1)
أسئلة عن الخليقة
إعداد
د. القس / سامي منير
اسكندر
عن كتاب علم اللاهوت
النظامي (بتصرف وتبسيط)
تأليف:
القس جيمس أَنِس
اسم
المُرَاجِع والمنقِّح: الدكتور القس منيس عبد النور
راعي
الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة. القاهرة
السؤال الْعِشْرُونَ
مَا هي بعض أوجه الاتفاق بين مَا قاله موسى عن الخليقة
والحقائق العلمية؟
والحقائق العلمية؟
1)
قال موسى إن للكون بداية، ويتضح مَنْ البحوث العلمية الحديثة فِي الطبيعة أن للجنس
البشري بداية، وكذلك للحيوانات والنباتات، وللمادة ونواميسها وقواتها. فيتضح مَنْ العلم
(الَّذِي يتفق مع الوحي) عدم أزلية المادة.
2)
كَانَتْ السماوات قبل الأرض، وإن كان موسى قد أطال الكلام عن الأرض. وتبيّن
الحقائق العلمية أن هذه الأرض ليست مركز الكون كمَا توهَّم القدماء، وليست لها
أهمية فِي نظامه إلا لأنها مسكن البشر، وذلك يوافق الرأي السديمي الَّذِي بموجبه
تكونت عوالم الأفلاك قبل نظام أرضنا.
3)
الحرارة والماء همَا الوسيلتان العظيمتان لتكوين الأرض، فالنور الَّذِي أُبدع فِي الْيَوْمَ
الأول نتج عن الحرارة النارية الناشئة مَنْ حركات المواد الأصلية فِي حالتها
الغازية وهي مشتعلة، وكَانَتْ الحرارة والمياه تُحدثان التغيرات والانقلابات
الطبيعية المتوالية أثناء مدة إعداد الأرض مسكناً للحياة. وفِي الطبيعة أدلة كافية
لإثبات أنه بالحرارة والمياه تكونت قشرة الأرض وأُعدت اليابسة مسكناً للحيوانات
والبشر.
ويتضح أيضاً مَنْ سِفْرُ التَّكْوِينِ ومَنْ «6كَسَوْتَهَا الْغَمْرَ كَثَوْبٍ. فَوْقَ الْجِبَالِ
تَقِفُ الْمِيَاهُ. 7مِنِ انْتِهَارِكَ
تَهْرُبُ مِنْ صَوْتِ رَعْدِكَ تَفِرُّ. 8تَصْعَدُ
إِلَى الْجِبَالِ. تَنْزِلُ إِلَى الْبِقَاعِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي
أَسَّسْتَهُ لَهَا. 9وَضَعْتَ لَهَا تُخُماً
لاَ تَتَعَدَّاهُ. لاَ تَرْجِعُ لِتُغَطِّيَ الأَرْضَ»(سِفْرُ
اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور104: 6-9). ومَنْ طبقات الأرض أن اليابسة تكوّنت
تحت المياه.
4)
تتابع إبداع المخلوقات، فيتضح مَنْ الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ والطبيعة
أن الله لم يبدع الكائنات دفعةً واحدة بل عَلَى التوالي، الواحد بعد الآخر. وقد
تبيَّن مَنْ البحوث العلمية أن ذلك اقتضى حقباً طويلة جداً.
5)
التقدم مَنْ درجةٍ لأخرى فِي سلَّم الحياة، وأن الإنسان خَلَقَ آخر الكل. وذلك
واضح مَنْ كلام موسى ومَنْ البراهين العلمية عَلَى أن أنواع الحياة الدنيا وجدت
أولاً، ثُمَّ تلاها مَا هُوَ أعَلَى منها، وهكذا إِلَى أن انتهت السلسلة بالإِنْسَانَ.
أمَا اعتقاد البعض أن ذلك كان بالنشوء الطبيعي والتدرج الذاتي مَنْ نوع لآخر
بسلسلة متصلة فلا دليل عليه (ارجع لإجابة السؤال الثَّانِي عَشَرَ).
6)
توافق تعبيرات موسى عن الخَلَقَ مع الاكتشافات الطبيعية. ومَنْ ذلك:
أ)
الكلمتان الأصليتان اللتان تصفان النور المخلوق فِي الْيَوْمَ الأول (كَلِمَةُ نور أي نور أصلي)([1])
والنور المخلوق فِي الْيَوْمَ الرابع (أي كَلِمَةُ أنوار
أي حاملات النور)([2])
تتفقان مع مَا حدث فعلاً.
ب)
الكَلِمَةُ المترجمة «جلَد» توافق طبيعة الجو
المنبسط والمتّسع.
ج)
الكلمتان المترجمتان «تنانين» و«دبابات» موافقتان لصفات الحيوانات العِظام التي
أُبدعت فِي ذلك الوقت عَلَى مَا يظهر مَنْ آثارها فِي طبقات الأرض.
(د)
الكَلِمَةُ المترجمة «خَلَقَ»([3])
(بَرَا) فِي فاتحة سِفْرُ التَّكْوِينِ تناسب تمامًا التعبير عن خَلَقَ الله
للمواد الأصلية (آية 1) وخَلَقَ الحياة الحيوانية (آية 21) وخَلَقَ الإنسان (آية
27). وفِي كُلّ مَا سواها استُعملت ألفاظ تدل غالباً عَلَى الخَلَقَ بوسائط
ثانوية، ومَنْ ذلك قوله:
«3وَقَالَ اللهُ:
«لِيَكُنْ نُورٌ» فَكَانَ نُورٌ». «16فَعَمِلَ اللهُ النُّورَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ: النُّورَ الأَكْبَرَ
لِحُكْمِ النَّهَارِ وَالنُّورَ الأَصْغَرَ لِحُكْمِ اللَّيْلِ وَالنُّجُومَ».
