعيش عَلَى وجه الأرض، أي البهائم والحيوانات التي
تتحرك عَلَى الأرض، والوحوش كأجناسها، ثُمَّ خَلَقَ الإنسان عَلَى صورة الله
ليتسلط عَلَى جميع المخلوقات.
7)
راحة الله فِي اليوم السابع مَنْ عمل الخَلَقَ، ودخوله فِي علاقة جديدة مع
مخلوقاته، هي أنه يحفظها ويباركها ويتمم فيها مقاصده الأزلية الحكيمة.
ويمكن
حصر جميع أعمال الأيام الستة فِي قسمين:
(أ)
إعداد الأرض لسكانها، وهُوَ مَا تم فِي الأيام الثلاثة الأولى، ويشمل عَلَى الغالب
المواد الجامدة.
(ب)
ملء الأرض بالسكان، وهُوَ مَا تم فِي الأيام الثلاثة الثانية، وهُوَ يشمل غالباً
المواد الحية:
أولاً:
إعداد الأرض وسكانها:
اليوم
الأول: خَلَقَ النور.
اليوم
الثاني: فصل مياه عن مياه، وظهور الكرة الأرضية.
اليوم
الثالث:
أ) فصل اليابسة عن المياه.
ب)
إبداع الأعشاب (وهي الأولى مَنْ المواد الحية).
ثانياً:
ملء الأرض بالسكان:
اليوم
الرابع: إبداع النور الشمسي.
اليوم
الخامس: إبداع الحيوانات الدنيئة.
اليوم
السادس:
أ)
إبداع الحيوانات العليا.
ب)
خَلَقَ الإنسان.
وبين
عمل كُلّ يوم مَنْ الثلاثة الأولى ومَا يقابله مَنْ الثلاثة الثانية مشابهة: فأول
عمل فِي القسم الأول هُوَ فصل النور عن الظلمة، ويقابله فِي القسم الثاني تنظيم
النور الشمسي وجعله عَلَى بُعد معيَّن مَنْ الأرض، ثُمَّ الفصل بين الأرض وجوّها
(أي بين المياه التي تحت الجلَد والتي فوق الجلد) ويقابله إبداع طيور الهواء
وحيتان البحر. ثُمَّ فصل اليابسة عن البحار وإخراج العُشب، ويقابله خَلَقَ
الحيوانات التي تعيش عَلَى اليابسة، والإنسان.
وفِي كُلّ ذلك أدلة عَلَى إبداع الله الكائنات بغاية النظام والترتيب، فإنه أولاً هيأ المسكن، ثُمَّ ملأه بالسكان، متقدماً فِي هذا العمل مَنْ البسيط إِلَى المركَّب، إِلَى أن وصل إِلَى الإنسان تاج عمله العظيم. ويتضح مَنْ هذا كمال الجمال والنظام والتوافق مع العقل السليم، بغير شرح علمي أو فلسفي. ويتضح منه وجود الله وعلاقته بالكون، وسلطانه المطلق، وأنه هُوَ وحده يستحق عبادة الجميع.
وفِي كُلّ ذلك أدلة عَلَى إبداع الله الكائنات بغاية النظام والترتيب، فإنه أولاً هيأ المسكن، ثُمَّ ملأه بالسكان، متقدماً فِي هذا العمل مَنْ البسيط إِلَى المركَّب، إِلَى أن وصل إِلَى الإنسان تاج عمله العظيم. ويتضح مَنْ هذا كمال الجمال والنظام والتوافق مع العقل السليم، بغير شرح علمي أو فلسفي. ويتضح منه وجود الله وعلاقته بالكون، وسلطانه المطلق، وأنه هُوَ وحده يستحق عبادة الجميع.
وفِي
سِفْرُ التَّكْوِينِ خبران يختصان بالخليقة:
أولهمَا فِي الأصحاح الأول وهُوَ يوضح خَلَقَ كُلّ الكائنات
ويذكر خَلَقَ الإنسان بالاختصار، ليبيّن علاقته بكُلّ الخليقة.
وثانيهمَا فِي الأصحاح الثاني، وهُوَ تكملةٌ للأول غير مستقل عنه،
وهُوَ يذكر خَلَقَ الإنسان بالتفصيل، تمهيداً لذكر أحواله فِي الفردوس وسقوطه.
والاسم المستعمل للخالق فِي الخبر الأول «إلوهيم([2])،
أي الله» يوافق علاقته بالكون أجمع، ويُستعمل له فِي الخبر الثاني اسم «يَهْوَهْ
إلوهيم، أي الرب الإله» وهُوَ يوافق علاقته بالإنسان. وجاء الاسمان معاً فِي افتتاح
الخبر الثاني كاسم واحد للجلالة فقيل «4هَذِهِ مَبَادِئُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ حِينَ
خُلِقَتْ يَوْمَ عَمِلَ الرَّبُّ الإِلَهُ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ»(سِفْرُ
التَّكْوِينِ2: 4)، ليبيّن أن الإله المنسوب إليه الخَلَقَ فِي الخبر
الثاني هُوَ نفس الإله الَّذِي نُسب إليه الخَلَقَ فِي الخبر الأول.
ونتعلم
مَنْ خبر الخليقة أنه يوجد إلهٌ واحدٌ خَلَقَ كُلّ الكائنات، ذو مشيئة واختيار،
متميّز عن مخلوقاته، وأن المادة ليست أزلية، وأن خَلَقَ الكون تم بالتتابع والتدرج
مَنْ المادة الجامدة إِلَى الإنسان المخلوق عَلَى صورة الله. وهذا ينقض المذاهب
الإلحادية التي ظهرت بين البشر عَلَى أنواعها، كاعتقاد عدم وجود الله، واعتقاد
وجود آلهة كثيرة، واعتقاد أزلية الكون أو مواده، واعتقاد ألوهية الكون (وحدة
الوجود) واعتقاد تسلسل الإنسان مَنْ البهائم، واعتقاد النشوء الذاتي، إِلَى غير
ذلك ممَا لا يسعنا الآن ذكره.
0 التعليقات:
إرسال تعليق