سَوْسَنَةُ الأَوْدِيَةِ في الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ
إعداد
د. القس / سامي منير
اسكندر
نبات من الرياحين طيب الرائحة، من الفصيلة الزنبقية، ومنه البري والبستاني،
تنمو شجيرته إلى نحو 60 سم، وتنتهي بزهرة أو عدة زهور جميلة، تخرج كل منها من غلاف
حرشفي، ويختلف لونها باختلاف النوع، فمنه الأبيض والأزرق والأصفر والأحمر. وهي
ترجمة عن كلمة عبرية هي شوشان. ويبدو أن هذه الكلمة العبرية كانت تدل على عدد كبير
من الزهور، ونستطيع أن نستنتج النوع من القرينة.
أولاً: تقول عروس النشيد: شفتاه سوسن تقطران مرًّا مائعاً «13خَدَّاهُ كَخَمِيلَةِ الطِّيبِ
وَأَتْلاَمِ رَيَاحِينَ ذَكِيَّةٍ. شَفَتَاهُ سَوْسَنٌ تَقْطُرَانِ مُرّاً
مَائِعاً»(سِفْرُ
نَشِيدُ الأَنْشَاد5: 13)، فهي تشبه شفتي محبوبها القرمزيتين بالسوسن القرمزي
اللون، واسمه باللاتينية ليليام كالسيدونيكم (Lilium Chalcedonicum) وهو ينمو فى بعض
الأمكنة فى فلسطين، وأزهاره ذات لون ناري مما يتفق مع الوصف.
ثانياً: سَوْسَنَةُ الأَوْدِيَةِ «1أَنَا نَرْجِسُ شَارُونَ سَوْسَنَةُ
الأَوْدِيَةِ. 2كَالسَّوْسَنَةِ بَيْنَ الشَّوْكِ كَذَلِكَ حَبِيبَتِي
بَيْنَ الْبَنَاتِ. 16حَبِيبِي لِي وَأَنَا لَهُ الرَّاعِي
بَيْنَ السَّوْسَنِ»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَاد2: 1و2و16)، «5ثَدْيَاكِ كَخِشْفَتَيْ ظَبْيَةٍ
تَوْأَمَيْنِ يَرْعَيَانِ بَيْنَ السَّوْسَنِ»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَاد4: 5)، ويظن أن المقصود بها شقائق النعمان (Anemone Coronaria)، بينما يظن آخرون أن
المقصود بها البنفسج أو الياسمين أو زهرة رجل الغراب. ويظن مولدنك أنها الزنبقة
ذات الزرقة العميقة واسمها فى اللاتينية هايسينوت أورينتاليس (Hyacianuth Orientalis). ويمكن أن تكون هى
زنبقة الربيع كما كان يعتقد الكتَّاب القدماء، وكتَّاب العصور الوسطى، وقد ثبت
أخيراً أنها تنمو فى فلسطين، وربما هي الآن أكثر وجودا مما كانت فى الماضي. وهى -
على الأقل - السوسن المقصود فى العبارة: نزل إلى جنته...ويجمع السوسن «2حَبِيبِي نَزَلَ إِلَى جَنَّتِهِ إِلَى خَمَائِلِ
الطِّيبِ لِيَرْعَى فِي الْجَنَّاتِ وَيَجْمَعَ السَّوْسَنَ»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَاد6: 2).
ثالثاً: والأرجح أن زهرة اللوتس المصرية، هي نوع من السوسن، وقد استخدمها المصريون
القدماء كثيراً فى تزيين مبانيهم، وقد استخدمها أيضا سليمان فى بناء الهيكل، «19وَالتَّاجَانِ اللَّذَانِ عَلَى رَأْسَيِ
الْعَمُودَيْنِ مِنْ صِيغَةِ السَّوْسَنِّ كَمَا فِي الرِّوَاقِ هُمَا أَرْبَعُ
أَذْرُعٍ. 22وَعَلَى رَأْسِ الْعَمُودَيْنِ صِيغَةُ السَّوْسَنِّ. فَكَمُلَ عَمَلُ الْعَمُودَيْنِ»(سِفْرُ اَلْمُلُوكِ
الأَوَّلُ7: 19و22)، كما كانت شفة البحر النحاسي
على شكل شفة كأس بزهر سوسن «26وَسُمْكُهُ شِبْرٌ وَشَفَتُهُ كَعَمَلِ شَفَةِ كَأْسٍ
بِزَهْرِ سَوْسَنٍّ. يَسَعُ أَلْفَيْ بَثٍّ»(سِفْرُ اَلْمُلُوكِ الأَوَّلُ7:
26)، «5وَسُمْكُهُ شِبْرٌ وَشَفَتُهُ كَعَمَلِ شَفَةِ كَأْسٍ بِزَهْرِ
سَوْسَنٍّ. يَأْخُذُ وَيَسَعُ ثَلاَثَةَ آلاَفِ بَثٍّ»(سِفْرُ أَخْبَارِ
الأَيَّامِ الثَّانِي4: 5).
رابعاً: سَوْسَنَةُ
الأَوْدِيَةِ: اقتبس هذا التشبيه القديس
كيرس الكبير من سفر الأناشيد فقال: "قدم أناشيد الأناشيد ربنا
يسوع المسيح قائلاً «1أَنَا نَرْجِسُ
شَارُونَ سَوْسَنَةُ الأَوْدِيَةِ»(سِفْرُ نَشِيدُ
الأَنْشَاد2: 1)، وفي السَوْسَنَةُ الرائحة غير المجسَّمة (غير ظاهرة
للعين) ولكنها لا توجد خارج السَوْسَنَةُ، لذلك فالسَوْسَنَةُ واحدة من أثنين
(الرائحة وجسم السَوْسَنَةُ) وغياب رائحة السَوْسَنَةُ لا يجعلها سَوْسَنَةُ،
وكذلك غياب جسم السَوْسَنَةُ لا يفسر وجود رائحة السَوْسَنَةُ لأن في جسم السَوْسَنَةُ
رائحتها. هكذا أيضاً يجب أن يكون اعتقادنا في ألوهية المسيح الذي يعطر العالم
برائحته الذكية ومجده الذي يفوق مجد الأرضيات، ولكي يعطر العالم كله استخدم
(اللاهوت) الطبيعة البشرية، وتلك التي بطبيعتها غير جسمانية، صارت بالتدبير وعلى
قدر ما نفهم متجسدة. لأنه عندما أراد أن يعلن عن ذاته من خلال الجسد جعل فيه (أي
في الجسد) كل ما يخص اللاهوت. لذلك من الصواب أن نعتقد أن الذي بطبيعته غير جسماني
اتحد بجسده وأصبح الإتحاد مثل السَوْسَنَةُ لأن الرائحة العطرة وجسم السَوْسَنَةُ
هما واحد ويسميان السَوْسَنَةُ".