1
هل
يُعقل أَنْ
أجرة
الْخَطِيَّةَ مَوْتِ؟
إعداد
د. القس / سامي منير اسكندر
باحث ومحاضر فِي
الدين المقارن
الفصل
التاسع
لِمَاذَا أجرة
الْخَطِيَّةَ مَوْتِ؟
قد لا تحتاج إِلَى تعقيم الماء قبل أن تشَّرَّبَّه.
وقد تتهاون مع قـليل مِنْ الغبار فِي الماء لو كنت فِي شديد العطش. لكن مهما عظم
عطشك فَإِنَّك لا تتهاون مع السم! وإِذَا كَانَ عَنْدك كأسين مِنْ الماء بأحدهما
نقطة واحدة مِنْ سم قاتل، وبالآخر عشَّرِّ نقاط مِنْ نفس السم، فَإِنَّك لا تفضل
أحدهما عَلَى الآخر، فبالكأسين سمٌ قاتل.
وهَذَا المثل يوضح لنا لِمَاذَا يقَوْلُ اللَّهِ: «مَنْ عَثَرَ فِي وَاحِـدةٍ، فَـقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي
الْكُـلِّ»([1]).
فالْخَطِيَّةَ لَيْسَت مجرد غبار، بل هِيَ أكثر ضرراً مِنْ السم نفسه! حتى أن الإِنْجِيلِ
عبَّر عَنْها وعَنْ خطورتها وشَّرِّها بالقَوْلُ: «الْخَطِيَّةَ
خَاطِئَةً جِدّاً»([2]).
فالْخَطِيَّةَ مهما صغُرت تفصل الإِنْسَانٌ عَنْ اللَّهِ، لأَنَّهَا لا تتفق مع
قداسته، فهُوَ لا يطيق الإثم، فمع أَنَّهَ يحب للخاطئ إلا أَنَّهَ يكره الْخَطِيَّةَ.
وهَذَا الانفصال عَنْ اللَّهِ هُوَ الْمَوْتِ الرُّوحِيُّ.
هَلْ يتناسب قوة الدواء مع درجة الداء؟
من البديهي أَنَّنَا نحتاج لدواءٍ يناسب الداء،
وكلما تفاقمت حالة الداء احتجنا لدواءٍ أقوى وأنسب، وتكمن خطورة الْخَطِيَّةَ فِي أَنَّهَا
موجَّهة ضد اللَّهِ نفسه. يُخطئ الإِنْسَانٌ فِي حق مِنْ هُوَ أقل منه. وهَذَا
أسهل مِنْ أن يخطئ فِي حق شخص مساوٍ له. كما أن هَذَا أسهل جداً مِنْ ارتكاب الخطأ
فِي حق مِنْ هُوَ أعلى منه. فـالأمر يزداد خطورة عندما يُخطئ العبد فِي حق السيد
أَوْ الرئيس أَوْ الملك. وهَذَا مَا حدث، فالْخَطِيَّةَ هِيَ خطـأ العبد ضد ملك
الملوك، والسيد الأعظم وهُوَ اللَّهِ. ومن هنا تظهر خطورة الْخَطِيَّةَ التي
يرتكبها هَذَا الإِنْسَانٌ العبد فِي حق سيد الكون. ونضرَّبَّ لذَلِكَ مثلاً
للتوضيح: لو أن هناك ملكاً فِي موكبه وحاول أحد العبيد ضرَّبَّه، فَإِنَّهَ يعاقبه عَلَى مجرد المحاولة،
فسواء نجح فِي محاولته أَوْ لم ينجح ففِي الحالتين يُعاقَب عَلَى مجرد المحاولة. فتكمن خطورة الْخَطِيَّةَ
فِي أَنَّهَا موجَّهة ضد اللَّهِ، الَّذِي لا نهاية لعظمته ومجده، فالعقوبة
المستحقة عنها هِيَ عقوبة لا نهاية لها، فلَيْسَ مِنْ الغريب أن يقَوْلُ لآدَمَ،
إنه يوم يأكل مِنْ الشَّجَرَةَ التي نهاه عنها «مَوْتِاً
تَمَوْتِ»، فهِيَ نتيجة حتمية.
هَلْ هناك دواء للخَطِيَّةَ؟
لابـد أن تتناسب قـوة الدواء مع درجة الداء، وحتى لو
كَانَ هناك مرض قاتل فقد يكون له علاج، ولو كَانَ الأمر كذَلِكَ، فَإِنَّ الطبيب
يمكنه أن يصف حالة المريض وخطورة المرض، ولا يخفِي أَيْ جانب فلابد أَنْ يقتنع
المريض بأنه إن لم يُعالج فالأمر خطير. وبعد أَنْ يصّور هَذِهِ الصورة المظلمة، فَإِنَّهَ
يستطيع أَنْ يكشف عَنْ العلاج.
ولكن المشكلة تبدأ إِذَا كَانَ لَيْسَ
هناك أَيْ علاج لهَذَا المرض الخطير، وهنا قَدْ يستخدم الطبيب ألفاظاً مبهمة أَوْ دبلوماسية،
لأَنَّه لا يستطيع أَنْ يقدم علاجاً ناجحاً، وأَنْه لا أمل فِي الشفاء. لذَلِكَ فَإِنَّ
كَلِمَةٍ اللَّهِ تصف حالتنا بوضوح، لا لبس فِيها، فهِيَ تعِّرفنا أَنَّنَا خطاة،
وأَنَّنَا أموات بالذنوب والخطايا، وأَنَّنَا نستحق الْمَوْتِ الأدبي والرُّوحِيُّ
ولَيْسَ الجسدي فقط، فكَلِمَةٍ اللَّهِ تعلن لنا شَّرِّنا بوضوح، لأَنَّهَا تقدر أَنْ
تحل مشكلة خطايانا فِي كفارة الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، فلنا رئيس كهنة قَدْ مات
عنا ويستطيع أَنْ يخلصنا.
كثيرون يخففون مِنْ شأن الْخَطِيَّةَ، وينسبون السبب
للبيئة أَوْ لأي ظرف أخر خارج عَنْ إرادة الإِنْسَانٌ، وكأنه غير مسئول عنها، لكن كَلِمَةٍ
اللَّهِ تعلن بصراحة ووضوح أَنَّنَا خطاة عاجزون عَنْ حل مشكلة الْخَطِيَّةَ، لذا فنحن
نحتاج إِلَى رئيس كهنة يمَوْتِ عَنْا (راجع الرِسَالَةُ إِلَى
الْعِبْرَانِيِّينَ5: 10، وأصحاح 7 كله).
0 التعليقات:
إرسال تعليق