الفصل الثالث
من
هَلْ يُعْقلُ أَنْ
الْمَسِيحِ هُوَ
الله؟!
إعداد
د. القس / سامي منير اسكندر
باحث ومحاضر فِي الدين المقارن
الفصل الثالث
مَا هية الله؟
خامساً: الله
غَيْرُ متغيُّر فِي حكمته:
يقول نَامُوسِ
مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ: «5عَظِيمُ هُوَ رَبُّنَا، وَعَظِيمُ الْقُوَّةِ.
لِفَهْمِهِ لاَ إِحْصَاءَ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ،
مَزْمُور147: 5). فحكمة الله تتضمِنْ عَلْمه بكُلّ الأَشْيَاءِ وتدبيره لَهَا كافةً. وأما عَلْم
الله بكُلّ شَيْءٍ هُوَ مَعْرِفَةِ الباري تعالى نفسه وكل مَا عداه، مَعْرِفَةِ كَامِلة
منذ الأزل، وإِلَى الأَبَدِ، لأَنْ كُلّ شَيْءٍ حاضر أمامه. كَمَا قال الرسول
يُوحَنَّا: «فَاللهُ أَعْظَم مِنْ قُلُوبِنَا، وَيَعْلَمُ كُلّ
شَيْءٍ»(رِّسَالَةُ يُوحَنَّا
الرَّسُولِ الأُولَى 3: 20). فاللَّه عَالِمٌ بكُلّ شَيْءٍ.
1) العَلْم وعلاقته بعقل الإِنْسَانِ
العَلْم
هُوَ حصول العقل عَلَى الحقائق. ويستلزم العَلْم وجود العقل الَّذِي يدرك والحقيقة
الَّتِي يدركها. وعَلْم الإِنْسَانِ إما ضروري أَوْ اكتسابي. فحواسنا تعَلْمنا
بِمَا يعرض عليها مِنْ الأجسام الخارجة عنها، ويعرف عقلنا الحقائق العقلية
ويميزها، وتعَلْمنا طبيعتنا الأخلاقية أَنْ نميز الحلال مِنْ الحرام، ويقدِّرنا
الذوق العقلي عَلَى تمييز الجميل مِنْ القبيح. ويجيئنا أكثر عَلْمنا مِنْ الخارج
بالتعليم والاختبار والمقارنة وغيرهما.
2)عَلْم اللَّه وعَلْم الإِنْسَانِ:
يمتاز
عَلْم الله عَنْ عَلْم الإِنْسَانِ مِنْ وجوه كثيرة، نذكر مِنْهَا خمسة:
1) عَلْمه ذاتي،
لاَ مُكتسب ولا يكون عَنْ طريق البحث والاستنتاج والاستقراء.
2) عَلْمه مستقل لاَ يتوقف عَلَى المخلوقات ولا عَلَى أعمالها، لأَنْ اللَّه يعَلْم منذ
الأزل كُلّ مَا سيحدث.
3) عَلْمه
يشمل كُلّ الأمور فِي وقت واحد، فهُوَ لم يعَلْم كُلّ الحوادث والأَشْيَاءِ
عَلَى التتابع، بل كانت جميعها فِي ذهنه منذ الأزل، سواء كانت نسبة بَعْضُهَا
إِلَى بعض نسبة التتابع أَوْ نسبة العلة إِلَى المعلول.
4) عَلْمه كلي يحيط بصفات الأَشْيَاءِ
وجوهرها، فلا يقتصر عَلَى الأَشْيَاءِ الخارجية مِنْ الصفات والظواهر كعَلْم
الإِنْسَانِ.
5) عَلْمه غَيْرُ مَحْدُودَ وغير مقيد، فهُوَ يعَلْم الماضي والحاضر والمستقبل، ويَرَى
كُلّ شَيْءٍ معاً، خلافاً للإِنْسَانِ الَّذِي يعرف الحاضر مَعْرِفَةِ غَيْرُ كَامِلة،
ويعرف الماضي مَعْرِفَةِ أقل، ولا يعرف المستقبل مطلقاً.
3) عَلْم اللَّه ينقسم إِلَى ثلاثة أقسام:
1)
عَلْم اللَّه ذاته أًنَّهُ السَّرْمَدِيِّ،
وذو الصفات الْكَامِلُة غَيْرُ المَحْدُودَةً.
2) عَلْمه الشامل بكُلّ مَا يمكن أَنْ يحدث، سواء حدث أَمْ لم يحدث أَمْ لن
يحدث، فعَلْمه ليس مَحْدُودَاً بِمَا صار أَوْ سيصير فعلاً، بل يشمل كُلّ مَا يمكن
أَنْ يصير.
3) عَلْمه السابق منذ الأزل
بكُلّ مَا يحدث بالفعل.
عَلْم اللَّه الشامل:
ويعبَّر عَنْ هَذَا القسم بالعَلْم
العقلي المحض، أَيُّ أًنَّهُ قائم فِي العقل الإلهي قياماً مطلقاً، ناشئاً عَنْ
مَعْرِفَةِ اللَّه الْكَامِلُ بقوته غَيْرُ المَحْدُودَةً.
عَلْم اللَّه السابق:
ويعبَّر عَنْ هَذَا القسم بالعَلْم
البصري، أَيُّ أًنَّهُ يقوم بأَنْ اللَّه يبصر كُلّ مَا حدث أَوْ سيحدث بالفعل
بتدبيره أَوْ بسماح منه. وأصل هَذَا عَلْم اللَّه الْكَامِلُ بجميع مقاصده. وسمي
أيضاً «بديهياً» تمييزاً له عَنْ المكتسب، و«دفعياً» تمييزاً له
عَنْ التدريجي، و«واضحاً» تمييزاً له عَنْ المبهم، و«حقيقياً»
أَيُّ وفق الواقع تمييزاً له عَنْ الوهم والظن، و«أزلياً» تمييزاً له عَنْ
الحادث، و«أبدياً» تمييزاً له عَنْ المتناهي.
4)
عَلْم اللَّه السابق بأعمال الناس الاختيارية
نعم. ويؤكد لنا الإِنْجِيل أَنْ اللَّه يعَلْمها قبل حدوثها. فإِنْ مَعْرِفَةِ الأمور المستقبلة فِي أعمال الناس الاختيارية تستلزم أَنْ اللَّه يعَلْمها، لأًنَّهُ لو لم يعَلْم مَا يفعله ذوو الاختيار لكان عَلْمه مَحْدُودَاً، يزيد عَلْماً عَلَى الدوام. وهَذَا باطل! ولكانت سياسته للعَالِمٌ غَيْرُ ثابتة لأَنَّهَا تتوقف عَلَى أفعال الناس الَّتِي لاَ يعَلْمها هُوَ. وهَذَا محال أيضاً! فاللَّه يعَلْم مقدَّماً أفعال خلائقه الاختيارية.
نعم. ويؤكد لنا الإِنْجِيل أَنْ اللَّه يعَلْمها قبل حدوثها. فإِنْ مَعْرِفَةِ الأمور المستقبلة فِي أعمال الناس الاختيارية تستلزم أَنْ اللَّه يعَلْمها، لأًنَّهُ لو لم يعَلْم مَا يفعله ذوو الاختيار لكان عَلْمه مَحْدُودَاً، يزيد عَلْماً عَلَى الدوام. وهَذَا باطل! ولكانت سياسته للعَالِمٌ غَيْرُ ثابتة لأَنَّهَا تتوقف عَلَى أفعال الناس الَّتِي لاَ يعَلْمها هُوَ. وهَذَا محال أيضاً! فاللَّه يعَلْم مقدَّماً أفعال خلائقه الاختيارية.
