1
هل
يُعقل أَنْ
أجرة
الْخَطِيَّةَ مَوْتِ؟
إعداد
د. القس / سامي م. اسكندر
باحث ومحاضر فِي
الدين المقارن
الفصل
الأَوَّلُ
مَا هِيَ الْخَطِيَّةَ؟
كثيرون
يظنون أَنَّ الْخَطِيَّةَ لا تعني سوى الكبائر فقط، أَوْ مَا يسميه الْعَالَمِ
جرائم، أما مَا عدا ذَلِكَ فَإِنَّ النَّاسُ يلتمسون مِنْ جهته لأَنَّفسهم
الأعذار، ويخففون مِنْ وقعه عَلَى ضمائرهم، بأن يسمونه «عيباً» أَوْ «ضعفاً» أَوْ «زلة». بل إِنْ الإِنْسَانٌ
حتى إذا اعترف بحدوث الْخَطِيَّةَ، فَإِنَّهَ عادة يجد لنفسه أَوْ لغيره المبررات
العديدة لها.
الْخَطِيَّةَ
هِيَ التعدي عَلَى القانون، أَيْ عمل إرادة الذَاتِ بلا رادع ولا قيد مِنْ اللَّهِ
أَوْ مِنْ الإِنْسَانٌ. »إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللَّهِ«([1]).
وعَدَمِ إصابة أوتحقيق الهدف. فلكلَّ منا هدف خلقه اللَّهِ
لأجله. وعندما لا نصيب هَذَا الهدف ولا نمجد اللَّهِ نكون بذلك قَدْ أخطأنا إليه. »كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ يَفْعَلُ
التَّعَدِّيَ أَيْضاً. وَالْخَطِيَّةَ هِيَ التَّعَدِّي«([2]).
وعَدَمِ بلوغ حدّ اللَّهِ الْكَامِلَ فكراً وقَوْلُاً
وعملاً. هُوَ الفشل فِي تطبيق مَا نعرفه مِنْ الأمور الحسنة »فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَناً وَلاَ
يَعْمَلُ، فَذَلِكَ خَطِيَّةَ لَهُ«([3]).
أَيْنَ
حدثت الْخَطِيَّةَ الأَوَّلُى؟
حدثت الْخَطِيَّةَ
الأَوَّلُى فِي السماء، عندما حاول رئيس الْمَلاَئِكَةِ الشَّيْطَانُ([4])
أَنْ يَأْخُذَ مكان اللَّهِ. عندها طُرح مِنَ السَّمَاءِ وأصبح يُعرف بأسماء كَثِيرَةٌ:
1-
«الشَّيْطَانُ»(سِفْرُ
إِشَعْيَاءَ 14 الآيَاتُ 12-15).
2-«إِبْلَيْسَ»(سِفْرُ
رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ 12 الآيَةَ 9، 20 الآيَةَ 2).
3- «أَبَدُّونَ»
أَوْ«أَبُولِّيُّونَ» ومعناهما المهلك (سِفْرُ رُؤْيَا يُوحَنَّا
اللاَّهُوتِيِّ9 الآيَةَ 11).
4- «الْمُشْتَكِي»
عَلَى الإخوة (سِفْرُ رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ 12 الآيَةَ 10).
5- الخصم
«خَصْمَكُمْ»(رِسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الأَوَّلُى 5 الآيَةَ 8).
6- «بَعْلَزَبُولَ»
(إِنْجِيلِ مَتَّى12 الآيَةَ 24).
7-
«بَلِيعَالَ»
(رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ 6 الآيَةَ
15).
8-
المضل
لكل الْعَالَمِ «الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ»(سِفْرُ رُؤْيَا
يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ 12 الآيَةَ 9).
9-
«التِّنِّينُ
الْعَظِيمُ»(سِفْرُ رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ 12 الآيَةَ 9).
10-
«الْعَدُّوُ الَّذِي زَرَعَهُ هُوَ إِبْلَيْسَ»(إِنْجِيلِ
مَتَّى 13 الآيَاتُ 28 و39).
11-
«الشَّرِّيرُ» (إِنْجِيلِ مَتَّى13
الآيَاتُ 19و38).
12-
«أَبُو الْكَذَّابِ» (إِنْجِيلُ يُوحَنَّا 8 الآيَةَ 44).
13- «إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ»(رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ
كُورِنْثُوسَ 4 الآيَةَ 4).
14- «الكَذَّابٌ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا 8
الآيَةَ 44).
15- «رئيس سلطان الهواء»(أفسس 2 الآيَةَ 2)،
16- القتاَّل «قَتَّالاً لِلنَّاسِ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا 8 الآيَةَ 44).
17- «رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ»(إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا 12 الآيَةَ 31، 14 الآيَةَ 3، 16 الآيَةَ 11).
18- «الْحَيَّةُ الْقَدِيمِةُ»(سِفْرُ
رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ 12 الآيَةَ 9).
19- «الْمُجَرَّبَّ»(إِنْجِيلِ مَتَّى 4
الآيَةَ 3، رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأَوَّلُى إِلَى أَهْلِ تَسَالُونِيكِي 3
الآيَةَ 5).
دخلت الْخَطِيَّةَ
بآدَمَ وحَوَّاءَ عندما كسرا قَوْلُ اللَّهِ بأكلهما مِنْ الشَّجَرَةَ التي حرّمها
اللَّهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ([5]).
قصة السُّقُوطِ: ونقرأ أحداث هَذِهِ
القصة فِي سِفْرُ التَّكْوِينِ الأصحاح 3 والآيَاتُ 1-6: »وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي
عَمِلَهَا الرَّبَّ الإِلَهُ«. فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: »أَحَقّاً قَالَ اللَّهِ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟«.
فَقَالَتِ
الْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ: »مِنْ
ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ. وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةَ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللَّهِ:
لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلا تَمَوْتِا«.
فَقَالَتِ الْحَيَّةُ
لِلْمَرْأَةِ: »لَنْ تَمَوْتِا! بَلِ اللَّهِ
عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ
كَاللَّهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ». فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ
لِلأَكْلِ وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ
لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضاً
مَعَهَا فَأَكَلَ«.
هَذِهِ الآيَاتُ
تذكر أَنَّ آدَمَ وحَوَّاءَ أكلا مِنْ تلك الشَّجَرَةَ
الْمُحَرَّمَةِ. وهَذِهِ هِيَ الْخَطِيَّةَ، لَيْسَت الشَّجَرَةَ شَّجَرَةَ عادية لأَنَّها شَّجَرَةَ مَعْرِفَةَ
الْخَيْرِ والشَّرِّ أَيْ التفكير فِي عِصْيَانٍ اللَّهِ. فآدَمَ وحَوَّاءَ
أَيْضاً وجداً أَنَّ الموضوع لَيْسَ عادلاً وأَنَّ مِنْ
حقهم أَنَّ يأكلا مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ أَيْ أَنَّ يفعلوا مَا يشاءون وأَنَّ عقاب
اللَّهِ لهم لَيْسَ أكيداً بل حسبوا كل ذَلِكَ تعسف مِنْ اللَّهِ.
1)
مفهوم الْخَطِيَّةَ:
فالْخَطِيَّةَ هِيَ عِصْيَانٍ وعَدَمِ طَاعَةَ
لْكَلاَمِ اللَّهِ سواء كَانَ هَذَا الْكَلاَمِ مكتوباً فِي كَلِمَةٍ اللَّهِ أَوْ
مَا يدركه المرء فِي ضَمِيرٍه أوعِصْيَانٍه بعَدَمِ الإِيمَانِ فِي مَا يرشدنا
إليه أَوْ يعدنا به. والْخَطِيَّةَ يمكن أَنَّ تكون بالفكر أَوْ بِالْكَلاَمِ أَوْ
بالسُّلُوكَ.
فالْخَطِيَّةَ
عمل إرادي أخلاقي كما حدث فِي قصة أبونا آدَمَ وأمنا حَوَّاءَ، لاحظ مَا فعلته حَوَّاءَ
نظرت، ثم أخذت، ثم أكلت، ثم أعطت فهَذَا هُوَ عمل إرادي أخلاقي. كما أَنَّ المفهوم
الأرادي الأخلاقي للخَطِيَّةَ لَيْسَ التعدي عَلَى الشَّرِّيعَةِ فقط بل يشمل أَيْضاً
السُّلُوكَ الخاطئ:
أ- تجاه شَّرِّيعة اللَّهِ المحددة
»وَأَمَّا
شَّجَرَةَ مَعْرِفَةَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ
يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتِاً تَمَوْتِ«([6]). لقد وضع اللَّهِ
عَلَى آدَمَ مسئولية العناية بالجنة، وأوصاه ألا يأكل مِنْ شَّجَرَةَ مَعْرِفَةَ الْخَيْرِ
والشَّرِّ. ومع ذَلِكَ أعطاه حرية الاختيار حتى ولو أدى ذَلِكَ به إِلَى سوء
الاختيار. ومازال اللَّهِ يعطينا حرية الاختيار حتى اليوم، ولكننا كثيراً مَا نخطيء
الاختيار.
ب- فِي رفض الإِنْسَانٌ لقيادة اللَّهِ لحياته
القيادة
تَأْتِيَ مِنْ مَعْرِفَةَ كَلِمَةٍ اللَّهِ الموجهة المرشدة والضابطة الملزمة »لأَنَّ غَضَبَ اللَّهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ
فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ...وَكَمَا
لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا اللَّهِ فِي مَعْرِفَتِهِمْ أَسْلَمَهُمُ اللَّهِ
إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لاَ يَلِيقُ«([7]).
ج- رفض الإِنْسَانٌ لمَعْرِفَةَ فكر اللَّهِ
» لأَنَّهُ
لَمْ يُرْسِلِ اللَّهِ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمِ بَلْ
لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمِ. الَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ وَالَّذِي لاَ
يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللَّهِ الْوَحِيدِ. وَهَذِهِ
هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ وَأَحَبَّ
النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شَّرِّيرَةً«([8]).
د- رفض الإِنْسَانٌ لمحبة اللَّهِ المعلنة فِي شخص ابنه
«لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهِ الْعَالَمِ
حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدِ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ
بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ...الَّذِي يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَهُ حَيَاةُ
أَبَدِيَّةٌ وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةُ بَلْ يَمْكُثُ
عَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ»([9]).
والسؤال
كَيْفَ تَأْتِيَ مَعْرِفَةَ اللَّهِ لكل النَّاسُ؟
تَأْتِيَ مَعْرِفَةَ اللَّهِ مِنْ داخل الإِنْسَانٌ إذ قبل السُّقُوطِ
فِي الْخَطِيَّةَ كَانَ نَّامُوسِ اللَّهِ مكتوباً فِي قَلْبِه »لأَنَّهُ الأُمَمُ الَّذِينَ
لَيْسَ عِنْدَهُمُ النَّامُوسُ مَتَى فَعَلُوا بِالطَّبِيعَةِ مَا هُوَ فِي
النَّامُوسِ فَهَؤُلاَءِ إِذْ لَيْسَ لَهُمُ النَّامُوسُ هُمْ نَامُوسٌ
لأَنْفُسِهِمِ. الَّذِينَ يُظْهِرُونَ عَمَلَ النَّامُوسِ مَكْتُوباً فِي
قُلُوبِهِمْ شَاهِداً أَيْضاً ضَمِيرٍهُمْ وَأَفْكَارِهُمْ فِيمَا بَيْنَهَا
مُشْتَكِيَةً أَوْ مُحْتَجَّةً«([10]).
كما أَنَّهَا ظاهرة فِي الخليقة: »اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللَّهِ وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ
بِعَمَلِ يَدَيْهِ«([11]). »لأَنَّ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ
تُرَى أُمُورُهُ غَيْرُ الْمَنْظُورَةِ وَقُدْرَتُهُ السَّرْمَدِيَّةُ
وَلاَهُوتُهُ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ«([12]).
وكذَلِكَ مِنْ روح اللَّهِ »مَنْ مِنَ النَّاسِ
يَعْرِفُ أُمُورَ الإِنْسَانٌ إِلاَّ رُوحُ الإِنْسَانٌ
الَّذِي فِيهِ؟ هَكَذَا أَيْضاً أُمُورُ اللَّهِ لاَ يَعْرِفُهَا أَحَدٌ إِلاَّ
رُوحُ اللَّهِ. وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ بَلِ
الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللَّهِ لِنَعْرِفَ الأَشْيَاءَ
الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللَّهِ«([13]). »كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلَهُ رَّبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو
الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ«([14]).
وبعد سقوط الإِنْسَانٌ
يقَوْلُ الرَّبَّ: »لاَ
يَدِينُ رُوحِي فِي الإِنْسَانٌ إِلَى الأَبَدِ. لِزَيَغَانِهِ هُوَ بَشَّرِّ
وَتَكُونُ أَيَّامِهُ مِئَةً وَعِشَّرِّينَ سَنَةً«. ونسمع
الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ يصفهم «يَا قُسَاةَ الرِّقَابِ وَغَيْرَ
الْمَخْتُونِينَ بِالْقُلُوبِ وَالآذَانِ أَنْتُمْ دَائِماً تُقَاوِمُونَ الرُّوحَ
الْقُدُسَ...«([15])، بالرغم مِنْ ذَلِكَ »لَمْ
يَتْرُكْ نَفْسَهُ بِلاَ شَاهِدٍ وَهُوَ يَفْعَلُ خَيْراً يُعْطِينَا مِنَ
السَّمَاءِ أَمْطَاراً وَأَزْمِنَةً مُثْمِرَةً وَيَمْلأُ قُلُوبَنَا طَعَاماً
وَسُرُوراً»([16]).
فالتعدي علي أَيْ نَّامُوسِ أَوْ قانون هُوَ خَطِيَّةَ، كما أَنَّ العِصْيَانٍ
والانْحِرَافَ والتشويش يعتبر موقفاً خاطئاً ورغبة واتجاه خاطئ للإرادة أَوْ »الذَاتِ« لأنها
التعدي »كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ
يَفْعَلُ التَّعَدِّيَ أَيْضاً. وَالْخَطِيَّةَ هِيَ التَّعَدِّي« ([17]).
»وَأَمَّا أَنَا فَأَقَوْلُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى
أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا
يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ
مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ...وَأَمَّا أَنَا فَأَقَوْلُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ
مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ«([18]).
»وَلَكِنَّ الْخَطِيَّةَ وَهِيَ مُتَّخِذَةٌ فُرْصَةً بِالْوَصِيَّةِ
أَنْشَأَتْ فِيَّ كُلَّ شَهْوَةٍ. لأَنْ بِدُونِ النَّامُوسِ الْخَطِيَّةَ
مَيِّتَةٌ. أَمَّا أَنَا فَكُنْتُ بِدُونِ النَّامُوسِ عَائِشاً قَبْلاً. وَلَكِنْ
لَمَّا جَاءَتِ الْوَصِيَّةُ عَاشَتِ الْخَطِيَّةَ فَمُتُّ أَنَا. فَوُجِدَتِ
الْوَصِيَّةُ الَّتِي لِلْحَيَاةُ هِيَ نَفْسُهَا لِي لِلْمَوْتِ. لأَنَّ الْخَطِيَّةَ
وَهِيَ مُتَّخِذَةٌ فُرْصَةً بِالْوَصِيَّةِ خَدَعَتْنِي بِهَا وَقَتَلَتْنِي.
إِذاً النَّامُوسُ مُقَدَّسٌ وَالْوَصِيَّةُ مُقَدَّسَةٌ وَعَادِلَةٌ وَصَالِحَةٌ.
فَهَلْ صَارَ لِي الصَّالِحُ مَوْتِاً؟ حَاشَا! بَلِ الْخَطِيَّةَ. لِكَيْ
تَظْهَرَ خَطِيَّةَ مُنْشِئَةً لِي بِالصَّالِحِ مَوْتِاً لِكَيْ تَصِيرَ الْخَطِيَّةَ
خَاطِئَةً جِدّاً بِالْوَصِيَّةِ...حَتَّى كَمَا مَلَكَتِ الْخَطِيَّةَ فِي الْمَوْتِ
هَكَذَا تَمْلِكُ النِّعْمَةُ بِالْبِرِّ لِلْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ
رَّبَّنَا« ([19]).
فالْخَطِيَّةَ هِيَ عَدَمِ الإِيمَانِ »اُنْظُرُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ لاَ يَكُونَ فِي أَحَدِكُمْ قَلْبِ
شَّرِّيرٌ بِعَدَمِ إِيمَانٍ فِي الاِرْتِدَادِ عَنِ اللَّهِ الْحَيِّ...فَنَرَى
أَنَّهُمْ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَدْخُلُوا لِعَدَمِ الإِيمَانِ«([20]).
وتركيز الذَاتِ حول شيء مَا أَوْ شخص ما، غير اللَّهِ ذَاتِه »فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ
جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَأَنَّ الشَّجَرَةَ
شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا
أَيْضاً مَعَهَا فَأَكَلَ«([21])، »وَكَمَا لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا اللَّهِ فِي
مَعْرِفَتِهِمْ أَسْلَمَهُمُ اللَّهِ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لاَ
يَلِيقُ...لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ لِلَّهِ إِذْ لَيْسَ هُوَ
خَاضِعاً لِنَامُوسِ اللَّهِ لأَنَّهُ أَيْضاً لاَ يَسْتَطِيعُ«([22]).
الْخَطِيَّةَ([23]): هِيَ أَيْ موقف مِنْ مواقف عَدَمِ المبالاة أَوْ عَدَمِ الإِيمَانِ،
أَوْ العِصْيَانٍ لإرادة اللَّهِ المعلنة فِي الضَمِيرٍ أَوْ فِي النَّامُوسِ أَوْ
فِي الإِنْجِيلِ، سواء ظهر هَذَا الموقف فِي الفكر أَوْ فِي القَوْلُ أَوْ فِي
الفعل أَوْ الاتجاه أَوْ السُّلُوكَ.
[1]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ الإصحَاحُ 3 الآيَةَ 23.
[2]
الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى الإصحَاحُ
3 الآيَةَ 4.
[3]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ
يَعْقُوبَ الرَّسُولِ الإصحَاحُ 4 الآيَةَ 17.
[4]من أسماء الشيطان لوسيفر،
زهرة بنت الصبح.
[5]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ
الْقَدِيمِ فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سِفْرُ التَّكْوِينِ الإصحَاحُ 3 الآيَاتُ
1-13.
[6]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ
فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سِفْرُ التَّكْوِينِ الإصحَاحُ 2 الآيَةَ 17.
[7]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ الإصحَاحُ 1
الآيَاتُ 18و28.
[8]الإِنْجِيلِ، إِنْجِيلُ يُوحَنَّا
الإصحَاحُ 3 الآيَاتُ 17-19
[9]الإِنْجِيلِ، إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا الإصحَاحُ 3 الآيَةَ 16و36.
[10]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ الإصحَاحُ 2 الآيَاتُ 14و15.
[11]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ
فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ،
اَلْمَزْمُورُ 18 الآيَةَ 1.
[12]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ الإصحَاحُ 1 الآيَةَ 20.
[13]الإِنْجِيلِ، الرِسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ الإصحَاحُ 2
الآيَاتُ 11و12.
[14]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ الإصحَاحُ 1 الآيَةَ 17.
[15]الإِنْجِيلِ، سِفْرُ أَعْمَالُ
الرُّسُلِ الإصحَاحُ 7 الآيَةَ 51.
[16]الإِنْجِيلِ، سِفْرُ أَعْمَالُ
الرُّسُلِ الإصحَاحُ 14 الآيَةَ 17.
[17]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ
يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى الإصحَاحُ 3 الآيَةَ 4.
[18]الإِنْجِيلِ، إِنْجِيلِ مَتَّى الإصحَاحُ 5 الآيَاتُ 22و28.
[19]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ الإصحَاحُ7
الآيَاتُ 8-13، والإصحَاحُ 5
الآيَةَ 21.
[20]الإِنْجِيلِ، الرِسَالَةُ إِلَى
الْعِبْرَانِيِّينَ الإصحَاحُ3 الآيَاتُ 12و19.
[21]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ
فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سِفْرُ التَّكْوِينِ الإصحَاحُ 3 الآيَةَ 6.
[22]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ الإصحَاحُ1
الآيَةَ 28، والإصحَاحُ
8 الآيَةَ 7.
[23]دائرة المعارف الْكِتَابُية
الجزء الثالث.
إلى اللقاء
في
الفصل
الثاني
ما هِيَ
مرادفات الْخَطِيَّةَ؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق