الأناجيل الأربعة
إعداد
د. القس سامي منير اسكندر
الأناجيل الأربعة
إعداد
د. القس سامي
منير اسكندر
نسب
الكتاب المسيحيون في القرن الثاني الميلادي، الأربعة الأناجيل إلى مَتَّى ومَرْقُسَ ولُوقَا ويُوحَنَّا. وقد تسلمت الكنيسة هذه الكتابات
كسجلات يوثق بها وذات سلطان إذ تحتوي على شهادة الرسل عن حياة الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ وتعاليمه. وابتدأ الكتاب المسيحيون من القرن الثاني
الميلادي باقتباس هذه الأناجيل وشرحها وقاموا بعمل ترجمات منها إلى لغات متنوعة
كالسريانية والقبطية واللاتينية، ولذا فما من شك في أن هذه الأناجيل سجّلات رسولية
صحيحة وصادقة. وتؤدي الرسائل في الإِنْجِيل صورة الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وتعاليمه وأعماله
وشخصه كإنسان وإله كما وردت في هذه الأناجيل.
ولكل
من الأناجيل الأربعة خاصياته المميزة له التي تفرد بها بسبب غرض الكاتب في كتابته
والأشخاص الذين كتب إليهم كما كانت ماثله في ذهنه. فقد كتب مَتَّى
وجهة
النظر اليهودية، وهو يقدم لنا الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
كالمسيا
الملك
الذي تمت فيه نبوات العهد القديم. ومَرْقُسَ
يكتب
للأمم وربما كان يقصد الرومانيين منهم بوجه خاص، وهو يقدم لنا فوق كل شيء قوة الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ
للخلاص
كما تظهر في معجزاته. أما لُوقَا، وهو يكتب للمثقفين من اليونان، يكتب
لهم في لغة بأسلوب أكثر روعة مما كتب غيره من كتبة الأناجيل، ويُظهر لنا تأثير الرسول
بولس
في
إبراز نعمة الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ التي تشمل الساقطين والمنبوذين والفقراء والمساكين
بعطفه. أما قصد يُوحَنَّا
الخاص
فهو في أن يُظهر الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ
كالكلمة
المتجسدة الذي يعلن الآب للذين يقبلونه «30وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ
تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. 31وَأَمَّا
هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ
اللَّهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ»(إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا20: 30و31).
ويوجد
بين الأناجيل الثلاثة الأولى كثير من التشابه ولكنها تختلف عن إِنْجِيلُ يُوحَنَّا من عدة أوجه. وبما أن إِنْجِيلُ مَتَّى وإِنْجِيلُ
مَرْقُسَ
وإِنْجِيلُ لُوقَا يقدمون حياة الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
من
وجهات نظر متشابهة على وجه العموم لذا فقد أطلق على هذه الأناجيل الثلاثة اسم
"الأناجيل المتشابهة" أو
Synoptic وهي مأخوذة من كلمة Synopsis اليونانية التي تعني "النظر
معًا" وهؤلاء يركزون كتاباتهم حول تبشير الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
ومناداته
في الجليل بينما يركز إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا
حول عمل الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ
في
اليهودية. ويقدم الثلاثة الأول تعليم الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
عن
الملكوت، وأمثاله وتعليمه للشعب، أما فيسجل لنا تعليم الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ عن نفسه في أحاديث مستفيضة، وتشترك
الأناجيل الأربعة في الشيء الكثير بحيث يؤيدون الواحد الآخر، ويختلفون عن بعضهم
البعض بحيث يكمل الواحد منهم الآخر ويتممه.
أما
المصادر التي استقى منا البشيرون الأربعة
المعلومات
التي ضمنوها في أناجيلهم في مصادر موثوق بها. فقد كان مَتَّى
ويُوحَنَّا
رسولين
اتبعا الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ
ولذا
فمعرفتهما بالحوادث التي سجلاها هي معرفة شخصية. أما مَرْقُسَ
فقد
كان رفيقًا لبطرس وقد ذكر بياس حوالي سنة 140 ميلادية أما مَرْقُسَ ضمَّن في أنجيله ما وعظ به بطرس عن الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. ويحقق
لنا لُوقَا
نفسه
بأنه استقى معلوماته من شهود عيان «1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ
قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، 2كَمَا
سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ،
وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ، 3رَأَيْتُ
أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ
بِتَدْقِيقٍ،أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ،
4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ
الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ»(إِنْجِيلُ
لُوقَا1:
1-4)، ولذا فإننا نجد في الأناجيل شهادة الرسل.
ويظن
بعض العلماء أن إِنْجِيلُ
مَرْقُسَ
هو أول الأناجيل التي دونت، وأن إِنْجِيلُ
مَتَّى
وإِنْجِيلُ لُوقَا
استخدما
على وجه العموم نفس النقاط الرئيسية التي وضعها إِنْجِيلُ مَرْقُسَ. وهنا فريق من النقاد، ويسمون «نقاد الشكل» يؤكدون أن مادة الأناجيل حفظت في
أحاديث شفهية. وقد أشار غيرهم من العلماء إلى أساس أرامي يرى في خلال لغة الأناجيل
اليونانية كما هي بين أيدينا، وأن هذه البقايا الأرامية في الأناجيل دليل على زمن
كتابتها المبكر، ودليل أيضًا على صحتها وصدقها ولا سيما وأن الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
كان
يتكلم الأرامية في أحاديثه. وأخير أن وعد الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لتلاميذه ليؤيد صدق هذه الأناجيل وصحة
رسوليتها. فقد قال «26وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي
سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ
بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ»(إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا14: 26).
0 التعليقات:
إرسال تعليق