1) أسئلة عن الخليقة
إعداد
د. القس / سامي منير اسكندر
عن كتاب علم اللاهوت النظامي (بتصرف وتبسيط)
تأليف: القس جيمس أَنِس
اسم المُرَاجِع والمنقِّح:
الدكتور القس منيس عبد النور
راعي الكنيسة الإنجيلية
بقصر الدوبارة. القاهرة
السؤال الثَّامِنُ عَشَرَ
هل هناك تناقض بين مَا ذكره موسى عن خَلَقَ العالم والاكتشافات العلمية
الحديثة؟
لا.
لأنه لمَا كان هدف سِفْرُ التَّكْوِينِ أن يعرّف البشر بخالقهم وبعلاقته
بالمخلوقات، اقتضى أن يكون كلامه بسيطاً، يقتصر عَلَى الأمور الرئيسية دون
التفاصيل، وخالياً مَنْ الاصطلاحات العلمية، دون أن يكون فيه مَا يخالف الحقائق
العلمية. وكُلّ مَا اعتُبر خلافاً نشأ إمَا عن اختصار كلام سِفْرُ التَّكْوِينِ
وعدم وضوح معناه، أو مَنْ عدم صحة المذاهب العلمية التي يُقال إنها تناقض سِفْرُ التَّكْوِينِ.
وحُصرت الشُّبهات المنسوبة إِلَى سِفْرُ التَّكْوِينِ فِي ثلاثة أبواب:
1)
الشبهات الجيولوجية ومنها:
أ)
يُستفاد مَنْ أقوال موسى أن نظام الكون تمّ فِي ستة أيام، ولكن يُستفاد مَنْ علم
الجيولوجيا أن ذلك استغرق حقباً كثيرة وطويلة. فنجيب أن ليس بينهمَا تناقض لأن كَلِمَةُ
«يَوْمَ» جاءت فِي الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ بمعنى مدة طويلة (ارجع لإجابة السؤال السَّابعُ).
ب)
يُستفاد مَنْ أقوال موسى أن النبات أُبدع قبل الحيوان، ولكن يظهر مَنْ الاكتشافات
الجيولوجية حتى الآن أن آثار الحيوانات أقدم مَنْ آثار النباتات. فنجيب: ربمَا كان
ذلك لأن آثار النباتات الأولى فنيت لأنها لم تحتمل البقاء وقبول التحجر كآثار
الحيوانات. ويؤيد احتياج الحيوانات للنباتات صدق كلام موسى، لأن النباتات غذاء
الحيوان، فلا بد مَنْ وجود النباتات أولاً. ولقد برهنت الاكتشافات الحديثة هذه
البديهية.
ج)
عَلَى مَا يظهر مَنْ كلام موسى أن كُلّ أنواع النباتات أُبدعت معاً فِي الْيَوْمَ
الثالث، وأن الحيوانات عَلَى أنواعها خَلَقَت دفعةً واحدة فِي الْيَوْمَين الخامس
والسادس، ولكن يظهر مَنْ علم الجيولوجيا أن أنواع كُلّ منهمَا لم تظهر دفعةً واحدة
بل ظهرت متفرقة عَلَى فترات طويلة. فنجيب: إن هذه الشبهة تزول تماماً إذا حسبنا كَلِمَةُ
«يَوْمَ» تدل عن مدة طويلة (ارجع لإجابة السؤال
السَّابعُ).
د)
نتعلم مَنْ أقوال موسى أن الموت دخل العالم بسبب معصية الإنسان، ولكن يظهر مَنْ البقايا
الجيولوجية أن الموت وجد فِي الأدوار الطويلة التي مرت قبل خَلَقَ الإنسان. فنجيب:
جاء كلام الوحي عن موت الإنسان لا عن موت البهائم «12مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ
دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا
اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ5: 12).
2)
الشبهات الفلكية، ومنها:
أ)
قال موسى إن الله خَلَقَ النور فِي الْيَوْمَ الأول، ثُمَّ قال إنه عمل الشمس فِي الْيَوْمَ
الرابع، وبين القولين تناقض. فنجيب: النور الَّذِي أبدعه الله فِي الْيَوْمَ الأول
كان نوراً كهرومغناطيسياً ممتداً فِي أرجاء الكون ناتجاً مَنْ حالة المواد الأصلية
قبل تنظيمها، وهُوَ غير نور الشمس المندفع لأرضنا عَلَى الدوام.
ب)
ذكر موسى عمل النجوم فِي الْيَوْمَ الرابع، مع أنها خُلقت قبل ذلك. فنجيب: نعم إن
الشمس والقمر والنجوم خلقت قبل الْيَوْمَ الرابع، ولكن موسى قصد أنها دخلت فِي علاقتها
بأرضنا فِي ذلك الوقت. والمقصود بالنجوم فِي «16فَعَمِلَ اللهُ النُّورَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ: النُّورَ
الأَكْبَرَ لِحُكْمِ النَّهَارِ وَالنُّورَ الأَصْغَرَ لِحُكْمِ اللَّيْلِ
وَالنُّجُومَ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ1: 16)، إمَا الكواكب السيارة فِي مجموعتنا
الشمسية، أو جميع نجوم الكون.
3)
الشبهات الفسيولوجية، المتعلقة بعلم الحياة:
أ)
يقول موسى إن الله أوجد الحياة مباشرةً، ولكن بعض أهل الفلسفة المادية ارتابوا فِي
ذلك وقالوا بإمكان تولدها مَنْ تلقاء نفسها. فنجيب: هذا مجرد افتراض بلا دليل، لأن
كُلّ مَا عُرف مَنْ أمر الحياة يبيّن أن أصلها مَنْ الله لا مَنْ نفسها.
ب)
يقول موسى إن الله خَلَقَ النبات والحيوان عَلَى أنواعها بعنايته الخاصة، دون
توضيح كيفية ذلك، فقيل: «21فَخَلَقَ اللهُ التَّنَانِينَ الْعِظَامَ وَكُلَّ نَفْسٍ
حَيَّةٍ تَدِبُّ الَّتِي فَاضَتْ بِهَا الْمِيَاهُ كَأَجْنَاسِهَا وَكُلَّ طَائِرٍ
ذِي جَنَاحٍ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ». و«24وَقَالَ اللهُ: «لِتُخْرِجِ الأَرْضُ ذَوَاتِ أَنْفُسٍ
حَيَّةٍ كَجِنْسِهَا: بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَوُحُوشَ أَرْضٍ كَأَجْنَاسِهَا».
وَكَانَ كَذَلِكَ». فقول الوحي: «خَلَقَ الله» و«قال الله» يدل عَلَى قصده
وعنايته دون شرح كيفية إتمامها.
وقال
أصحاب مذهب النشوء الذاتي إن النباتات والحيوانات نشأت بالتدريج بعضها مَنْ بعض،
بنواميس طبيعية تفعل مَنْ نفسها مستقلة عن مشيئة الله وسلطانه وعنايته، وأخيراً
نشأ منها الإنسان. فنجيب: لمَا كان هذا المذهب غير مثبت بعد، وكَانَتْ الأدلة عَلَى
عدم صحته أقوى ممَا يوردونه مَنْ الأدلة عَلَى صحته، كَانَتْ الاعتراضات عَلَى أقوال
موسى الموحى به بلا قيمة ولا تأثير فِي اعتقادنا أن الله أبدأ كُلّ أنواع الحياة
بالكيفية التي استحسنها هو.
0 التعليقات:
إرسال تعليق