حياة شَاوُلُ الأرهابي
الرَّسُولِ بُولُسَ
الأرهابي الذي آمن بالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
إعداد
د. القس
سامي منبر اسكندر
الجزء
الثالث
ü التأثير
الديني اليهودي:
كثيراً ما يقولون إن الرَّسُولِ بُولُسَ كان يحس في
فترة شبابه بضغوط الشرائع النَّامُوسية، ويتوق إلى شيء من المحبة والروحانية.
يقولون ذلك تأسيساً على تفسيرهم: «7فَمَاذَا
نَقُولُ؟ هَلِ النَّامُوسُ خَطِيَّةٌ؟ حَاشَا! بَلْ لَمْ أَعْرِفِ الْخَطِيَّةَ (أني خاطي) إِلاَّ بِالنَّامُوسِ. فَإِنَّنِي لَمْ
أَعْرِفِ الشَّهْوَةَ لَوْ لَمْ يَقُلِ النَّامُوسُ «لاَ تَشْتَهِ». 8وَلَكِنَّ الْخَطِيَّةَ وَهِيَ مُتَّخِذَةٌ (فأَورَثَتْني، لتُثيرَ) فُرْصَةً
بِالْوَصِيَّةِ أَنْشَأَتْ فِيَّ كُلَّ شَهْوَةٍ. لأَنْ بِدُونِ النَّامُوسِ
الْخَطِيَّةُ مَيِّتَةٌ. 9أَمَّا أَنَا
فَكُنْتُ بِدُونِ النَّامُوسِ عَائِشاً قَبْلاً. وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَتِ
الْوَصِيَّةُ عَاشَتِ الْخَطِيَّةُ فَمُتُّ أَنَا. 10فَوُجِدَتِ
الْوَصِيَّةُ الَّتِي لِلْحَيَاةِ (للاتصال بالله)
هِيَ نَفْسُهَا لِي لِلْمَوْتِ (للانفصال عن الله).
11لأَنَّ الْخَطِيَّةَ وَهِيَ
مُتَّخِذَةٌ فُرْصَةً بِالْوَصِيَّةِ خَدَعَتْنِي (فأَغوَتْني)
بِهَا وَقَتَلَتْنِي. 12إِذاً
النَّامُوسُ مُقَدَّسٌ وَالْوَصِيَّةُ مُقَدَّسَةٌ (للحياة)
وَعَادِلَةٌ وَصَالِحَةٌ (للخير). 13فَهَلْ صَارَ لِي الصَّالِحُ مَوْتاً؟ حَاشَا!
بَلِ الْخَطِيَّةُ. لِكَيْ تَظْهَرَ خَطِيَّةً مُنْشِئَةً لِي بِالصَّالِحِ
مَوْتاً لِكَيْ تَصِيرَ الْخَطِيَّةُ خَاطِئَةً جِدّاً بِالْوَصِيَّةِ.
14فَإِنَّنَا
نَعْلَمُ أَنَّ النَّامُوسَ رُوحِيٌّ وَأَمَّا أَنَا فَجَسَدِيٌّ مَبِيعٌ
تَحْتَ الْخَطِيَّةِ (بِيعَ عَبْداً لِلْخَطِيئَةِ). 15لأَنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ مَا أَنَا أَفْعَلُهُ
إِذْ لَسْتُ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ بَلْ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. 16فَإِنْ كُنْتُ أَفْعَلُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ
فَإِنِّي أُصَادِقُ (أَتَّفِقُ، شاهدٌ( النَّامُوسَ
أَنَّهُ حَسَنٌ. 17فَالآنَ لَسْتُ
بَعْدُ أَفْعَلُ ذَلِكَ أَنَا بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ.
18فَإِنِّي
أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ أَيْ فِي جَسَدِي شَيْءٌ صَالِحٌ. لأَنَّ
الإِرَادَةَ حَاضِرَةٌ عِنْدِي وَأَمَّا أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى فَلَسْتُ
أَجِدُ. 19لأَنِّي لَسْتُ أَفْعَلُ
الصَّالِحَ الَّذِي أُرِيدُهُ بَلِ الشَّرَّ الَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ
أَفْعَلُ (أُمَارِسُ). 20فَإِنْ كُنْتُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ إِيَّاهُ
أَفْعَلُ فَلَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُهُ أَنَا بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ.
21إِذاً أَجِدُ النَّامُوسَ لِي
حِينَمَا أُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى أَنَّ الشَّرَّ حَاضِرٌ عِنْدِي. 22فَإِنِّي أُسَرُّ بِنَامُوسِ اللهِ بِحَسَبِ
الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ. 23وَلَكِنِّي
أَرَى نَامُوساً آخَرَ فِي أَعْضَائِي (كِيَانِي) يُحَارِبُ
نَامُوسَ ذِهْنِي (عَقْلي) وَيَسْبِينِي
إِلَى نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ الْكَائِنِ فِي أَعْضَائِي. 24وَيْحِي (الويل لي) أَنَا
الإِنْسَانُ الشَّقِيُّ (أَشْقاني، أتعسني)! مَنْ
يُنْقِذُنِي مِنْ جَسَدِ هَذَا الْمَوْتِ؟ 25أَشْكُرُ
اللهَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا! إِذاً أَنَا نَفْسِي بِذِهْنِي (بِالعَقْلِ) أَخْدِمُ
نَامُوسَ اللهِ وَلَكِنْ بِالْجَسَدِ نَامُوسَ الْخَطِيَّةِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ7:
7-25)،
على أنه ترجمة ذاتيه لبُولُسَ وأنه كان يصف شبابه حين إدرك مطالب النَّامُوس
القاسية، مما جعله في صراع عنيف - لا جدوى منه - مع ضمير لا يهدأ ويظنون أن هذه
الضغوط كانت وراء اضطهاده للمسيحيين، إذ كان يحاول أن يصرف هذه الضغوط في عمل
خارجي يسكت به شكوكه.
ولكن علينا أن نلاحظ أن حوار عن علاقة نَامُوسِ
مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ بالإِنْجِيل في رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ
إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ «7ثُمَّ إِنْ كَانَتْ خِدْمَةُ الْمَوْتِ، الْمَنْقُوشَةُ
بِأَحْرُفٍ فِي حِجَارَةٍ، قَدْ حَصَلَتْ فِي مَجْدٍ، حَتَّى لَمْ يَقْدِرْ بَنُو
إِسْرَائِيلَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى وَجْهِ مُوسَى لِسَبَبِ مَجْدِ وَجْهِهِ
الزَّائِلِ، 8فَكَيْفَ لاَ تَكُونُ
بِالأَوْلَى خِدْمَةُ الرُّوحِ فِي مَجْدٍ؟ 9لأَنَّهُ
إِنْ كَانَتْ خِدْمَةُ الدَّيْنُونَةِ مَجْداً، فَبِالأَوْلَى كَثِيراً تَزِيدُ
خِدْمَةُ الْبِرِّ فِي مَجْدٍ. 10فَإِنَّ
الْمُمَجَّدَ أَيْضاً لَمْ يُمَجَّدْ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لِسَبَبِ الْمَجْدِ
الْفَائِقِ. 11لأَنَّهُ إِنْ كَانَ
الزَّائِلُ فِي مَجْدٍ، فَبِالأَوْلَى كَثِيراً يَكُونُ الدَّائِمُ فِي مَجْدٍ. 12فَإِذْ لَنَا رَجَاءٌ مِثْلُ هَذَا نَسْتَعْمِلُ
مُجَاهَرَةً كَثِيرَةً. 13وَلَيْسَ
كَمَا كَانَ مُوسَى يَضَعُ بُرْقُعاً عَلَى وَجْهِهِ لِكَيْ لاَ يَنْظُرَ بَنُو
إِسْرَائِيلَ إِلَى نِهَايَةِ الزَّائِلِ. 14بَلْ
أُغْلِظَتْ أَذْهَانُهُمْ، لأَنَّهُ حَتَّى الْيَوْمِ ذَلِكَ الْبُرْقُعُ نَفْسُهُ
عِنْدَ قِرَاءَةِ الْعَهْدِ الْعَتِيقِ بَاقٍ غَيْرُ مُنْكَشِفٍ، الَّذِي يُبْطَلُ
فِي الْمَسِيحِ. 15لَكِنْ حَتَّى
الْيَوْمِ، حِينَ يُقْرَأُ مُوسَى، الْبُرْقُعُ مَوْضُوعٌ عَلَى قَلْبِهِمْ. 16وَلَكِنْ عِنْدَمَا يَرْجِعُ إِلَى الرَّبِّ
يُرْفَعُ الْبُرْقُعُ. 17وَأَمَّا
الرَّبُّ فَهُوَ الرُّوحُ، وَحَيْثُ رُوحُ الرَّبِّ هُنَاكَ حُرِّيَّةٌ. 18وَنَحْنُ جَمِيعاً نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ
بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا فِي مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ
عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ3: 7-18)،
ليس فيه مفارقة بين النَّامُوسية الصارمة وبين التعليم الجديد، بل بالحرى هى
مقارنة بين ما كان له مَجْدَ قبلاً، وما له المَجْدَ الفائق الآن «10فَإِنَّ الْمُمَجَّدَ أَيْضاً لَمْ يُمَجَّدْ
مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لِسَبَبِ الْمَجْدِ الْفَائِقِ. 11لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الزَّائِلُ فِي مَجْدٍ،
فَبِالأَوْلَى كَثِيراً يَكُونُ الدَّائِمُ فِي مَجْدٍ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ
كُورِنْثُوسَ3: 10و11).