وقد
أنكر البعض عَلْم اللَّه السابق، بحجة أَنْ عَلْم اللَّه السابق يناقض اختيار
الإِنْسَانِ الأخلاقي. وَلَكِنْ مبدأهم هَذَا خاطئ لإمكان حدوث أمر سبق القضاء
به، مَعَ بقاء فاعله مخيَّراً، بدليل قداسة أفعال الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
وهُوَ فاعل مخيّر، وقداسة القديسين فِي السماء مَعَ أنهم فعلةٌ مخيَّرون «2أَنْتَ عَرَفْتَ جُلُوسِي
وَقِيَامِي. فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور139: 2)؛
و«21قَدِّمُوا دَعْوَاكُمْ يَقُولُ الرَّبُّ. أَحْضِرُوا حُجَجَكُمْ يَقُولُ مَلِكُ يَعْقُوبَ. 22لِيُقَدِّمُوهَا وَيُخْبِرُونَا بِمَا سَيَعْرِضُ. مَا هِيَ الأَوَّلِيَّاتُ؟ أَخْبِرُوا فَنَجْعَلَ عَلَيْهَا قُلُوبَنَا وَنَعْرِفَ آخِرَتَهَا أَوْ أَعْلِمُونَا الْمُسْتَقْبِلاَتِ. 23أَخْبِرُوا بِالآتِيَاتِ فِيمَا بَعْدُ فَنَعْرِفَ أَنَّكُمْ آلِهَةٌ وَافْعَلُوا خَيْراً أَوْ شَرّاً فَنَلْتَفِتَ وَنَنْظُرَ مَعاً»(سِفْرُ إِشَعْيَاء41: 21-23)؛
و«28الْقَائِلُ عَنْ كُورَشَ: رَاعِيَّ فَكُلَّ مَسَرَّتِي يُتَمِّمُ. وَيَقُولُ عَنْ أُورُشَلِيمَ: سَتُبْنَى وَلِلْهَيْكَلِ: سَتُؤَسَّسُ»(سِفْرُ إِشَعْيَاء44: 28)؛
و«21وَيْلٌ لَكِ يَا كُورَزِينُ! وَيْلٌ لَكِ يَا بَيْتَ صَيْدَا! لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي صُورَ وَصَيْدَاءَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكُمَا، لَتَابَتَا قَدِيماً فِي الْمُسُوحِ وَالرَّمَادِ»(إِنْجِيلُ مَتَّى11: 21)؛
و«32فَيَسُوعُ هَذَا أَقَامَهُ اللهُ وَنَحْنُ جَمِيعاً شُهُودٌ لِذَلِكَ»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ2: 32).
و«21قَدِّمُوا دَعْوَاكُمْ يَقُولُ الرَّبُّ. أَحْضِرُوا حُجَجَكُمْ يَقُولُ مَلِكُ يَعْقُوبَ. 22لِيُقَدِّمُوهَا وَيُخْبِرُونَا بِمَا سَيَعْرِضُ. مَا هِيَ الأَوَّلِيَّاتُ؟ أَخْبِرُوا فَنَجْعَلَ عَلَيْهَا قُلُوبَنَا وَنَعْرِفَ آخِرَتَهَا أَوْ أَعْلِمُونَا الْمُسْتَقْبِلاَتِ. 23أَخْبِرُوا بِالآتِيَاتِ فِيمَا بَعْدُ فَنَعْرِفَ أَنَّكُمْ آلِهَةٌ وَافْعَلُوا خَيْراً أَوْ شَرّاً فَنَلْتَفِتَ وَنَنْظُرَ مَعاً»(سِفْرُ إِشَعْيَاء41: 21-23)؛
و«28الْقَائِلُ عَنْ كُورَشَ: رَاعِيَّ فَكُلَّ مَسَرَّتِي يُتَمِّمُ. وَيَقُولُ عَنْ أُورُشَلِيمَ: سَتُبْنَى وَلِلْهَيْكَلِ: سَتُؤَسَّسُ»(سِفْرُ إِشَعْيَاء44: 28)؛
و«21وَيْلٌ لَكِ يَا كُورَزِينُ! وَيْلٌ لَكِ يَا بَيْتَ صَيْدَا! لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي صُورَ وَصَيْدَاءَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكُمَا، لَتَابَتَا قَدِيماً فِي الْمُسُوحِ وَالرَّمَادِ»(إِنْجِيلُ مَتَّى11: 21)؛
و«32فَيَسُوعُ هَذَا أَقَامَهُ اللهُ وَنَحْنُ جَمِيعاً شُهُودٌ لِذَلِكَ»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ2: 32).
5)
عَلْم اللَّه السابق واختيار البشر والذي نراه فِي
هذه المسألة هُوَ:
1)
لَمَّا كان عَلْم اللَّه السابق لكل مَا يحدث مؤكداً،
وكذلك حرية اختيار الإِنْسَانِ الْكَامِلُة، وجب أَنْ نسلم بهما، حَتَّى لو عجزنا
عَنْ التوفيق بينهما.
