الفصل الثالث
من
هَلْ يُعْقلُ أَنْ
الْمَسِيحِ هُوَ
الله؟!
إعداد
د.القس / سامي منير اسكندر
باحث ومحاضر فِي الدين المقارن
الفصل الثالث
مَا هية الله؟
ثامناً: الله غَيْرُ متغيُّر
فِي عدله
يقول نَامُوسِ
مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ:
«32هُوَ الصَّخْرُ الْكَامِلُ صَنِيعُهُ. إِنَّ جُمِيعَ سُبُلِهِ عَدْلُ. إِلهُ أَمَانَةٍ لاَ جَوْرَ فِيهِ. صِدِّيقٌ وَعَادِلٌ هُوَ»(سِفْرُ اَلَتَّثْنِيَة32: 4).
و«5اَلرَّبُّ عَادِلٌ فِي وَسَطِهَا لاَ يَفْعَلُ ظُلْماً»(سِفْرُ صَفَنْيَا3: 5).
«32هُوَ الصَّخْرُ الْكَامِلُ صَنِيعُهُ. إِنَّ جُمِيعَ سُبُلِهِ عَدْلُ. إِلهُ أَمَانَةٍ لاَ جَوْرَ فِيهِ. صِدِّيقٌ وَعَادِلٌ هُوَ»(سِفْرُ اَلَتَّثْنِيَة32: 4).
و«5اَلرَّبُّ عَادِلٌ فِي وَسَطِهَا لاَ يَفْعَلُ ظُلْماً»(سِفْرُ صَفَنْيَا3: 5).
1)
معنى العدل فِي الإِنْجِيل
جاء «العدل»
فِي الإِنْجِيل بمعنى عام للدلالة عَلَى الكمال الأخلاقي، مرادفاً لكَلِمَةِ «بر». وجاء أيضاً بمعنى خاص للدلالة عَلَى الاستقامة
الَّتِي تنفي الجور والظلم. والله عادل بالمعنيين، فبالمعنى الأول، يختلف العدل
عَنْ القداسة. وبالثاني يُنسب العدل إِلَى الله ليصف تصرفه مَعَ خلائقه العاقلة،
فهُوَ حاكم عادل، وشرائعه مقدسة عادلة صالحة يجريها بدون محاباة ولا تردد. وهُوَ
الديان الَّذِي يجازي كُلّ واحد حسب أعماله، لاَ يدين البريء، ولا يبرِّر المذنب،
ولا يعاقب بأشد مِمَّا يَجِبُ. وقسم بعضهم عدل الله إِلَى قسمين:
1) العدل المطلق وهُوَ كمال اللَّه
الأخلاقي غَيْرُ المَحْدُودَ، ويرادف كَلِمَةُ «بر».
2) العدل النسبي، وهُوَ عدل اللَّه فِي
معاملته الأخلاقية لخلائقه باعتباره ملكهم وحاكمهم.
وقسمه آخرون إِلَى قسمين آخرين:
1) العدل الظاهر فِي سلطانه وإجراء حكمه فِي الكون باعتباره الملك.
2) عدله
الظاهر فِي دينونته للخطاة ومجازاته للأبرار باعتباره الديان. فبالأول يسن الشرائع
ويتسلط عَلَى كُلّ أعمال الملائكة والبشر، وبالثاني يكافئ أَوْ يعاقب كُلّ واحدٍ
حسب استحقاقه.
2) آيات نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ والإِنْجِيل
الَّتِي تحدث عَنْ عدل اللَّه جاء فِيها أًنَّهُ ملك عادل وديان، ومنه القول:
«25حَاشَا
لَكَ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ هَذَا الأَمْرِ أَنْ تُمِيتَ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ
فَيَكُونُ الْبَارُّ كَالأَثِيمِ. حَاشَا لَكَ! أَدَيَّانُ
كُلّ الأَرْضُ لاَ يَصْنَعُ عَدْلاً؟»(سِفْرُ التَّكْوِينِ18:
25).
«11اَللَّهُ
قَاضٍ عَادِلٌ»(سِفْرُ
اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور7: 11).
«13يَدِينَ
الأَرْضَ. يَدِينُ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ
وَالشُّعُوبَ بِأَمَانَتِهِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ،
مَزْمُور96: 13).
«2الْعَدْلُ وَالْحَقُّ قَاعِدَةُ كُرْسِيِّهِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور97: 2)،
وأيضاً «15فَمِي يُحَدِّثُ بِعَدْلِكَ الْيَوْمَ كُلَّهُ بِخَلاَصِكَ لأَنِّي لاَ أَعْرِفُ
لَهَا أَعْدَاداً»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور71: 15)،
و«9خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور19: 9)،
و«17الرَّبُّ بَارٌّ فِي كُلِّ طُرُقِهِ وَرَحِيمٌ فِي كُلِّ أَعْمَالِهِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور145: 17)،
و«144عَادِلَةٌ شَهَادَاتُكَ إِلَى
الدَّهْرِ. فَهِّمْنِي فَأَحْيَا»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور119: 144)،
و«15أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ أَنْتَ بَارٌّ لأَنَّنَا بَقِينَا نَاجِينَ كَهَذَا
الْيَوْمِ. هَا نَحْنُ أَمَامَكَ فِي آثَامِنَا لأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَقِفَ
أَمَامَكَ مِنْ أَجْلِ هَذَا»(سِفْرُ عَزْرَا9: 15)،
و«7وَسَمِعْتُ آخَرَ مِنَ الْمَذْبَحِ قَائِلاً: «نَعَمْ
أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ! حَقٌّ وَعَادِلَةٌ هِيَ أَحْكَامُكَ»(سِفْرُ رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ16: 7).
ويثبت الإِنْجِيل عَلَى الدوام أَنْ
الله عادل، مَعَ أننا نرى فِي الحياة الحاضرة عدم المساواة فِي معاملته للبشر،
فأحياناً ينجح الشرير ويتألم البار. غَيْرُ أَنْ الله يؤكد لنا أًنَّهُ يرسي قواعد
عدله فِي كُلّ معاملاته لخلائقه، ويبين للكون أًنَّهُ بار فِي كُلّ طرقه، وقدوس
فِي كُلّ أعماله.
3) الأدلة عَلَى عدل اللَّه العقابي
1) نصـوص نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ عَلَى
أَنْ اللَّه ديان عادل لاَ يتردد فِي حكمه:
«25حَاشَا لَكَ أَنْ
تَفْعَلَ مِثْلَ هَذَا الأَمْرِ أَنْ تُمِيتَ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ فَيَكُونُ
الْبَارُّ كَالأَثِيمِ. حَاشَا لَكَ! أَدَيَّانُ كُلّ الأَرْضُ
لاَ يَصْنَعُ عَدْلاً؟»(سِفْرُ
التَّكْوِينِ18:
25)،
و«7حَافِظُ الْإِحْسَانِ إِلَى أُلُوفٍ. غَافِرُ الْإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ
وَالْخَطِيَّةِ. وَلَكِنَّهُ لَنْ يُبْرِئَ إِبْرَاءً. مُفْتَقِدٌ إِثْمَ
الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ وَفِي أَبْنَاءِ الأَبْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ
وَالرَّابِعِ»(سِفْرُ اَلْخُرُوجُ34: 7)،
و«5لاَ يَقِفُ الْمُفْتَخِرُونَ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ. أَبْغَضْتَ كُلَّ
فَاعِلِي الإِثْمِ»(سِفْرُ
اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور5: 5)،
و«6وَتُخْبِرُ السَّمَاوَاتُ بِعَدْلِهِ لأَنَّ اللهَ هُوَ الدَّيَّانُ.
سِلاَهْ»(سِفْرُ
اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور50: 6)،
و«2ارْتَفِعْ يَا دَيَّانَ الأَرْضِ. جَازِ صَنِيعَ الْمُسْتَكْبِرِينَ»(سِفْرُ
اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور94: 2)،
و«13أَمَامَ الرَّبِّ لأَنَّهُ جَاءَ. جَاءَ لِيَدِينَ الأَرْضَ. يَدِينُ
الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ وَالشُّعُوبَ بِأَمَانَتِهِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ،
مَزْمُور96:
13)،
و«4اُنْصُتُوا إِلَيَّ يَا شَعْبِي وَيَا أُمَّتِي اصْغِي إِلَيَّ. لأَنَّ
شَرِيعَةً مِنْ عِنْدِي تَخْرُجُ وَحَقِّي أُثَبِّتُهُ نُوراً لِلشُّعُوبِ. 5قَرِيبٌ بِرِّي. قَدْ بَرَزَ خَلاَصِي وَذِرَاعَايَ يَقْضِيَانِ
لِلشُّعُوبِ. إِيَّايَ تَرْجُو الْجَزَائِرُ وَتَنْتَظِرُ ذِرَاعِي»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ51: 4و5).
2) نصوص نَامُوسِ
مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ عَلَى بغض اللَّه للخطية «24لأَنَّ الرَّبَّ
إِلهَكَ هُوَ نَارٌ آكِلَةٌ، إِلهٌ غَيُورٌ»(سِفْرُ اَلَتَّثْنِيَة4: 24)،
و«4لأَنَّكَ أَنْتَ لَسْتَ إِلَهاً يُسَرُّ بِالشَّرِّ لاَ يُسَاكِنُكَ
الشِّرِّيرُ...6تُهْلِكُ الْمُتَكَلِّمِينَ بِالْكَذِبِ. رَجُلُ
الدِّمَاءِ وَالْغِشِّ يَكْرَهُهُ الرَّبُّ» (سِفْرُ
اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور5: 4و6)،
و«11اَللهُ قَاضٍ عَادِلٌ وَإِلَهٌ يَسْخَطُ فِي كُلِّ يَوْمٍ»(سِفْرُ
اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور7: 11)،
و«7أَحْبَبْتَ الْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ الإِثْمَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَسَحَكَ اللهُ إِلَهُكَ بِدُهْنِ الاِبْتِهَاجِ
أَكْثَرَ مِنْ رُفَقَائِكَ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور45: 7)،
و«20كَرَاهَةُ الْرَّبِّ مُلْتَوُو الْقَلْبِ، وَرِضَاهُ
مَسْتَقِيمُو الطَّرِيقِ»(سِفْرُ الأَمْثَالُ11: 20)،
«4فَأَرْسَلْتَ
إِلَيْكُمْ كُلّ عَبِيدِي الأَنْبِيَاءِ مُبَكِّراً، وَمُرْسِلاً قَائِلاً: لاَ
تَفْعَلُوا أَمْرَ هَذَا الرِّجْسِ الَّذِي أَبْغَضْتُهُ»(سِفْرُ إِرْمِيَا44: 4)،
و«8لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ مُحِبُّ الْعَدْلِ مُبْغِضُ الْمُخْتَلِسِ
بِالظُّلْمِ. وَأَجْعَلُ أُجْرَتَهُمْ أَمِينَةً وَأَقْطَعُ لَهُمْ عَهْداً
أَبَدِيّاً»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ61: 8).
3) شَّهَادَةِ الشريعة الأخلاقية الَّتِي تعبر عَنْ حكم اللَّه فِي
الخطية، ومطالبه المبنية عَلَى صفات طبيعية.
فنتعَلْم مِنْ تِلْك الشريعة لزوم العقاب
«5لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ لأَنِّي أَنَا
الرَّبَّ إِلَهَكَ إِلَهٌ غَيُورٌ أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ
فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ...7لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلاً لأَنَّ الرَّبَّ لاَ
يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً... 20فَقَالَ مُوسَى لِلشَّعْبِ: «لاَ تَخَافُوا. لأَنَّ
اللهَ إِنَّمَا جَاءَ لِيَمْتَحِنَكُمْ وَلِتَكُونَ مَخَافَتُهُ أَمَامَ
وُجُوهِكُمْ حَتَّى لاَ تُخْطِئُوا»(سِفْرُ اَلْخُرُوجُ20: 5و7و20)،
و«18لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى
جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ
بِآلإِثْمِ...32الَّذِينَ إِذْ عَرَفُوا حُكْمَ اللهِ أَنَّ الَّذِينَ
يَعْمَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ يَسْتَوْجِبُونَ الْمَوْتَ لاَ يَفْعَلُونَهَا فَقَطْ
بَلْ أَيْضاً يُسَرُّونَ بِالَّذِينَ يَعْمَلُونَ!»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ1:
18و32)،
و«2وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ دَيْنُونَةَ اللهِ هِيَ حَسَبُ
الْحَقِّ عَلَى الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ
12لأَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْطَأَ بِدُونِ النَّامُوسِ
فَبِدُونِ النَّامُوسِ يَهْلِكُ وَكُلُّ مَنْ أَخْطَأَ فِي النَّامُوسِ
فَبِالنَّامُوسِ يُدَانُ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ2:
2و12)،
و«19وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا يَقُولُهُ
النَّامُوسُ فَهُوَ يُكَلِّمُ بِهِ الَّذِينَ فِي النَّامُوسِ لِكَيْ يَسْتَدَّ
كُلُّ فَمٍ وَيَصِيرَ كُلُّ الْعَالَمِ تَحْتَ قِصَاصٍ مِنَ اللهِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ3:
19)،
و«12مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ
دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا
اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ5:
12)،
و«10لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ
النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ
يَثْبُتُ فِي جَمِيعِ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ3:
10)،
وأَنْ الطبيعة الإلهية تنظر إِلَى
الخطية بغضب شديد، وأَنْ اللَّه لاَ يمكن أَنْ يتغاضى عَنْ قصاص الخـاطئ. وتؤيد
ذلك الشريعة الطقسية الَّتِي طالبت بالذبائح الدموية الَّتِي نرى مِنْهَا أَنْ
الغفران للخاطئ يتوقف عَلَى عقاب خطيته فِي ذبـح الحيوان الَّذِي حمل عقاب الخطايا
عنه «22وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيباً يَتَطَهَّرُ حَسَبَ
النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!
»(الرِّسَالَةُ
إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ9: 22).
ونتعَلْم أيضاً أًنَّهُ لاَ
بد مِنْ تنفيذ شريعة اللَّه
«17لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ
الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ
لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ
السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ
أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ»(إِنْجِيلُ مَتَّى5: 17و18)،
و«44وَقَالَ لَهُمْ: «هَذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي
كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ: أَنَّهُ لاَ
بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ»(إِنْجِيلُ لُوقَا24: 44)،
و«23فَإِنْ كَانَ الإِنْسَانُ يَقْبَلُ
الْخِتَانَ فِي السَّبْتِ، لِئَلَّا يُنْقَضَ نَامُوسُ مُوسَى،
أَفَتَسْخَطُونَ عَلَيَّ لأَنِّي شَفَيْتُ إِنْسَاناً كُلَّهُ فِي السَّبْتِ؟»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا7: 23)،
و«35إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لأُولَئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللَّهِ، وَلاَ
يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ،»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا10: 35)،
و«4لأَنَّ غَايَةَ النَّامُوسِ هِيَ: الْمَسِيحُ لِلْبِرِّ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ10: 4).
4) شَّهَادَةِ موت الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ كفارة عَنْ
الخطية
«5وَهُوَ مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا مَجْرُوحٌ
لأَجْلِ مَعَاصِينَا. تَأْدِيبُ
سَلاَمِنَا عَلَيْهِ وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. 6كُلُّنَا
كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ وَضَعَ
عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. 7ظُلِمَ
أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ
وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. 8مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ.
وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ أَنَّهُ
ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ 9وَجُعِلَ
مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ
يَعْمَلْ ظُلْماً وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ. 10أَمَّا
الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحُزْنِ. إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ
إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ.
11مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى
وَيَشْبَعُ وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ وَآثَامُهُمْ
هُوَ يَحْمِلُهَا»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ53: 5-11)،
و«24مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ
الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ 25الَّذِي
قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ
الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ. 26لإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ
لِيَكُونَ بَارّاً وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الإِيمَانِ بِيَسُوعَ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ3:
24-26)،
و«13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ،
إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ
عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ». 14لِتَصِيرَ
بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ
مَوْعِدَ الرُّوحِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ3:
13و14)،
و«18فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً
مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا
إِلَى اللهِ، مُمَاتاً فِي الْجَسَدِ وَلَكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ،»(رِّسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الأُولَى 3: 18).
فهي توفي العدل الإلهي حقه بذبيحة الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ. فالكفارة ضرورية إكراماً للعدل الإلهي، لاَ لمجرد تأثيرها فِي
الإِنْسَانِ كقوله: «ليكون باراً ويبرر مِنْ هُوَ مِنْ الإِيمَانِ بيسوع».
5) شَّهَادَةِ العقل والضمير البشري عند شعوره بالخطية، لأًنَّهُ
يحكم سريعاً بأَنَّهَا تستحق العقاب. وقد تشتد إحساسات الأسف والندم فِي
الإِنْسَانِ حَتَّى تلقيه فِي اليأس، فبعض المجرمين لاَ يقدرون أَنْ يحتملوا
الشعور بالذنب فيعترفون ويقدمون أنفسهم للعقاب الَّذِي يفرضه القانون. ونعرف مِنْ
الاختبار أَنْ اعتقادنا بكفارة الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لأجلنا والاتكال عليه
يمنحان الضمير سلاماً. ومِنْ أحكام العقل البشري أَنْ كُلّ أثيم يستحق العقاب.
ومِمَّا يشهد لحكم طبيعة الإِنْسَانِ
بوجوب العدل العقابي الذبائح الدموية الجارية فِي كُلّ القرون بين جميع الشعوب،
والوسائل المتنوعة للتكفير عَنْ الخطية مِنْ أعمال النُّسك والتقشف. ونجد فِي كُلّ
اللغات البشرية كلمات تدل عَلَى استحقاق الخطية للعقاب.
ويشهـد العقل البشري أيضاً أَنْ العقاب
الَّذِي يكون بدون استحقاق (تهمة أَوْ خطأ) هُوَ مِنْ باب الظلم ولو قُصد به الخير
العام، لأَنْ قتل الإِنْسَانِ لأجل الخير العام هُوَ خطية خطيرة لاَ يُجيزه إلا
استحقاق المذنب لَمَّا قام به مِنْ ذنوب وأخطاء.
العدل هُوَ إحدى صفات الله الدالة عَلَى
أًنَّهُ بار فِي ذاته. الآيات السابقة تدل عَلَى أَنْ الله يعامل خلائقه بالعدل،
لذلك يسأل الرب شعبه عَلَى لسان النبي حِزْقِيَال قائلاً: «29وَبَيْتُ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ: لَيْسَتْ
طَرِيقُ الرَّبِّ مُسْتَوِيَةً؟ أَطُرُقِي غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ يَا بَيْتَ
إِسْرَائِيلَ؟ أَلَيْسَتْ طُرُقُكُمْ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ؟»(سِفْرُ حِزْقِيَال18: 29).
هَلْ يعاقب اللَّه المذنب وفقاً للعدل
لأَنْ العدل يطلب ذلك ولأَنْ الخطية تستحق العقاب، أَوْ هَلْ يعاقب لغرضٍ آخر؟
وبِمَا أَنْ كُلّ إِنْسَانِ يعرف أًنَّهُ أثيم، وبِمَا أَنْ الشعور بالذنب عام ودَّائِمُ،
تكون العلاقة بين عدل الله باعتباره دياناً وقصاص الخاطئ موضوعاً يهمنا. مِنْ
عدالة الله أًنَّهُ يعاقب الخاطئ بِمَا يستحق جرم خطاياه، هناك ثلاثة براهين عَلَى
ذلك:
البرهان الأول: عدم جواز تأثر الله بعمل مَا، مِمَّا هُوَ خارج عَنْ ذاته تعالي، مِنْ
حيث أَنْ علة أعماله وغايتها صدر مِنْ ذاته، فهُوَ ينتقم مِنْ الخاطئ بمقتضى
كمالاته فقط، بخلاف مَا لو عاقب الخاطئ لأجل مجرد ضبط نظام الخلائق وتدبيرها.
لأَنْ النتيجة تكون أَنْ أعمال الخلائق توجب أعمال الله.
البرهان الثاني: مِنْ شَّهَادَةِ ضمير الإِنْسَانِ الَّتِي تطالب
بجرم الخاطئ، واستحقاقه للقصاص، بغض النظر عَنْ خيره وخير الآخرين.
البرهان الثالث: إِنْ الإِنْجِيل يعَلْمنا أَنْ الله يكره الخطية لذاتها، يُحِبُّ
القداسة لذاتها، وليس لأجل مجرد خير الخلائق، أَوْ لأجل نتائج الخطية والقداسة،
لذلك يقول النبي حَبَقُّوق: «13عَيْنَاكَ أَطْهَرٌ مِنْ أَنْ تَنْظُرَا الشَّرَّ،
وَلاَ تَسْتَطِيعُ النَّظَرَ إِلَى الْجَوْرِ»(سِفْرُ حَبَقُّوق1:
13).
ويقول نَامُوسِ
مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ: «4لأَنَّكَ
أَنْتَ لَسْتَ إِلهاً يُسَرَّ بِالشَّرِّ. لاَ يُسَاكِنُكَ الشَّرِّيرُ. 5لاَ يَقِفُ الْمُفْتَخِرُونَ قُدَّامَ
عَيْنَيْكَ. أَبْغَضْتَ كُلّ فَاعِليِ الإِثْمِ»(سِفْرُ
اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور5: 4و5). وموسى النبي يـعـلن عَنْ طبيعة الله تجاه
الخطية قائلاً: «24لأَنَّ الرَّبَّ
إِلهَكَ هُوَ نَارٌ آكِلَةٌ، إِلهٌ غَيُورٌ»(سِفْرُ
اَلَتَّثْنِيَة4: 24).
إِنْ موت الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ الكفَّارى يوضح لنا كيف تكون عدالة الله لذاتها، لأَنْ الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ حمل خطايانا، «5وَهُوَ
مَجْرَوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأَدِيبُ
سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا» (سِفْرُ إِشَعْيَاءَ53:
5).
وصار لنا ذبيحة
خطية بدل عنا، فتألم البار لأجل الأثمة، «13الْمَسِيحَ
افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ
مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلّ مِنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ3: 13)،
و«18فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ مَرَّةً
وَاحِدةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ
يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتاً فِي الْجَسَدِ وَلَكِنْ مُحْيىَ فِي الرُّوحِ»(رِّسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الأُولَى3: 18).
لكي يكون الله
باراً فِي تبريره للخطاة، كَمَا يقول الإِنْجِيل:
«24مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً
بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، 25الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً
بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنْ
الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ3: 24و25).
بـركات
العدل العقابي للمؤمِنْ الفرح والطمأنينة، لأًنَّهُ يبرهن أَنْ العدل استوفى حقه
بذبيحة الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، فلا شَيْءٍ مِنْ الدينونة يقع عليه بعد،
فيتأكد خلاصه مِنْ الخطية لأَنْ العدل لاَ يطلب العقاب بعد الكفارة، والله لاَ
يتقاضى أجرة الخطية مرتين. ويصير الغفران والخلاص مِنْ باب العدل بناء عَلَى كفارة
الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الْكَامِلُة، وبناءً عَلَى المواعيد الإلهية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق