من هو الغِنَى ؟
إعداد
د. القس / سامي منير اسكندر
الغنى هو امتلاك الثروة سواء على شكل أرض أو ماشية أو
مبانٍ أو عبيد أو أموال، فهذه هى التى كانت تشكل عناصر الثروة فى كل المجتمعات
قديماً وحديثاً.
وكانت النظرة الأصلية للثروة - في نَامُوسِ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ - هي أن يهوه - باعتباره الخالق - هو مالك كل شيء
لأن للرب الأرض وملؤها. المسكونة وكل الساكنين فيها «1لِلرَّبِّ الأَرْضُ وَمِلْؤُهَا. الْمَسْكُونَةُ وَكُلُّ السَّاكِنِينَ
فِيهَا»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور24: 1).
وفى الحقيقة كان بنو إسرائيل وكلاء على أرض فلسطين، وقد
استودعها إياهم الرب: «23وَالأَرْضُ
لاَ تُبَاعُ بَتَّةً لأَنَّ لِيَ الأَرْضَ وَأَنْتُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ
عِنْدِي»(سِفْرُ اَللاَّوِيِّينَ25: 23)، «53تَمْلِكُونَ الأَرْضَ وَتَسْكُنُونَ فِيهَا
لأَنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمُ الأَرْضَ لِكَيْ تَمْلِكُوهَا»(سِفْرُ اَلْعَدَد33: 53)، «4إِلا إِنْ لمْ يَكُنْ فِيكَ فَقِيرٌ. لأَنَّ الرَّبَّ إِنَّمَا
يُبَارِكُكَ فِي الأَرْضِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً
لِتَمْتَلِكَهَا»(سِفْرُ اَلَتَّثْنِيَة15: 4)، «9وَأَدْخَلنَا هَذَا المَكَانَ وَأَعْطَانَا
هَذِهِ الأَرْضَ أَرْضاً تَفِيضُ لبَناً وَعَسَلاً»(سِفْرُ
اَلَتَّثْنِيَة26: 9).
وكان فشلهم في الاتكال على الرب - مصدر كل خير لهم- وذلك بنقضهم العهد وعبادتهم لآلهة أخرى «17وَلِئَلا تَقُول فِي قَلبِكَ: قُوَّتِي
وَقُدْرَةُ يَدِيَ اصْطَنَعَتْ لِي هَذِهِ الثَّرْوَةَ. 18بَلِ اذْكُرِ الرَّبَّ إِلهَكَ أَنَّهُ هُوَ
الذِي يُعْطِيكَ قُوَّةً لاِصْطِنَاعِ الثَّرْوَةِ لِيَفِيَ بِعَهْدِهِ الذِي
أَقْسَمَ لآِبَائِكَ كَمَا فِي هَذَا اليَوْمِ. 19وَإِنْ
نَسِيتَ الرَّبَّ إِلهَكَ وَذَهَبْتَ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى وَعَبَدْتَهَا
وَسَجَدْتَ لهَا أُشْهِدُ عَليْكُمُ اليَوْمَ أَنَّكُمْ تَبِيدُونَ لا مَحَالةَ. 20كَالشُّعُوبِ الذِينَ يُبِيدُهُمُ الرَّبُّ مِنْ
أَمَامِكُمْ كَذَلِكَ تَبِيدُونَ لأَجْلِ أَنَّكُمْ لمْ تَسْمَعُوا لِقَوْلِ
الرَّبِّ إِلهِكُمْ»(سِفْرُ اَلَتَّثْنِيَة8: 17-20)،
هو سبب إجلائهم عن الأرض وسبيهم.
لكن الرب وعد البقية الأمينة بأن يأتي إليهم بثروات
الأمم حولهم «14هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «تَعَبُ مِصْرَ
وَتِجَارَةُ كُوشٍ وَالسَّبَئِيُّونَ ذَوُو الْقَامَةِ إِلَيْكِ يَعْبُرُونَ
وَلَكِ يَكُونُونَ. خَلْفَكِ يَمْشُونَ. بِالْقُيُودِ يَمُرُّونَ وَلَكِ
يَسْجُدُونَ. إِلَيْكِ يَتَضَرَّعُونَ قَائِلِينَ: فِيكِ وَحْدَكِ اللَّهُ
وَلَيْسَ آخَرُ. لَيْسَ إِلَهٌ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ45:
14)، «4اِرْفَعِي عَيْنَيْكِ
حَوَالَيْكِ وَانْظُرِي. قَدِ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ. جَاءُوا إِلَيْكِ. يَأْتِي
بَنُوكِ مِنْ بَعِيدٍ وَتُحْمَلُ بَنَاتُكِ عَلَى الأَيْدِي. 5حِينَئِذٍ تَنْظُرِينَ وَتُنِيرِينَ وَيَخْفُقُ
قَلْبُكِ وَيَتَّسِعُ لأَنَّهُ تَتَحَوَّلُ إِلَيْكِ ثَرْوَةُ الْبَحْرِ وَيَأْتِي
إِلَيْكِ غِنَى الأُمَمِ. 6تُغَطِّيكِ
كَثْرَةُ الْجِمَالِ بُكْرَانُ مِدْيَانَ وَعِيفَةَ كُلُّهَا تَأْتِي مِنْ شَبَا.
تَحْمِلُ ذَهَباً وَلُبَاناً وَتُبَشِّرُ بِتَسَابِيحِ الرَّبِّ. 7كُلُّ غَنَمِ قِيدَارَ تَجْتَمِعُ إِلَيْكِ.
كِبَاشُ نَبَايُوتَ تَخْدِمُكِ. تَصْعَدُ مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي وَأُزَيِّنُ
بَيْتَ جَمَالِي»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ60: 4-7)، «10افْرَحُوا مَعَ أُورُشَلِيمَ وَابْتَهِجُوا
مَعَهَا يَا جَمِيعَ مُحِبِّيهَا. افْرَحُوا مَعَهَا فَرَحاً يَا جَمِيعَ
النَّائِحِينَ عَلَيْهَا 11لِتَرْضَعُوا
وَتَشْبَعُوا مِنْ ثَدْيِ تَعْزِيَاتِهَا. لِتَعْصِرُوا وَتَتَلَذَّذُوا مِنْ
دِرَّةِ مَجْدِهَا. 12لأَنَّهُ هَكَذَا
قَالَ الرَّبُّ: «هَئَنَذَا أُدِيرُ عَلَيْهَا سَلاَماً كَنَهْرٍ وَمَجْدَ
الأُمَمِ كَسَيْلٍ جَارِفٍ فَتَرْضَعُونَ وَعَلَى الأَيْدِي تُحْمَلُونَ وَعَلَى
الرُّكْبَتَيْنِ تُدَلَّلُونَ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ66:
12)، «13قُومِي وَدُوسِي يَا بِنْتَ
صِهْيَوْنَ لأَنِّي أَجْعَلُ قَرْنَكِ حَدِيداً وَأَظْلاَفَكِ أَجْعَلُهَا
نُحَاساً فَتَسْحَقِينَ شُعُوباً كَثِيرِينَ وَأُحَرِّمُ غَنِيمَتَهُمْ لِلرَّبِّ
وَثَرْوَتَهُمْ لِسَيِّدِ كُلِّ الأَرْضِ»(سِفْرُ مِيخَا4:
13)، وهكذا كان الغنى علامة على غضب الرب «3فَيَكُونُ
كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِيِ الْمِيَاهِ الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا
فِي أَوَانِهِ وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ. وَكُلُّ مَا يَصْنَعُهُ يَنْجَحُ. 4لَيْسَ كَذَلِكَ الأَشْرَارُ لَكِنَّهُمْ
كَالْعُصَافَةِ الَّتِي تُذَرِّيهَا الرِّيحُ»(سِفْرُ
اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور1: 3و4).
وكانت بركة الله للطاعة والأمانة هي بركة الأمة، وكما
كانت اللعنة والخراب نتائج للعصيان، هكذا كان الأمر أيضاً بالنسبة للأفراد. فكما
بارك الله الأمة على أمانتها، هكذا بارك الله إبراهيم «2وَكَانَ أَبْرَامُ غَنِيّاً جِدّاً فِي
الْمَوَاشِي وَالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ»(سِفْرُ
التَّكْوِينِ13: 2)، «23لاَ
آخُذَنَّ لاَ خَيْطاً وَلاَ شِرَاكَ نَعْلٍ وَلاَ مِنْ كُلِّ مَا هُوَ لَكَ فَلاَ
تَقُولُ: أَنَا أَغْنَيْتُ أَبْرَامَ»(سِفْرُ
التَّكْوِينِ14: 23)،
وسُلَيْمَان «11فَقَالَ
لَهُ اللَّهُ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ سَأَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَلَمْ تَسْأَلْ
لِنَفْسِكَ أَيَّاماً كَثِيرَةً وَلاَ سَأَلْتَ لِنَفْسِكَ غِنًى وَلاَ سَأَلْتَ
أَنْفُسَ أَعْدَائِكَ، بَلْ سَأَلْتَ لِنَفْسِكَ تَمْيِيزاً لِتَفْهَمَ الْحُكْمَ،
12هُوَذَا قَدْ فَعَلْتُ حَسَبَ
كَلاَمِكَ. هُوَذَا أَعْطَيْتُكَ قَلْباً حَكِيماً وَمُمَيِّزاً حَتَّى إِنَّهُ
لَمْ يَكُنْ مِثْلُكَ قَبْلَكَ وَلاَ يَقُومُ بَعْدَكَ نَظِيرُكَ. 13وَقَدْ أَعْطَيْتُكَ أَيْضاً مَا لَمْ
تَسْأَلْهُ، غِنًى وَكَرَامَةً حَتَّى إِنَّهُ لاَ يَكُونُ رَجُلٌ مِثْلَكَ فِي
الْمُلُوكِ كُلَّ أَيَّامِكَ»(سِفْرُ اَلْمُلُوكِ
الأَوَّلُ3: 11-13).
ويتناول سِفْرُ أَيُّوبَ هذه
القضية من كلا الوجهين، فالأمانة تأتي بالغنى، والعصيان يأتي بالفقر والضيق (سِفْرُ أَيُّوبَ 21).
ويمتليء نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ
وَالْمَزَامِيرِ بالإنذارات والتحذيرات للذين يسعون وراء الغنى بوسائل وطرق غير
شريفة، مثل الجشع والخيانة، وكذلك للذين يفترون ويتكبرون ويفخرون بالغنى «7هُوَذَا الإِنْسَانُ الَّذِي لَمْ يَجْعَلِ اللهَ
حِصْنَهُ بَلِ اتَّكَلَ عَلَى كَثْرَةِ غِنَاهُ وَاعْتَزَّ بِفَسَادِهِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور52: 7)، «10لاَ تَتَّكِلُوا عَلَى الظُّلْمِ وَلاَ
تَصِيرُوا بَاطِلاً فِي الْخَطْفِ. إِنْ زَادَ الْغِنَى فَلاَ تَضَعُوا عَلَيْهِ
قَلْباً»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور62: 10)،
«6الْجَهَالَةُ جُعِلَتْ فِي مَعَالِي
كَثِيرَةٍ وَالأَغْنِيَاءُ يَجْلِسُونَ فِي السَّافِلِ»(سِفْرُ
الْجَامِعَةِ10: 6)، «8وَيْلٌ
لِلَّذِينَ يَصِلُونَ بَيْتاً بِبَيْتٍ وَيَقْرِنُونَ حَقْلاً بِحَقْلٍ حَتَّى
لَمْ يَبْقَ مَوْضِعٌ. فَصِرْتُمْ تَسْكُنُونَ وَحْدَكُمْ فِي وَسَطِ الأَرْضِ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ5: 8)، «1وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَقْضُونَ أَقْضِيَةَ الْبُطْلِ
وَلِلْكَتَبَةِ الَّذِينَ يُسَجِّلُونَ جَوْراً 2لِيَصُدُّوا
الضُّعَفَاءَ عَنِ الْحُكْمِ وَيَسْلِبُوا حَقَّ بَائِسِي شَعْبِي لِتَكُونَ
الأَرَامِلُ غَنِيمَتَهُمْ وَيَنْهَبُوا الأَيْتَامَ. 3وَمَاذَا تَفْعَلُونَ فِي يَوْمِ الْعِقَابِ
حِينَ تَأْتِي التَّهْلُكَةُ مِنْ بَعِيدٍ؟ إِلَى مَنْ تَهْرُبُونَ لِلْمَعُونَةِ
وَأَيْنَ تَتْرُكُونَ مَجْدَكُمْ؟»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ10:
1-3)، «27مِثْلَ قَفَصٍ مَلآنٍ
طُيُوراً هَكَذَا بُيُوتُهُمْ مَلآنَةٌ مَكْراً. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ عَظُمُوا
وَاسْتَغْنُوا. 28سَمِنُوا. لَمَعُوا.
أَيْضاً تَجَاوَزُوا فِي أُمُورِ الشَّرِّ. لَمْ يَقْضُوا فِي دَعْوَى الْيَتِيمِ.
وَقَدْ نَجَحُوا. وَبِحَقِّ الْمَسَاكِينِ لَمْ يَقْضُوا. 29أَفَلأَجْلِ هَذِهِ لاَ أُعَاقِبُ يَقُولُ
الرَّبُّ؟ أَوَلاَ تَنْتَقِمُ نَفْسِي مِنْ أُمَّةٍ كَهَذِهِ؟»(سِفْرُ إِرْمِيَا5: 27-29)، «3يَا جَبَلِي فِي الْحَقْلِ أَجْعَلُ ثَرْوَتَكَ
كُلَّ خَزَائِنِكَ لِلنَّهْبِ وَمُرْتَفَعَاتِكَ لِلْخَطِيَّةِ فِي كُلِّ
تُخُومِكَ. 4وَتَتَبَرَّأُ
وَبِنَفْسِكَ عَنْ مِيرَاثِكَ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ إِيَّاهُ وَأَجْعَلُكَ
تَخْدِمُ أَعْدَاءَكَ فِي أَرْضٍ لَمْ تَعْرِفْهَا لأَنَّكُمْ قَدْ أَضْرَمْتُمْ
نَاراً بِغَضَبِي تَتَّقِدُ إِلَى الأَبَدِ»(سِفْرُ
إِرْمِيَا17: 3و4)،
«10هَا
هُوَذَا الْيَوْمُ, هَا هُوَذَا قَدْ جَاءَ. دَارَتِ الدَّائِرَةُ. أَزْهَرَتِ
الْعَصَا. أَفْرَخَتِ الْكِبْرِيَاءُ. 11قَامَ
الظُّلْمُ إِلَى عَصَا الشَّرِّ. لاَ يَبْقَى مِنْهُمْ وَلاَ مِنْ ثَرْوَتِهِمْ
وَلاَ مِنْ ضَجِيجِهِمْ, وَلاَ نَوْحٌ عَلَيْهِمْ»(سِفْرُ
حِزْقِيَال7: 10و11)، «2يَا
ابْنَ آدَمَ, قُلْ لِرَئِيسِ صُورَ. هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ
أَجْلِ أَنَّهُ قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ وَقُلْتَ: أَنَا إِلَهٌ. فِي مَجْلِسِ
الآلِهَةِ أَجْلِسُ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلَهٌ, وَإِنْ
جَعَلْتَ قَلْبَكَ كَقَلْبِ الآلِهَةِ. 3هَا
أَنْتَ أَحْكَمُ مِنْ دَانِيآلَ! سِرٌّ مَا لاَ يَخْفَى عَلَيْكَ! 4وَبِحِكْمَتِكَ وَبِفَهْمِكَ حَصَّلْتَ
لِنَفْسِكَ ثَرْوَةً, وَحَصَّلْتَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فِي خَزَائِنِكَ! 5بِكَثْرَةِ حِكْمَتِكَ فِي تِجَارَتِكَ كَثَّرْتَ
ثَرْوَتَكَ, فَارْتَفَعَ قَلْبُكَ بِسَبَبِ غِنَاكَ! 6فَلِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ
أَنَّكَ جَعَلْتَ قَلْبَكَ كَقَلْبِ الآلِهَةِ, 7لِذَلِكَ
هَئَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكَ غُرَبَاءَ, عُتَاةَ الأُمَمِ, فَيُجَرِّدُونَ
سُيُوفَهُمْ عَلَى بَهْجَةِ حِكْمَتِكَ وَيُدَنِّسُونَ جَمَالَكَ. 8يُنَزِّلُونَكَ إِلَى الْحُفْرَةِ فَتَمُوتُ
مَوْتَ الْقَتْلَى فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. 9هَلْ
تَقُولُ قَوْلاً أَمَامَ قَاتِلِكَ: أَنَا إِلَهٌ. وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلَهٌ
فِي يَدِ طَاعِنِكَ؟»(سِفْرُ حِزْقِيَال28: 2-9)، «1وَيْلٌ لِلْمُفْتَكِرِينَ بِالْبُطْلِ
وَالصَّانِعِينَ الشَّرَّ عَلَى مَضَاجِعِهِمْ. فِي نُورِ الصَّبَاحِ
يَفْعَلُونَهُ لأَنَّهُ فِي قُدْرَةِ يَدِهِمْ. 2فَإِنَّهُمْ
يَشْتَهُونَ الْحُقُولَ وَيَغْتَصِبُونَهَا وَالْبُيُوتَ وَيَأْخُذُونَهَا
وَيَظْلِمُونَ الرَّجُلَ وَبَيْتَهُ وَالإِنْسَانَ وَمِيرَاثَهُ»(سِفْرُ مِيخَا2: 1-2)، «12فَإِنَّ
أَغْنِيَاءَهَا مَلآنُونَ ظُلْماً وَسُكَّانَهَا يَتَكَلَّمُونَ بِالْكَذِبِ
وَلِسَانَهُمْ فِي فَمِهِمْ غَاشٌّ»(سِفْرُ مِيخَا6:
12)، لأن كل أعماله هي حق وطرقه عدل، ومن يسلك بالكبرياء فهو قادر أن يذله «37فَالآنَ أَنَا نَبُوخَذْنَصَّرُ أُسَبِّحُ
وَأُعَظِّمُ وَأَحْمَدُ مَلِكَ السَّمَاءِ الَّذِي كُلُّ أَعْمَالِهِ حَقٌّ
وَطُرُقِهِ عَدْلٌ وَمَنْ يَسْلُكُ بِالْكِبْرِيَاءِ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ
يُذِلَّهُ»(سِفْرُ دَانِيآل4: 37).
وفي كثير من اَلْمَزَامِيرُ تستخدم كلمة غنى مرادفاً لكلمة شرير، بينما تستخدم كلمة مسكين مرادفاً للأمين
أو البار أو التقي، وإن كانت كلمة مسكين - هنا - يجب أن تفهم على الأكثر بالمعنى
الروحي أي المسكين بالروح.
ويعكس سفر الأمثال موقفاً متوازناً من الغنى، فبينما
يمكن أن يكون الغنى:
1)مصدر أمان «15ثَرْوَةُ الْغَنِيِّ مَدِينَتُهُ الْحَصِينَةُ.
هَلاَكُ الْمَسَاكِينِ فَقْرُهُمْ»(سِفْرُ الأَمْثَالُ10:
15)، «11ثَرْوَةُ الْغَنِيِّ
مَدِينَتُهُ الْحَصِينَةُ وَمِثْلُ سُورٍ عَالٍ فِي تَصَوُّرِهِ»(سِفْرُ الأَمْثَالُ18: 11)،
2) ويمكن أن ينقذ حياة الشخص «8فِدْيَةُ
نَفْسِ رَجُلٍ غِنَاهُ أَمَّا الْفَقِيرُ فَلاَ يَسْمَعُ انْتِهَاراً»(سِفْرُ الأَمْثَالُ13: 8)،
3) وهو بركة، مكافأة للسلوك بالحكمة ومخافة الرب «16فِي يَمِينِهَا طُولُ أَيَّامٍ وَفِي يَسَارِهَا
الْغِنَى وَالْمَجْدُ»(سِفْرُ الأَمْثَالُ3: 16)، «22بَرَكَةُ الرَّبِّ هِيَ تُغْنِي وَلاَ يَزِيدُ
الرَّبُّ مَعَهَا تَعَباً...24خَوْفُ
الشِّرِّيرِ هُوَ يَأْتِيهِ وَشَهْوَةُ الصِّدِّيقِينَ تُمْنَحُ»(سِفْرُ الأَمْثَالُ10: 22و24)، «4ثَوَابُ التَّوَاضُعِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ هُوَ
غِنًى وَكَرَامَةٌ وَحَيَاةٌ»(سِفْرُ الأَمْثَالُ22:
4)،
4) كما أنه مكافأة للاجتهاد «4اَلْعَامِلُ
بِيَدٍ رَخْوَةٍ يَفْتَقِرُ أَمَّا يَدُ الْمُجْتَهِدِينَ فَتُغْنِي»(سِفْرُ الأَمْثَالُ10: 4).
5) ثم إن الصيت أفضل من الغنى الكثير «1اَلصِّيتُ
أَفْضَلُ مِنَ الْغِنَى الْعَظِيمِ وَالنِّعْمَةُ الصَّالِحَةُ أَفْضَلُ مِنَ
الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ»(سِفْرُ الأَمْثَالُ22: 1).
وقد تكون الشهوة الجامحة للغنى سبباً
1) في
المبالغة في الثقة بالنفس والكبرياء «11اَلرَّجُلُ
الْغَنِيُّ حَكِيمٌ فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ وَالْفَقِيرُ الْفَهِيمُ يَفْحَصُهُ»(سِفْرُ الأَمْثَالُ28: 11)،
2) وفى
الطمع «22ذُو الْعَيْنِ الشِّرِّيرَةِ يَعْجَلُ إِلَى
الْغِنَى وَلاَ يَعْلَمُ أَنَّ الْفَقْرَ يَأْتِيهِ»(سِفْرُ
الأَمْثَالُ28: 22)،
3) وفى
الغرور «11ثَرْوَةُ الْغَنِيِّ مَدِينَتُهُ الْحَصِينَةُ
وَمِثْلُ سُورٍ عَالٍ فِي تَصَوُّرِهِ. 12قَبْلَ
الْكَسْرِ يَتَكَبَّرُ قَلْبُ الإِنْسَانِ وَقَبْلَ الْكَرَامَةِ التَّوَاضُعُ... 23بِتَضَرُّعَاتٍ يَتَكَلَّمُ الْفَقِيرُ
وَالْغَنِيُّ يُجَاوِبُ بِخُشُونَةٍ»(سِفْرُ الأَمْثَالُ18:
11و12و23)، «28مَنْ يَتَّكِلْ عَلَى
غِنَاهُ يَسْقُطْ أَمَّا الصِّدِّيقُونَ فَيَزْهُونَ كَالْوَرَقِ»(سِفْرُ الأَمْثَالُ11: 28)،
4) وفى
الفساد «6اَلْفَقِيرُ السَّالِكُ بِاسْتِقَامَتِهِ خَيْرٌ
مِنْ مُعَوَّجِ الطُّرُقِ وَهُوَ غَنِيٌّ»(سِفْرُ
الأَمْثَالُ28: 6)،
5) وفقدان
الغنى أخيرًا «11غِنَى الْبُطْلِ يَقِلُّ
وَالْجَامِعُ بِيَدِهِ يَزْدَادُ»(سِفْرُ الأَمْثَالُ13:
11)، «16ظَالِمُ الْفَقِيرِ تَكْثِيراً
لِمَا لَهُ وَمُعْطِي الْغَنِيِّ إِنَّمَا هُمَا لِلْعَوَزِ»(سِفْرُ الأَمْثَالُ22: 16).
ولإدراك موقف نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ
من الغنى إدراكاً صحيحاً، علينا أن نتأمل موقفه من الفقير والضعيف (الأرملة
واليتيم والغريب والنزيل).
ويتفق موقف الإِنْجِيل من الغنى مع موقف نَامُوسِ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ، وإن يكن بتركيز أكثر على مخاطر الغنى. فيحذر الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ من غرور وخداع الغنى، ويقول:
«23فَنَظَرَ
يَسُوعُ حَوْلَهُ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ
اللَّهِ!» 24فَتَحَيَّرَ
التَّلاَمِيذُ مِنْ كَلاَمِهِ. فَأَجَابَ يَسُوعُ أَيْضاً وَقَالَ لَهُمْ: «يَا بَنِيَّ،
مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ!
25مُرُورُ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ
أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ!» 26فَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ
بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟» 27فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «عِنْدَ
النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ وَلَكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ، لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ
مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللَّه»(إِنْجِيلُ مَرْقُسَ10:
23-27)،
«23فَقَالَ
يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى
مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ! 24وَأَقُولُ
لَكُمْ أَيْضاً: إِنَّ
مُرُورَ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى
مَلَكُوتِ اللَّهِ!»(إِنْجِيلُ مَتَّى19:
24)،
«25لأَنَّ دُخُولَ جَمَلٍ
مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!».
26فَقَالَ الَّذِينَ سَمِعُوا: «فَمَنْ
يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟» 27فَقَالَ:
«غَيْرُ
الْمُسْتَطَاعِ عِنْدَ النَّاسِ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ»(إِنْجِيلُ لُوقَا18: 25-27)،
ويتردد هذا المعنى فى كثير من الفصول، كما في مثل الغني الغبي
«13وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ
الْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ». 14فَقَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ، مَنْ أَقَامَنِي
عَلَيْكُمَا قَاضِياً أَوْ مُقَسِّماً؟» 15وَقَالَ
لَهُمُ: «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ
كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ». 16وَضَرَبَ
لَهُمْ مَثَلاً قَائِلاً: «إِنْسَانٌ غَنِيٌّ أَخْصَبَتْ كُورَتُهُ، 17فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا
أَعْمَلُ، لأَنْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ أَثْمَارِي؟ 18وَقَالَ: أَعْمَلُ هَذَا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي
وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَلاَّتِي وَخَيْرَاتِي، 19وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ
كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي
وَافْرَحِي! 20فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ!
هَذِهِ اللَّيْلَةَ
تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهَذِهِ
الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ 21هَكَذَا الَّذِي
يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيّاً لِلَّهِ»(إِنْجِيلُ لُوقَا12: 13-21)،
والشاب الغنى الذى مضي حزيناً عندما طلب منه الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ أن يبيع كل
ما له ويعطي الفقراء «17وَفِيمَا هُوَ
خَارِجٌ إِلَى الطَّرِيقِ، رَكَضَ وَاحِدٌ وَجَثَا لَهُ وَسَأَلَهُ: «أَيُّهَا
الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 18فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي
صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ. 19أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ
تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلِبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ
وَأُمَّكَ». 20فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ:
«يَا مُعَلِّمُ، هَذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». 21فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ، وَقَالَ
لَهُ: «يُعْوِزُكَ
شَيْءٌ وَاحِدٌ. اذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ،
فَيَكُونَ لَكَ
كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ». 22فَاغْتَمَّ عَلَى الْقَوْلِ وَمَضَى حَزِيناً،
لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ»(إِنْجِيلُ
مَرْقُسَ10: 17-22).
ويصوِّر الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشر الكامن في
الغنى، بالقول:
«24لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ،
لأَنَّهُ إِمَّا
أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ
الآخَرَ. لاَ
تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللَّهَ وَالْمَالَ»(إِنْجِيلُ مَتَّى6: 24).
ويوصي تلاميذه قائلاً: «33بِيعُوا مَا لَكُمْ
وَأَعْطُوا صَدَقَةً. اِعْمَلُوا لَكُمْ أَكْيَاساً لاَ تَفْنَى وَكَنْزاً لاَ
يَنْفَدُ فِي السَّمَاوَاتِ، حَيْثُ لاَ يَقْرَبُ سَارِقٌ وَلاَ يُبْلِي سُوسٌ،
34لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكُمْ هُنَاكَ يَكُونُ
قَلْبُكُمْ أَيْضاً»(إِنْجِيلُ لُوقَا12:
33و34)،
«4لاَ تَحْمِلُوا كِيساً
وَلاَ مِزْوَداً وَلاَ أَحْذِيَةً، وَلاَ تُسَلِّمُوا عَلَى أَحَدٍ فِي الطَّرِيقِ»(إِنْجِيلُ لُوقَا10: 4)،
«21هَكَذَا الَّذِي
يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيّاً لِلَّهِ»(إِنْجِيلُ لُوقَا12: 21)،
«36فَقَالَ
لَهُمْ: «لَكِنِ الآنَ، مَنْ
لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ
وَيَشْتَرِ سَيْفاً»(إِنْجِيلُ لُوقَا22:
36)،
«10وَلاَ مِزْوَداً
لِلطَّرِيقِ وَلاَ ثَوْبَيْنِ وَلاَ أَحْذِيَةً وَلاَ عَصاً، لأَنَّ الْفَاعِلَ
مُسْتَحِقٌّ طَعَامَهُ»(إِنْجِيلُ مَتَّى10:
10)،
قال إن الغنى يمكن أن يكون عائقاً في طريق التلمذه له
«33فَكَذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لاَ يَتْرُكُ جَمِيعَ
أَمْوَالِهِ، لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً»(إِنْجِيلُ لُوقَا14: 33).
ويلزمنا أن نلاحظ أن الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لم يأمر كل إنسان بأن يتخلى عن ممتلكاته، فإن الشاب
الغني كان شخصاً تسيطر أمواله على حياته، لذلك طلب منه الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ - فاحص القلوب - أن يبيع ممتلكاته التي كانت كل شيء بالنسبة له، كما أن
الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ كان يعد تلاميذه للمهام الجسام التي كانت تنتظرهم. والرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ - مع ذلك - لم يمتدح الفقر، والأرملة التي ألقت كل ما عندها في
خزانة الهيكل، لم يمتدحها الرب لفقرها، بل لسخائها في العطاء وتكريسها الكامل لله «41وَجَلَسَ يَسُوعُ تُجَاهَ الْخِزَانَةِ،
وَنَظَرَ كَيْفَ يُلْقِي الْجَمْعُ نُحَاساً فِي الْخِزَانَةِ. وَكَانَ
أَغْنِيَاءُ كَثِيرُونَ يُلْقُونَ كَثِيراً. 42فَجَاءَتْ
أَرْمَلَةٌ فَقِيرَةٌ وَأَلْقَتْ فَلْسَيْنِ، قِيمَتُهُمَا رُبْعٌ. 43فَدَعَا تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هَذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ
مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ أَلْقَوْا فِي الْخِزَانَةِ، 44لأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا. وَأَمَّا
هَذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا، كُلَّ مَعِيشَتِهَا»(إِنْجِيلُ مَرْقُسَ12: 41-44).
ومع أن الكثيرين من أتباع الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
كانوا فقراء، لكن لم يكن الجميع كذلك، فقد كان منهم:
زَكَّا رَئِيسٌ لِلْعَشَّارِينَ «2وَإِذَا
رَجُلٌ اسْمُهُ زَكَّا،
وَهُوَ رَئِيسٌ
لِلْعَشَّارِينَ وَكَانَ غَنِيّاً،»(إِنْجِيلُ
لُوقَا19: 2)،
ويُوسُفُ الرَّامَي «57وَلَمَّا
كَانَ الْمَسَاءُ، جَاءَ رَجُلٌ غَنِيٌّ مِنَ الرَّامَةِ اسْمُهُ يُوسُفُ وَكَانَ هُوَ
أَيْضاً تِلْمِيذاً لِيَسُوعَ»(إِنْجِيلُ مَتَّى27:
57)،
وبرنابا «37إِذْ
كَانَ لَهُ حَقْلٌ بَاعَهُ وَأَتَى بِالدَّرَاهِمِ وَوَضَعَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ
الرُّسُلِ»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ4: 37)،
وغَايُسُ الذي كان يضِّيف كل الكنيسة «23يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ
غَايُسُ مُضَيِّفِي وَمُضَيِّفُ الْكَنِيسَةِ كُلِّهَا. يُسَلِّمُ
عَلَيْكُمْ أَرَاسْتُسُ خَازِنُ الْمَدِينَةِ وَكَوَارْتُسُ الأَخُ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ16:
23)، «5أَيُّهَا الْحَبِيبُ، أَنْتَ
تَفْعَلُ بِالأَمَانَةِ كُلَّ مَا تَصْنَعُهُ إِلَى الإِخْوَةِ وَإِلَى
الْغُرَبَاءِ،»(رِّسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ
الثَّالِثَةُ آية 5)، وغيرهم.
وعندما قال الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: «20وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ إِلَى تَلاَمِيذِهِ
وَقَالَ: «طُوبَاكُمْ
أَيُّهَا الْمَسَاكِينُ، لأَنَّ لَكُمْ مَلَكُوتَ اللهِ»(إِنْجِيلُ لُوقَا6: 20)، «3طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ
بِالرُّوحِ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ»(إِنْجِيلُ مَتَّى5: 3). كان يقصد المعنى الروحي كما في
سفر المزامير، أي اِلْمَسَاكِينِ
بِالرُّوحِ.
وكان موقف الكنيسة الأولى متفقاً مع تحذير الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ من مخاطر الغنى، ويتضح ذلك من أنه لم يكن أحد يقول إن شيئاً من
أمواله له، بل كان عندهم كل شيء مشتركاً «32وَكَانَ
لِجُمْهُورِ الَّذِينَ آمَنُوا قَلْبٌ وَاحِدٌ وَنَفْسٌ وَاحِدَةٌ وَلَمْ يَكُنْ
أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّ شَيْئاً مِنْ أَمْوَالِهِ لَهُ بَلْ كَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ
شَيْءٍ مُشْتَرَكاً. 33وَبِقُوَّةٍ
عَظِيمَةٍ كَانَ الرُّسُلُ يُؤَدُّونَ الشَّهَادَةَ بِقِيَامَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ
وَنِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِهِمْ 34إِذْ
لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مُحْتَاجاً لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ كَانُوا أَصْحَابَ
حُقُولٍ أَوْ بُيُوتٍ كَانُوا يَبِيعُونَهَا وَيَأْتُونَ بِأَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ
35وَيَضَعُونَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ
الرُّسُلِ فَكَانَ يُوزَّعُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ كَمَا يَكُونُ لَهُ احْتِيَاجٌ»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ4: 32-35).
ولم يكن هذا مثالاً عاماً ليحذوا الجميع حذوه «4أَلَيْسَ وَهُوَ بَاقٍ كَانَ يَبْقَى لَكَ؟
وَلَمَّا بِيعَ أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ؟ فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي
قَلْبِكَ هَذَا الأَمْرَ؟ أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللهِ»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ5: 4)، ولكنه يقدم لنا صورة
رائعة للكنيسة الأولى، واستعداد المؤمنين للبذل والعطاء.
ويحرض الإِنْجِيل المؤمنين أن يشتغلوا، لا لسد أعوازهم
فحسب، بل لمساعدة الآخرين في حاجتهم، وأن الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ قال: مغبوط
هو العطاء أكثر من الأخذ، وجعل الرسول من نفسه قدوة في ذلك «34أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ حَاجَاتِي
وَحَاجَاتِ الَّذِينَ مَعِي خَدَمَتْهَا هَاتَانِ الْيَدَانِ. 35فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرَيْتُكُمْ أَنَّهُ هَكَذَا
يَنْبَغِي أَنَّكُمْ تَتْعَبُونَ وَتَعْضُدُونَ الضُّعَفَاءَ مُتَذَكِّرِينَ
كَلِمَاتِ الرَّبِّ يَسُوعَ أَنَّهُ قَالَ: مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ
مِنَ الأَخْذِ»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ20:
34و35)، «13فَإِنَّهُ لَيْسَ لِكَيْ
يَكُونَ لِلآخَرِينَ رَاحَةٌ وَلَكُمْ ضِيقٌ، 14بَلْ
بِحَسَبِ الْمُسَاوَاةِ. لِكَيْ تَكُونَ فِي هَذَا الْوَقْتِ فُضَالَتُكُمْ
لِإِعْوَازِهِمْ، كَيْ تَصِيرَ فُضَالَتُهُمْ لِإِعْوَازِكُمْ، حَتَّى تَحْصُلَ
الْمُسَاوَاةُ. 15كَمَا هُوَ
مَكْتُوبٌ: «الَّذِي جَمَعَ كَثِيراً لَمْ يُفْضِلْ، وَالَّذِي جَمَعَ قَلِيلاً
لَمْ يُنْقِصْ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ8: 13-15)، «28لاَ يَسْرِقِ السَّارِقُ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ
بِالْحَرِيِّ يَتْعَبُ عَامِلاً الصَّالِحَ بِيَدَيْهِ، لِيَكُونَ لَهُ أَنْ
يُعْطِيَ مَنْ لَهُ احْتِيَاجٌ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ4: 28). كما يجب ألا يكون الإنسان مستعداً
لشهوة الغنى «30وَالَّذِينَ يَبْكُونَ
كَأَنَّهُمْ لاَ يَبْكُونَ وَالَّذِينَ يَفْرَحُونَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَفْرَحُونَ
وَالَّذِينَ يَشْتَرُونَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَمْلِكُونَ 31وَالَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ هَذَا الْعَالَمَ
كَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَعْمِلُونَهُ. لأَنَّ هَيْئَةَ هَذَا الْعَالَمِ تَزُولُ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ
كُورِنْثُوسَ7: 30و31).
ورغم أن الإِنْجِيل أدرك مشاكل الغنى في الكنيسة «7لأَنَّهُ مَنْ يُمَيِّزُكَ؟ وَأَيُّ شَيْءٍ لَكَ
لَمْ تَأْخُذْهُ؟ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ فَلِمَاذَا تَفْتَخِرُ كَأَنَّكَ
لَمْ تَأْخُذْ؟ 8إِنَّكُمْ قَدْ
شَبِعْتُمْ! قَدِ اسْتَغْنَيْتُمْ! مَلَكْتُمْ بِدُونِنَا! وَلَيْتَكُمْ
مَلَكْتُمْ لِنَمْلِكَ نَحْنُ أَيْضاً مَعَكُمْ!»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ4: 7و8)، فقد أراد
أساساً أن يعيد تعريف الغنى الحقيقي، بأنه حضور الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وعمله
في الكنيسة.
لقد كان الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ «9فَإِنَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ،
أَنَّهُ مِنْ
أَجْلِكُمُ افْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ، لِكَيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ
كُورِنْثُوسَ8: 9)، «4أَمْ
تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ
أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ2:
4)، «23وَلِكَيْ يُبَيِّنَ غِنَى
مَجْدِهِ عَلَى آنِيَةِ رَحْمَةٍ قَدْ سَبَقَ فَأَعَدَّهَا لِلْمَجْدِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ9:
23)، «12لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ
الْيَهُودِيِّ وَالْيُونَانِيِّ لأَنَّ رَبّاً وَاحِداً لِلْجَمِيعِ غَنِيّاً
لِجَمِيعِ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِهِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ10: 12).
ويجب أن «16لِتَسْكُنْ فِيكُمْ
كَلِمَةُ الْمَسِيحِ بِغِنىً، وَأَنْتُمْ بِكُلِّ حِكْمَةٍ مُعَلِّمُونَ وَمُنْذِرُونَ
بَعْضُكُمْ بَعْضاً، بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ،
بِنِعْمَةٍ،
مُتَرَنِّمِينَ فِي
قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ كُولُوسِّي3: 16)، فهم الذين استغنوا في الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ في كل كلمة وكل علم «5أَنَّكُمْ
فِي كُلِّ شَيْءٍ اسْتَغْنَيْتُمْ فِيهِ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ وَكُلِّ عِلْمٍ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ
كُورِنْثُوسَ1: 5)، «11مُسْتَغْنِينَ
فِي كُلِّ شَيْءٍ لِكُلِّ سَخَاءٍ يُنْشِئُ بِنَا شُكْراً لِلَّهِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ
كُورِنْثُوسَ9: 11)،
والذين أعلن الله لهم «27الَّذِينَ ارَادَ اللهُ انْ يُعَرِّفَهُمْ مَا هُوَ غِنَى مَجْدِ
هَذَا السِّرِّ فِي الأُمَمِ، الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ رَجَاءُ
الْمَجْدِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ
كُولُوسِّي1: 27)،
وغنى يقين الفهم «2لِكَيْ
تَتَعَزَّى قُلُوبُهُمْ مُقْتَرِنَةً فِي الْمَحَبَّةِ لِكُلِّ غِنَى يَقِينِ
الْفَهْمِ، لِمَعْرِفَةِ
سِرِّ اللهِ الآبِ وَالْمَسِيحِ،»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ كُولُوسِّي2: 2)،
وغنى مجد ميراثه فى القديسين «18مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا
مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي
الْقِدِّيسِينَ،»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى
أَهْلِ أَفَسُسَ1: 18)، «16لِكَيْ
يُعْطِيَكُمْ بِحَسَبِ غِنَى مَجْدِهِ أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ
فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ،»(رِّسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ3: 16).
فالغنى الحقيقي إنما هو في المحبة المضحية في الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الذي هو المحبة المتجسد
«4الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ.
الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ وَلاَ تَنْتَفِخُ 5وَلاَ تُقَبِّحُ وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا
وَلاَ تَحْتَدُّ وَلاَ تَظُنُّ السُّؤَ 6وَلاَ
تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ. 7وَتَحْتَمِلُ
كُلَّ شَيْءٍ وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ. 8اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ
أَبَداً. وَأَمَّا النُّبُوَّاتُ فَسَتُبْطَلُ وَالأَلْسِنَةُ فَسَتَنْتَهِي
وَالْعِلْمُ فَسَيُبْطَلُ. 9لأَنَّنَا
نَعْلَمُ بَعْضَ الْعِلْمِ وَنَتَنَبَّأُ بَعْضَ التَّنَبُّؤِ. 10وَلَكِنْ مَتَى جَاءَ الْكَامِلُ فَحِينَئِذٍ
يُبْطَلُ مَا هُوَ بَعْضٌ. 11لَمَّا
كُنْتُ طِفْلاً كَطِفْلٍ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ وَكَطِفْلٍ كُنْتُ أَفْطَنُ
وَكَطِفْلٍ كُنْتُ أَفْتَكِرُ. وَلَكِنْ لَمَّا صِرْتُ رَجُلاً أَبْطَلْتُ مَا
لِلطِّفْلِ. 12فَإِنَّنَا نَنْظُرُ
الآنَ فِي مِرْآةٍ فِي لُغْزٍ لَكِنْ حِينَئِذٍ وَجْهاً لِوَجْهٍ. الآنَ أَعْرِفُ
بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ لَكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ. 13أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ الإِيمَانُ
وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ هَذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلَكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ
الْمَحَبَّةُ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى
إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ13: 4-13).
ويقول بُولُسَ الرَّسُولِ:
«8لِي أَنَا أَصْغَرَ جَمِيعِ
الْقِدِّيسِينَ أُعْطِيَتْ هَذِهِ النِّعْمَةُ، أَنْ أُبَشِّرَ بَيْنَ الأُمَمِ بِغِنَى الْمَسِيحِ الَّذِي
لاَ يُسْتَقْصَى،»(رِّسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ3: 8).
كما تشمل رسائل الإِنْجِيل الأخرى تحذيرات جازمة فيما
يختص بمخاطر الغنى «1هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا
الأَغْنِيَاءُ، ابْكُوا مُوَلْوِلِينَ عَلَى شَقَاوَتِكُمُ الْقَادِمَةِ. 2غِنَاكُمْ قَدْ تَهَرَّأَ، وَثِيَابُكُمْ قَدْ
أَكَلَهَا الْعُثُّ. 3ذَهَبُكُمْ
وَفِضَّتُكُمْ قَدْ صَدِئَا، وَصَدَأُهُمَا يَكُونُ شَهَادَةً عَلَيْكُمْ،
وَيَأْكُلُ لُحُومَكُمْ كَنَارٍ! قَدْ كَنَزْتُمْ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ. 4هُوَذَا أُجْرَةُ الْفَعَلَةِ الَّذِينَ حَصَدُوا
حُقُولَكُمُ الْمَبْخُوسَةُ مِنْكُمْ تَصْرُخُ، وَصِيَاحُ الْحَصَّادِينَ قَدْ
دَخَلَ إِلَى أُذْنَيْ رَبِّ الْجُنُودِ. 5قَدْ
تَرَفَّهْتُمْ عَلَى الأَرْضِ وَتَنَعَّمْتُمْ وَرَبَّيْتُمْ قُلُوبَكُمْ، كَمَا
فِي يَوْمِ الذَّبْحِ. 6حَكَمْتُمْ
عَلَى الْبَارِّ. قَتَلْتُمُوهُ. لاَ يُقَاوِمُكُمْ!»(رِّسَالَةُ
يَعْقُوبُ الرَّسُولِ5: 1-6)،
وضد المحاباة للغنى «1يَا
إِخْوَتِي، لاَ يَكُنْ لَكُمْ إِيمَانُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، رَبِّ
الْمَجْدِ، فِي الْمُحَابَاةِ. 2فَإِنَّهُ
إِنْ دَخَلَ إِلَى مَجْمَعِكُمْ رَجُلٌ بِخَوَاتِمِ ذَهَبٍ فِي لِبَاسٍ بَهِيٍّ،
وَدَخَلَ أَيْضاً فَقِيرٌ بِلِبَاسٍ وَسِخٍ، 3فَنَظَرْتُمْ
إِلَى اللاَّبِسِ اللِّبَاسَ الْبَهِيَّ وَقُلْتُمْ لَهُ: «اجْلِسْ أَنْتَ هُنَا
حَسَناً». وَقُلْتُمْ لِلْفَقِيرِ: «قِفْ أَنْتَ هُنَاكَ» أَوِ: «اجْلِسْ هُنَا
تَحْتَ مَوْطِئِ قَدَمَيَّ» 4فَهَلْ
لاَ تَرْتَابُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ، وَتَصِيرُونَ قُضَاةَ أَفْكَارٍ شِرِّيرَةٍ؟ 5اسْمَعُوا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، أَمَا
اخْتَارَ اللَّهُ فُقَرَاءَ هَذَا الْعَالَمِ أَغْنِيَاءَ فِي الإِيمَانِ،
وَوَرَثَةَ الْمَلَكُوتِ الَّذِي وَعَدَ بِهِ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُ؟ 6وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَهَنْتُمُ الْفَقِيرَ.
أَلَيْسَ الأَغْنِيَاءُ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْكُمْ وَهُمْ يَجُرُّونَكُمْ إِلَى
الْمَحَاكِمِ؟7أَمَا هُمْ يُجَدِّفُونَ عَلَى الاِسْمِ الْحَسَنِ الَّذِي دُعِيَ
بِهِ عَلَيْكُمْ؟»(رِّسَالَةُ يَعْقُوبُ الرَّسُولِ2:
1-7)،
وضد السعى وراء الغنى، فيقول الإِنْجِيل: «8فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ
وَكِسْوَةٌ فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا. 9وَأَمَّا
الَّذِينَ يُرِيدُونَ
أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فَيَسْقُطُونَ فِي تَجْرِبَةٍ وَفَخٍّ وَشَهَوَاتٍ
كَثِيرَةٍ غَبِيَّةٍ وَمُضِرَّةٍ تُغَرِّقُ النَّاسَ فِي الْعَطَبِ وَالْهَلاَكِ،
10لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ،
الَّذِي إِذِ
ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ
كَثِيرَةٍ...11وَأَمَّا أَنْتَ يَا
إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هَذَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ
وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى تِيمُوثَاوُسَ6: 8-11)، «5لِتَكُنْ سِيرَتُكُمْ خَالِيَةً مِنْ مَحَبَّةِ
الْمَالِ. كُونُوا مُكْتَفِينَ بِمَا عِنْدَكُمْ، لأَنَّهُ قَالَ: «لاَ أُهْمِلُكَ
وَلاَ أَتْرُكُكَ»(الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ13:
5).
كما أن الإِنْجِيل يوصي الأَغْنِيَاءَ «17أَوْصِ الأَغْنِيَاءَ فِي الدَّهْرِ الْحَاضِرِ أَنْ لاَ
يَسْتَكْبِرُوا، وَلاَ يُلْقُوا رَجَاءَهُمْ عَلَى غَيْرِ يَقِينِيَّةِ
الْغِنَى، بَلْ
عَلَى اللهِ الْحَيِّ الَّذِي يَمْنَحُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنًى لِلتَّمَتُّعِ.
18وَأَنْ يَصْنَعُوا صَلاَحاً، وَأَنْ يَكُونُوا
أَغْنِيَاءَ فِي أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، وَأَنْ يَكُونُوا أَسْخِيَاءَ فِي الْعَطَاءِ كُرَمَاءَ فِي
التَّوْزِيعِ، 19مُدَّخِرِينَ
لأَنْفُسِهِمْ أَسَاساً حَسَناً لِلْمُسْتَقْبَلِ، لِكَيْ يُمْسِكُوا
بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى تِيمُوثَاوُسَ6: 17-19).
وقد لا يكون ثمة تحذير أقوى من التحذير الذي وجهه الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ المقام لكنيسة اللاودكيين لأجل فتورها الروحي: «17لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ
اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ
الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ. 18أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي
ذَهَباً مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِيَ، وَثِيَاباً بِيضاً لِكَيْ
تَلْبَسَ، فَلاَ يَظْهَرُ خِزْيُ عُرْيَتِكَ. وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْلٍ
لِكَيْ تُبْصِرَ»(سِفْرُ رُؤْيَا يُوحَنَّا
اللاَّهُوتِيِّ3: 17و18).
0 التعليقات:
إرسال تعليق