ومع أنه يقول عن نَامُوسِ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ إنه كان خِدْمَةُ
الْمَوْتِ «7ثُمَّ إِنْ كَانَتْ خِدْمَةُ الْمَوْتِ، الْمَنْقُوشَةُ بِأَحْرُفٍ
فِي حِجَارَةٍ، قَدْ حَصَلَتْ فِي مَجْدٍ،»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ
كُورِنْثُوسَ3: 7)،
وخِدْمَةُ
الدَّيْنُونَةِ «9لأَنَّهُ
إِنْ كَانَتْ خِدْمَةُ
الدَّيْنُونَةِ مَجْداً، فَبِالأَوْلَى كَثِيراً تَزِيدُ خِدْمَةُ
الْبِرِّ فِي مَجْدٍ. 10فَإِنَّ
الْمُمَجَّدَ أَيْضاً لَمْ يُمَجَّدْ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لِسَبَبِ الْمَجْدِ
الْفَائِقِ»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ3: 9)، فإنه يؤكد أيضاً أن الزائل كان في مَجْدَ «11لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الزَّائِلُ فِي مَجْدٍ،
فَبِالأَوْلَى كَثِيراً يَكُونُ الدَّائِمُ فِي مَجْدٍ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ
كُورِنْثُوسَ3: 11)، رغم أنه زائل بالمقابلة مع الْمَجْدِ
الْفَائِقِ للإِنْجِيل.
ويقول في رسالته إلى غلاطية أن نَامُوسِ
مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ كان عبودية «1وَإِنَّمَا أَقُولُ: مَا دَامَ الْوَارِثُ قَاصِراً لاَ
يَفْرِقُ شَيْئاً عَنِ الْعَبْدِ، مَعَ كَوْنِهِ صَاحِبَ الْجَمِيعِ. 2بَلْ هُوَ تَحْتَ أَوْصِيَاءَ وَوُكَلاَءَ إِلَى
الْوَقْتِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ أَبِيهِ. 3هَكَذَا
نَحْنُ أَيْضاً: لَمَّا كُنَّا قَاصِرِينَ كُنَّا مُسْتَعْبَدِينَ تَحْتَ
أَرْكَانِ الْعَالَمِ. 4وَلَكِنْ لَمَّا
جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ،
مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ، 5لِيَفْتَدِيَ
الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ. 6ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ
رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخاً: «يَا أَبَا الآبُ». 7إِذاً لَسْتَ بَعْدُ عَبْداً بَلِ ابْناً، وَإِنْ
كُنْتَ ابْناً فَوَارِثٌ لِلَّهِ بِالْمَسِيحِ. 21قُولُوا لِي، أَنْتُمُ الَّذِينَ تُرِيدُونَ
أَنْ تَكُونُوا تَحْتَ النَّامُوسِ، أَلَسْتُمْ تَسْمَعُونَ النَّامُوسَ؟ 22فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ كَانَ
لإِبْرَاهِيمَ ابْنَانِ، وَاحِدٌ مِنَ الْجَارِيَةِ وَالآخَرُ مِنَ الْحُرَّةِ. 23لَكِنَّ الَّذِي مِنَ الْجَارِيَةِ وُلِدَ
حَسَبَ الْجَسَدِ، وَأَمَّا الَّذِي مِنَ الْحُرَّةِ فَبِالْمَوْعِدِ. 24وَكُلُّ ذَلِكَ رَمْزٌ، لأَنَّ هَاتَيْنِ هُمَا
الْعَهْدَانِ، أَحَدُهُمَا مِنْ جَبَلِ سِينَاءَ الْوَالِدُ لِلْعُبُودِيَّةِ،
الَّذِي هُوَ هَاجَرُ. 25لأَنَّ
هَاجَرَ جَبَلُ سِينَاءَ فِي الْعَرَبِيَّةِ. وَلَكِنَّهُ يُقَابِلُ أُورُشَلِيمَ
الْحَاضِرَةَ، فَإِنَّهَا مُسْتَعْبَدَةٌ مَعَ بَنِيهَا. 26وَأَمَّا أُورُشَلِيمُ الْعُلْيَا، الَّتِي هِيَ
أُمُّنَا جَمِيعاً، فَهِيَ حُرَّةٌ. 27لأَنَّهُ
مَكْتُوبٌ: «افْرَحِي أَيَّتُهَا الْعَاقِرُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ. اهْتِفِي
وَاصْرُخِي أَيَّتُهَا الَّتِي لَمْ تَتَمَخَّضْ، فَإِنَّ أَوْلاَدَ الْمُوحِشَةِ
أَكْثَرُ مِنَ الَّتِي لَهَا زَوْجٌ». 28وَأَمَّا
نَحْنُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَنَظِيرُ إِسْحَاقَ، أَوْلاَدُ الْمَوْعِدِ. 29وَلَكِنْ كَمَا كَانَ حِينَئِذٍ الَّذِي وُلِدَ
حَسَبَ الْجَسَدِ يَضْطَهِدُ الَّذِي حَسَبَ الرُّوحِ، هَكَذَا الآنَ أَيْضاً. 30لَكِنْ مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «اطْرُدِ
الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، لأَنَّهُ لاَ يَرِثُ ابْنُ الْجَارِيَةِ مَعَ ابْنِ
الْحُرَّةِ». 31إِذاً أَيُّهَا
الإِخْوَةُ لَسْنَا أَوْلاَدَ جَارِيَةٍ بَلْ أَوْلاَدُ الْحُرَّةِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ4: 1-7 و21-31)،
وذلك فقط بالمقارنة مع الحرية التي في الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ. كما يذكر- فى مواضع أخري - أنه قبل تجديده، كان أوفر غيرة في
تقليدات آبائه، ومن جهة البر الذي في النَّامُوس بلا لوم، وأنه تربى على تحقيق النَّامُوس
الأبوي، وان الجميع يشهدون له بانه عإش فريسيًا ححسب مذهب العبادة الاضيق «14وَكُنْتُ أَتَقَدَّمُ فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ
عَلَى كَثِيرِينَ مِنْ أَتْرَابِي فِي جِنْسِي، إِذْ كُنْتُ أَوْفَرَ غَيْرَةً فِي
تَقْلِيدَاتِ آبَائِي»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ1:
14)، «4مَعَ أَنَّ لِي أَنْ
أَتَّكِلَ عَلَى الْجَسَدِ أَيْضاً. إِنْ ظَنَّ وَاحِدٌ آخَرُ أَنْ يَتَّكِلَ
عَلَى الْجَسَدِ فَأَنَا بِالأَوْلَى. 5مِنْ
جِهَةِ الْخِتَانِ مَخْتُونٌ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ، مِنْ جِنْسِ إِسْرَائِيلَ،
مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ، عِبْرَانِيٌّ مِنَ الْعِبْرَانِيِّينَ. مِنْ جِهَةِ
النَّامُوسِ فَرِّيسِيٌّ. 6مِنْ جِهَةِ
الْغَيْرَةِ مُضْطَهِدُ الْكَنِيسَةِ. مِنْ جِهَةِ الْبِرِّ الَّذِي فِي
النَّامُوسِ بِلاَ لَوْمٍ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ فِيلِبِّي3: 4–6)، «3أَنَا
رَجُلٌ يَهُودِيٌّ
وُلِدْتُ فِي طَرْسُوسَ كِيلِيكِيَّةَ وَلَكِنْ رَبَيْتُ فِي هَذِهِ
الْمَدِينَةِ مُؤَدَّباً عِنْدَ رِجْلَيْ غَمَالاَئِيلَ عَلَى تَحْقِيقِ
النَّامُوسِ الأَبَوِيِّ. وَكُنْتُ غَيُوراً لِلَّهِ كَمَا أَنْتُمْ جَمِيعُكُمُ
الْيَوْمَ»(سِفْرُ
أَعْمَالُ الرُّسُلِ22: 3)، «4فَسِيرَتِي مُنْذُ حَدَاثَتِي الَّتِي مِنَ
الْبُدَاءَةِ كَانَتْ بَيْنَ أُمَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ يَعْرِفُهَا جَمِيعُ
الْيَهُودِ 5عَالِمِينَ بِي مِنَ
الأَوَّلِ، إِنْ أَرَادُوا أَنْ يَشْهَدُوا، أَنِّي حَسَبَ مَذْهَبِ عِبَادَتِنَا
الأَضْيَقِ عِشْتُ فَرِّيسِيّاً»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ26:
4و5).
من هنا يبدو أن اخبتار الرَّسُولِ بُولُسَ في الديانة
اليهودية كان يتجاوب مع المطالب اليهودية في عصره، فكان يفتخر بناموس الله، ويطوب
نفسه لمعرفته بالله «17هُوَذَا
أَنْتَ تُسَمَّى يَهُودِيّاً وَتَتَّكِلُ (تَعتَمِدُ) عَلَى
النَّامُوسِ وَتَفْتَخِرُ بِاللَّهِ. 18وَتَعْرِفُ
مَشِيئَتَهُ وَتُمَيِّزُ الأُمُورَ الْمُتَخَالِفَةَ (ما هو الأَفضَلُ) مُتَعَلِّماً
مِنَ النَّامُوسِ. 19وَتَثِقُ أَنَّكَ
قَائِدٌ لِلْعُمْيَانِ وَنُورٌ لِلَّذِينَ فِي الظُّلْمَةِ. 20وَمُهَذِّبٌ لِلأَغْبِيَاءِ (الجُهَّالِ) وَمُعَلِّمٌ
لِلأَطْفَالِ (اِلبُسطاءِ) وَلَكَ
صُورَةُ الْعِلْمِ وَالْحَقِّ فِي النَّامُوسِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ
رُومِيَةَ2: 17-20). وهو لا يذكر مطلقاً أن حياته السابقة في الديانة اليهودية كانت
غلطة فظيعة، بل بالحرى يقيسها بما وجده من الْمَجْدِ الْفَائِقِ والشركة
الوثيقة فى الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ولهذا - ولهذا وحده - كان مستعداً أن
يحسبها - مع كل الامتيازات البشرية - نفاية «7لَكِنْ
مَا كَانَ لِي رِبْحاً فَهَذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ خَسَارَةً.
8بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ
أَيْضاً خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي،
الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً
لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ 9وَأُوجَدَ
فِيهِ، وَلَيْسَ لِي بِرِّي الَّذِي مِنَ النَّامُوسِ، بَلِ الَّذِي بِإِيمَانِ
الْمَسِيحِ، الْبِرُّ الَّذِي مِنَ اللهِ بِالإِيمَانِ. 10لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ
آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهاً بِمَوْتِهِ، 11لَعَلِّي
أَبْلُغُ إِلَى قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ فِيلِبِّي3: 7-11)، فلم يكن عدم رضاه عن النَّامُوس، هو الذي مهد الطريق
أمامه إلى المسيحية، بل كان الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ هو الذي أعلن لبُولُسَ
عدم كفاية النَّامُوس، وبُطل كل سعي الإِنْسَانِ.
فماذا إذاً كان الضغط الذى عاناه بُولُسَ في
الديانة اليهودية، والذي وجده ينزاح عنه بتسليمه نفسه للمسيح؟ لا شك في أنه كان
يدرك - إلى حد ما - عجز الإِنْسَانِ عن ارضاء الله بعيداً عن رحمة الله ومعونته،
ولكن هذا لم يكن وحده كافياً في ذاته، لأحداث التغيير فيه. لقد كانت ديانة إسرائيل
ديانة وعد لن يتحقق على أكمل صورة إلا بمجيء المسيا، ولقد كان هذا هو ما وجده بُولُسَ
يتحقق فى الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، المسيا الموعود به من الله، المسيا
المرفوض، المصلوب، والمقام ثانية والممَجْدَ.
ü حادثة
التجديدة وبدء الخدمة:
كانت روما تعترف برؤساء الكهنة في أُورُشَلِيمَ
كحكام شرف للشعب، وقد تتضمن تحالفهم مع المكابيين مادة عن تسليم الطرفين للمجرمين
والهاربين. ومع أن رؤساء الكهنة الصدوقيين لم يحتفظوا بحقهم في حكم الشعب، إلا
أنهم احتفظوا بحق استرداد الهاربين لأسباب دينية فقط. ولذلك عندما أراد بُولُسَ أن
يسترجع المسيحيين من اليهود (الهيلينين أساساً) تقدم إلى رئيس الكهنة وطلب منه
رسائل إلى دِمَشْقَ إلى الجماعات حتى إذا وجد أناساً من الطريق رجالاً أو نساء
يسوقهم موثقين إلى أوشليم «1أَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ لَمْ يَزَلْ يَنْفُثُ تَهَدُّداً
وَقَتْلاً عَلَى تَلاَمِيذِ الرَّبِّ فَتَقَدَّمَ إِلَى رَئِيسِ الْكَهَنَةِ 2وَطَلَبَ مِنْهُ رَسَائِلَ إِلَى دِمَشْقَ إِلَى
الْجَمَاعَاتِ حَتَّى إِذَا وَجَدَ أُنَاساً مِنَ الطَّرِيقِ رِجَالاً أَوْ
نِسَاءً يَسُوقُهُمْ مُوثَقِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ9:
1و2)، «5كَمَا يَشْهَدُ لِي
أَيْضاً رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَجَمِيعُ الْمَشْيَخَةِ الَّذِينَ إِذْ أَخَذْتُ
أَيْضاً مِنْهُمْ رَسَائِلَ لِلإِخْوَةِ إِلَى دِمَشْقَ ذَهَبْتُ لِآتِيَ
بِالَّذِينَ هُنَاكَ إِلَى أُورُشَلِيمَ مُقَيَّدِينَ لِكَيْ يُعَاقَبُوا»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ22:
5)، «12وَلَمَّا
كُنْتُ ذَاهِباً فِي ذَلِكَ إِلَى دِمَشْقَ بِسُلْطَانٍ وَوَصِيَّةٍ مِنْ
رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ26: 12).
أولاً: التغير في الطريق لدِمَشْقَ:
فى طريقه إلى دِمَشْقَ للاتيان بالمؤمنين بالرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ الذين لجأوا إليها، تقابل مع الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
المقام والممَجْدَ، في صورة اعتبرها هو مماثلة لظهور الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
بعد القيامة لبطرس وغيره من الرسل وليعقوب «3فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي آلأَوَّلِ مَا
قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضاً: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ
الْكُتُبِ 4وَأَنَّهُ دُفِنَ وَأَنَّهُ
قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ 5وَأَنَّهُ
ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلآثْنَيْ عَشَرَ. 6وَبَعْدَ
ذَلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ أَكْثَرُهُمْ
بَاقٍ إِلَى الآنَ. وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا. 7وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ ثُمَّ
لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ. 8وَآخِرَ
الْكُلِّ - كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ - ظَهَرَ لِي أَنَا»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ
كُورِنْثُوسَ15: 3-8).
ونقرأ فيما سجله لُوقَا في الأصحاح التاسع
من سِفْرُ
أَعْمَالُ الرُّسُلِ، وفي أقوال الرَّسُولِ نفسه في: «6فَحَدَثَ لِي وَأَنَا ذَاهِبٌ وَمُتَقَرِّبٌ إِلَى
دِمَشْقَ أَنَّهُ نَحْوَ نِصْفِ النَّهَارِ بَغْتَةً أَبْرَقَ حَوْلِي مِنَ
السَّمَاءِ نُورٌ عَظِيمٌ. 7فَسَقَطْتُ
عَلَى الأَرْضِ وَسَمِعْتُ صَوْتاً قَائِلاً لِي: شَاوُلُ شَاوُلُ لِمَاذَا
تَضْطَهِدُنِي؟»(سِفْرُ
أَعْمَالُ الرُّسُلِ22: 6و7)، و«13رَأَيْتُ فِي نِصْفِ النَّهَارِ فِي الطَّرِيقِ أَيُّهَا
الْمَلِكُ نُوراً مِنَ السَّمَاءِ أَفْضَلَ مِنْ لَمَعَانِ الشَّمْسِ قَدْ
أَبْرَقَ حَوْلِي وَحَوْلَ الذَّاهِبِينَ مَعِي. 14فَلَمَّا
سَقَطْنَا جَمِيعُنَا عَلَى الأَرْضِ سَمِعْتُ صَوْتاً يُكَلِّمُنِي بِاللُّغَةِ
الْعِبْرَانِيَّةِ: شَاوُلُ شَاوُلُ لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟ صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ
تَرْفُسَ مَنَاخِسَ»(سِفْرُ
أَعْمَالُ الرُّسُلِ26: 13و14)، كما أصيب بُولُسَ نفسه بالعمى، وسمع صوتاً من السماء قائلاً: شَاوُلُ،
شَاوُلُ لماذا تضطهدنى؟ فسأل بُولُسَ عمن يكلمه، فقال له: أنا يسوع الذي أنت
تضطهده، ثم أمره أن يقوم ويدخل المدينة فيقال له ماذا ينبغى أن يفعل. ومكث بُولُسَ
ثلاثة أيام لا يبصر، فى بيت رجل اسمه يهوذا فى الزقاق الذي يقال له المستقيم.
