• اخر الاخبار

    لقطات صغيرة لسِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ ، اللقطة الأولي د. القس / سامي منير اسكندر






    لقطات صغيرة لسِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ


    إعداد


    د. القس / سامي منير اسكندر


    اللقطة الأولي 

    سفر نشيد الأناشيد " Song of Solomon "

    الاختصار : نش = SO

    هو أحد الأَسْفَارٌ الشعرية في الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ، واسمه في العبرية شير هشيريم أي ترنيمة الترانيم بمعنى أجمل الترانيم. وهو سِفْرُ شعري صغير (ثمانية أصحاحات). وتصف قصائده الجميلة الكثير من أبعاد الحب.

                  i.     محور السفر:

     المحبة، الالتزام، الجمال، قمة الحكمة هو التطلع لمجيء الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، المحبة المتبادلة بين العريس والعروس

    أنشودة العرس السماوي

               ii.     غاية الرئيسية:

    الحب الذي هو ذات الله

             iii.     مفتاح السفر :

    «3أَنَا لِحَبِيبِي وَحَبِيبِي لِي. الرَّاعِي بَيْنَ السَّوْسَنِ»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ6: 3)

             iv.     الكاتب:

    كتبه الملك سليمان الحكيم بن داود (نحو 970-930ق.م.)، الذي وضع أناشيد كثيرة «32وَتَكَلَّمَ بِثَلاَثَةِ آلاَفِ مَثَلٍ، وَكَانَتْ نَشَائِدُهُ أَلْفاً وَخَمْساً»(سِفْرُ اَلْمُلُوكِ الأَوَّلُ4: 32). وقد لقب «نَشِيدُ الأناشيد»، وذلك لأن تكرار كلمة «نَشِيدُ» تُشير إلى أفضليته على غيره من الأناشيد، كالقول "ملك الملوك، رب الأرباب، قدس الأقداس، سبت السبوت، سماء السموات، باطل الأباطيل عبد العبيد.

    وكونه أنشودة المحبة الروحية التي تتغني بها الكنيسة (وكل عضو فيها) لعريسها السماوي - الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ العرس الأبدي - خلال الرموز ويفسره علي أنه العلاقة بين العريس والكنيسة العروس. وهذا الرأي يستند إلى ما جاء فى العدد الأول منه: «1نَشِيدُ الأَنَاشِيدِ الَّذِي لِسُلَيْمَانَ:»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ1: 1).

    ويمكن أن يكون هذا الرأي صحيحاً، ولكن لا يمكن الجزم به، فهذه العبارة - فى اللغة الأصلية - يمكن أن تترجم بمفاهيم مختلفة، فعبارة الذي لسليمان يمكن أن تُفسر بأن سليمان هو الكاتب، أو أن النشيد كُتب خصيصاً من أجل سليمان، أو أنه كُتب عنه.

               v.     زمن الكتابه:

    متى كان الكاتب غير مقطوع بأمره، فلا يمكن القطع أيضاً بتاريخ كتابته. فلو كان سليمان هو الكاتب، فالسِفْرُ كتب فى النصف الثاني من القرن العاشر قبل الميلاد. وإن كان الكاتب غير سليمان، فالأرجح أنه كُتب بعد ذلك. ولكن المحتويات تدل على أن السِفْرُ كله قد كتب في عصر المملكة (أى قبل 586 ق.م.). ويتوقف تاريخ كتابته - عند من لا يعتقدون بأن سليمان الملك هو الكاتب - إلى مدى بعيد على نظرية التفسير التى يقولون بها. فإذا كان السِفْرُ عبارة عن مجموعة من مقتطفات شعرية من عصور مختلفة، فيكون معنى ذلك أنه قد كتب فى أوقات متعددة، ثم جُمعت أجزاؤه في سِفْرُ واحد فى أواخر عصر المملكة أى قبيل السبي البابلى.

             vi.     الهدف من السِفْرُ:

    لا يمكن الجزم بالغرض من السِفْرُ وتعليمه، إلا إذا تحدد أسلوب تفسيره أولاً. وهناك صعوبتان كبيرتان في تفسيره:

    أولاً: أن النشيد يبدو في صورته الراهنة نشيداً لا يمت للدين بصلة، ولا يذكر فيه اسم الله إلا في «6اِجْعَلْنِي كَخَاتِمٍ عَلَى قَلْبِكَ كَخَاتِمٍ عَلَى سَاعِدِكَ. لأَنَّ الْمَحَبَّةَ قَوِيَّةٌ كَالْمَوْتِ. الْغَيْرَةُ قَاسِيَةٌ كَالْهَاوِيَةِ. لَهِيبُهَا لَهِيبُ نَارِ لَظَى الرَّبِّ»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ8: 6)، حيث ترد كلمة الرب في صيغة وصفية.

    وثانيًا: هى أنه إذا أخذت هذه القصائد بمعناها الظاهرى، فإنها ليست سوى شعر لا ديني، يتحدث عن محبة بشرية. وما هى الأهمية اللاهوتية لقصيدة غرامية؟!

