الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فِي سِفْرُ التَّكْوِينِ
رابعاً: الذبيحة
الأولي تشير للرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
إعداد
د. القس / سامي مِنْير اسكندر
إن كان آدَمُ وحَوَّاءَ قد سقطا تحت التأديب، فإنهما
أبوانا الأولان، نجد في آدَمُ أبًا لكل البشرية، وفي حَوَّاءَ أمًا للجميع...لكن
خلال هذه الوالدية تسربت إلينا الخطية وسقطنا معهما تحت ذات التأديب حتى جاء آدَمُ
الثاني يهب الحياة الحقة للمؤمنين وصارت امرأته - حَوَّاءَ الجديدة - الأم الصادقة
لكل حيّ. نقول الكنيسة هي أم المؤمنين، والرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ هو أب لهم، «15الَّذِي مِنْهُ تُسَمَّى كُلُّ عَشِيرَةٍ
فِي السَّمَاوَاتِ وَعَلَى الأَرْضِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ3: 15). وكما توجد حَوَّاءَ واحدة هي أم كل الأحياء،
هكذا توجد كنيسة واحدة هي والدة كل تلاميذ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
والآن إذ سقط الأبوان الأولان تحت التأديب الإلهي
أعلن الله محبته لهم قبل طردهما من الجنة، إذ صنع لهما أقمصة من جلد وألبسهما، عوض
أوراق التين التي صنعاهما لأنفسهما مآزر. هذه الأقمصة ربما تعلن عن كشف الله
للإنسان الأول عن أهمية الذبيحة كرمز لذبيحة الخلاص...وكأن إعلان الله لآدم وحواء هدفه
ادراك الذبيحة الدموية. هذا والأقمصة الجلدية التي لا تجف ترمز إلى الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ الذبيح الذي نلبسه كساتر لخطايانا ونازع لفضيحة طبيعتنا
القديمة. إذ يقول:
ألبسهما الله أقمصة من الجلد لا من الحرير.
قول
نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ: «21وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ
لِآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا»(سِفْرُ التَّكْوِينِ3: 21).
نعلم جيدًا أن الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ يقصد كل كلمة قيلت فيه. فنَامُوسِ
مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ يقول: «21وَصَنَعَ الرَّبُّ»،
ولم يقل «خلق الرَّبُّ»
ما كان أسهل على الله الذي خلق هذا الكون كله أن يخلق جلد. ولكن كلمة «صَنَعَ»
تعني أن الجلد كان موجودًا والله صنع هذه الأقمصة منه.
والجلد في الطبيعة لا يوجد
إلا على أجساد الحيوانات، فكلمة صنع الرب أقمصة من جلد تفسيرها الوحيد أن الرب ذبح
ذبيحة وأخذ جلد الذبيحة ليغطي به عري آدم. وقد رأى آدم الله وهو يفعل هذا. وكان
هذا أول إشارة للفداء وأول ذبيحة، وبدأ الإِنْسَانُ يدرك أن هناك نفس تموت عوض عنه
هو وعن حواء حتى تستر عريهما.
أن
الله ذبح هذه الذبيحة فقط لأخذ جلد الذبيحة وليس لأكل لحمها. فالله لم يصرح
للإنسان بأكل اللحم إلا بعد الطوفان وكان ذلك بسبب زيغان الإِنْسَانُ. فمن المعروف
طبيًا أن الطعام النباتي هو الوضع المثالي والأفضل لصحة الإِنْسَانُ.
والدليل
على أن آدم تعلم تقديم الذبائح من الرب الإله نفسه، أن هابيل عندما أراد أن يقدم
ذبيحة لله، قدم ذبيحة من أبكار غنمه ومن سمانها. «4وَقَدَّمَ
هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا»(سِفْرُ التَّكْوِينِ4: 4). أي أن آدم علم أولاده ما
تعلمه من الله. لقد سار هابيل في طريق الرب بينما سار قايين بفكره البشري.
فهذه
أول حالة عري في الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ
وكيف أن الرب سترها بذبيحة لكي تصير رمز للرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
وعرف
آدَمُ حينئذٍ أن طريقة التقدم إلى الله
لابد أن يكون فِيها ذبيحة دموية. وعرف كذلك أن هذه الذبيحة هي مجرد
رمز وإشارة إلى المخلص الحقيقي الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. ونتيجة هذه الذبيحة يصير
للإِنْسَانُ فداء وستر على خطيته كمثلما ستر الله عريهما بالجلد.
وهَذَا
تحقق لنا بالحقيقة فِي شخص الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ الَّذِي تجسد ومات لأجل فدائنا «7الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ
غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ،»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ1:
7)،
«12وَلَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُولٍ، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً
إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيّاً»(الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ9: 12).
هَذَا
الفداء الَّذِي تبررنا به أمام الله..«24مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ
الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ3:
24).
وإلى اللقاء فِي
خامساً: شَجَرَةَ
الْحَيَاةِ
0 التعليقات:
إرسال تعليق