السَّلاَمِ عطية الله
إعداد
د. القس سامي منير اسكندر
إن كان السَّلاَمِ هو ثمرة البِرّ، فهل يكون الأشرار في سلام «3لأَنِّي غِرْتُ مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ إِذْ رَأَيْتُ سَلاَمَةَ
الأَشْرَارِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور73: 3)؟ سيتوارد الجواب على هذا
السؤال المثير للقلق، خلال التاريخ الديني كلّه. لقد اعتبر الإِنْسَانِ السَّلاَمِ
أولاً سعادة أرضية، وفيما بعد، بدا له خيراً يزداد روحانية أكثر فأكثر، بحكم مصدره
السماوي.
1) إله السَّلاَمِ: «يَهْوَهَ شَلُومَ»
منذ بداية التاريخ المدوّن في الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ،
نرى جدعون يبني مذبحاً للرب ويدعوه «إله السَّلاَمِ» «24فَبَنَى جِدْعُونُ هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ
وَدَعَاهُ «يَهْوَهَ
شَلُومَ». إِلَى هَذَا الْيَوْمِ لَمْ يَزَلْ فِي عَفْرَةِ
الأَبِيعَزَرِيِّينَ»(سِفْرُ اَلْقُضَاة6: 24).
إن الله الذي له السلطان والهيبة «2السُّلْطَانُ وَالْهَيْبَةُ عِنْدَهُ. هُوَ صَانِعُ السَّلاَمِ فِي
أَعَالِيهِ»(سِفْرُ أَيُّوبَ25: 2)،
يمكنه أن يجري السَّلاَمِ «7مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ صَانِعُ السَّلاَمِ
وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هَذِهِ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ45: 7).
ومنه إذاً ننتظر هذا الخير: «27لِيَهْتِفْ وَيَفْرَحِ الْمُبْتَغُونَ حَقِّي
وَلْيَقُولُوا دَائِماً: «لِيَتَعَظَّمِ الرَّبُّ الْمَسْرُورُ بِسَلاَمَةِ
عَبْدِهِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور35: 27):
يمنح السَّلاَمِ لإسرائيل «26يَرْفَعُ الرَّبُّ وَجْهَهُ عَليْكَ وَيَمْنَحُكَ سَلاماً» (سِفْرُ اَلْعَدَد6: 26)، شعبه «11الرَّبُّ يُعْطِي عِزّاً لِشَعْبِهِ. الرَّبُّ يُبَارِكُ
شَعْبَهُ بِالسَّلاَمِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور29: 11)،
ويعطي بيت داود سلاماً «33فَيَرْتَدُّ دَمُهُمَا عَلَى رَأْسِ يُوآبَ وَرَأْسِ
نَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ، وَيَكُونُ لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ وَبَيْتِهِ
وَكُرْسِيِّهِ سَلاَمٌ
إِلَى الأَبَدِ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ»(سِفْرُ
اَلْمُلُوكِ الأَوَّلُ2: 33).
وكذلك الكهنوت: «5كَانَ عَهْدِي مَعَهُ لِلْحَيَاةِ وَالسَّلاَمِ
وَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُمَا لِلتَّقْوَى. فَاتَّقَانِي وَمِنِ اسْمِي ارْتَاعَ
هُوَ»(سِفْرُ مَلاَخِي2: 5). ولذلك، من اعتمد على الرب
يمكنه أن ينام بسلام «8بِسَلاَمَةٍ أَضْطَجِعُ بَلْ أَيْضاً أَنَامُ لأَنَّكَ أَنْتَ يَا
رَبُّ مُنْفَرِداً فِي طُمَأْنِينَةٍ تُسَكِّنُنِي»(سِفْرُ
اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور4: 8)، «3ذُو الرَّأْيِ الْمُمَكَّنِ تَحْفَظُهُ سَالِماً سَالِماً
لأَنَّهُ عَلَيْكَ مُتَوَكِّلٌ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ26: 3). «6اسْأَلُوا سَلاَمَةَ أُورُشَلِيمَ. لِيَسْتَرِحْ
مُحِبُّوكِ. 7لِيَكُنْ سَلاَمٌ فِي
أَبْرَاجِكِ رَاحَةٌ فِي قُصُورِكِ. 8مِنْ
أَجْلِ إِخْوَتِي وَأَصْحَابِي لَأَقُولَنَّ: «سَلاَمٌ بِكِ»(سِفْرُ
اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور122: 6-8)، «5أَمَّا الْعَادِلُونَ إِلَى طُرُقٍ مُعَوَّجَةٍ
فَيُذْهِبُهُمُ الرَّبُّ مَعَ فَعَلَةِ الإِثْمِ. سَلاَمٌ عَلَى إِسْرَائِيلَ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور125: 5)، «6وَتَرَى بَنِي بَنِيكَ. سَلاَمٌ عَلَى إِسْرَائِيلَ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور128: 6).
2) عطية السَّلاَمِ، إله السَّلاَمِ :
يحصل الإِنْسَانِ على هذه العطية الإلهيّة بالصلاة المفعمة ثقة، ولكن
أيضاً بممارسة «أعمال البر»، لأنّ عليه، بحسب تدبير الله
عينه، أن يشارك في تأسيس السَّلاَمِ على الأرض. وتبدو مشاركته ملتبسةً من جراء
الخطيئة الحاضرة دائماً. إنّ تاريخ زمن القضاة هو تاريخ الله الذي يقيم محررين
يكلفهم بأن يعيدوا السَّلاَمِ الذي فقده إسرائيل بخطاياه. قد ظن داود أنه قام
بواجبه لما أراح البلد من كل أعدائه «1وَكَانَ لَمَّا سَكَنَ الْمَلِكُ فِي بَيْتِهِ
وَأَرَاحَهُ الرَّبُّ مِنْ كُلِّ الْجِهَاتِ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِهِ»(سِفْرُ صَمُوئِيلَ الثَّانِي7: 1)، إلا أن الملك المثالي هو سليمان،
ومعنى اسمه: صَاحِبَ رَاحَةٍ أو سلام «9هُوَذَا يُولَدُ لَكَ ابْنٌ يَكُونُ صَاحِبَ رَاحَةٍ،
وَأُرِيحُهُ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِهِ حَوَالَيْهِ، لأَنَّ اسْمَهُ يَكُونُ
سُلَيْمَانَ. فَأَجْعَلُ سَلاَماً وَسَكِينَةً فِي إِسْرَائِيلَ فِي أَيَّامِهِ»(سِفْرُ أَخْبَارِ الأَيَّامِ
الأَوَّلُ22: 9). وقد اتحد خلال ملكه شعبا الشمال والجنوب اتحاداً أخوياً (سِفْرُ اَلْمُلُوكِ الأَوَّلُ 5).