فاتحة
التبرير
إعداد
د. القس سامي منير اسكندر
إذا قال أحد: «لا الآب عاقب ابنه، بل عن حب بذله ولا
الإبن عاقب نفسه، بل أحبنا واسلم ذاته من أجلناولا نحن وقع علينا عقاب فى الحقيقة بل
فزنا بالبراءة والمحبة والتبنى».
نقول إن هذه كلمة غير سليمة، فنحن أبداً لم ولن نفوز
بالبراءة، فنحن خطاة، حتى النفس الأخير، ولكننا إذ كنا «1وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتاً بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا،»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ2: 1)،
ومستحقون العقوبة والموت، أحيانًا معه بفدائه المجيد، فصرنا مبررين لا أبرياء.
وحينما ندرس الرسالة إلى رومية نجد أن الإِنْجِيل: فى الإصحاح الأول أن الأمم خطاة...وفى الإصحاح
الثانى أن اليهود خطاة... وفى الإصحاح الثالث أن الجميع خطاة...
ولذلك بررنا الله الآب، بموت الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ على الصليب، وهكذا صرنا «24مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ
الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ 25الَّذِي
قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ
الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ. 26لإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ
لِيَكُونَ بَارّاً وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الإِيمَانِ بِيَسُوعَ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ3: 24-26). نحن إذن نتبرر بالإيمان
العامل بالمحبة، ولكننا لسنا أبرياء!!
ü التبرير
والتبرير لا يراد به فقط، خلاص المؤمنين الحقيقيين من وصمة الخطايا (التي
كانت لاصقة بهم) مثل الغفران، بل يُراد به أيضاً صيرورتهم أبراراً أمام الله، أي
كأشخاص لم يرتكبوا خطيئة على الإطلاق. وفي الوقت نفسه عملوا كل البر الذي يريده
الله. ولا غرابة في ذلك، فكما أن الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بنيابته عنا حُسبت
عليه خطايانا بكل شناعتها، كذلك بسبب هذه النيابة عينها يحسب لنا بره الذي يفوق كل
بر في الوجود.
كان النبيان أَيُّوبَ ودَاوُدَ يبحثان قديماً عن هذا التبرير، فلم يجدا إليه سبيلاً. فتساءل الأول: «2صَحِيحٌ. قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ كَذَا. فَكَيْفَ
يَتَبَرَّرُ الإِنْسَانُ عِنْدَ اللهِ؟»(سِفْرُ أَيُّوبَ9: 2)، «4فَكَيْفَ يَتَبَرَّرُ الإِنْسَانُ عِنْدَ اللهِ وَكَيْفَ
يَزْكُو مَوْلُودُ الْمَرْأَةِ؟»(سِفْرُ أَيُّوبَ25: 4). وخاطب دَاوُدَ المولى «2وَلاَ تَدْخُلْ فِي الْمُحَاكَمَةِ مَعَ عَبْدِكَ
فَإِنَّهُ لَنْ يَتَبَرَّرَ قُدَّامَكَ حَيٌّ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور143: 2).
لكن التبرير الذي نظر هذان التقيان إليه كأمر لا يمكن الحصول عليه،
تحقق بفضل كفاية كفارة الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. فقد قال الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ للمؤمنين الحقيقيين: «24مُتَبَرِّرِينَ
مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ 25الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ
لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ
بِإِمْهَالِ اللهِ. 26لإِظْهَارِ
بِرِّهِ فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لِيَكُونَ بَارّاً وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ
الإِيمَانِ بِيَسُوعَ. 27فَأَيْنَ
الافْتِخَارُ؟ قَدِ انْتَفَى. بِأَيِّ نَامُوسٍ؟ أَبِنَامُوسِ الأَعْمَالِ؟
كَلاَّ. بَلْ بِنَامُوسِ الإِيمَانِ. 28إِذاً
نَحْسِبُ أَنَّ الإِنْسَانَ يَتَبَرَّرُ بِالإِيمَانِ بِدُونِ أَعْمَالِ
النَّامُوسِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ
رُومِيَةَ3: 24-28).
وقالوا أيضاً: «21وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ
النَّامُوسِ مَشْهُوداً لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ 22بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ إِلَى
كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. 23إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ 24مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ
الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ
رُومِيَةَ3: 21- 24).
وأن الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ «25الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا
وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ
رُومِيَةَ4: 25). وأن «39وَبِهَذَا يَتَبَرَّرُ
كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ مِنْ كُلِّ مَا لَمْ تَقْدِرُوا أَنْ تَتَبَرَّرُوا مِنْهُ
بِنَامُوسِ مُوسَى»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ13: 39).
هناك فرق بين التبرير وبين ثمر البر. فالأول التبرير هو ما يحسبه الله لنا بفضل كفاية كفارة الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ عند الإيمان الحقيقي به، أما الثاني ثمر البر فهو الأعمال الصالحة الخالية من النقائص، التي نقوم بها
نحن المؤمنين بفضل عمل روح الله في نفوسنا. والتبرير كامل كل الكمال وغير قابل للزيادة على الإطلاق بالنسبة
إلى كل واحد منا، كما أنه هو الأساس الوحيد لقبولنا أمام الله (لأننا لا نستطيع
بكل أعمالنا الصالحة أن نكفر عن خطيئة واحدة من خطايانا). أما ثمر البر فيختلف قدره من واحد إلى آخر منا، لأننا نحن الذين نعمله
بأنفسنا. أما من جهة فائدته فإنه الأساس الذي عليه يعطينا الله ما يراه من مكافأة
أو أكاليل: «4وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ عَرْشاً.
وَرَأَيْتُ عَلَى الْعُرُوشِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ شَيْخاً جَالِسِينَ مُتَسَرْبِلِينَ
بِثِيَابٍ بِيضٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِمْ أَكَالِيلُ مِنْ ذَهَبٍ.
10يَخِرُّ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخاً قُدَّامَ
الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ، وَيَسْجُدُونَ لِلْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ،
وَيَطْرَحُونَ أَكَالِيلَهُمْ أَمَامَ الْعَرْشِ قَائِلِينَ:»(سِفْرُ رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ4:
4و10)، بجانب التمتع بالقبول الأبدي أمامه على أساس كفاية كفارة الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ.
0 التعليقات:
إرسال تعليق