2)
التأكيد السابق فِي عَلْم اللَّه مِنْ جهة أفعال الفاعل الحر لاَ ينزع ضرورة
حريته، مَا لم يكن مضطراً أَنْ يفعل عَلَى خلاف إرادته، وذلك للفرق بين الاضطرار
والاختيار.
3)
عَلْم اللَّه السابق لأعمال الناس الاختيارية مِنْ خواص اللاهُوَت،
وهُوَ إما نتيجة مَعْرِفَةِ كُلّ الأسباب أَوْ المحركات الَّتِي تنشئها مَعَ
اختيار العامل، وإما أًنَّهُ عَلْم بديهي فِي اللَّه يفوق اختيار البشر. والخلاصة
أًنَّهُ مهما كان التوضيح صعباً، فلا بد مِنْ سبق مَعْرِفَةِ اللَّه لأعمال البشر
المخيرين، فليس عند اللَّه أمر مُبهم أَوْ خفي وغير محقق لسبب مِنْ الأسباب. وعَلْمه
لاَ يزيد ولا ينقص ولا يتقدم بعضه عَلَى بعض. وبهَذَا يميز سابق العَلْم، فعَلْمه
واحدٌ أبداً، لأَنْ كُلّ الأَشْيَاءِ معلومة لديه معاً تمأَمْ العَلْم منذ الأزل
وإِلَى الأَبَدِ.
6) حكمة اللَّه وعَلْمه للحكمة علاقة
قوية بالعَلْم، وهي تظهر باختيار
الأهداف الصالحة، وإعداد الوسائل المناسبة لبلوغ تِلْك الأهداف. فالعَلْم هُوَ
إدراك حقائق الأمور وعلاقاتها المتنوعة. والحكمة هِيَ استخدأَمْ العَلْم أحسن
استخدام لأغراض حسنة. وفي كُلّ أعمال اللَّه تظهر علامات الأغراض الحسنة، فهي
براهين حكمته الَّتِي تُظهر صلاح الوسائط الَّتِي يستخدمها لإتمام الخير الأعظم
لخليقته وإعلان مجده. وحكمة اللَّه سَّرْمَدِيِّة غَيْرُ مَحْدُودَةً. وفي تاريخ
العَالِمٌ وأعمال الخليقة (خاصة عمل الفداء والعناية)، بـراهين كثيرة واضحة عليها.
ويبرهن الإِنْجِيل حكمة اللَّه بتسميته:
«17وَمَلِكُ الدُّهُورِ الَّذِي لاَ يَفْنَى وَلاَ يُرَى، الإِلَهُ الْحَكِيمُ وَحْدَهُ، لَهُ
الْكَرَامَةُ وَالْمَجْدُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. آمِينَ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى تيموثاوس1: 17).
و«25اَلإِلَهُ الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ مُخَلِّصُنَا، لَهُ الْمَجْدُ وَالْعَظَمَةُ
وَالْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ، الآنَ وَإِلَى كُلِّ الدُّهُورِ. آمِينَ»(رِّسَالَةُ يَهُوذَا الرَّسُولِ آية 25).
ويقول
المرنم: «24مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ! كُلَّهَا
بِحِكْمَةٍ صَنَعْتَ. مَلآنَةٌ الأَرْضُ مِنْ غِنَاكَ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور104: 24).
إِنْ الله يعرف ذاته مَعْرِفَةِ كَامِلة، وخلاف ذلك
يستحيل عَلَى ذي الكمال الغير مَحْدُودَ، ليس ذلك فقط، بل معرفته الْكَامِلُة لكل الأَشْيَاءِ
المتعلقة بخليقته، حَتَّى ذات الأمور الَّتِي نعتبرها صغيرة وعرضية، هَذَا يظهر
مِنْ عدة نصوص إلهية فِي الإِنْجِيل، مِنْهَا:
سبق إخباره برفعة
يوسف «5وَحَلُمَ يُوسُفُ حُلْماً وَأَخْبَرَ إِخْوَتَهُ فَازْدَادُوا أَيْضاً
بُغْضاً لَهُ. 6فَقَالَ لَهُمُ:
«اسْمَعُوا هَذَا الْحُلْمَ الَّذِي حَلُمْتُ. 7فَهَا
نَحْنُ حَازِمُونَ حُزَماً فِي الْحَقْلِ وَإِذَا حُزْمَتِي قَامَتْ وَانْتَصَبَتْ فَاحْتَاطَتْ حُزَمُكُمْ وَسَجَدَتْ
لِحُزْمَتِي». 8فَقَالَ لَهُ
إِخْوَتُهُ: «أَلَعَلَّكَ تَمْلِكُ عَلَيْنَا مُلْكاً أَمْ تَتَسَلَّطُ عَلَيْنَا
تَسَلُّطاً؟» وَازْدَادُوا أَيْضاً بُغْضاً لَهُ مِنْ أَجْلِ أَحْلاَمِهِ وَمِنْ
أَجْلِ كَلاَمِهِ. 9ثُمَّ حَلُمَ
أَيْضاً حُلْماً آخَرَ وَقَصَّهُ عَلَى إِخْوَتِهِ. فَقَالَ: «إِنِّي قَدْ
حَلُمْتُ حُلْماً أَيْضاً وَإِذَا الشَّمْسُ
وَالْقَمَرُ وَأَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً سَاجِدَةٌ لِي».10وَقَصَّهُ عَلَى أَبِيهِ وَعَلَى إِخْوَتِهِ
فَانْتَهَرَهُ أَبُوهُ وَقَالَ لَهُ: «مَا هَذَا الْحُلْمُ الَّذِي حَلُمْتَ! هَلْ نَأْتِي أَنَا وَأُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ لِنَسْجُدَ لَكَ
إِلَى الأَرْضِ؟» 11فَحَسَدَهُ
إِخْوَتُهُ وَأَمَّا أَبُوهُ فَحَفِظَ الأَمْرَ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ37:
5-11)، مَعَ «5فَأَتَى بَنُو إِسْرَائِيلَ لِيَشْتَرُوا بَيْنَ الَّذِينَ أَتُوا لأَنَّ
الْجُوعَ كَانَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ. 6وَكَانَ
يُوسُفُ هُوَ الْمُسَلَّطَ عَلَى الأَرْضِ
وَهُوَ الْبَائِعَ لِكُلِّ شَعْبِ الأَرْضِ. فَأَتَى إِخْوَةُ يُوسُفَ وَسَجَدُوا لَهُ بِوُجُوهِهِمْ إِلَى الأَرْضِ. 7وَلَمَّا نَظَرَ يُوسُفُ إِخْوَتَهُ عَرَفَهُمْ
فَتَنَكَّرَ لَهُمْ وَتَكَلَّمَ مَعَهُمْ بِجَفَاءٍ وَقَالَ لَهُمْ: «مِنْ أَيْنَ
جِئْتُمْ؟» فَقَالُوا: «مِنْ أَرْضِ كَنْعَانَ لِنَشْتَرِيَ طَعَاماً». 8وَعَرَفَ يُوسُفُ إِخْوَتَهُ وَأَمَّا هُمْ
فَلَمْ يَعْرِفُوهُ. 9فَتَذَكَّرَ يُوسُفُ الأَحْلاَمَ الَّتِي حَلُمَ عَنْهُمْ وَقَالَ
لَهُمْ: «جَوَاسِيسُ أَنْتُمْ! لِتَرُوا عَوْرَةَ الأَرْضِ جِئْتُمْ!»(سِفْرُ التَّكْوِينِ42:
5-9)،
وذل بني إسرائيـل «12وَلَمَّا صَارَتِ الشَّمْسُ إِلَى الْمَغِيبِ وَقَعَ
عَلَى أَبْرَامَ سُبَاتٌ وَإِذَا رُعْبَةٌ مُظْلِمَةٌ عَظِيمَةٌ وَاقِعَةٌ
عَلَيْهِ. 13فَقَالَ لأَبْرَامَ:
«اعْلَمْ يَقِيناً أَنَّ نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيباً فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ وَيُسْتَعْبَدُونَ لَهُمْ فَيُذِلُّونَهُمْ أَرْبَعَ مِئَةِ
سَنَةٍ. 14ثُمَّ الأُمَّةُ الَّتِي يُسْتَعْبَدُونَ لَهَا أَنَا أَدِينُهَا.
وَبَعْدَ ذَلِكَ يَخْرُجُونَ بِأَمْلاَكٍ جَزِيلَةٍ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ15:
12-14)،
ومـوت أخآب «19وَقَالَ: «فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ
رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ
لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ
الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟
فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ
خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ
الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ:
أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ:
إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا. 23وَالآنَ هُوَذَا قَدْ جَعَلَ الرَّبُّ رُوحَ
كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِكَ هَؤُلاَءِ، وَالرَّبُّ تَكَلَّمَ
عَلَيْكَ بِشَرٍّ»(سِفْرُ اَلْمُلُوكِ الأَوَّلُ22: 19-23)،
وأمر قيصر باكتتاب كُلّ المسكونة وقت ولادة الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ فِي بيت لحم «1وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ
قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ»(إِنْجِيلُ لُوقَا2:
1).
7) نتعَلْم مِنْ حكمة
الله لابد أَنْ يكون عَلْم الله تفصيلياً يتناول كلاًّ مِنْ أفراد الخليقة، مَعَ كُلّ مَا
يتعلق به مِنْ حيث مكانه وزمانه، صغيراً كان أَمْ كبيراً، هَذَا العَلْم لاَ يتغير
فِي كُلّ الدهُوَر، لأَنْ مَعْرِفَةِ الله أَزَلِيَّةِ غَيْرُ متغيَّرة،
والإِنْجِيل يقول: «13وَلَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ
كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذَلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا»(الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ4: 13).
إِنْ علامات حكمة الله ظاهرة فِي الخليقة، الَّتِي مِنْهَا:
1- بديع نظامها، وجمال
رونقها.
2- موافقة بَعْضُهَا
البعض فِي الكليات والجزيئات.
3- كونها تؤول لمجد
الخالق، وخير المخلوق.
فنَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ يقول: «1اَلسَّمَاوَاتَ
تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَل يَدَيْهِ. 2يَوْمٌ إِلَى يَوْمٍ يُذِيعُ
كَلاَماً، وَلَيْلٌ إِلَى لَيْلٍ يُبْدَي عَلْماً. 3لاَ قَوْلَ وَلاَ كَلاَمَ. لاَ
يُسْمَعُ صَوْتُهُمْ. 4فِي
كُلّ الأَرْضُ خَرَجَ مَنْطِقُهُمْ، وَإِلَى أَقْصَى الْمَسْكُونَةِ
كَلِمَاتُهُمْ. جَعَلَ لِلشَّمْسِ مَسْكَناً فِيهَا. 5وَهِيَ مِثْلُ الْعَرُوسِ
الْخَارجِ مِنْ حَجَلَتِهِ، يَبْتَهجُ مِثْلَ الْجَبَّارِ لِلسَّبَاقِ فِي
الطَّرِيقِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور19:
1-5).
4- كَمَا تظـهر حكمته ومحبته فِي عمل الفداء،
لذا يقول الإِنْجِيل فِي عمل الفداء: «33يَا
لَعُمْقِ غِنَى اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنْ
الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنْ الاسْتِقْصَاءِ!»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ11: 33).
وكيفية إيجاد الطريق الَّتِي بها يبرر الفاجر،
وفي نفس الوقت نفسه يبقى هُوَ باراً. كَمَا توضح لنا كَلِمَةُ الله قائلة: «21حَتَّى كَمَا مَلَكَتِ الْخَطِيَّةُ فِي
الْمَوْتِ، هكَذَا تَمْلِكُ النِّعْمَةُ بِالْبِرِّ، لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ،
بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا»(رِّسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ5: 21). وهذه الحكمة الغير متغيرة
تؤكد لنا أَنْ كُلّ الأَشْيَاءِ تعمل معاً لخير للمؤمنين «28وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ
مَعاً لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ
قَصْدِهِ»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ8: 28). إِنَّهُ
لاَ يستطيع إبليس ولا جنوده إجراء شَيْءٍ يعسر عَلَى الله إبطاله بحكمته الغير مَحْدُودَةً.
إلى اللقاء في مَا هية
الله؟
سادساً: الله غَيْرُ متغيُّر فِي قدرته
0 التعليقات:
إرسال تعليق