حديث الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ عن الدينونة
إعداد
د. القس سامي منير اسكندر
«1ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ وَمَضَى مِنَ الْهَيْكَلِ، فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ
لِكَيْ يُرُوهُ أَبْنِيَةَ الْهَيْكَلِ.2فَقَالَ
لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا تَنْظُرُونَ جَمِيعَ هَذِهِ؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ
إِنَّهُ لاَ يُتْرَكُ هَهُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ!». 3وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ
الزَّيْتُونِ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ التَّلاَمِيذُ عَلَى انْفِرَادٍ قَائِلِينَ:
«قُلْ
لَنَا مَتَى يَكُونُ هَذَا؟ وَمَا هِيَ عَلاَمَةُ مَجِيئِكَ وَانْقِضَاءِ
الدَّهْرِ؟»
4فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «انْظُرُوا! لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. 5فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي
قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ.6وَسَوْفَ تَسْمَعٌونَ بِحُرُوبٍ وَأَخْبَارِ
حُروُبٍ. اُنظُرُوا,لا تَرتَاعُوا. لأَنَّهُ لا أَن تَكُونَ هَذِهِ كُلُّها, وَلكِن
لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعدُ.7لِأَنَّهُ
تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَكُونُ
مَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ وَزَلازِلُ فِي أَمَاكِنَ.8وَلَكِنَّ
هَذِهِ كُلَّهَا مُبْتَدَأُ الأَوْجَاعِ. 9حِينَئِذٍ
يُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ضِيقٍ وَيَقْتُلُونَكُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنْ
جَمِيعِ الأُمَمِ لأَجْلِ اسْمِي. 10وَحِينَئِذٍ
يَعْثُرُ كَثِيرُونَ وَيُسَلِّمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَيُبْغِضُونَ بَعْضُهُمْ
بَعْضاً. 11وَيَقُومُ أَنْبِيَاءُ
كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. 12وَلِكَثْرَةِ
الإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ الْكَثِيرِينَ. 13وَلَكِنِ
الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهَذَا يَخْلُصُ. 14وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هَذِهِ فِي
كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى.
«15فَمَتَى نَظَرْتُمْ «رِجْسَةَ الْخَرَابِ» الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ
النَّبِيُّ قَائِمَةً فِي الْمَكَانِ الْمُقَدَّسِ - لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ - 16فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي
الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ، 17وَالَّذِي
عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئاً، 18وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلاَ يَرْجِعْ إِلَى
وَرَائِهِ لِيَأْخُذَ ثِيَابَهُ. 19وَوَيْلٌ
لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ! 20وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي
شِتَاءٍ وَلاَ فِي سَبْتٍ، 21لأَنَّهُ
يَكُونُ حِينَئِذٍ ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ
الْعَالَمِ إِلَى الآنَ وَلَنْ يَكُونَ. 22وَلَوْ
لَمْ تُقَصَّرْ تِلْكَ الأَيَّامُ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلَكِنْ لأَجْلِ
الْمُخْتَارِينَ تُقَصَّرُ تِلْكَ الأَيَّامُ. 23حِينَئِذٍ
إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُنَاكَ! فَلاَ
تُصَدِّقُوا. 24لأَنَّهُ سَيَقُومُ
مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً
وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضاً. 25هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ. 26فَإِنْ قَالُوا لَكُمْ: هَا هُوَ فِي
الْبَرِّيَّةِ! فَلاَ تَخْرُجُوا. هَا هُوَ فِي الْمَخَادِعِ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. 27لأَنَّهُ كَمَا
أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ،
هَكَذَا يَكُونُ أَيْضاً مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 28لأَنَّهُ
حَيْثُمَا تَكُنِ الْجُثَّةُ، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ.
«29وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ
تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ
مِنَ السَّمَاءِ، وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 30وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ
الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ
ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. 31فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوقٍ عَظِيمِ
الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ
أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا. 32فَمِنْ
شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصاً
وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ. 33هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً، مَتَى رَأَيْتُمْ
هَذَا كُلَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ. 34اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هَذَا
الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هَذَا كُلُّهُ. 35اَلسَّمَاءُ
وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلَكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ»(إِنْجِيلُ مَتَّى24: 1-35).
مثل هذه الأقوال كم كان - ولا شك - وقعها فِي نفوس أولئك
الأوفياء الذين كانوا يضعون إليه! فالصور التي عمد إليها هي نفس الصور التي ألفها
اليهود فِي كتب الأنبياء، والتي أزهرت فِي كتب "الرؤى"، القانونية منها
والمنحولة.
أو لم يكن إِشَعْيَاءَ قد أخبر أن سقوط بابل سوف يسبقه
مثل تلك الطلائع «...6وَلْوِلُوا لأَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ قَرِيبٌ قَادِمٌ
كَخَرَابٍ مِنَ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. 7لِذَلِكَ
تَرْتَخِي كُلُّ الأَيَادِي وَيَذُوبُ كُلُّ قَلْبِ إِنْسَانٍ 8فَيَرْتَاعُونَ. تَأْخُذُهُمْ أَوْجَاعٌ
وَمَخَاضٌ. يَتَلَوُّونَ كَوَالِدَةٍ. يَبْهَتُونَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ.
وُجُوهُهُمْ وُجُوهُ لَهِيبٍ. 9هُوَذَا
يَوْمُ الرَّبِّ قَادِمٌ قَاسِياً بِسَخَطٍ وَحُمُوِّ غَضَبٍ لِيَجْعَلَ الأَرْضَ
خَرَاباً وَيُبِيدَ مِنْهَا خُطَاتَهَا. 10فَإِنَّ
نُجُومَ السَّمَاوَاتِ وَجَبَابِرَتَهَا لاَ تُبْرِزُ نُورَهَا. تُظْلِمُ
الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا وَالْقَمَرُ لاَ يَلْمَعُ بِضُوئِهِ. 11وَأُعَاقِبُ الْمَسْكُونَةَ عَلَى شَرِّهَا
وَالْمُنَافِقِينَ عَلَى إِثْمِهِمْ وَأُبَطِّلُ تَعَظُّمَ الْمُسْتَكْبِرِينَ
وَأَضَعُ تَجَبُّرَ الْعُتَاةِ. 12وَأَجْعَلُ
الرَّجُلَ أَعَزَّ مِنَ الذَّهَبِ الإِبْرِيزِ وَالإِنْسَانَ أَعَزَّ مِنْ ذَهَبِ
أُوفِيرَ. 13لِذَلِكَ أُزَلْزِلُ
السَّمَاوَاتِ وَتَتَزَعْزَعُ الأَرْضُ مِنْ مَكَانِهَا فِي سَخَطِ رَبِّ
الْجُنُودِ وَفِي يَوْمِ حُمُوِّ غَضَبِهِ...»(سِفْرُ
إِشَعْيَاءَ13: 6-13)،
وجزاء أدوم سوف يسبقه مثل تلك الطلائع «8لأَنَّ لِلرَّبِّ يَوْمَ انْتِقَامٍ سَنَةَ جَزَاءٍ مِنْ أَجْلِ دَعْوَى
صِهْيَوْنَ. 9وَتَتَحَوَّلُ
أَنْهَارُهَا زِفْتاً وَتُرَابُهَا كِبْرِيتاً وَتَصِيرُ أَرْضُهَا زِفْتاً
مُشْتَعِلاً. 10لَيْلاً وَنَهَاراً لاَ
تَنْطَفِئُ. إِلَى الأَبَدِ يَصْعَدُ دُخَانُهَا. مِنْ دَوْرٍ إِلَى دَوْرٍ
تُخْرَبُ. إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ لاَ يَكُونُ مَنْ يَجْتَازُ فِيهَا...»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ34: 8-10)؟
أو لم يكن سِفْرُ إِرْمِيَا قد أنبأ يمثل ذك علي أورشليم
(سِفْرُ إِرْمِيَا5) و سِفْرُ حِزْقِيَال علي مصر (سِفْرُ حِزْقِيَال32)،
وسِفْر يُوئِيل خصوصاً، إذا أخبر عن يَوْمُ الرَّبِّ
المشهود، بمثل أسلوب الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ «1قَوْلُ الرَّبِّ الَّذِي صَارَ إِلَى يُوئِيلَ بْنِ فَثُوئِيلَ: 2اِسْمَعُوا هَذَا أَيُّهَا الشُّيُوخُ وَأَصْغُوا
يَا جَمِيعَ سُكَّانِ الأَرْضِ. هَلْ حَدَثَ هَذَا فِي أَيَّامِكُمْ أَوْ فِي
أَيَّامِ آبَائِكُمْ؟ 3أَخْبِرُوا
بَنِيكُمْ عَنْهُ وَبَنُوكُمْ بَنِيهِمْ وَبَنُوهُمْ دَوْراً آخَرَ. 4فَضْلَةُ الْقَمَصِ أَكَلَهَا الزَّحَّافُ
وَفَضْلَةُ الزَّحَّافِ أَكَلَهَا الْغَوْغَاءُ وَفَضْلَةُ الْغَوْغَاءِ أَكَلَهَا
الطَّيَّارُ. 5اِصْحُوا أَيُّهَا
السَّكَارَى وَابْكُوا وَوَلْوِلُوا يَا جَمِيعَ شَارِبِي الْخَمْرِ عَلَى
الْعَصِيرِ لأَنَّهُ انْقَطَعَ عَنْ أَفْوَاهِكُمْ. 6إِذْ
قَدْ صَعِدَتْ عَلَى أَرْضِي أُمَّةٌ قَوِيَّةٌ بِلاَ عَدَدٍ أَسْنَانُهَا
أَسْنَانُ الأَسَدِ وَلَهَا أَضْرَاسُ اللَّبْوَةِ. 7جَعَلَتْ
كَرْمَتِي خَرِبَةً وَتِينَتِي مُتَهَشِّمَةً. قَدْ قَشَرَتْهَا وَطَرَحَتْهَا
فَابْيَضَّتْ قُضْبَانُهَا. 8نُوحِي
يَا أَرْضِي كَعَرُوسٍ مُؤْتَزِرَةٍ بِمِسْحٍ مِنْ أَجْلِ بَعْلِ صِبَاهَا. 9انْقَطَعَتِ التَّقْدِمَةُ وَالسَّكِيبُ عَنْ بَيْتِ
الرَّبِّ. نَاحَتِ الْكَهَنَةُ خُدَّامُ الرَّبِّ. 10تَلِفَ
الْحَقْلُ نَاحَتِ الأَرْضُ لأَنَّهُ قَدْ تَلِفَ الْقَمْحُ جَفَّ الْمِسْطَارُ
ذَبُلَ الزَّيْتُ»(سِفْر يُوئِيل1:
1-10)؟
وأما بشري مجيء الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فِي مجده،
فقد كان بإمكان كل يهودي أن يتذكر ما جاء عنها فِي نبوءة سِفْرُ دَانِيآل الشهيرة،
حيث قال: «13كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ
السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ
فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ. 14فَأُعْطِيَ
سُلْطَاناً وَمَجْداً وَمَلَكُوتاً لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ
وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ
وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ»(سِفْرُ
دَانِيآل7: 13-14).
لكم كان إذن خوفهم؟.. فالسؤال الذي كانوا قد طرحوا -
والذي يتبادر إلي لسان كل مؤمن يفكر فِي تلك اللحظة الرهيبة - ألعلهم، يا تري،
كرروه: «قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ
هَذَا؟ وَمَا هِيَ عَلاَمَةُ مَجِيئِكَ وَانْقِضَاءِ الدَّهْرِ؟»، أو ليس حسبهم
تلك " العلامات " التي أتي علي ذكرها، للتعرف بالزمان المحتوم؟ أو ليس
إذا أخرجت الأشجار أوراقها، وأخذت تبعث النضج شيئاً فشئياً فِي ثماوها، تقرر لهم
أن الصيف بات علي الأبواب؟.. وأما أو يكشف لهم عن اليَوْمُ والساعة، فذلك مستحيل،
لأن الآب وحده يملك سرهما. لقد كان الناس يأكلون ويشربون ويتزوجون، إلي أن دهمهم
الطوفان، وكانت سدوم منغمسة فِي الترف يَوْمُ أطبق عليها من السماء نار وكبريت،
كذلك يكون مجيء ابن البشر: مباغتاً ومستغلقاً من جميع الوجوه! فهاتان المرأتان
الجالستان إلي الرحى، والآخذتان بمقبضة الجاروشة العيلية، تتناوبان علي إدارتها
تارة ذات اليمين وتارة ذات اليسار، سوف تؤخذ إحداهما وتترك الأخرى. وهذان القرويان
المنصرفان إلي الفلاحة، جنباً إلي جنب، سوف يخلص أحدهما، ويهلك الأخر!.. النتيجة
أذن واحدة، حاتمة ّ فقد قال الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فِي سِفْرُ رُؤْيَا
يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ: «3فَاذْكُرْ كَيْفَ أَخَذْتَ وَسَمِعْتَ وَاحْفَظْ وَتُبْ، فَإِنِّي إِنْ
لَمْ تَسْهَرْ أُقْدِمْ عَلَيْكَ كَلِصٍّ، وَلاَ تَعْلَمُ أَيَّةَ سَاعَةٍ
أُقْدِمُ عَلَيْكَ»(سِفْرُ رُؤْيَا يُوحَنَّا
اللاَّهُوتِيِّ3: 3).
فلا بد إذن من التيقظ والسهر، لئلا يأتي السارق وينقب
جدار البيت. ويجب ألا يتمثل المؤمن بالعبد المتهاون، الذي استغل غياب سيده، فطفق
يأكل ويشرب، وعندما عاد سيده وجده نائماً. فاسهروا إذن وصلوا فِي كل حين، فتحسبوا
أهلاً لأن نفلتوا من شر تلك الكوراث
بهذه التوصيات انتهت تلك "الرؤيا" التي اجتمعت
الأناجيل المؤتلفة علي تدوينها:
«23حِينَئِذٍ إِنْ
قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُنَاكَ! فَلاَ
تُصَدِّقُوا. 24لأَنَّهُ سَيَقُومُ
مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً
وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضاً. 25هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ. 26فَإِنْ قَالُوا لَكُمْ: هَا هُوَ فِي
الْبَرِّيَّةِ! فَلاَ تَخْرُجُوا. هَا هُوَ فِي الْمَخَادِعِ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. 27لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ
الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هَكَذَا يَكُونُ أَيْضاً مَجِيءُ
ابْنِ الإِنْسَانِ. 28لأَنَّهُ
حَيْثُمَا تَكُنِ الْجُثَّةُ، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ. «29وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ
تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ
مِنَ السَّمَاءِ،وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 30وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ
الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ
ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. 31فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوقٍ عَظِيمِ
الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ
أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا. 32فَمِنْ
شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصاً
وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ. 33هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً، مَتَى رَأَيْتُمْ
هَذَا كُلَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ. 34اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هَذَا
الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هَذَا كُلُّهُ. 35اَلسَّمَاءُ
وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلَكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ. 36وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ
فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي
وَحْدَهُ. 37وَكَمَا كَانَتْ أَيَّامُ
نُوحٍ كَذَلِكَ يَكُونُ أَيْضاً مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 38لأَنَّهُ كَمَا كَانُوا فِي الأَيَّامِ الَّتِي
قَبْلَ الطُّوفَانِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُونَ،
إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ نُوحٌ الْفُلْكَ، 39وَلَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى جَاءَ الطُّوفَانُ
وَأَخَذَ الْجَمِيعَ، كَذَلِكَ يَكُونُ أَيْضاً مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 40حِينَئِذٍ يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، يُؤْخَذُ
الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ. 41اثْنَتَانِ
تَطْحَنَانِ عَلَى الرَّحَى، تُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى. «42اِسْهَرُوا إِذاً لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ. 43وَاعْلَمُوا
هَذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيِّ هَزِيعٍ يَأْتِي
السَّارِقُ، لَسَهِرَ وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. 44لِذَلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً
مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ. 45فَمَنْ هُوَ الْعَبْدُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ
الَّذِي أَقَامَهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الطَّعَامَ فِي
حِينِهِ؟ 46طُوبَى لِذَلِكَ الْعَبْدِ
الَّذِي إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفْعَلُ هَكَذَا! 47اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يُقِيمُهُ
عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ. 48وَلَكِنْ
إِنْ قَالَ ذَلِكَ الْعَبْدُ الرَّدِيُّ فِي قَلْبِهِ: سَيِّدِي يُبْطِئُ
قُدُومَهُ. 49فَيَبْتَدِئُ يَضْرِبُ
الْعَبِيدَ رُفَقَاءَهُ وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ السُّكَارَى. 50يَأْتِي سَيِّدُ ذَلِكَ الْعَبْدِ فِي يَوْمٍ
لاَ يَنْتَظِرُهُ وَفِي سَاعَةٍ لاَ يَعْرِفُهَا، 51فَيُقَطِّعُهُ
وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ الْمُرَائِينَ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ
الأَسْنَانِ»(إِنْجِيلُ مَتَّى24:
23-51)،
«21حِينَئِذٍ إِنْ
قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! فَلاَ
تُصَدِّقُوا. 22لأَنَّهُ سَيَقُومُ
مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ، وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ،
لِكَيْ يُضِلُّوالَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضاً. 23فَانْظُرُوا أَنْتُمْ. هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ
وَأَخْبَرْتُكُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ. «24وَأَمَّا
فِي تِلْكَ الأَيَّامِ بَعْدَ ذَلِكَ الضِّيقِ، فَالشَّمْسُ تُظْلِمُ، وَالْقَمَرُ
لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، 25وَنُجُومُ
السَّمَاءِ تَتَسَاقَطُ، وَالْقُوَّاتُ الَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 26وَحِينَئِذٍ يُبِْرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ
آتِياً فِي سَحَابٍ بِقُوَّةٍ كَثِيرَةٍ وَمَجْدٍ 27فَيُرْسِلُ
حِينَئِذٍ مَلاَئِكَتَهُ وَيَجْمَعُ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ،
مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلَى أَقْصَاءِ السَّمَاءِ. 28فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا
الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصاً وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقاً، تَعْلَمُونَ
أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ. 29هَكَذَا
أَنْتُمْ أَيْضاً، مَتَى رَأَيْتُمْ هَذِهِ الأَشْيَاءَ صَائِرَةً، فَاعْلَمُوا
أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ. 30اَلْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هَذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هَذَا كُلُّهُ. 31اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلَكِنَّ
كَلاَمِي لاَ يَزُولُ. «32وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ
فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ،
وَلاَ الاِبْنُ، إلاَّ الآبُ. 33اُنْظُرُوا!
اسْهَرُوا وَصَلُّوا، لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَتَى يَكُونُ الْوَقْتُ. 34كَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ تَرَكَ
بَيْتَهُ، وَأَعْطَى عَبِيدَهُ السُّلْطَانَ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ،
وَأَوْصَى الْبَوَّابَ أَنْ يَسْهَرَ. 35اِسْهَرُوا
إِذاً، لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَتَى يَأْتِي رَبُّ الْبَيْتِ، أَمَسَاءً،
أَمْ نِصْفَ اللَّيْلِ، أَمْ صِيَاحَ الدِّيكِ، أَمْ صَبَاحاً. 36لِئَلاَّ يَأْتِيَ بَغْتَةً فَيَجِدَكُمْ
نِيَاماً! 37وَمَا أَقُولُهُ لَكُمْ
أَقُولُهُ لِلْجَمِيعِ: اسْهَرُوا»(إِنْجِيلُ
مَرْقُسَ13: 21-37)،
«22وَقَالَ
لِلتَّلاَمِيذِ: «سَتَأْتِي أَيَّامٌ فِيهَا تَشْتَهُونَ أَنْ تَرَوْا يَوْماً
وَاحِداً مِنْ أَيَّامِ ابْنِ الإِنْسَانِ وَلاَ تَرَوْنَ. 23وَيَقُولُونَ لَكُمْ:هُوَذَا هَهُنَا! أَوْ:
هُوَذَا هُنَاكَ! لاَ تَذْهَبُوا وَلاَ تَتْبَعُوا، 24لأَنَّهُ
كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ الَّذِي يَبْرُقُ مِنْ نَاحِيَةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ،
يُضِيءُ إِلَى نَاحِيَةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَكُونُ أَيْضاً ابْنُ
الإِنْسَانِ فِي يَوْمِهِ. 25وَلَكِنْ
يَنْبَغِي أَوَّلاً أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيراً وَيُرْفَضَ مِنْ هَذَا الْجِيلِ. 26وَكَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ نُوحٍ كَذَلِكَ
يَكُونُ أَيْضاً فِي أَيَّامِ ابْنِ الإِنْسَانِ: 27كَانُوا
يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَيُزوِّجُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ
الَّذِي فِيهِ دَخَلَ نُوحٌ الْفُلْكَ، وَجَاءَ الطُّوفَانُ وَأَهْلَكَ
الْجَمِيعَ. 28كَذَلِكَ أَيْضاً كَمَا
كَانَ فِي أَيَّامِ لُوطٍ كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَيَشْتَرُونَ
وَيَبِيعُونَ، وَيَغْرِسُونَ وَيَبْنُونَ. 29وَلَكِنَّ
الْيَوْمَ الَّذِي فِيهِ خَرَجَ لُوطٌ مِنْ سَدُومَ، أَمْطَرَ نَاراً وَكِبْرِيتاً
مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَ الْجَمِيعَ. 30هَكَذَا
يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ يُظْهَرُ ابْنُ الإِنْسَانِ. 31فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَنْ كَانَ عَلَى
السَّطْحِ وَأَمْتِعَتُهُ فِي الْبَيْتِ فَلاَ يَنْزِلْ لِيَأْخُذَهَا، وَالَّذِي
فِي الْحَقْلِ كَذَلِكَ لاَ يَرْجِعْ إِلَى الْوَرَاءِ. 32اُذْكُرُوا امْرَأَةَ لُوطٍ! 33مَنْ طَلَبَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ
يُهْلِكُهَا، وَمَنْ أَهْلَكَهَا يُحْيِيهَا. 34أَقُولُ
لَكُمْ: إِنَّهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ يَكُونُ اثْنَانِ عَلَى فِرَاشٍ وَاحِدٍ،
فَيُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ. 35تَكُونُ
اثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ مَعاً، فَتُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى. 36يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، فَيُؤْخَذُ
الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ». 37فَأَجَابوا
وَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ يَا رَبُّ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «حَيْثُ تَكُونُ الْجُثَّةُ
هُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ»(إِنْجِيلُ لُوقَا17:
22-37)،
«25وَتَكُونُ
عَلاَمَاتٌ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ، وَعَلَى الأَرْضِ كَرْبُ
أُمَمٍ بِحَيْرَةٍ. اَلْبَحْرُ وَالأَمْوَاجُ تَضِجُّ 26وَالنَّاسُ يُغْشَى عَلَيْهِمْ مِنْ خَوْفٍ
وَانْتِظَارِ مَا يَأْتِي عَلَى الْمَسْكُونَةِ، لأَنَّ قُوَّاتِ السَّمَاوَاتِ
تَتَزَعْزَعُ. 27وَحِينَئِذٍ
يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً فِي سَحَابَةٍ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. 28وَمَتَى ابْتَدَأَتْ هَذِهِ تَكُونُ،
فَانْتَصِبُوا وَارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ لأَنَّ نَجَاتَكُمْ تَقْتَرِبُ».29وَقَالَ لَهُمْ مَثَلاً: «اُنْظُرُوا إِلَى
شَجَرَةِ التِّينِ وَكُلِّ الأَشْجَارِ. 30مَتَى
أَفْرَخَتْ تَنْظُرُونَ وَتَعْلَمُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَنَّ الصَّيْفَ قَدْ
قَرُبَ. 31هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً،
مَتَى رَأَيْتُمْ هَذِهِ الأَشْيَاءَ صَائِرَةً، فَاعْلَمُوا أَنَّ مَلَكُوتَ
اللهِ قَرِيبٌ. 32اَلْحَقَّ أَقُولُ
لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يَمْضِي هَذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 33اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلَكِنَّ
كَلاَمِي لاَ يَزُولُ. 34فَاحْتَرِزُوا
لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ
الْحَيَاةِ، فَيُصَادِفَكُمْ ذَلِكَ الْيَوْمُ بَغْتَةً. 35لأَنَّهُ كَالْفَخِّ يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ
الْجَالِسِينَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ. 36اِسْهَرُوا
إِذاً وَتَضَرَّعُوا فِي كُلِّ حِينٍ، لِكَيْ تُحْسَبُوا أَهْلاً لِلنَّجَاةِ مِنْ
جَمِيعِ هَذَا الْمُزْمِعِ أَنْ يَكُونَ، وَتَقِفُوا قُدَّامَ ابْنِ الإِنْسَانِ»(إِنْجِيلُ لُوقَا21: 25-36).
بيد أن إِنْجِيلُ مَتَّى قد أضاف إليها رواية مثلين:
فالأول: مثل العذارى
الحكيمات والعذارى الجاهلات هو شبه تعليق رائع علي ضرورة السهر. «1حِينَئِذٍ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ عَشْرَ عَذَارَى، أَخَذْنَ
مَصَابِيحَهُنَّ وَخَرَجْنَ لِلِقَاءِ الْعَرِيسِ. 2وَكَانَ
خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَكِيمَاتٍ، وَخَمْسٌ جَاهِلاَتٍ. 3أَمَّا
الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتاً، 4وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتاً فِي
آنِيَتِهِنَّ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ. 5وَفِيمَا
أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ. 6فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا
الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ، فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ! 7فَقَامَتْ
جَمِيعُ أُولَئِكَ الْعَذَارَى وَأَصْلَحْنَ مَصَابِيحَهُنَّ. 8فَقَالَتِ الْجَاهِلاَتُ لِلْحَكِيمَاتِ:
أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ. 9فَأَجَابَتِ الْحَكِيمَاتُ قَائِلاتٍ: لَعَلَّهُ
لاَ يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ، بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ
لَكُنَّ. 10وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ
لِيَبْتَعْنَ جَاءَ الْعَرِيسُ،وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى
الْعُرْسِ،وَأُغْلِقَ الْبَابُ. 11أَخِيراً
جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضاً قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ،يَا
سَيِّدُ،افْتَحْ لَنَا! 12فَأَجَابَ
وَقَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ. 13فَاسْهَرُوا إِذاً لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ
الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ»(إِنْجِيلُ مَتَّى25: 1-13).
فأذا خمس منهن إلي يسار الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ،
وخمس إلي يمينه، يمثلن مشهد الدينونة الأخيرة. فالحكيمات منصرفات إلي تعهد زيت
"المشاهدة" والتأمل. بينما الجاهلات شاخصات باكتئاب. إلي سرجهن الصغيرة،
وقد بدت مقلوبة.. وقد أخذ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ هذه القصة الصغيرة مما كان
مرعياً، عند اليهود، من ملاقاة العريس - ليلة زفافه - فِي موكب هزج، والدخول به
إلي حيث كانت تنتظره العروس، وإننا لنجد لها - علي بساطتها وقرب متناولها - من قوة
الإقناع، ما نجده فِي أجود أمثال الإنجيل. وكل منا يعلم يقبنا - إذا أصغي إليها -
أن ذاك الهتاف الليلي المباغت الذي يستنهض المتهاونات. إنما هو صوت أملاك - فِي
الأيام الأخيرة - ينادي به البشرية إلي الحساب.
والثانية المثل الآخر هي التي يعلن الدينونة: مثل
الوزنات. «14وَكَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ دَعَا عَبِيدَهُ
وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ، 15فَأَعْطَى
وَاحِداً خَمْسَ وَزَنَاتٍ، وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ، وَآخَرَ وَزْنَةً. كُلَّ
وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ لِلْوَقْتِ. 16فَمَضَى الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ
وَتَاجَرَ بِهَا، فَرَبِحَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ. 17وَهَكَذَا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ، رَبِحَ أَيْضاً
وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ. 18وَأَمَّا
الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ فَمَضَى وَحَفَرَ فِي الأَرْضِ وَأَخْفَى فِضَّةَ
سَيِّدِهِ. 19وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيلٍ
أَتَى سَيِّدُ أُولَئِكَ الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ. 20فَجَاءَ
الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلاً:
يَا سَيِّدُ،خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ
رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا. 21فَقَالَ لَهُ
سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِيناً
فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. 22ثُمَّ جَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ
وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، وَزْنَتَيْنِ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا وَزْنَتَانِ
أُخْرَيَانِ رَبِحْتُهُمَا فَوْقَهُمَا. 23قَالَ
لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ! كُنْتَ
أَمِيناً فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ
سَيِّدِكَ. 24ثُمَّ جَاءَ أَيْضاً
الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ الْوَاحِدَةَ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، عَرَفْتُ أَنَّكَ
إِنْسَانٌ قَاسٍ، تَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ، وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ
تَبْذُرْ. 25فَخِفْتُ وَمَضَيْتُ
وَأَخْفَيْتُ وَزْنَتَكَ فِي الأَرْضِ. هُوَذَا الَّذِي لَكَ. 26فَأَجَابَ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا
الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ وَالْكَسْلاَنُ، عَرَفْتَ أَنِّي أَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ
أَزْرَعْ، وَأَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَبْذُرْ، 27فَكَانَ
يَنْبَغِي أَنْ تَضَعَ فِضَّتِي عِنْدَ الصَّيَارِفَةِ،فَعِنْدَ مَجِيئِي كُنْتُ
آخُذُ الَّذِي لِي مَعَ رِباً. 28فَخُذُوا
مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لِلَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ. 29لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى، فَيَزْدَادُ
وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. 30وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى
الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ»(إِنْجِيلُ مَتَّى25: 13-30)،
فلقد أوتي كل إنسان إمكاناته وطاقاته، وسوف يحاسب عنها
يوماً. فالذي أوتي كثيراً، يطالب بالكثير، وليس فقط بمقتضي العدالة البشرية! ففِي
عالم الروح، كل من أقتني كثيراً يعطي ويزاد، وأما من اقتضى قليلاً، فالقليل أيضاً
ينزع منه هكذا يكون يَوْمُ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ!: «31وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ
وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى
كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. 32وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ
بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ، 33فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ
وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. 34ثُمَّ
يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا
الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. 35لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ
فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيباً فَآوَيْتُمُونِي. 36عُرْيَاناً فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضاً فَزُرْتُمُونِي.
مَحْبُوساً فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. 37فَيُجِيبُهُ
الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِليِنَ: يَارَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً
فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَاناً فَسَقَيْنَاكَ؟ 38وَمَتَى
رَأَيْنَاكَ غَرِيباً فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَاناً فَكَسَوْنَاكَ؟ 39وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً
فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ 40فَيُجِيبُ
الْمَلِكُ وَيَقَوُلَ لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ
فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ. «41ثُمَّ يَقُولُ أَيْضاً لِلَّذِينَ عَنِ
الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ
الْمُعَدَّةِ لِإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ، 42لأَنِّي
جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي. عَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقُونِي. 43كُنْتُ غَرِيباً فَلَمْ تَأْوُونِي. عُرْيَاناً
فَلَمْ تَكْسُونِي. مَرِيضاً وَمَحْبُوساً فَلَمْ تَزُورُونِي. 44حِينَئِذٍ يُجِيبُونَهُ هُمْ أَيْضاً
قَائِليِنَ: يَارَبُّ مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً أَوْ عَطْشَاناً أَوْ غَرِيباً
أَوْ عُرْيَاناً أَوْ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً وَلَمْ نَخْدِمْكَ؟ 45فَيُجِيبُهُمْ قَائِلاً: الْحَقَّ أَقُولُ
لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوهُ بِأَحَدِ هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي
لَمْ تَفْعَلُوا. 46فَيَمْضِي
هَؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ»(إِنْجِيلُ
مَتَّى25: 31-46).
لم تكن هذه أول مرة يخبر فيها الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ - علي هذا النحو - بالدينونة الأخيرة. فلقد كان أنبأ، مراراً، بتوزع
البشر إلي فئتين: فئة الأخيار، وفئة الأشرار، فئة الذين سوف يثابون بالرؤية
السعيدة، وفئة الذين سوف يصلون ناراً حامية: القيمين الخونة، والعذارى الجاهلات،
والمدعوين الذين لم يرتدوا ثياب العرس، والكرامين القتلة، والزوان المفصول عن
الحنطة!.. هكذا نقضي النهار علي وقع ذاك الدرس الرهيب - ولعله أشد الدروس! - ولكان
وقعه أشد من أن يحتمل، لولا تلك الكلمات الرقيقة التي ذيل بها إِنْجِيلُ مَتَّى الفقرات
الأخيرة من هذا الفصل.
0 التعليقات:
إرسال تعليق