هل الموت قدراً على الإِنْسَانَ؟
إعداد
د. القس / سامي منير اسكندر
أخي الموت ليس
قدراً، لأننا اساساً محروسين في مراحم الله، الْمَوْتُ قضاء الله على خطية الإِنْسَانَ لجميع الناس: «2أَنَا ذَاهِبٌ فِي طَرِيقِ
الأَرْضِ كُلِّهَا. فَتَشَدَّدْ وَكُنْ رَجُلاً»(سِفْرُ اَلْمُلُوكِ الأَوَّلُ2: 2)، «14لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ نَمُوتَ وَنَكُونَ كَالْمَاءِ الْمُهْرَاقِ عَلَى الأَرْضِ الَّذِي
لاَ يُجْمَعُ أَيْضاً. وَلاَ يَنْزِعُ اللَّهُ نَفْساً بَلْ يُفَكِّرُ أَفْكَاراً
حَتَّى لاَ يُطْرَدَ عَنْهُ مَنْفِيُّهُ»(سِفْرُ صَمُوئِيلَ الثَّانِي14: 14).
وإذ
يشكل الْمَوْتُ نهاية لحياة كل إِنْسَانَ فإنه يترك بصمة على شخصيته:
موت
الآباء «8وَأَسْلَمَ إِبْرَاهِيمُ رُوحَهُ وَمَاتَ بِشَيْبَةٍ
صَالِحَةٍ شَيْخاً وَشَبْعَانَ أَيَّاماً
وَانْضَمَّ إِلَى قَوْمِهِ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ25: 8)، «29فَأَسْلَمَ إِسْحَاقُ رُوحَهُ وَمَاتَ وَانْضَمَّ إِلَى
قَوْمِهِ شَيْخاً وَشَبْعَانَ أَيَّاماً وَدَفَنَهُ عِيسُو وَيَعْقُوبُ ابْنَاهُ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ35: 29)،
موت
موسى الغامض «1وَصَعِدَ مُوسَى مِنْ عَرَبَاتِ مُوآبَ إِلى جَبَلِ
نَبُو إِلى رَأْسِ الفِسْجَةِ الذِي قُبَالةَ أَرِيحَا فَأَرَاهُ الرَّبُّ جَمِيعَ
الأَرْضِ مِنْ جِلعَادَ إِلى دَانَ 2وَجَمِيعَ نَفْتَالِي وَأَرْضَ أَفْرَايِمَ وَمَنَسَّى
وَجَمِيعَ أَرْضِ يَهُوذَا إِلى البَحْرِ الغَرْبِيِّ 3وَالجَنُوبَ وَالدَّائِرَةَ بُقْعَةَ أَرِيحَا مَدِينَةِ
النَّخْلِ إِلى صُوغَرَ. 4وَقَال لهُ الرَّبُّ: «هَذِهِ هِيَ الأَرْضُ التِي
أَقْسَمْتُ لِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ قَائِلاً: لِنَسْلِكَ
أُعْطِيهَا. قَدْ أَرَيْتُكَ إِيَّاهَا بِعَيْنَيْكَ وَلكِنَّكَ إِلى هُنَاكَ لا
تَعْبُرُ». 5فَمَاتَ هُنَاكَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ فِي أَرْضِ
مُوآبَ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. 6وَدَفَنَهُ فِي الجِوَاءِ فِي أَرْضِ مُوآبَ مُقَابِل
بَيْتِ فَغُورَ. وَلمْ يَعْرِفْ إِنْسَانٌ قَبْرَهُ إِلى هَذَا اليَوْمِ»(سِفْرُ
اَلَتَّثْنِيَة34: 1-6).
موت وانتحار
الملك شاول: «1وَحَارَبَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ إِسْرَائِيلَ, فَهَرَبَ
رِجَالُ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَمَامِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَسَقَطُوا قَتْلَى فِي
جَبَلِ جِلْبُوعَ. 2فَشَدَّ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَرَاءَ شَاوُلَ
وَبَنِيهِ, وَضَرَبَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ يُونَاثَانَ وَأَبِينَادَابَ
وَمَلْكِيشُوعَ أَبْنَاءَ شَاوُلَ. 3وَاشْتَدَّتِ الْحَرْبُ عَلَى شَاوُلَ فَأَصَابَهُ
الرُّمَاةُ رِجَالُ الْقِسِيِّ, فَانْجَرَحَ جِدّاً مِنَ الرُّمَاةِ. 4فَقَالَ شَاوُلُ لِحَامِلِ سِلاَحِهِ: «اسْتَلَّ
سَيْفَكَ وَاطْعَنِّي بِهِ لِئَلَّا يَأْتِيَ هَؤُلاَءِ الْغُلْفُ وَيَطْعَنُونِي
وَيُقَبِّحُونِي». فَلَمْ يَشَأْ حَامِلُ سِلاَحِهِ لأَنَّهُ خَافَ جِدّاً.
فَأَخَذَ شَاوُلُ السَّيْفَ وَسَقَطَ عَلَيْهِ. 5وَلَمَّا رَأَى حَامِلُ سِلاَحِهِ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ
شَاوُلُ, سَقَطَ هُوَ أَيْضاً عَلَى سَيْفِهِ وَمَاتَ مَعَهُ. 6فَمَاتَ شَاوُلُ وَبَنُوهُ الثَّلاَثَةُ وَحَامِلُ سِلاَحِهِ وَجَمِيعُ
رِجَالِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَعاً»(سِفْرُ
صَمُوئِيلَ الأَوَّلُ31: 1-6).
ولكن
أمام هذه الضرورة المحتومة. لا يسعنا إلا أن نشعر بأن الحياة التي طالما اشتهيناها
لست سوى خير هش وزائل. إنها ظل ونفخة وعدم «4عَرِّفْنِي يَا رَبُّ
نِهَايَتِي وَمِقْدَارَ أَيَّامِي كَمْ هِيَ فَأَعْلَمَ كَيْفَ أَنَا
زَائِلٌ. 5هُوَذَا جَعَلْتَ أَيَّامِي
أَشْبَاراً وَعُمْرِي كَلاَ شَيْءَ قُدَّامَكَ. إِنَّمَا نَفْخَةً كُلُّ
إِنْسَانٍ قَدْ جُعِلَ. سِلاَهْ. 6إِنَّمَا كَخَيَالٍ
يَتَمَشَّى الإِنْسَانُ. إِنَّمَا بَاطِلاً يَضِجُّونَ. يَذْخَرُ ذَخَائِرَ
وَلاَ يَدْرِي مَنْ يَضُمُّهَا»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور39: 4-6)، «48أَيُّ إِنْسَانٍ يَحْيَا وَلاَ يَرَى الْمَوْتَ؟ أَيٌّ
يُنَجِّي نَفْسَهُ مِنْ يَدِ الْهَاوِيَةِ؟ سِلاَهْ. 49أَيْنَ مَرَاحِمُكَ الأُوَلُ يَا رَبُّ الَّتِي حَلَفْتَ
بِهَا لِدَاوُدَ بِأَمَانَتِكَ؟»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور89: 48-49).
«1اَلإِنْسَانُ مَوْلُودُ الْمَرْأَةِ
قَلِيلُ الأَيَّامِ وَشَبْعَانُ تَعَباً. 2يَخْرُجُ كَالزَّهْرِ ثُمَّ يَذْوِي وَيَبْرَحُ
كَالظِّلِّ وَلاَ يَقِفُ. 3فَعَلَى مِثْلِ هَذَا حَدَّقْتَ عَيْنَيْكَ وَإِيَّايَ
أَحْضَرْتَ إِلَى الْمُحَاكَمَةِ مَعَكَ. 4مَنْ يُخْرِجُ الطَّاهِرَ مِنَ النَّجِسِ؟ لاَ أَحَدٌ! 5إِنْ كَانَتْ أَيَّامُهُ مَحْدُودَةً وَعَدَدُ
أَشْهُرِهِ عِنْدَكَ وَقَدْ عَيَّنْتَ أَجَلَهُ فَلاَ يَتَجَاوَزُهُ 6فَأَقْصِرْ عَنْهُ لِيَسْتَرِيحَ إِلَى أَنْ يُسَرَّ
كَالأَجِيرِ بِانْتِهَاءِ يَوْمِهِ. «7لأَنَّ لِلشَّجَرَةِ رَجَاءً. إِنْ قُطِعَتْ تُخْلِفْ
أَيْضاً وَلاَ تُعْدَمُ أَغْصَانُهَا. 8وَلَوْ قَدُمَ فِي الأَرْضِ أَصْلُهَا وَمَاتَ فِي
التُّرَابِ جِذْعُهَا 9فَمِنْ رَائِحَةِ الْمَاءِ تُفْرِخُ وَتُنْبِتُ فُرُوعاً
كَالْغَرْسِ. 10أَمَّا الرَّجُلُ فَيَمُوتُ وَيَبْلَى. الإِنْسَانُ
يُسْلِمُ الرُّوحَ فَأَيْنَ هُوَ! 11قَدْ تَنْفَدُ الْمِيَاهُ مِنَ الْبَحْرِ وَالنَّهْرُ
يَنْشَفُ وَيَجِفُّ 12وَالإِنْسَانُ يَضْطَجِعُ وَلاَ يَقُومُ. لاَ
يَسْتَيْقِظُونَ حَتَّى لاَ تَبْقَى السَّمَاوَاتُ وَلاَ يَنْتَبِهُونَ مِنْ
نَوْمِهِمْ»(سِفْرُ أَيُّوبَ14: 1-12)،
إنما
باطلة طالما أن قضاء الله على خطية الإِنْسَانَ هو واحد للجميع «1لِكُلِّ شَيْءٍ زَمَانٌ وَلِكُلِّ أَمْرٍ تَحْتَ
السَّمَاوَاتِ وَقْتٌ. 2لِلْوِلاَدَةِ وَقْتٌ وَلِلْمَوْتِ وَقْتٌ. لِلْغَرْسِ
وَقْتٌ وَلِقَلْعِ الْمَغْرُوسِ وَقْتٌ...21مَنْ يَعْلَمُ رُوحَ بَنِي الْبَشَرِ هَلْ هِيَ تَصْعَدُ
إِلَى فَوْقٍ وَرُوحَ الْبَهِيمَةِ هَلْ هِيَ تَنْزِلُ إِلَى أَسْفَلَ إِلَى الأَرْضِ؟
22فَرَأَيْتُ أَنَّهُ لاَ شَيْءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَفْرَحَ الإِنْسَانُ
بِأَعْمَالِهِ لأَنَّ ذَلِكَ نَصِيبَهُ. لأَنَّهُ مَنْ يَأْتِي بِهِ لِيَرَى مَا
سَيَكُونُ بَعْدَهُ؟»(سِفْرُ الْجَامِعَةِ3)، «8وَكَرِيمَةٌ هِيَ فِدْيَةُ نُفُوسِهِمْ فَغَلِقَتْ إِلَى
الدَّهْرِ 9حَتَّى يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ فَلاَ
يَرَى الْقَبْرَ. 10بَلْ يَرَاهُ! الْحُكَمَاءُ
يَمُوتُونَ. كَذَلِكَ الْجَاهِلُ وَالْبَلِيدُ
يَهْلِكَانِ وَيَتْرُكَانِ ثَرْوَتَهُمَا لآخَرِينَ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور49: 8...)،
حتى
الملوك منهم! فهي حقيقة أليمة تولَد أحياناً، في مواجهة هذا القدر الحتمي.
استسلاماً للواقع «23وَالآنَ قَدْ مَاتَ، فَلِمَاذَا أَصُومُ؟ هَلْ أَقْدِرُ أَنْ أَرُدَّهُ بَعْدُ؟ أَنَا ذَاهِبٌ إِلَيْهِ وَأَمَّا هُوَ فَلاَ يَرْجِعُ
إِلَيَّ»(سِفْرُ صَمُوئِيلَ الثَّانِي12: 23)، «14لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ نَمُوتَ وَنَكُونَ كَالْمَاءِ الْمُهْرَاقِ عَلَى الأَرْضِ الَّذِي
لاَ يُجْمَعُ أَيْضاً. وَلاَ يَنْزِعُ اللَّهُ نَفْساً بَلْ يُفَكِّرُ أَفْكَاراً
حَتَّى لاَ يُطْرَدَ عَنْهُ مَنْفِيُّهُ»(سِفْرُ صَمُوئِيلَ الثَّانِي14: 14). وذلك. فالحكمة الحقيقية تذهب
إلى أبعد من ذلك، إنها تقبل الْمَوْتُ كقضاء إلهي، يبرز تواضع الحالة البشرية تجاه
الله الحي الذي لا يموت، لأَنَّكَ «19بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزاً حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا.
لأَنَّكَ تُرَابٌ وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ3: 19).
0 التعليقات:
إرسال تعليق