و«9وَقَالَ اللهُ: «لِتَجْتَمِعِ
الْمِيَاهُ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ وَلْتَظْهَرِ
الْيَابِسَةُ».
و«11وَقَالَ اللهُ: «لِتُنْبِتِ الأَرْضُ عُشْباً وَبَقْلاً يُبْزِرُ
بِزْراً وَشَجَراً ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَراً كَجِنْسِهِ بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى
الأَرْضِ». وَكَانَ كَذَلِكَ».
«14وَقَالَ اللهُ: «لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ
لِتَفْصِلَ بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ وَتَكُونَ لآيَاتٍ وَأَوْقَاتٍ
وَأَيَّامٍ وَسِنِينٍ». ومَنْ هذا يظهر أن سِفْرُ التَّكْوِينِ يقول إن الخَلَقَ
الجديد مباشرةً مَنْ لا شيء لم يحدث إلا قليلاً، وإن أكثر الأعمال الإلهية تمت
بإبداع أشياء جديدة بوسائط ثانوية مَنْ مواد موجودة، وذلك مطابق لمَا نستنتجه مَنْ
الطبيعة نفسها.
وممَا يستحق ذكره أن العبارات التي وردت فيها كَلِمَةُ «خَلَقَ»«1فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ...
21فَخَلَقَ اللهُ التَّنَانِينَ
الْعِظَامَ وَكُلَّ نَفْسٍ حَيَّةٍ تَدِبُّ الَّتِي فَاضَتْ بِهَا الْمِيَاهُ
كَأَجْنَاسِهَا وَكُلَّ طَائِرٍ ذِي جَنَاحٍ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ
أَنَّهُ حَسَنٌ... 27فَخَلَقَ اللهُ
الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى
خَلَقَهُمْ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ1: 1و21و27)،
هي التي أعجزت أصحاب
مذهب النشوء عن إثبات صحة مذهبهم وعن أن يبيّنوا كيفية النشوء مَنْ لا شيء، لأن
ذلك محال، وكذلك افتراض نشوء الحياة الحيوانية مَنْ مادة خالية مَنْ الحياة،
وافتراض نشوء الحياة العقلية البشرية مَنْ الحياة البهيمية ممَا لا يصدقه العقل
السليم.
7)
للإنسان المقام الأول فِي الطبيعة، فقد قال موسى إن الله خَلَقَ الإنسان عَلَى صورته،
وإن بينه وبين الْخَالِق علاقة لم يشاركه فيها غيره، فهُوَ أسمى ممَا سواه مَنْ المخلوقات
أصلاً ومقاماً. وهذا يبيّن فساد القول بتسلسل الإنسان مَنْ البهائم بالتناسل
الطبيعي. ويؤيد ذلك مَا جاء فِي إِنْجِيلُ
لُوقَا
الإصحَاحُ
الثَّالِثُ
فِي
ذكر نسب الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، فإنه قيل فِي خاتمة الكلام «38بْنِ أَنُوشَ، بْنِ شِيتِ، بْنِ آدَمَ، ابْنِ اللهِ». وكُلّ مَا ذُكر فيه مَنْ علاقة
الإنسان بالْخَالِق وخَلَقَه فِي آخر الْيَوْمَ السادس بعد الحيوانات العليا يطابق
البحوث العلمية عن مقام الإنسان ومكانه فِي سلسلة الحياة.
8)
بيان وحدة النوع البشري المنسوب إِلَى أصلٍ واحد هُوَ أبوانا الأولان آدم وحواء، فهُوَ
مَنْ صريح أقوال الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ:
«27فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى
صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. 28وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ:
«أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ وَأَخْضِعُوهَا وَتَسَلَّطُوا عَلَى
سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ
عَلَى الأَرْضِ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ1: 27و28)،
و«7وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ تُرَاباً مِنَ
الأَرْضِ وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْساً حَيَّةً...»(سِفْرُ
التَّكْوِينِ2: 7و22)،
و«22وَبَنَى الرَّبُّ الإِلَهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا
مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ»(سِفْرُ
التَّكْوِينِ3: 20)،
و«4فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ
الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَراً وَأُنْثَى؟»(إِنْجِيلُ
مَتَّى19: 4)،
و«26وَصَنَعَ مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ النَّاسِ
يَسْكُنُونَ عَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ وَحَتَمَ بِالأَوْقَاتِ الْمُعَيَّنَةِ
وَبِحُدُودِ مَسْكَنِهِمْ»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ17:
26)،
و«12مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ
دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا
اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ...19لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ
جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً هَكَذَا أَيْضاً بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ
الْكَثِيرُونَ أَبْرَاراً»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ5: 12و19)،
و«22لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ هَكَذَا
فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ15: 22)، وتوافقه كُلّ
الحقائق العلمية.
وهكذا
يثبت كُلّ مَا أوردناه مَنْ الاتفاق بين أقوال موسى فِي خَلَقَ الكون وأحدث
الاكتشافات العلمية أن موسى كتب بالوحي، وأنه لولا ذلك لوقع فِي أخطاء كثيرة. فيصح
القول إن كُلّ الحقائق العلمية تثبت أقوال موسى فِي خَلَقَ العالم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق