هَلْ يُعْقلُ أَنْ
الْمَسِيحِ هُوَ
الله؟!
إعداد
القس / سامي
اسكندر
باحث ومحاضر
فِي الدين المقارن
الفصل الثالث
مَا هية الله؟
ثالثاً: اللَّه
سَّرْمَدِيِّ
(أزلي
أبدي = ليس زمني)
فالزمني هُوَ مَا يكون لوجوده حد: كالبَدَايَةُ أَوْ النِّهَايَةُ.
وأما السَّرْمَدِيِّ فهُوَ مَا لاَ حد لوجوده البتة. فقد أعلن لنا الإِنْجِيل
ذلك، قائلا: «12أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَإِلَى
الدَّهْرِ جَالِسٌ، وَذِكْرُكَ إِلَى دَوْرٍ
فَدَوْرٍ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور102: 12).
مَا هُوَ الزمان، ومَا
هِيَ علاقته بالأَزَلِيَّةِ والأَبَدِيَّةِ؟
الزمان
هُوَ الدوام الَّذِي نقيسه بتوالي
الحوادث. والحادثة المشهُوَرة المعينة لذلك هِيَ دوران الأَرْضُ اليومي. ويُقسم
الزمان باعتبار نظرنا إليه كماضٍ وحاضر ومستقبل. وهُوَ أمرٌ اعتباري أَوْ نسبي،
أَيُّ عبارة عَنْ النسبة بين الحوادث المتصلة المتوالية باعتبار تواليها. وهُوَ مختص
بالمخلوق دون الخالق، ونسبته إِلَى الأَزَلِيَّةِ
والأَبَدِيَّةِ هِيَ كنسبة شَيْءٍ مَحْدُودَ لشَيْءٍ غَيْرُ مَحْدُودَ. فالزمان
جزء مِنْ المدة غَيْرُ المَحْدُودَةً، مَحْدُودَ ببدايته
وبنهايته، ويتميز عَنْ الأَزَلِيَّةِ
والأَبَدِيَّةِ بتتابع الحوادث فيه، ونَحْنُ نميز مروره مِنْ ذلك التتابع. عَلَى
أَنْ حياة اللَّه لاَ علاقة لَهَا بالزمان، فمِنْ خواص الزمان التوالي واللَّه
منزه عنه. إلا أًنَّهُ يتنازل لتمييز التتابع الزمني فِي مَا يتعلق بحياة
المخلوقات. (للمزيد ارجع كتاب "علم اللاهُوَت
النظامى").
ومعنى
أَنْ اللَّه سَّرْمَدِيِّ:
المقصود بها أَنْ اللَّه دَّائِمُ غَيْرُ مَحْدُودَ بزمان، كَمَا هُوَ غَيْرُ مَحْدُودَ
بمكان. ولا يُقاس دوامه بتوالي الحوادث، لأًنَّهُ سَّرْمَدِيِّ، ليس
له بَدَايَةُ ولا نِّهَايَةُ.
وهُوَ لاَ ينظر للزمان إلا بالنسبة لخلائقه. وهُوَ منزه عَنْ الزمان تنزُّهه عَنْ المكان.
وهُوَ فِي كُلّ زمان كَمَا هُوَ فِي كُلّ مكان، ولا فرق عنده بين الماضي والحـاضر
والمستقبل، فكـل الأزمنة بالنسبة إليه كالحاضر بالنسبة لنا. ولكنه يعلم الزمان
كأمر مختص بالخليقة المَحْدُودَةً الَّتِي لاَ بد فِيهَا مِنْ توالي الحوادث.
الإِنْجِيل يقـول عَنْ سَّرْمَدِيِّة اللَّه: «2مِنْ قَبْلِ أَنْ تُولَدَ الْجِبَالَ أَوْ أَبْدَأْتَ
الأَرْضَ وَالْمَسّكُونَةَ، مُنْذُ الأَزَلِ إِلَى الأَبَدِ أَنْتَ اللهُ…4لأَنَّ أَلْفَ سَنَةٍ فِي
عَيْنَيْكَ مِثْلُ يَوْمِ أَمْسِ بَعْدَ مَا عَبَرَ وَكَهَزِيعٍ مِنَ اللَّيْلِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور90: 2و4). ويقول: «12أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَإِلَى الدَّهْرِ جَالِسٌ،
وَذِكْرُكَ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ…25مِنْ
قِدَمٍ أسست الأَرْضُ، والسماوات هِيَ عمل يديك. 26هِيَ
تبيد وأنت تبقى، وكلها كثوب تبلى. كرداءٍ تغيرهن فتتغير. 27وَأَنْتَ هُوَ، وَسِنُوكَ لَنْ تَنْتَهِي»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور102: 12و25-27).
وقد
سُمي اللَّه فِي التوراة والإِنْجِيل «الإِلَهُ
الأزلي السَّرْمَدِيِّ، الَّذِي له وحده عدم الموت»«16الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ
لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ
أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى تيموثاوس6:
16)، «15لأَنَّهُ
هَكَذَا قَالَ الْعَلِيُّ الْمُرْتَفِعُ سَاكِنُ
الأَبَدِ الْقُدُّوسُ اسْمُهُ: «فِي الْمَوْضِعِ الْمُرْتَفِعِ
الْمُقَدَّسِ أَسْكُنُ وَمَعَ الْمُنْسَحِقِ وَالْمُتَوَاضِعِ الرُّوحِ لأُحْيِيَ
رُوحَ الْمُتَوَاضِعِينَ وَلأُحْيِيَ قَلْبَ الْمُنْسَحِقِينَ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ57: 15)؛ و«6هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ
وَفَادِيهِ رَبُّ الْجُنُودِ: «أَنَا الأَوَّلُ
وَأَنَا الآخِرُ وَلاَ إِلَهَ غَيْرِي»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ44: 6)؛ و«8وَلَكِنْ لاَ يَخْفَ عَلَيْكُمْ هَذَا الشَّيْءُ
الْوَاحِدُ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، أَنَّ يَوْماً
وَاحِداً عِنْدَ الرَّبِّ كَأَلْفِ سَنَةٍ، وَأَلْفَ سَنَةٍ كَيَوْمٍ
وَاحِدٍ»(رِّسَالَةُ
بُطْرُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ3: 8)؛ و«8يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ»(الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ13: 8)؛ و«4يُوحَنَّا، إِلَى السَّبْعِ الْكَنَائِسِ الَّتِي فِي
أَسِيَّا: نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ الْكَائِنِ وَالَّذِي
كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، وَمِنَ السَّبْعَةِ الأَرْوَاحِ الَّتِي أَمَامَ
عَرْشِهِ،»(سِفْرُ
رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ1: 4).
فنرى مِنْ هذه العبارات وأمثالها أَنْ اللَّه بدون بَدَايَةُ
ولا نِّهَايَةُ، كائن الآن وكان منذ الأزل ويكون إِلَى الأبد. والماضي والحاضر والمستقبل
دَائِماً أمامه. ويتفق العقل والإِنْجِيل فِي ذلك، لأَنْ العقل يحكم بوجوب علة
العلل، ومتى وصل إليه التزم بالتسليم أًنَّهُ واجب الوجود، وأَنْ العلة الَّتِي
ليس لَهَا علة ينبغي أَنْ تكون أَزَلِيَّةِ، لأَنْ العلة الأصلية مِنْ الوجه
الواحد ليست معلولة مِنْ علة غيرها، ومِنْ الوجه الآخر غَيْرُ قابلة للملاشاة، لأَنْ
مَا ليس له بَدَايَةُ ليس له نِّهَايَةُ.
أَنْ الماضي
والمستقبل همَا حاضر عند اللَّه
يصعب عَلَى العقل البشري أَنْ يدرك كيف أَنْ
الماضي والحاضر والمستقبل أمام اللَّه كوقت واحد. فإِنْ كان الكلام فِي ذلك مِنْ
جهة الحوادث كان المعنى أَنْ أوائلها وأواخرها وأسبابها ونتائجها حاضرة أمامه
معاً. فكَمَا أَنْ الإِنْسَانِ الَّذِي ينظر مِنْ طائرة يَرَى قافلة كبيرة مِنْ أولها
لآخرها فِي لحظة واحدة، مَعَ أَنْ غيره وهُوَ يسير عَلَى الأَرْضُ لاَ يَرَى إلا
مَا يمر عليه مِنْهَا، ويحسب بَعْضُهَا قد مضى عنه وبَعْضُهَا صار أمامه، وبَعْضُهَا
سوف يمر عليه..هكذا يَرَى اللَّه كُلّ شَيْءٍ مِنْ فوق، فيَرَى سلسلة الحوادث
الزمنية جميعها حاضرة أمامه معاً. ومَا يراه البشر فِي كُلّ أيام حياتهم يراه
اللَّه فِي سمو علمه بلا زمان. فإِذَا سأل سائل: هَلْ تتـوالى أفكار اللَّه؟ أجبنا:
وإِنْ ظهرت لنا نتائج أفكار اللَّه متتابعة تتابعاً زمنياً، إلا أننا لاَ ننسب
إليها ذلك. لَكِنْ يجوز أَنْ نقول إِنْ اللَّه عَالِمٌ بالحوادث مَعَ تواليها بَعْضُهَا
ببعض «4لأَنَّ أَلْفَ سَنَةٍ
فِي عَيْنَيْكَ مِثْلُ يَوْمِ أَمْسِ بَعْدَ
مَا عَبَرَ وَكَهَزِيعٍ مِنَ اللَّيْلِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور90: 4)؛ و
و«8وَلَكِنْ لاَ يَخْفَ
عَلَيْكُمْ هَذَا الشَّيْءُ الْوَاحِدُ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، أَنَّ يَوْماً وَاحِداً عِنْدَ الرَّبِّ كَأَلْفِ سَنَةٍ،
وَأَلْفَ سَنَةٍ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ»(رِّسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ3: 8).
إِنْ البشر، والملائكة، والشياطين، يبقون إِلَى الأبد. لَكِنْ دوام الله
إِلَى الأبد هُوَ خاصية ذاتية فيه تعالى، إذ هُوَ قائم بذاته. أما أبدية
البشر، والملائكة، والشياطين، فهي منه تعالى، وبإرادته، لأَنْ الَّذِي أوجد
الخلائق يقدر أَنْ يلاشيهم.
إلى اللقاء في مَا هية
الله؟
رابعاً: الله غَيْرُ متغيُّر فِي وجوده
للمزيد
حلقات هل يعقل؟
ما معني السرمدي؟
شاهد
الله السرمدي
ل د. القس سامي منير اسكندر
ت: 01112385575 - 01012003985
Email: Pastor_samy@yahoo.com
http://youtu.be/is-iJ8NAycw
0 التعليقات:
إرسال تعليق