    ولقد أدت هاتان الصعوبتان وغيرهما إلى العديد من التفسيرات. وبدراسة موجزة لأهم هذه التفاسير، ستنجلي لا مشكلة فهم السِفْرُ فحسب، بل ومحتواه ومعانيه:

    1) اعتبار النشيد قصة رمزية:

    وهو من أقدم التفاسير لسِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ، سواء عند المعلمين من شَّعْبِ إِسْرَائِيلُ أو المسيحيين منذ عهود مبكرة، فوصف المحبة البشرية فى سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ هو وصف رمزي للمحبة بين الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ والكنيسة، فقد كان أوغسطينوس - أسقف هبو (354 -430 م) يعتقد أن علاقة المحبة الموصوفة في هذا السِفْرُ هي تصوير رمزي للعلاقة بين الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ كالعريس والكنيسة كالعروس.

    وظلت هذه النظرية هامة ومقبولة زمناً طويلاً، وقد تأثر بها مترجمو الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ (الترجمة الإنجليزية المصرح بها) فوضعوا على أساسها رؤوساً للأصحاحات لمساعدة القارئ على الفهم، فمثلاً وضعوا عناوين فرعية للأصحاح الأول:

    1) محبة الكنيسة للرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. عد5:

    تعترف بأنها مشوهة. عد 7: تريد أن تذهب إلى قطيعه. ويجب أن نؤكد أن النص العبري لا يذكر الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ولا الكنيسة. وأن هذه التعليقات هي ما فهمه المترجمون، ولا وجود لها فى النص العبري.

    2) اعتبار السِفْرُ مسرحية:

    وهو أيضاً تفسير قديم. والذين يتمسكون به، يلاحظون وجود عدد من المتكلمين هم الممثلون في المسرحية. ويظنون أن السِفْرُ هو تسجيل لمسرحية قديمة.

    ولهذه النظرية بعض النقاط التي تؤيدها، ففي إحدى المخطوطات لترجمة يونانية قديمة لنَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ، توجد عناوين تحدد أشخاص المتكلمين، وهم: العروس والعريس والرفقاء. والأرجح أن هذه العناوين لم تكن موجودة فى الأصل العبري، ولكنها تعكس تفسير المترجمين اليونانيين القدماء.

    وهناك صعوبة تواجه هذه النظرية، إذ ليس ثمة دليل واضح على أن المسرحية كانت أسلوباً أدبياً مستخدماً عند العبرانيين، رغم أنها كانت شائعة عند اليونانيين، بل لا يبدو أنها قد استخدمت فى الشرق الأوسط. ويمكن إحداث تعديل طفيف في نظرية المسرحية، فلعل نشيد سليمان لم يكن مسرحية بل كان شعراً مسرحياً مثل سِفْرُ أيوب. وهذا الاحتمال يحظى بقبول أكثر، ومع ذلك فإنه يواجه بعض الصعاب، فالمسرحية لابد أن تكون مبنية على قصة أو حبكة مسرحية، ولكن ليس من الواضح أن سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ وراءه قصة.

    وبناء على أحد التفاسير، يمكن أن تكون القصة كالآتى: يحدثنا النشيد عن المحبة الصادقة. فقد كانت هناك فتاة تحب فتى راعياً، ولكن الملك سليمان وقع في غرامها وأخذها قسراً إلى قصره، وهناك حاول أن يكتسب محبتها بالكلمات الحلوة، ولكنه لم يستطع، إذ ظلت وفية للصبي الراعي الذي كانت تحبه. وإذ فشل سليمان في اكتساب قلبها، أطلق سراحها وسمح لها بالعودة إلى حبيبها.

    وهذه قصة جميلة وبسيطة، ولكن ليس من السهل رؤيتها في النص الموجود بين أيدينا. وقد رأى مفسرون آخرون قصة مختلفة تماماً فى هذا النشيد. والخلاصة هي أنه ليس من الواضح تماماً وجود قصة واحدة في السِفْرُ.

    3) النشيد وعبادة آلهة الخصب:

    يدَّعى بعض العلماء أن أصل سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ، يوجد في عبادات آلهة الخصب قديماً في الشرق الأوسط. وفي عبادات آلهة الخصب، كان ثمة تركيز كبير على خصوبة الأرض التى تظهر في المحصولات الوفيرة، فكانت تلك العبادات تتم لضمان بقاء خصوبة الأرض، وكانت تتضمن أساطير تصف الآلهة المسئولين عن الخصب. وكانت هذه الأساطير تتضمن أشعاراً غرامية عن الآلهة، وفيها بعض وجوه الشبه من نَشِيدُ الأَنْشَادِ.

    ويمكن تلخيص هذه النظرية، في اعتبار أن العبرانيين كانت لهم - بدورهم - عبادة مشابهة، وأن سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ يتضمن الشعر الغزلي المرتبط بهذه العبادة. ولكن حُذفت - بعد ذلك - الإشارات الأسطورية. وهكذا أصبح النَشِيدُ - في صورته الراهنة - مثل أى قصيدة غزل.

    والصعوبة الأساسية أمام هذه النظرية، هو عدم وجود أي دليل عليها، فليس ثمة إشارة إلى إله أو آلهة في نَشِيدُ الأَنْشَادِ، ولا أي إشارة إلى عبادة إله الخصب أو ما يشبه ذلك، وعليه فليس ثمة أساس لمثل هذه النظرية.

    4) السِفْرُ عبارة عن مقتطفات شعرية:

    وتتضمن هذه النظرية مبدأين أساسيين:

    أولاً: أن النشيد يجب أن يفسر حرفياً، فيجب أن يؤخذ بمعناه الظاهر من أنه قصيدة غزل بشرية.

    وثانيًا: إن النشيد عبارة عن مقتطفات متعددة، وليس قصيدة شعرية واحدة. فكما يشتمل سِفْرُ المزامير على أناشيد وترانيم وصلوات من أزمنة مختلفة، فى تاريخ الشعب القديم، هكذا أيضاً سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ يشتمل على أشعار فى أزمنة مختلفة ومؤلفين مختلفين.

    أما الموضوع المشترك الذي يجمع بين هذه المقتطفات فهو المحبة الإلهية التي تظهر في صورتها البشرية وتختلف الآراء عن متى ينتهى أحد الأناشيد، ومتي يبدأ الآخر. ففى السِفْرُ نجد 29 نشيداً، يتكون البعض منها من بيت شعري واحد، والآخر من أكثر جداً من ذلك.

    وإذا كان سِفْرُ النشيد مجموعة مقتطفات من الشعر عن المحبة الإلهية التي تظهر في صورتها البشرية فما هي أهميته كسِفْرُ من أسفار الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ؟ وما هي مضامينه اللاهوتية.

    أولها: أن وجود السِفْرُ فى الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ، يضفي على المحبة الإلهية التي تظهر في صورتها البشرية قيمة كبيرة، فالمحبة بين رجل وامرأة شئ نبيل وجميل، فهى عطية من الله، ولكن يمكن شراؤها. ولكن لأن المحبة الإلهية التي تظهر في صورتها البشرية جميلة ونبيلة، فمن السهل أن تُغش. وفى العالم الحديث، يعطى سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ نظرة صحيحة، ورأيا متوازنا بالنسبة للمحبة البشرية. والنظرة المتسامية للمحبة البشرية، أمر جوهرى. وحيث أن المحبة البشرية والزواج، يستخدمان فى الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ رمزاً لمحبة الله للبشر، فالمحبة فى ذاتها صالحة وظاهرة.

    5) بالعودة إلى تفسير سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ على أنه قصة رمزية، فلعل السِفْرُ لم يكتب أساساً لتصوير محبة الله للجنس البشرى، أو محبة الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ للكنيسة. ومع ذلك فإن الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ ككل يعطي الحجة الشرعية لتفسيره على أنه قصة رمزية. ومن وجهة النظر التاريخية، فإن سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ وجد له مكاناً بين أسفار الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ، على أساس تفسير شَّعْبِ إِسْرَائِيلُ له باعتباره قصة رمزية، فإن أفراح المحبة وجمالها - كما يصفها هذا السِفْرُ، وما يتخللها من أحزان وأشواق، إنما تلقي ضوءاً قوياً على العلاقة بين الله والبشر، وهى لب الإيمان المسيحى.

    وخطأ قدامى المفسرين لنَشِيدُ الأَنْشَادِ على أساس أنه قصة رمزية، لم يكن في نظرتهم إلى السِفْرُ باعتباره صورة رمزية لمحبة الله للبشر، بل بالحرى لفشلهم في رؤية ما في المحبة البشرية من جمال وروعة. فهذه المحبة هي أساس الصورة الرمزية. فإذا كانت المحبة البشرية (رومانسية كانت أو جنسية) تحتقر أو تعتبر شيئاً نجساً، فلا معنى إطلاقاً فى اعتبارها أساساً للتعليم عن محبة الله للجنس البشرى. فيلزم أن تكون هناك نظرة متسامية إلى المحبة البشرية، لإمكان إدراك الأعماق اللاهوتية الصحيحة - لسِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ

    د) المحتويات:

    1) تترنم المرأة بنشيد حبها (سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ1: 2-7):