وأرسل له الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ تلميذاً اسمه حنانيا، وضع يديه عليه، فاسترد
بصره وقام واعتمد. كما ذكر له خطه الله بالنسبة لحياته.
وهنا تظهر أمامنا بعض المعضلات فى قصة تجديد
بُولُسَ فى سِفْرُ
أَعْمَالُ الرُّسُلِ9 و22 و26، وهى معضلات شبيهة بما هو موجود فى قصص
الأناجيل الثلاثة الأولى، كما توجد فى الروايات المتعددة عن حادثة تاريخية واحدة:
وهنا تظهر أمامنا بعض المعضلات فى قصة تجديد
الرَّسُولِ بُولُسَ فى سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ9 و22و26، وهى معضلات شبيهة بما هو موجود فى
قصص الأناجيل الثلاثة الأولى، كما توجد فى الروايات المتعددة عن حادثة تاريخية
واحدة:
وأول هذه المعضلات يتعلق بما ذكره لُوقَا فى
قوله: «7وَأَمَّا الرِّجَالُ الْمُسَافِرُونَ مَعَهُ فَوَقَفُوا
صَامِتِينَ يَسْمَعُونَ
الصَّوْتَ وَلاَ يَنْظُرُونَ أَحَداً»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ9:
7). بينما يقول الرَّسُولِ بُولُسَ فى حديثه: «9وَالَّذِينَ كَانُوا مَعِي نَظَرُوا النُّورَ
وَارْتَعَبُوا وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا صَوْتَ الَّذِي كَلَّمَنِي»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ22: 9). ويقول «14فَلَمَّا
سَقَطْنَا جَمِيعُنَا عَلَى الأَرْضِ سَمِعْتُ صَوْتاً يُكَلِّمُنِي بِاللُّغَةِ
الْعِبْرَانِيَّةِ: شَاوُلُ شَاوُلُ لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟ صَعْبٌ
عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ26:
4).
وقد
يبدو للوهلة الأولى، أن في هذا تناقضاً واضحاً أفلت من كاتب سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ، ولكن جميع كتّاب القرن الأول، فهموا
تماماً أن المقصود هو أن الذاهبين مع بُولُسَ سمعوا الصوت من السماء، ولكن لم يفهم
معنى الكلمات سوى بُولُسَ لانهم رومانيين والحديث كان باللغة العبرية.
والمعضلة الثانية تتعلق بنص الكلمات التي
سمعها بُولُسَ، فنقرأ فى المواضع الثلاثة هذه الكلمات: «4فَسَقَطَ عَلَى الأَرْضِ وَسَمِعَ صَوْتاً قَائِلاً
لَهُ: «شَاوُلُ،
شَاوُلُ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ9:
4). «7فَسَقَطْتُ عَلَى
الأَرْضِ وَسَمِعْتُ صَوْتاً قَائِلاً لِي: شَاوُلُ شَاوُلُ لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟ 8فَأَجَبْتُ: مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟ فَقَالَ
لِي: أَنَا يَسُوعُ
النَّاصِرِيُّ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ22:
7و8). ويقول «14فَلَمَّا
سَقَطْنَا جَمِيعُنَا عَلَى الأَرْضِ سَمِعْتُ صَوْتاً يُكَلِّمُنِي بِاللُّغَةِ
الْعِبْرَانِيَّةِ: شَاوُلُ
شَاوُلُ لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟ صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ26: 14).
من المعلوم الآن أن عبارة ترفس مناخس كانت
تعبيرًا يونانيًا عن مقاومة الآلهة، وربما كان معروفًا فى الدوائر اليهودية أنها
نوع من الأمثال التي تستخدمها الأمم، ويحتمل جداً أن بُولُسَ في حديثه إلي أغريباس
الثاني، أضاف هذه العبارة إلي كلمات الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ليدرك الملك - الذى كان لسانه وفكره
يونانيين أساساً- أن هذا الصوت من السماء كان توبيخاً من الله له هو أيضاً، ولم
يكن ذلك ضرورياً لبُولُسَ (سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ26)، ولا لسامعيه من اليهود في أُورُشَلِيمَ
(سِفْرُ
أَعْمَالُ الرُّسُلِ 22)، لأن صوتاً من السماء كان له مغزاه الواضح لأي
يهودي ولكن بُولُسَ وجد أن هذه العبارة اليونانية يمكن أن توضح معنى كلمات الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ كما فهمها هو.
ثم هناك المعضلة المتعلقة بوقت تكليف بُولُسَ
بالكرازة للأمم، وهى معضلة أصعب من سابقتها. فإننا نفهم من الأصحاح التاسع من سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ، أن حنانيا الذي أرسله الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ لبُولُسَ ليفسر له معنى الرؤيا التي رأها في الطريق إلى دِمَشْقَ،
هو الذى أخبر بُولُسَ بإرساله إلى الأمم. ولكن في الأصحاح الثاني والعشرين -
مع إشارته إلى خدمة حنانيا - نجد أن هذه الأمر بخروج من أُورُشَلِيمَ جاءته في رؤيا
آخرى وهو يصلي في الهيكل في أُورُشَلِيمَ وهي خطوة آخري في طريق الارسالية: «17وَحَدَثَ لِي بَعْدَ مَا رَجَعْتُ إِلَى
أُورُشَلِيمَ وَكُنْتُ أُصَلِّي فِي الْهَيْكَلِ أَنِّي حَصَلْتُ فِي غَيْبَةٍ 18فَرَأَيْتُهُ قَائِلاً لِي: أَسْرِعْ وَاخْرُجْ
عَاجِلاً مِنْ أُورُشَلِيمَ لأَنَّهُمْ لاَ يَقْبَلُونَ شَهَادَتَكَ عَنِّي. 19فَقُلْتُ: يَا رَبُّ هُمْ يَعْلَمُونَ أَنِّي
كُنْتُ أَحْبِسُ وَأَضْرِبُ فِي كُلِّ مَجْمَعٍ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِكَ. 20وَحِينَ سُفِكَ دَمُ اسْتِفَانُوسَ شَهِيدِكَ
كُنْتُ أَنَا وَاقِفاً وَرَاضِياً بِقَتْلِهِ وَحَافِظاً ثِيَابَ الَّذِينَ
قَتَلُوهُ. 21فَقَالَ لِي: اذْهَبْ
فَإِنِّي سَأُرْسِلُكَ إِلَى الأُمَمِ بَعِيداً»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ22:
17-21). كما أننا نفهم من سِفْرُ أَعْمَالُ
الرُّسُلِ 26 أن الإِرسالية جاءته من الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ بينما كان بُولُسَ في طريقه إلى دِمَشْقَ كما في سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ9،
فلا اختلف.
وعلى أي حال، فان لقاءه مع الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ، وخدمة حنانيا، والرؤيا الثانية - التي جاءته في الهيكل تأكيداً للرؤيا
الأولي - كانت كلها بالنسبة لبُولُسَ فصولاً في حادثة واحدة. والواقع أنه عندما
يتكلم بالتفصيل عن خدمته للأمم، في رحلته الكرازية الأولى، فإنه كان مازال يرى هذا
التكليف الثاني امتداداً لإِرساليته الأولي. والأرجح أن الأصحاح التاسع يروي لنا
التتابع الواقعي للأحداث المتعلقة بتجديد بُولُسَ. وفي الأصحاح الثاني والعشرين, يضيف
تلك الرؤيا التأكيدية التي رآها في أورشيلم بعد تجديده بنحو ثلاث سنوات، أما
الأصحاح السادس والعشرون فهو شهادة موجزة أمام الملك، حيث أن رواية التفصيلات خطوة
بخطوة أمام الملك ومن معه، تبدو شيئاًمملاً، علاوة على أن الأحداث كلها كانت تبدو
لبُولُسَ حدثاً واحداً متصلاً.
إلى
اللقاء في الجزء الرابع من حياة
شَاوُلُ الأرهابي
الرَّسُولِ بُولُسَ
الأرهابي
الذي آمن بالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
0 التعليقات:
إرسال تعليق