• اخر الاخبار

    هل يُعقل أَنْ أجرة الْخَطِيَّةَ مَوْتِ؟ الفصل السادس ما هِيَ أنواع الْخَطِيَّةَ؟ د. القس / سامي منير اسكندر






    1


    هل يُعقل أَنْ



    أجرة الْخَطِيَّةَ مَوْتِ؟



    إعداد


    د. القس / سامي منير اسكندر


    باحث ومحاضر فِي الدين المقارن


    الفصل السادس


    ما هِيَ أنواع الْخَطِيَّةَ؟


    تنلخِّص مشكلة البشَّرِّية فِي كَلِمَةٍ واحدة، فَإِنَّ هَذِهِ الكَلِمَةٍ هِيَ «الْخَطِيَّةَ». لكننا نجد فِي الإِنْجِيلِ فكراً مختلفاً تماماً عَنْ ذَلِكَ. إن كَلِمَةٍ «الْخَطِيَّةَ» بحسب مفهوم الإنجبل كَلِمَةٍ هامة وخطيرة، ويمكننا أن نجد لها مِنْ كَلِمَةٍ اللَّهِ تعريفِين: 


    1) عَدَمِ إصابة الهدف          
               

    2) تجاوز الحد


    التعريف الأَوَّلُ : نفهمه مِنْ قَوْلُ الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ فِي سِفْرُ اَلْقُضَاة20: 16 «هؤُلاَءِ يَرْمُونَ الْحَجَرَ بِالْمِقْلاَعِ عَلَى الشَّعْرَةِ وَلاَ يُخْطِئُونَ». فالْخَطِيَّةَ بحسب هَذِهِ الآيَةَ تعني عَدَمِ إصابة الهدف. يمكن القَوْلُ إن الْخَطِيَّةَ بحسب التعريف الأَوَّلُ سلبية: أن تحاول إصابة الهدف فتخطئه، هَذِهِ خَطِيَّةَ. وعَنْ هَذَا يقَوْلُ الإِنْجِيلِ «إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ(come short)  مَجْدُ اللهِ»([1]).
     

    التعريف الثاني : وهُوَ مكمِّل للأول وهُوَ مَا نستنتجه مِنْ قَوْلُ شاول الملك لصموئيل النبي «أَخْطَأْتُ لأَنِّي تَعَدَّيْتُ قَوْلُ الرَّبَّ وَكَلاَمَكَ»([2])، فأن يتعدى الإِنْسَانٌ أقوال اللَّهِ، متجاوزاً الحد المسموح به مِنْ قبل اللَّهِ، فهَذَا هُوَ الْخَطِيَّةَ.


    وبحسب التعريف الثاني فَإِنَّهَا إيجابية أن تتعدى وتتجاوز الحد المسموح به، سواء بأسلوب عمدي بأردتك أَوْ لا إرادياً، فأنت بذلك أخطأت. وعَنْ هَذَا يقَوْلُ الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ: «وَالْخَطِيَّةُ هِيَ التَّعَدِّي»([3]).


    وحتي فِي الحَيَاةُ العادية واضح أنه يخطئ الهدف بمعنى لم يُصبه، ولا يُشترط أن تكون عَدَمِ إصابة الهدف بمسافة كبيرة أَوْ صغيرة، ونفس الأمر يقال عَنْ تجاوز الحد المسموح به. فَإِنَّ لم تُصب الهدف أَوْ تجاوزت الحد، فأنت بالطبع قَدْ أخطأت، وهَذَا يكفي.


    مما سبق نفهم أن المعنى الْكِتَابِي لكَلِمَةٍ «الْخَطِيَّةَ» يلزمنا أولاً أن نعرف مَا هُوَ الهدف المطلوب منا أن نحققه !؟ وما هِيَ الحدود التي لا يجب أن نتجاوزها؟  ومن أَيْنَ يمكننا مَعْرِفَةَ هَذَا الأمر أَوْ ذاك بدون الإعلان الإلهي؟ ولعل هَذَا هُوَ سبب محاولة الشَّيْطَانُ إبعاد النفوس عَنْ الْكِتَابِ المقدس، فبذلك يكون بوسعه أن يخدعهم كما يحلو له، كقَوْلُ الرَّبَّ له المجد لبعض اليهود فِي أَيَّامِه «أَلَيْسَ لِهَذَا تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللَّهِ؟»([4]).
     

    ترى مَا هُوَ الهدف الَّذِي كَانَ مطلوباً منا أن نصيبه فأخطأناه؟ إنه مجد اللَّهِ. فاللَّهِ خلق الإِنْسَانٌ لمجده «بِكُلِّ مَنْ دُعِيَ بِاسْمِي وَلِمَجْدِي خَلَقْتُهُ وَجَبَلْتُهُ وَصَنَعْتُهُ»([5])، فكَانَ ينبغي لنا إذ عرفنا اللَّهِ أن نمجده «لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللَّهِ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلَهٍ بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ وَأَظْلَمَ قَلْبِهُمُ الْغَبِيُّ»([6])، بل بحسب إعلان اللَّهِ لنا فِي الْعَهْدُ الْجَدِيدِ ينبغي أن يكون مجد اللَّهِ هُوَ المحرك لنا فِي كل أعمالنا، حتى الاعتيادية أَوْ الضرورية «فَإِذَا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ أَوْ تَشَّرَّبَّونَ أَوْ تَفْعَلُونَ شَيْئاً فَافْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ اللَّهِ»([7]) وهَذَا بالطبع لم يحدث، إذ يسجل الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ بصريح العبارة قائلاً: «الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللَّهِ»([8]).
     

    نعم «الجميع أخطأوا». تفكر فِي عمومية الْخَطِيَّةَ عَنْد كل البشَّرِّ. إنه لم ينجُ كل مِنْ لطخته الْخَطِيَّةَ شعب أَوْ جنس أَوْ حضارة، فالفارق الْوَحِيدِ بين قوم وقوم هُوَ فِي مدى القدرة عَلَى المغالطة فِي أظهار حقيقة حالتنا فمن أَيَّامِ آدَمَ وحتى اليوم جاء إِلَى الْعَالَمِ أكثر مِنْ 40 بليون مِنْ البشَّرِّ. 


    كم واحد مِنْ كل هؤلاء لم يخطيء؟ 


    الإجابة القاطعة، مِنْ كتب الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ وكتب التاريخ عَلَى السواء، نعرف أن الجميع أخطأوا فكم مِنْ تصرفات، انحط فيها الإِنْسَانٌ إِلَى مستوى أقل مِنْ الحيوان! «فِي طُرُقِهِمِ اغْتِصَابٌ وَسَحْقٌ. وَطَرِيقُ السَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ. لَيْسَ خَوْفُ اللَّهِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ»([9]).

    لقد قدّر البعض أن مِنْ هؤلاء الأرَّبَّعين بليوناً مِنْ البشَّرِّ الَّذِي ولدوا فِي الْعَالَمِ، مات نحو ثلثهم مقتولين بأيدي بشَّرِّ آخرين! والكثيرون منهم مات بطرق بشعة. فما أكثر الَّذِين رُجموا، أوأُحرقوا أَوْ دُفنوا أحياء، أَوْ سُحلوا، أَوْ مُثِّلوا بجثثهم! ثم مَا أكثر الَّذِين استيقظت ضمائرهم فلم يحتملوا مَا عملوه بإخوتهم، فقتلوا أنفسهم منتحرين!


    والْخَطِيَّةَ ظاهرة فِي تاريخ البشَّرِّية، يقرّ*بها كل إِنْسَانٌ يفحص نفسه أَوْ ينظر إِلَى غيره، لأَنَّ جميع البشَّرِّ، حتى الَّذِين لم يتلقّوا نور إعلانات السماء يشعرون بخطاياهم، ويقرُّون بنقصهم وعجزهم عَنْ القيام بما كلَّفهم اللَّهِ به. 


    ولَيْسَت الْخَطِيَّةَ هِيَ الشَّرِّ الفاضح فقط، بل هِيَ أساساً الانفصال عَنْ اللَّهِ الَّذِي خالقنا والَّذِي هُوَ الهدف الْوَحِيدِ لنا. وهَذَا الانفصال لا يكون بارتكاب الشَّرِّ فحسب، بل هُوَ أَيْضاً عَدَمِ فعل الْخَيْرِ. وقد عُرف بالاختبار أن الإِنْسَانٌ «الطَّبِيعِيَّ» لا يستطيع أن يميّز قوة الْخَطِيَّةَ وشدة فعلها كما يُميّزها الإِنْسَانٌ «الرُّوحِيُّ» الَّذِي أدَّبته شَّرِّيعة اللَّهِ وقادته إِلَى الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، فبالنعمة المعطاة له أستطاع أَنْ يَعْرِفَ حقيقة الْخَطِيَّةَ وأثرها فِي الفساد البشَّرِّى، وتبعاً لذَلِكَ صار يشعر بالحاجة إِلَى معونة النعمة الإلهية. وإِلَى دم الكفّارة لأجل تبريره. 


    ما هِيَ الْخَطِيَّةَ سلباً وإيجاباً؟


    اختلف النَّاسُ فِي أمر الْخَطِيَّةَ وتعريفها لاختلاف أَفْكَارِهم وميولهم. فعَلَى سَبِيلِ المثال لو فكرنا فِي العبارة المألوفة أخطأ الهدف ومعناها (لم يُصِب الهدف أَوْ انحرف عَنْه) وهَذِهِ هِيَ الْخَطِيَّةَ سلباً يتَّضح لنا منها أن الْخَطِيَّةَ لَيْسَت هِيَ فعل الشَّرِّ الشنيع إيجابياً فقط، بل إِنَّهَا الانْحِرَافَ أَيْضاً عَنْ حق اللَّهِ باعتباره القاعدة التي وضعها اللَّهِ لسلوكنا فِي الْعَالَمِ الحاضر. فلما كَانَ حق اللَّهِ ينهى عَنْ الشَّرِّ ويأمر بالْخَيْرِ، فالْخَطِيَّةَ لا تكون بالانْحِرَافَ إِلَى الشَّرِّ فحسب، بل وبالانْحِرَافَ عَنْ الْخَيْرِ أَيْضاً.


    1 – الْخَطِيَّةَ الإيجابية: وتعني الانْحِرَافَ إِلَى الشَّرِّ 


    اللَّهِ روح. ولا نعني أنه روح مثل الأرواح، بل نعني أنه منزَّه عَنْ الجسدانية، ولا يُدرَك بالحواس البشَّرِّية. والروح لا يتعامل إلا مع عنصر روحي يتناسب معه، إذاً فعلاقة اللَّهِ بنا وعلاقتنا به لا تكون عَنْ طريق أجسادنا بل عَنْ طريق أرواحنا. فإذا انحرفت روح إِنْسَانٌ منا عَنْ قداسة اللَّهِ، يكون قَدْ أخطأ إليه حتى إِذَا لم يظهر هَذَا الانْحِرَافَ فِي عمل خارجي. ولا مجال للاعتراض عَلَى ذَلِكَ، لأَنَّ مِنْ يشتهي مال غيره هُوَ فِي الواقع لص، لأَنَّ مَا يمنعه مِنْ السرقة لَيْسَ كراهيته لها، بل خوفه مِنْ عقوبة القانون أَوْ احتقار النَّاسُ له. فإِذَا وثق أن سرقته لن تنكشف، فلن يتردد فِي ارتكابها. لذَلِكَ قال الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ: «لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ»([10])


    ولما كانت الْخَطِيَّةَ هِيَ الانْحِرَافَ الباطني إِلَى الشَّرِّ، كما قال الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ: «فِكْرُ الْحَمَاقَةِ خَطِيَّةَ»([11]). «كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ»([12]). «كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ...وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ»([13]). «كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَاباً يَوْمَ الدِّينِ»([14]). كما نهانا عَنْ الكذب والسُّكر والغضب، والمكر والرياء والحسد، والرَّبَّا والسحر والطمع([15]) حتى نكون قديسين كما أن اللَّهِ قدوس([16])، إذ بدون القداسة (وهِيَ التنزُّه عَنْ النقائص) لن يرى أحد الرَّبَّ([17])


    وقد عرف الإِنْجِيلِ شَّرِّ الخطايا الباطنية، فصرخ المرنم للّه «من الخطايا المستترة أبرئني» ([18]). كما قال له: «اخْتَبِرْنِي يَا اللَّهِ وَاعْرِفْ قَلْبِي. امْتَحِنِّي وَاعْرِفْ أَفْكَارِي. وَانْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ وَاهْدِنِي طَرِيقاً أَبَدِيّاً»([19]) لأَنَّ الإِنْسَانٌ قَدْ يجهل أَفْكَارِ الشَّرِّ التي تجول فِي نفسه أَوْ لا يحسب لها حساباً. وتكون النتيجة النهائية أنه يرى نفسه دون أن يدري، بعيداً عَنْ اللَّهِ أبتعاداً عظيماً. 


    2 – الْخَطِيَّةَ السلبية: وتعني الانْحِرَافَ عَنْ الْخَيْرِ، وتشمل: 


    (أ) التقصير فِي عمل الْخَيْرِ: اللَّهِ قدوس يكره الشَّرِّ، كما أنه أَيْضاً صالح يحب الْخَيْرِ. فكل مِنْ أراد أن يحيا حَيَاةُ التوافق مع اللَّهِ وحَيَاةُ البُعد عَنْ الْخَطِيَّةَ، يجب أن لا يمتنع عَنْ الشَّرِّ فحسب، بل وأن يفعل الْخَيْرِ أَيْضاً. ولا مجال للاعتراض عَلَى ذَلِكَ، لأَنَّ مِنْ يمتنع عَنْ مساعدة المسكين بعيد عَنْ اللَّهِ، فيكون خاطئاً حتى ولو لم يفعل شَّرِّاً، «فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَناً وَلاَ يَعْمَلُ، فَذَلِكَ خَطِيَّةَ لَهُ»([20]). «فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرِ لِلْجَمِيعِ»([21])


    (ب) القيام بأعمال الْخَيْرِ لأغراض شخصية: يعمل بعض النَّاسُ الْخَيْرِ ليحصلوا عَلَى ثواب مِنْ اللَّهِ أَوْ مديح مِنْ النَّاسُ. وهم بهَذَا يسعون وراء منفعتهم الشخصية. وبعض الَّذِين يعظون النَّاسُ ويرشدونهم يفعلون هَذَا ليحصلوا عَلَى المال أَوْ لينشَّرِّوا تعاليمهم الخاصة. وهؤلاء لا يهتمون بجوهر الدين (الَّذِي هُوَ العلاقة الرُّوحِيُّة بين الإِنْسَانٌ وبين اللَّهِ) بل بالمظهر الخارجي للدين فحسب، ليحصلوا عَلَى مركز مرموق فِي الْعَالَمِ الحاضر. إِذَا فأعمال الْخَيْرِ والوعظ التي لا تُعمل بدافع المحـبة وحدها، ولأجـل مجد اللَّهِ وخير النَّاسُ فحسب، تكون أعمالاً تجارية أَوْ مصلحية. فلا يكون فاعلوها قَدْ أتوا خيراً أمام اللَّهِ، وبالتالى لا يكونون أبراراً أمامه. 


    ولذَلِكَ قال الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: «أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ..(لَيْسَ خوفاً منهم، بل مشاركة للّه فِي عطفه عليهم، حتى يتوبوا ويرجعوا إليه طالبين عفوه وغفرانه)..أَقْرِضُوا وَأَنْتُمْ لاَ تَرْجُونَ شَيْئاً، لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ فَإِنَّهُ يُشَّرِّقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشَّرِّارِ وَالصَّالِحِينَ وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ»([22]). وقال: « وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ. لِكَيْ تَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً»([23]). وسيخاطب الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ المتظاهرين بخدمته، الَّذِين سينادونه فِي اليوم الأخير قائلين  يا رَّبَّ يا رَّبَّ، ألَيْسَ باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين؟ بالرد الحازم القاطع إني لم أعرفكم قط. اذهبوا عني يا فاعلي الإثم([24])


    (ج) حصر اهتمام النفس فِي الْعَالَمِ الحاضر: السعي وراء العيش وتحصيل المال اللازم لنا فِي هَذَا الْعَالَمِ أمر واجب طالما نحن نحيا فِي الْعَالَمِ، لكن إِذَا طغى هَذَا السعي عَلَى النفس وصرفها عَنْ الصلة باللَّهِ والتوافق معه، كَانَ ذَلِكَ دليلاً عَلَى انْحِرَافَها عَنْه، وعَدَمِ ثقتها فيه ونقص تقديرها لفضله عليها. فيكون السعي المذكور خَطِيَّةَ أَيْضاً. لذَلِكَ قال الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ إن النَّاسُين اللَّهِ أشَّرِّار مصيرهم الهاوية مثل باقي الخطاة([25]). كما قال إن محبة الْعَالَمِ (أي الانصراف إليه) «عداوة للّه»([26])، لأَنَّ كل «ما فِي الْعَالَمِ شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة»([27]). كما أوصانا: «تحب الرَّبَّ إلهك مِنْ كل قَلْبِك، ومن كل نفسك، ومن كل قدرتك، ومن كل فكرك»([28]). والمحبة للّه، وإن لم تكن عين الطَاعَةَ له، فهِيَ الشوق الْقَلْبِي إليه، والحنين المقدس للوجود معه، لكنها تقودنا طبعاً لطاعته، لا عَنْ خوف ورعب مثل طَاعَةَ العبيد لسيدهم القاسي، بل عَنْ حب وإخلاص مثل طَاعَةَ الأبناء لأبيهم البار. ولا مغالاة فِي هَذِهِ الوصية عَلَى الإطلاق، فاللَّهِ هُوَ خالقنا وصاحب الفضل علينا، ومن الواجب أن يكون له المقام الأَوَّلُ فِي حياتنا. كما أن المحبة له، إن لم تكن مِنْ كل الْقَلْبِ ومن كل النفس ومن كل القدرة ومن كل الفكر، لا تكون محبة كاملة. والمحبة غير الْكَامِلَة لا تليق باللَّهِ. لذَلِكَ قال داود: «وَحِّدْ قَلْبِي لِخَوْفِ اسْمِكَ. أَنْتَ سَيِّدِي. خَيْرِي لاَ شَيْءَ غَيْرُكَ»([29])


    3- مستوانا الرُّوحِيُّ فِي ضوء اللَّهِ: 


    (أ) الخاطي (فِي نظر اللَّهِ) لَيْسَ مِنْ يعمل خطايا كَثِيرَةٌ فحسب، بل هُوَ مِنْ يرتكب ولو خَطِيَّةَ واحدة، بالفعل أَوْ بالقَوْلُ أَوْ بالفكر، فقد قال الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ: «لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ»([30]). ولأجل خَطِيَّةَ واحدة طرح اللَّهِ بعض الْمَلاَئِكَةِ مِنْ السماء([31])، ولأجل خَطِيَّةَ واحدة طُرد آدَمَ وحَوَّاءَ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ ([32])، ولأجل خَطِيَّةَ واحدة حُرم موسى النبي مِنْ دخول أرض كنعان([33])، ولأجل خَطِيَّةَ واحدة أمات اللَّهِ حنانيا وسفيرة فِي الحال([34]). وقد أدرك أتباع سقراط هَذِهِ الْحَقَّيقة فقالوا: الإِنْسَانٌ إما أن يكون فاضلاً إِلَى النهاية أَوْ لا يكون. هُوَ كالخط، إما أن يكون مستقيماً، أَوْ غير مستقيم، ولا وسط بين الاثنين. 


    (ب) تُحسب الْخَطِيَّةَ (فِي نظر اللَّهِ) خَطِيَّةَ، لَيْسَ فقط إِذَا شعر مرتكبها بها أَوْ لم يشعر. قَدْ قال الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ: «وَلاَ تَقُلْ قُدَّامَ الْمَلاَكِ: «إِنَّهُ سَهْوٌ»([35])، لأَنَّ السهو دليل عَلَى عَدَمِ السُّلُوكَ بالكمال، وذَلِكَ خَطِيَّةَ. ونحن نعلم أن مخالفة القانون بسبب الجهل أَوْ السهو لا ينجي المخطئ مِنْ القصاص، فالمفروض فِي كل المواطنين، بل وحتى فِي الغرَّبَّاء الساكنين بينهم، أن يكونوا عارفين بقوانين البلاد وحريصين عَلَى تنفيذها، ولذَلِكَ كانت للمواطنين وللغرَّبَّاء شَّرِّيعة واحدة([36])


    مما تقدم يتضح لنا أن الإِنْسَانٌ مهما بلغ أسمى درجات الأخلاق الكريمة وقام بالواجبات الدينية خير قيام، ثم انحرف مرة عَنْ اللَّهِ بالفعل أَوْ القَوْلُ أَوْ الفكر، يكون خاطئاً. وإِذَا عاش دون أن ينحرف هَذَا الانْحِرَافَ، لكن لم يعمل كل الصلاح الَّذِي يستطيع القيام به بالحالة التي تتوافق مع كمال اللَّهِ، يكون أَيْضاً خاطئاً. وإِذَا عمل كل الصلاح الَّذِي يستطيع القيام به بالحالة المذكورة، لكن أخطأ مرة واحدة سهواً، يكون خاطئاً أَيْضاً. 


    فإِذَا قيَّمنا أنفسنا فِي ضوء هَذِهِ الْحَقَّائق نكتشف أننا نرتكب خطايا لا حصر لها دون أن نحسب لها حساباً، ظناً منا أَنَّهَا صغائر لا يقيم اللَّهِ لها وزناً، لكنها فِي الواقع ذنوب ومعاصٍ فِي نظره. ولذَلِكَ قال الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ عَنْ الإِنْسَانٌ عامة تصوُّر أَفْكَارِ قَلْبِه إنما هُوَ شَّرِّير كل يوم([37])، وإن «الْقَلْبِ (الَّذِي هُوَ موطن الشعور والعواطف فيه) أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ مَنْ يَعْرِفُهُ!»([38])، وإن مِنْ الْقَلْبِ تخرج أَفْكَارِ شَّرِّيرة: «زِنىً فِسْقٌ قَتْلٌ. سِرْقَةٌ طَمَعٌ خُبْثٌ مَكْرٌ عَهَارَةٌ عَيْنٌ شَّرِّيرَةٌ تَجْدِيفٌ كِبْرِيَاءُ جَهْلٌ»([39]) وإن كل الرأس مريض، وكل الْقَلْبِ سقيم. مِنْ أسفل القدم إِلَى الرأس لَيْسَ فيه صحة، بل جرح وأحباط الأحباط هِيَ الجروح التي تنشأ مِنْ السحق، والمراد بها هنا الْخَطِيَّةَ التي تدمّر نفوس البشَّرِّ وتسحقها وضرَّبَّة طريَّة لم تُعصر ولم تُعصب ولم تُليَّن بالزيت([40])، أَيْ أن الْخَطِيَّةَ ضرَّبَّت أطنابها فِي الإِنْسَانٌ حتى أفسدت كيانه كله. 


    ولقد أدرك فولتير شيئاً مِنْ هَذِهِ الْحَقَّيقة، فقال: كلما رسمتُ لنفسي صورة الإِنْسَانٌ خُيّل إليَّ أنه شَّيْطَانُ.


    والْخَطِيَّةَ بوجه عام هِيَ التعـدّي([41]) عَلَى شَّرِّيعة اللَّهِ، فهِيَ جُرْمُ بحق اللَّهِ، مهما كَانَ عذر مرتكبها، وأياً كَانَ حجمها. عَلَى العموم لقد وُجد بالدليل العملي أن الجميع أخطأوا، فلو فرضنا (جدلا) أَنَّهَ لا توجد خَطِيَّةَ أصلية، فقد وُجد عبر التاريخ أن النفس آمارة بالسوء، فكل بني آدَمَ خطّاء، فكل البشَّرِّ فسدوا معاً، «الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعاً. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ»([42]).

      
      


    [1]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ الإصحَاحُ 3 الآيَةَ 23.
    [2]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سِفْرُ صَمُوئِيلَ الأَوَّلُ الإصحَاحُ 15 الآيَةَ 24.
    [3]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى الإصحَاحُ 3 الآيَةَ 4.
    [4]الإِنْجِيلِ، إِنْجِيلِ مَرْقُسَ الإصحَاحُ 12 الآيَةَ 24.
    [5]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سِفْرُ إِشَعْيَاءَ الإصحَاحُ 43 الآيَةَ 7.
    [6]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ الإصحَاحُ 1 الآيَةَ 21.
    [7]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ الإصحَاحُ 10 الآيَةَ 31.
    [8]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ الإصحَاحُ 3 الآيَةَ 23.
    [9]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ الإصحَاحُ 3 الآيَاتُ 16-18.
    [10]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سفر الخروج الإصحَاحُ 20 الآيَةَ 17.
    [11]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سفر الأمثال الإصحَاحُ 24 الآيَةَ 9.
    [12]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى الإصحَاحُ 3 الآيَةَ 15.
    [13]الإِنْجِيلِ، إِنْجِيلِ مَتَّى الإصحَاحُ 5 الآيَاتُ 28و22.
    [14]الإِنْجِيلِ، إِنْجِيلِ مَتَّى الإصحَاحُ 12 الآيَةَ 36.
    [15]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ الإصحَاحُ 4 الآيَاتُ 25-31، والإصحَاحُ 5 الآيَاتُ 4و5 ورِسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الأُولَى 2 الآيَةَ 1، وسِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، اَلْمَزْمُورُ 15 الآيَةَ 5، وسِفْرُ رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ21 الآيَةَ 8.
    [16]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الأُولَى الإصحَاحُ 1 الآيَةَ 15.
    [17]الإِنْجِيلِ، الرِسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ الإصحَاحُ 12 الآيَةَ 14.
    [18]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، اَلْمَزْمُورُ 19 الآيَةَ 12.
    [19]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، اَلْمَزْمُورُ 139 الآيَاتُ 23و24.
    [20]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ يَعْقُوبَ الرَّسُولِ الإصحَاحُ 4 الآيَةَ 17.
    [21]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ الإصحَاحُ 6 الآيَةَ 10.
    [22]الإِنْجِيلِ، إِنْجِيلِ مَتَّى الإصحَاحُ 5 الآيَاتُ 43-45 وإِنْجِيلِ لُوقَا الإصحَاحُ 6 الآيَةَ 35.
    [23]الإِنْجِيلِ، إِنْجِيلِ مَتَّى الإصحَاحُ 6 الآيَاتُ 3و4.
    [24]الإِنْجِيلِ، إِنْجِيلِ مَتَّى الإصحَاحُ 7 الآيَاتُ 22و23.
    [25]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، اَلْمَزْمُورُ9 الآيَةَ 17.
    [26]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ يَعْقُوبَ الرَّسُولِ الإصحَاحُ 4 الآيَةَ 4.
    [27]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى الإصحَاحُ 2 الآيَةَ 16.
    [28]الإِنْجِيلِ، إِنْجِيلِ لُوقَا الإصحَاحُ 10 الآيَةَ 27.
    [29]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، اَلْمَزْمُورُ 86 الآيَةَ 11 واَلْمَزْمُورُ  16 الآيَةَ 2.
    [30]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ يَعْقُوبَ الرَّسُولِ الإصحَاحُ 2 الآيَاتُ 10و11.
    [31]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيَةُ الإصحَاحُ 2 الآيَةَ 4.
    [32]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سِفْرُ التَّكْوِينِ الإصحَاحُ 3 الآيَةَ 24.
    [33]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سفر التثنية الإصحَاحُ 32 الآيَةَ 52.
    [34]الإِنْجِيلِ، سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ الرسل الإصحَاحُ 5 الآيَاتُ 1-11.
    [35]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سِفْرُ اَلْجَامِعَةِ الإصحَاحُ 5 الآيَةَ 6.
    [36]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سفر الخروج الإصحَاحُ 12الآيَةَ 49 وسفر اللاويين الإصحَاحُ 24 الآيَةَ 22
    [37]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سِفْرُ التَّكْوِينِ الإصحَاحُ 6 الآيَةَ 5.
    [38]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سِفْرُ إِرْمِيَا الإصحَاحُ 17 الآيَةَ 9.
    [39]الإِنْجِيلِ، إِنْجِيلِ مَرْقُسَ الإصحَاحُ 7 الآيَاتُ 21و22.
    [40]التَّوْرَاةِ، الْعَهْدُ الْقَدِيمِ فِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسِ، سِفْرُ إِشَعْيَاءَ الإصحَاحُ 1الآيَاتُ 5 و6.
    [41]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى الإصحَاحُ 3 الآيَةَ 4.
    [42]الإِنْجِيلِ، رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ الإصحَاحُ 3 الآيَةَ 12.
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    Item Reviewed: هل يُعقل أَنْ أجرة الْخَطِيَّةَ مَوْتِ؟ الفصل السادس ما هِيَ أنواع الْخَطِيَّةَ؟ د. القس / سامي منير اسكندر Rating: 5 Reviewed By: د. القس سامي منير اسكندر
    Scroll to Top