    وفى كل نشيد، يجد القارئ نفسه يسترق السمع لكلمات المحبة، أحياناً كمناجاة على انفراد، وأحي اناً كحديث مع المحبوب. والنشيد الأول هو أغنية مديح وفرح بالمحبة، والسرور بالحبيب: «2لِيُقَبِّلْنِي بِقُبْلاَتِ فَمِهِ لأَنَّ حُبَّكَ أَطْيَبُ مِنَ الْخَمْرِ»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ1: 2). وهذا النشيد - مثل الكثير غيره - يتميز بخلفية ريفية، بالمقارنة مع المدينة. فالعروس من الريف، وقد لوحتها الشمس لأنها تعمل في الهواء الطلق، وتعلن ذلك لبنات المدينة، بنات أورشليم «5أَنَا سَوْدَاءُ وَجَمِيلَةٌ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ كَخِيَامِ قِيدَارَ كَشُقَقِ سُلَيْمَانَ. 6لاَ تَنْظُرْنَ إِلَيَّ لِكَوْنِي سَوْدَاءَ لأَنَّ الشَّمْسَ قَدْ لَوَّحَتْنِي. بَنُو أُمِّي غَضِبُوا عَلَيَّ. جَعَلُونِي نَاطُورَةَ الْكُرُومِ. أَمَّا كَرْمِي فَلَمْ أَنْطُرْهُ»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ1: 5و6)، ولكن المحبة تتغلب على كل الصعاب، فهى ستذهب إلى المراعي لمقابلة حبيبها «7أَخْبِرْنِي يَا مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي أَيْنَ تَرْعَى أَيْنَ تُرْبِضُ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ. لِمَاذَا أَنَا أَكُونُ كَمُقَنَّعَةٍ عِنْدَ قُطْعَانِ أَصْحَابِكَ؟»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ1: 7).

    2) الملك يتحدث إلى المرأة (سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ1: 8 -  سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ2: 7):

    وفي هذا الجزء يتحدث كل من الرجل والمرأة. ولكن كلاً منهما يتحدث عن الآخر، أكثر مما إلى الآخر، ويبرز كل منهما جمال المحبوب كما يبدو في عيني المحب، فعين المحب ترى فى حبيبها ما لا يستطيع الآخرون أن يروه.

    3) أنشودة الربيع (سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ2: 8-14):

    وهذه الأغنية الجميلة تصف الفتاة وهى تراقب حبيبها مقبلاً عليها، وهو يدعوها أن تذهب معه إلى الحقول، حيث أن الشتاء قد مضى، وبدأت تظهر حياة الربيع الجديدة في الأرض، فيشبه جمال فتاته بظهور الحياة الجديدة والروائح العطرة التى تميز أرض فلسطين فى فصل الربيع.

    4) المرأة تبحث عن حبيبها (سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ2: 15 -  سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ3: 5):

    فهى الآن تغني، وتبدو في كلماتها أبعاد جديدة من محبتها، فالمحبة تتجلي بكمالها عندما يجتمع الحبيبان معاً، أما الفراق فيخلق الحزن والإحساس بالوحدة. وتصور كلماتها تعاسة انفصال الحبيبين، تلك التعاسة التى لا تزول إلا عندما تمسك بحبيبها، ولا تدعه يفلت من بين يديها «4فَمَا جَاوَزْتُهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً حَتَّى وَجَدْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي فَأَمْسَكْتُهُ وَلَمْ أَرْخِهِ حَتَّى أَدْخَلْتُهُ بَيْتَ أُمِّي وَحُجْرَةَ مَنْ حَبِلَتْ بِي»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ3: 4).

    5) موكب زفاف الملك (سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ3: 6-11):

    تبدأ الأغنية بوصف اقتراب موكب الزفاف الملكي، حيث يحيط بتخت الملك رجال الحرب، ويقترب الملك من المدينة لإتمام زفافه، وتخرج بنات المدينة لتحيته. ويمكن مقارنة هذه الأغنية بالمزمور الخامس والأربعين، فهو أغنية زفاف أيضاً.

    6) جمال العروس مثل جنة (سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ4: 1 -  سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ5: 1):

    يصف الملك جمال عروسه بعبارات بليغة رائعة، قد تبدو - للقارئ الآن - غريبة، مثل قوله: «4عُنُقُكِ كَبُرْجِ دَاوُدَ الْمَبْنِيِّ لِلأَسْلِحَةِ. أَلْفُ مِجَنٍّ عُلِّقَ عَلَيْهِ كُلُّهَا أَتْرَاسُ الْجَبَابِرَةِ»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ4: 4)، ولكن هذه الغرابة ترجع أساساً إلى عدم معرفتنا بالخلفية، فاللغة هنا - فى غالبيتها - مستقاة من روعة الطبيعة وحياة الخلاء، مما يحظى بالإعجاب. كما أن الجمال لا يوصف هنا وصفاً خيالياً فحسب، بل يرتبط ارتباطاً وثيقاً بعلاقة المحبة: «10مَا أَحْسَنَ حُبَّكِ يَا أُخْتِي الْعَرُوسُ! كَمْ مَحَبَّتُكِ أَطْيَبُ مِنَ الْخَمْرِ وَكَمْ رَائِحَةُ أَدْهَانِكِ أَطْيَبُ مِنْ كُلِّ الأَطْيَابِ!»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ4: 10). ولم يكن جمالها موضع إعجاب فحسب، بل هو ِملك للحبيب، فحالما ينتهى الرجل من كلمات الإعجاب والهيام بجمالها، تهب المرأة نفسها لحبيبها «16اِسْتَيْقِظِي يَا رِيحَ الشَّمَالِ وَتَعَالَيْ يَا رِيحَ الْجَنُوبِ! هَبِّي عَلَى جَنَّتِي فَتَقْطُرَ أَطْيَابُهَا. لِيَأْتِ حَبِيبِي إِلَى جَنَّتِهِ وَيَأْكُلْ ثَمَرَهُ النَّفِيسَ»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ4: 16).

    7) المرأة تتحدث عن حبيبها (سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ5: 2 -  سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ6: 3):

    في سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ، تتحدث العروس إلى نساء أخريات، في غياب العريس. وتتغير لهجة حديثها من الإحساس بالوحدة والانفصال «4حَبِيبِي مَدَّ يَدَهُ مِنَ الْكُوَّةِ فَأَنَّتْ عَلَيْهِ أَحْشَائِي. 5قُمْتُ لأَفْتَحَ لِحَبِيبِي وَيَدَايَ تَقْطُرَانِ مُرّاً وَأَصَابِعِي مُرٌّ قَاطِرٌ عَلَى مَقْبَضِ الْقُفْلِ. 6فَتَحْتُ لِحَبِيبِي لَكِنَّ حَبِيبِي تَحَوَّلَ وَعَبَرَ. نَفْسِي خَرَجَتْ عِنْدَمَا أَدْبَرَ. طَلَبْتُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ. دَعَوْتُهُ فَمَا أَجَابَنِي. 7وَجَدَنِي الْحَرَسُ الطَّائِفُ فِي الْمَدِينَةِ. ضَرَبُونِي. جَرَحُونِي. حَفَظَةُ الأَسْوَارِ رَفَعُوا إِزَارِي عَنِّي. 8أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ إِنْ وَجَدْتُنَّ حَبِيبِي أَنْ تُخْبِرْنَهُ بِأَنِّي مَرِيضَةٌ حُبّاً»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ5: 4-8)، إلى الإحساس بالبهجة التى يبعثها التفكير فى حبيبها. لقد تبدد إحساسها بالانفصال عن حبيبها، بحديثها إلى بنات أورشليم عن جماله «10حَبِيبِي أَبْيَضُ وَأَحْمَرُ. مُعْلَمٌ بَيْنَ رَبْوَةٍ. 11رَأْسُهُ ذَهَبٌ إِبْرِيزٌ. قُصَصُهُ مُسْتَرْسِلَةٌ حَالِكَةٌ كَالْغُرَابِ. 12عَيْنَاهُ كَالْحَمَامِ عَلَى مَجَارِي الْمِيَاهِ مَغْسُولَتَانِ بِاللَّبَنِ جَالِسَتَانِ فِي وَقْبَيْهِمَا. 13خَدَّاهُ كَخَمِيلَةِ الطِّيبِ وَأَتْلاَمِ رَيَاحِينَ ذَكِيَّةٍ. شَفَتَاهُ سَوْسَنٌ تَقْطُرَانِ مُرّاً مَائِعاً. 14يَدَاهُ حَلْقَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ مُرَصَّعَتَانِ بِالزَّبَرْجَدِ. بَطْنُهُ عَاجٌ أَبْيَضُ مُغَلَّفٌ بِالْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ. 15سَاقَاهُ عَمُودَا رُخَامٍ مُؤَسَّسَتَانِ عَلَى قَاعِدَتَيْنِ مِنْ إِبْرِيزٍ. طَلْعَتُهُ كَلُبْنَانَ. فَتًى كَالأَرْزِ. 16حَلْقُهُ حَلاَوَةٌ وَكُلُّهُ مُشْتَهَيَاتٌ. هَذَا حَبِيبِي وَهَذَا خَلِيلِي يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ5: 10-16).

    8) الرجل يتحدث عن جمال محبوبته (سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ6: 4-  سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ7: 9).

    وقد يشتمل هذا الجزء الطويل على أكثر من نشيد، ففيه كلمات من الرجل، ومن العروس، ومن بنات أورشليم. فيستأنف الرجل الحديث عن جمال محبوبته «4أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي كَتِرْصَةَ حَسَنَةٌ كَأُورُشَلِيمَ مُرْهِبَةٌ كَجَيْشٍ بِأَلْوِيَةٍ. 5حَوِّلِي عَنِّي عَيْنَيْكِ فَإِنَّهُمَا قَدْ غَلَبَتَانِي. شَعْرُكِ كَقَطِيعِ الْمَعْزِ الرَّابِضِ فِي جِلْعَادَ. 6أَسْنَانُكِ كَقَطِيعِ نِعَاجٍ صَادِرَةٍ مِنَ الْغَسْلِ اللَّوَاتِي كُلُّ وَاحِدَةٍ مُتْئِمٌ وَلَيْسَ فِيهَا عَقِيمٌ. 7كَفِلْقَةِ رُمَّانَةٍ خَدُّكِ تَحْتَ نَقَابِكِ. 8هُنَّ سِتُّونَ مَلِكَةً وَثَمَانُونَ سُرِّيَّةً وَعَذَارَى بِلاَ عَدَدٍ. 9وَاحِدَةٌ هِيَ حَمَامَتِي كَامِلَتِي. الْوَحِيدَةُ لِأُمِّهَا هِيَ. عَقِيلَةُ وَالِدَتِهَا هِيَ. رَأَتْهَا الْبَنَاتُ فَطَوَّبْنَهَا. الْمَلِكَاتُ وَالسَّرَارِيُّ فَمَدَحْنَهَا. 10مَنْ هِيَ الْمُشْرِفَةُ مِثْلَ الصَّبَاحِ جَمِيلَةٌ كَالْقَمَرِ طَاهِرَةٌ كَالشَّمْسِ مُرْهِبَةٌ كَجَيْشٍ بِأَلْوِيَةٍ؟»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ6: 4-10)،  

    «1ما أَجْمَلَ رِجْلَيْكِ بِالنَّعْلَيْنِ يَا بِنْتَ الْكَرِيمِ! دَوَائِرُ فَخْذَيْكِ مِثْلُ الْحَلِيِّ صَنْعَةِ يَدَيْ صَنَّاعٍ. 2سُرَّتُكِ كَأْسٌ مُدَوَّرَةٌ لاَ يُعْوِزُهَا شَرَابٌ مَمْزُوجٌ. بَطْنُكِ صُبْرَةُ حِنْطَةٍ مُسَيَّجَةٌ بِالسَّوْسَنِ. 3ثَدْيَاكِ كَخِشْفَتَيْنِ تَوْأَمَيْ ظَبْيَةٍ. 4عُنُقُكِ كَبُرْجٍ مِنْ عَاجٍ. عَيْنَاكِ كَالْبِرَكِ فِي حَشْبُونَ عِنْدَ بَابِ بَثِّ رَبِّيمَ. أَنْفُكِ كَبُرْجِ لُبْنَانَ النَّاظِرِ تُجَاهَ دِمَشْقَ. 5رَأْسُكِ عَلَيْكِ مِثْلُ الْكَرْمَلِ وَشَعْرُ رَأْسِكِ كَأُرْجُوَانٍ. مَلِكٌ قَدْ أُسِرَ بِالْخُصَلِ. 6مَا أَجْمَلَكِ وَمَا أَحْلاَكِ أَيَّتُهَا الْحَبِيبَةُ بِاللَّذَّاتِ! 7قَامَتُكِ هَذِهِ شَبِيهَةٌ بِالنَّخْلَةِ وَثَدْيَاكِ بِالْعَنَاقِيدِ. 8قُلْتُ: «إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى النَّخْلَةِ وَأُمْسِكُ بِعُذُوقِهَا». وَتَكُونُ ثَدْيَاكِ كَعَنَاقِيدِ الْكَرْمِ وَرَائِحَةُ أَنْفِكِ كَالتُّفَّاحِ 9وَحَنَكُكِ كَأَجْوَدِ الْخَمْرِ»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ7: 1-9)،

    وهو حديث شبيه بما ذكره من قبل «1هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ! عَيْنَاكِ حَمَامَتَانِ مِنْ تَحْتِ نَقَابِكِ. شَعْرُكِ كَقَطِيعِ مِعْزٍ رَابِضٍ عَلَى جَبَلِ جِلْعَادَ. 2أَسْنَانُكِ كَقَطِيعِ الْجَزَائِزِ الصَّادِرَةِ مِنَ الْغَسْلِ اللَّوَاتِي كُلُّ وَاحِدَةٍ مُتْئِمٌ وَلَيْسَ فِيهِنَّ عَقِيمٌ. 3شَفَتَاكِ كَسِلْكَةٍ مِنَ الْقِرْمِزِ. وَفَمُكِ حُلْوٌ. خَدُّكِ كَفِلْقَةِ رُمَّانَةٍ تَحْتَ نَقَابِكِ. 4عُنُقُكِ كَبُرْجِ دَاوُدَ الْمَبْنِيِّ لِلأَسْلِحَةِ. أَلْفُ مِجَنٍّ عُلِّقَ عَلَيْهِ كُلُّهَا أَتْرَاسُ الْجَبَابِرَةِ. 5ثَدْيَاكِ كَخِشْفَتَيْ ظَبْيَةٍ تَوْأَمَيْنِ يَرْعَيَانِ بَيْنَ السَّوْسَنِ. 6إِلَى أَنْ يَفِيحَ النَّهَارُ وَتَنْهَزِمَ الظِّلاَلُ أَذْهَبُ إِلَى جَبَلِ الْمُرِّ وَإِلَى تَلِّ اللُّبَانِ. 7كُلُّكِ جَمِيلٌ يَا حَبِيبَتِي لَيْسَ فِيكِ عَيْبَةٌ. 8هَلُمِّي مَعِي مِنْ لُبْنَانَ يَا عَرُوسُ مَعِي مِنْ لُبْنَانَ! انْظُرِي مِنْ رَأْسِ أَمَانَةَ مِنْ رَأْسِ شَنِيرَ وَحَرْمُونَ مِنْ خُدُورِ الأُسُودِ مِنْ جِبَالِ النُّمُورِ. 9قَدْ سَبَيْتِ قَلْبِي يَا أُخْتِي الْعَرُوسُ. قَدْ سَبَيْتِ قَلْبِي بِإِحْدَى عَيْنَيْكِ بِقَلاَدَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ عُنُقِكِ. 10مَا أَحْسَنَ حُبَّكِ يَا أُخْتِي الْعَرُوسُ! كَمْ مَحَبَّتُكِ أَطْيَبُ مِنَ الْخَمْرِ وَكَمْ رَائِحَةُ أَدْهَانِكِ أَطْيَبُ مِنْ كُلِّ الأَطْيَابِ! 11شَفَتَاكِ يَا عَرُوسُ تَقْطُرَانِ شَهْداً. تَحْتَ لِسَانِكِ عَسَلٌ وَلَبَنٌ وَرَائِحَةُ ثِيَابِكِ كَرَائِحَةِ لُبْنَانَ. 12أُخْتِي الْعَرُوسُ جَنَّةٌ مُغْلَقَةٌ عَيْنٌ مُقْفَلَةٌ يَنْبُوعٌ مَخْتُومٌ. 13أَغْرَاسُكِ فِرْدَوْسُ رُمَّانٍ مَعَ أَثْمَارٍ نَفِيسَةٍ فَاغِيَةٍ وَنَارِدِينٍ. 14نَارِدِينٍ وَكُرْكُمٍ. قَصَبِ الذَّرِيرَةِ وَقِرْفَةٍ مَعَ كُلِّ عُودِ اللُّبَانِ. مُرٌّ وَعُودٌ مَعَ كُلِّ أَنْفَسِ الأَطْيَابِ. 15يَنْبُوعُ جَنَّاتٍ بِئْرُ مِيَاهٍ حَيَّةٍ وَسُيُولٌ مِنْ لُبْنَانَ. 16اِسْتَيْقِظِي يَا رِيحَ الشَّمَالِ وَتَعَالَيْ يَا رِيحَ الْجَنُوبِ! هَبِّي عَلَى جَنَّتِي فَتَقْطُرَ أَطْيَابُهَا. لِيَأْتِ حَبِيبِي إِلَى جَنَّتِهِ وَيَأْكُلْ ثَمَرَهُ النَّفِيسَ. 1قَدْ دَخَلْتُ جَنَّتِي يَا أُخْتِي الْعَرُوسُ. قَطَفْتُ مُرِّي مَعَ طِيبِي. أَكَلْتُ شَهْدِي مَعَ عَسَلِي. شَرِبْتُ خَمْرِي مَعَ لَبَنِي»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ4: 1 -  سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ5: 1)، فكل جزء من جسد محبوبته يفيض بالجمال الباهر في عيني حبيبها.

    9) الحبيب والحبيبة يتكلمان عن المحبة (سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ7: 10-  سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ8: 14):

    فكلا الحبيبين يتكلمان فى هذا الجزء المركب، الذى قد يحتوى على عدد من قصائد الحب القصيرة. وبينما نجد من الصعب تفسير بعض الأجزاء «8لَنَا أُخْتٌ صَغِيرَةٌ لَيْسَ لَهَا ثَدْيَانِ. فَمَاذَا نَصْنَعُ لِأُخْتِنَا فِي يَوْمٍ تُخْطَبُ؟ 9إِنْ تَكُنْ سُوراً فَنَبْنِي عَلَيْهَا بُرْجَ فِضَّةٍ. وَإِنْ تَكُنْ بَاباً فَنَحْصُرُهَا بِأَلْوَاحِ أَرْزٍ. 10أَنَا سُورٌ وَثَدْيَايَ كَبُرْجَيْنِ. حِينَئِذٍ كُنْتُ فِي عَيْنَيْهِ كَوَاجِدَةٍ سَلاَمَةً. 11كَانَ لِسُلَيْمَانَ كَرْمٌ فِي بَعْلَ هَامُونَ. دَفَعَ الْكَرْمَ إِلَى نَوَاطِيرَ كُلُّ وَاحِدٍ يُؤَدِّي عَنْ ثَمَرِهِ أَلْفاً مِنَ الْفِضَّةِ. 12كَرْمِي الَّذِي لِي هُوَ أَمَامِي. الأَلْفُ لَكَ يَا سُلَيْمَانُ وَمِئَتَانِ لِنَوَاطِيرِ الثَّمَرِ. 13أَيَّتُهَا الْجَالِسَةُ فِي الْجَنَّاتِ الأَصْحَابُ يَسْمَعُونَ صَوْتَكِ فَأَسْمِعِينِي. 14اُهْرُبْ يَا حَبِيبِي وَكُنْ كَالظَّبْيِ أَوْ كَغُفْرِ الأَيَائِلِ عَلَى جِبَالِ الأَطْيَابِ»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ8: 8-14)،

    فإن الأجزاء الأخرى تكشف بأروع لغة عن معنى المحبة. فالمحبة، التى هي أقوى الروابط البشرية، تخلق إحساساً بالانتماء المتبادل، والامتلاك المتبادل أيضاً: «10أنَا لِحَبِيبِي وَإِلَيَّ اشْتِيَاقُهُ»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ7: 10). ثم تتحدث المحبوبة بعبارات من أقوى العبارات فى كل الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ عن المحبة: لأن المحبة قوية كالموت...مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة والسيول لا تغمرها. إن أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقاراً «6اِجْعَلْنِي كَخَاتِمٍ عَلَى قَلْبِكَ كَخَاتِمٍ عَلَى سَاعِدِكَ. لأَنَّ الْمَحَبَّةَ قَوِيَّةٌ كَالْمَوْتِ. الْغَيْرَةُ قَاسِيَةٌ كَالْهَاوِيَةِ. لَهِيبُهَا لَهِيبُ نَارِ لَظَى الرَّبِّ. 7مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْفِئَ الْمَحَبَّةَ وَالسُّيُولُ لاَ تَغْمُرُهَا. إِنْ أَعْطَى الإِنْسَانُ كُلَّ ثَرْوَةِ بَيْتِهِ بَدَلَ الْمَحَبَّةِ تُحْتَقَرُ احْتِقَاراً»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ8: 6و7).

    10) الخلاصة:

    مع أن التفسير على أساس أن النشيد قصة رمزية، متروك للقارى، إلا أن هناك بعض مبادئ التفسير التى قد تساعد القارئ في ذلك. فمما يساعد القارئ على فهم عبارات السِفْرُ، أن يحتفظ بالهدف في فكره. فالهدف من السِفْرُ، من وجهة النظر الرمزية، هو المعاونة على فهم محبة الله للبشر، وبأي صورة يمكن أن يحب البشر الله. ولكن كيف يمكن للإنسان أن يحب إلهاً لا يُرى ولا يُلمس؟ إن نَشِيدُ الأَنْشَادِ يبين أن المحبة البشرية تفتح طريقاً لفهم محبة الله للإنسان، ومحبة الإنسان لله. فعندما يتأمل الإنسان في المحبة البشرية، فقد يستطيع أن يفهم المحبة الإلهية من خلال هذه الخبرة. إنها لمأساة أن كثيرين من الناس - لأسباب عديدة - لم يختبروا ملء المحبة البشرية، فكيف إذاً يمكن للمحب-ة البشرية أن تلقي ضوءاًعلى المحبة الإلهية؟ هنا يأتى دور الأدب، دور عبقرية الشاعر الذي يمكن أن يخلق فى قرائه - من خلال كلماته – وعياً ببعض الحقائق والعواطف. فمن لم يختبروا المحبة البشرية العميقة، يمكنهم مع ذلك، أن يعرفوها ويحسوا بها من خلال التأمل فى كلمات قصيدة محبة رائعة.

    فسِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ يعرض - قبل كل شيء - على القارئ الوجوه المختلفة للمحبة البشرية، وجمالها وأفراحها، أحزانها وآلامها أحياناً. فمشاعر الإعجاب التى يثيرها التأمل في المحبة البشرية، تؤدى إلى فهم أعمق لمعنى محبة الله للبشر، وما قد تعنيه محبة الناس لله. فإن كلمات العروس الختامية تكشف عن حق رائع خالد: المح-بة قوية كالموت...لهيبها لهيب نار لظى الرب. مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة، والسيول لا تغمرها. إن أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقاراً «6اِجْعَلْنِي كَخَاتِمٍ عَلَى قَلْبِكَ كَخَاتِمٍ عَلَى سَاعِدِكَ. لأَنَّ الْمَحَبَّةَ قَوِيَّةٌ كَالْمَوْتِ. الْغَيْرَةُ قَاسِيَةٌ كَالْهَاوِيَةِ. لَهِيبُهَا لَهِيبُ نَارِ لَظَى الرَّبِّ. 7مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْفِئَ الْمَحَبَّةَ وَالسُّيُولُ لاَ تَغْمُرُهَا. إِنْ أَعْطَى الإِنْسَانُ كُلَّ ثَرْوَةِ بَيْتِهِ بَدَلَ الْمَحَبَّةِ تُحْتَقَرُ احْتِقَاراً»(سِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ8: 6و7).

    ولكن في الإِنْجِيل، أضاف الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بصليبه شيئاً أعظم من ذلك حيث ظهرت المحبة أقوى من الموت، فمحبة الله أقوى وأسمى - بما لا يقاس - من كل العصور والرموز.

    هذه هي اللقطة الأولي وإلى اللقطة الثانية
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    Item Reviewed: لقطات صغيرة لسِفْرُ نَشِيدُ الأَنْشَادِ ، اللقطة الأولي د. القس / سامي منير اسكندر Rating: 5 Reviewed By: د. القس سامي منير اسكندر
    Scroll to Top