1)أسئلة عن الخليقة
إعداد
د. القس / سامي منير اسكندر
عن كتاب علم اللاهوت النظامي (بتصرف وتبسيط)
عن كتاب علم اللاهوت النظامي (بتصرف وتبسيط)
تأليف: القس جيمس أَنِس
اسم المُرَاجِع والمنقِّح: الدكتور القس منيس عبد النور
راعي الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة. القاهرة
السؤال الثَّامِنُ
مَا هي أشهر المذاهب
الوثنية القديمة فِي أصل الكون؟
المذهب الأول: إن الكون أزلي،
وهُوَ
عَلَى صورتين:
أ)
مواد الكون الأصلية كَانَتْ منذ الأزل غير
منظمة، تائهة فِي الفضاء، خربة وخالية، ثُمَّ انتظمت فِي زمَنْ مَا بالصدفة عَلَى
مَا هي عليه الآن. وأول مَنْ اشتهر فِي نشر هذا الرأي ديموقراط وليوسبّوس، وتبعهمَا
أبيقور. وهُوَ مَنْ أفسد المذاهب الوثنية فِي هذا الشأن، لأنه ينسب هذا الكون
العظيم وكُلّ مَا فيه مَنْ علامات القصد والحكمة إِلَى الصدفة. وهُوَ يخالف العقل
السليم، بل هُوَ مستحيل، فلو استخدمنا نفس المنطق فِي تأليف كتاب، لاحتجنا إِلَى
حقب طويلة لتجتمع حروف صفحة واحدة منه مَنْ نفسها بالصدفة. ولو حلّلنا مواد منزل
واحد إِلَى دقائقها المفردة، وفرضنا أن هذه المواد منتشرة فِي الجو لاقتضت الصدفة
دهوراً لا تُحصى لتنتظم بيتاً! وكم نحتاج مَنْ الدهور لو فرضنا ذلك فِي مدينة
كاملة، أو فِي الكون أجمع! فهذا المذهب أحد ثمار الفلسفة القديمة فِي زمَنْ الجاهلية.
ب)
لم يوجد الكون مطلقاً فِي حالة الخراب، بل كان
منذ الأزل عَلَى مَا نراه الآن. وفساد هذا المذهب واضح مَنْ أنه إذا كان الكون منظَّماً
فلابد له مَنْ منظِّم، فمَنْ المحال أن ينظِّم نفسه. وقد اجتهد أرسطو فِي نشر هذا
المذهب وقال إن الله أزلي وكذلك المواد أزلية مثله ومستقلة عنه، وقد عمل فِي تنظيمها
منذ الأزل. وهذا الرأي مرفوض، فالمادة ليست أزلية حسب تعليم الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ. وكان اعتقاد أفلاطون شبيهاً باعتقاد أرسطو مَنْ بعض
الوجوه، ولكنه يخالفه فِي غيرها، فقال إن الله والمادة أزليان، وكلاهمَا واجب
الوجود ومستقل عن الآخر، وقد صدرت مَنْ الله أرواح الآلهة الثانوية والبشر. وخَلَقَ
أحد الآلهة الثانويين (واسمه فِي اليونانية ديميورغوس أي العامل أو الْخَالِق)
باقي الكون مَنْ المادة الأزلية. وقال أفلاطون إن «يَهْوَهْ»
إله العبرانيين خرج مَنْ هذا الإله العظيم الأزلي، وقال تلاميذ أفلاطون إن الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ أيضاً خرج منه! وهذا المذهب مرفوض لأننا لا نقدر أن نثبت أزلية
المادة، لكننا نقدر أن نثبت أنها غير أزلية، لأن القول بأزلية المواد عَلَى هيئة
غير منتظمة كَانَتْ واجبة الوجود ومستقلة عن الْخَالِق، ولها مَا له مَنْ الصفات
الكاملة يقلل مَنْ شأن الله
1)
لأنه يعني وجود أزلي غيره.
و2)
لأن للمواد مَنْ الصفات مَا يجعل قوة الله مقيّدة حتى لا يقدر أن يعمل شيئاً
بالمواد بدون أن يراعي صفاتها،
وذلك
مَا حمل أفلاطون وتابعيه (عندمَا رأوا فِي الكون نقائص وعيوباً وخطية) أن يقولوا
إن الله لم يقدر أن يعمل أحسن مَنْ ذلك. ونتيجة ذلك يكون الله قاصراً فِي القدرة
والحكمة. وهذا يخالف تعليم كتاب الله أنه هُوَ الإله الأزلي القدير الحكيم الَّذِي
أوجد الكون بكَلِمَةِ قدرته.
المذهب الثاني: إن الكون صدر مَنْ الله كجزء منه
فكأن
الموجودات عَلَى أنواعها كَانَتْ فيه أولاً خلايا، ثُمَّ نشأت وخرجت منه أو انبثقت
كمَا ينبثق النور مَنْ الشمس. وقد اشترك أفلاطون أيضاً فِي هذا المذهب، غير أنه
اعتقد بأزلية المواد. وممَنْ اعتقده أيضاً الغناطسة الذين قالوا مع أفلاطون إن
الأرواح صدرت مَنْ الله، وإن الكائنات المادية صدرت مَنْ المادة الأزلية، وإن
المادة هي مركز كُلّ شر. وقالوا إن القصد مَنْ صدور الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
أن يعطي للأرواح الممسكة بالمادة قدرةً عَلَى التخلص منها لترجع إِلَى حالة
الطهارة والسعادة. وواضح أنه لا يمكن إثبات هذا المذهب، لأنه يناقض شهادة الحواس
وبديهيات العقل ونور الوحي.
المذهب الثالث إن الكون هُوَ الله،
وهُوَ
المعروف بمذهب «ألوهية الكون». واشتهر هذا
المذهب فِي القديم ولا يزال موجوداً فِي الفلسفة الملحدة، مثل فلسفة سبينوزا
وفِختِه وشيلنج وهيجل.
0 التعليقات:
إرسال تعليق