صَلاَحٌ ومعناها!
إعداد
د. القس سامي منير اسكندر
الصَلاَحٌ هو الاستقامة والسلامة من العيب، والصَلاَحٌ هو ما يستحق الاستحسان
لأجل القيمة الأدبية المتأصلة فيه، وبسبب تأثيره النافع الظاهر. والإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ يستخدم الكلمة في كلا المعنيين. فيقال مثلاً عن الذهب
أنه جَيِّدٌ
أو صَّالِحُ «12وَذَهَبُ تِلْكَ الأَرْضِ جَيِّدٌ. هُنَاكَ الْمُقْلُ وَحَجَرُ الْجَزْع»(سِفْرُ التَّكْوِينِ2:
12)، كما يقال عن البقرات والسنابل أنها حَسَنَةُ أو صَّالِحُة «26اَلْبَقَرَاتُ السَّبْعُ الْحَسَنَةُ هِيَ سَبْعُ سِنِينَ. وَالسَّنَابِلُ
السَّبْعُ الْحَسَنَةُ هِيَ سَبْعُ سِنِينَ. هُوَ حُلْمٌ وَاحِدٌ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ41:
26)،
وعن الاشجار أنها جيدة أو صَّالِحُة «17هَكَذَا كُلُّ
شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ أَثْمَاراً جَيِّدَةً وَأَمَّا الشَّجَرَةُ
الرَّدِيَّةُ فَتَصْنَعُ أَثْمَاراً رَدِيَّةً»(إِنْجِيلُ
مَتَّى7: 17)،
والكَنْزِ الصَّالِحُ «45اَلإِنْسَانُ
الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ وَالإِنْسَانُ
الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ
فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ»(إِنْجِيلُ
لُوقَا6: 45)،
والأَرْضِ الصَّالِحَةِ «8وَسَقَطَ آخَرُ فِي الأَرْضِ الصَّالِحَةِ، فَلَمَّا
نَبَتَ صَنَعَ ثَمَراً مِئَةَ ضِعْفٍ». قَالَ هَذَا وَنَادَى: «مَنْ لَهُ
أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ!»(إِنْجِيلُ لُوقَا8:
8)…«13أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ
فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ
لِشَيْءٍ إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ»(إِنْجِيلُ مَتَّى5: 13)، «34اَلْمِلْحُ جَيِّدٌ. وَلَكِنْ إِذَا فَسَدَ الْمِلْحُ
فَبِمَاذَا يُصْلَحُ؟»(إِنْجِيلُ لُوقَا14:
34)..إلخ.
ولكن الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ يستخدم أيضاً
الصَلاَحٌ
بالمعنى الأدبي بشكل خاص، ويمكن إيجاز تعليمه عن الصَلاَحٌ كالآتي:
أولاً: الله هو المثال والقدوة لكل ما هو صَّالِحُ:
فعندما يتكلم الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ عن
ما هو صَّالِحُ، فأنه يقدم الله نفسه كالمثل الأعلى فيقول المرنم: «5لأَنَّ الرَّبَّ
صَالِحٌ. إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتُهُ وَإِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ أَمَانَتُه»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور100: 5)، فكل ما يخططه
ويفعله ويخلقه ويأمر به ويرضى عنه، صَّالِحُ. وفي الواقع ليس هناك من هو صَّالِحُ،
بلا حدود أو قيود، سوى الله «18فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ
أَحَدٌ صَالِحاً إلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ»(إِنْجِيلُ
مَرْقُسَ10: 18)، فهو المثال والديَّأن والمقرَّر لِمَا هو صَّالِحُ ولا
يعتبر الأنسان أو أي شيء آخر صَّالِحُاً إلا إذا كان مشابهاً لله مطابقاً لمشيئته.
ثانياً: اعمال الله صَّالِحُة:
فأعمال الله تنم عن صفاته
وحكمته وقدرته «24مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ! كُلَّهَا بِحِكْمَةٍ
صَنَعْتَ. مَلآنَةٌ الأَرْضُ مِنْ غِنَاكَ. 25هَذَا الْبَحْرُ الْكَبِيرُ الْوَاسِعُ الأَطْرَافِ. هُنَاكَ
دَبَّابَاتٌ بِلاَ عَدَدٍ. صِغَارُ حَيَوَانٍ مَعَ كِبَارٍ. 26هُنَاكَ تَجْرِي
السُّفُنُ. لَوِيَاثَانُ هَذَا خَلَقْتَهُ لِيَلْعَبَ فِيهِ. 27كُلُّهَا إِيَّاكَ
تَتَرَجَّى لِتَرْزُقَهَا قُوتَهَا فِي حِينِهِ. 28تُعْطِيهَا
فَتَلْتَقِطُ. تَفْتَحُ يَدَكَ فَتَشْبَعُ خَيْراً. 29تَحْجُبُ وَجْهَكَ
فَتَرْتَاعُ. تَنْزِعُ أَرْوَاحَهَا فَتَمُوتُ وَإِلَى تُرَابِهَا تَعُودُ. 30تُرْسِلُ رُوحَكَ
فَتُخْلَقُ. وَتُجَدِّدُ وَجْهَ الأَرْضِ. 31يَكُونُ مَجْدُ الرَّبِّ إِلَى الدَّهْرِ. يَفْرَحُ الرَّبُّ
بِأَعْمَالِهِ. 32النَّاظِرُ إِلَى الأَرْضِ فَتَرْتَعِدُ. يَمَسُّ الْجِبَالَ
فَتُدَخِّنُ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور104:
24-32)، «19إِذْ
مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ. 20لأَنَّ مُنْذُ خَلْقِ
الْعَالَمِ تُرَى أُمُورُهُ غَيْرُ الْمَنْظُورَةِ وَقُدْرَتُهُ السَّرْمَدِيَّةُ
وَلاَهُوتُهُ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ1:
19و20)، وتعلن مجده «1اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ وَالْفَلَكُ
يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ. 2يَوْمٌ إِلَى يَوْمٍ يُذِيعُ كَلاَماً وَلَيْلٌ إِلَى لَيْلٍ
يُبْدِي عِلْماً. 3لاَ قَوْلَ وَلاَ كَلاَمَ. لاَ يُسْمَعُ صَوْتُهُمْ. 4فِي كُلِّ الأَرْضِ
خَرَجَ مَنْطِقُهُمْ وَإِلَى أَقْصَى الْمَسْكُونَةِ كَلِمَاتُهُمْ. جَعَلَ
لِلشَّمْسِ مَسْكَناً فِيهَا. 5وَهِيَ مِثْلُ الْعَرُوسِ الْخَارِجِ مِنْ حَجَلَتِهِ.
يَبْتَهِجُ مِثْلَ الْجَبَّارِ لِلسِّبَاقِ فِي الطَّرِيقِ. 6مِنْ أَقْصَى
السَّمَاوَاتِ خُرُوجُهَا وَمَدَارُهَا إِلَى أَقَاصِيهَا وَلاَ شَيْءَ يَخْتَفِي
مِنْ حَرِّهَا. 7نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ
الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيماً. 8وَصَايَا الرَّبِّ
مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ
الْعَيْنَيْنِ. 9خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. أَحْكَامُ
الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا. 10أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ وَأَحْلَى
مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ. 11أَيْضاً عَبْدُكَ يُحَذَّرُ بِهَا وَفِي حِفْظِهَا ثَوَابٌ
عَظِيمٌ. 12اَلسَّهَوَاتُ مَنْ يَشْعُرُ بِهَا! مِنَ الْخَطَايَا
الْمُسْتَتِرَةِ أَبْرِئْنِي. 13أَيْضاً مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ احْفَظْ عَبْدَكَ فَلاَ
يَتَسَلَّطُوا عَلَيَّ. حِينَئِذٍ أَكُونُ كَامِلاً وَأَتَبَرَّأُ مِنْ ذَنْبٍ
عَظِيمٍ. 14لِتَكُنْ أَقْوَالُ فَمِي وَفِكْرُ قَلْبِي مَرْضِيَّةً أَمَامَكَ
يَا رَبُّ صَخْرَتِي وَوَلِيِّي» (سِفْرُ
اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور 19).
وعندما خلق الله العالم،
خطوة بعد خطوة، كان ينظر - بعد كل خطوة- إلى ما خلق ويرى أنه حَسَنٌ أى صَّالِحُ «4وَرَأَى اللهُ
النُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَفَصَلَ اللهُ بَيْنَ
النُّورِ وَالظُّلْمَةِ...10وَدَعَا اللهُ الْيَابِسَةَ أَرْضاً وَمُجْتَمَعَ الْمِيَاهِ
دَعَاهُ بِحَاراً. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ...12فَأَخْرَجَتِ
الأَرْضُ عُشْباً وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْراً كَجِنْسِهِ وَشَجَراً يَعْمَلُ
ثَمَراً بِزْرُهُ فِيهِ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ... 18وَلِتَحْكُمَ عَلَى النَّهَارِ وَاللَّيْلِ
وَلِتَفْصِلَ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ...21فَخَلَقَ اللهُ التَّنَانِينَ الْعِظَامَ
وَكُلَّ نَفْسٍ حَيَّةٍ تَدِبُّ الَّتِي فَاضَتْ بِهَا الْمِيَاهُ كَأَجْنَاسِهَا
وَكُلَّ طَائِرٍ ذِي جَنَاحٍ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَن...25فَعَمِلَ اللهُ وُحُوشَ الأَرْضِ
كَأَجْنَاسِهَا وَالْبَهَائِمَ كَأَجْنَاسِهَا وَجَمِيعَ دَبَّابَاتِ الأَرْضِ
كَأَجْنَاسِهَا. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ1:
4و10و12و18و21و25)،
وعندما تم كل شيء «31وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ (صَّالِحُ) جِدّاً.
وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْماً سَادِساً»(سِفْرُ التَّكْوِينِ1: 31).
وقد بدأت الخطية من المخلوق وليس من الخالق، فلم توجد
الخطية في العالم لأن الله لم يستطع أن يعمل صَّالِحُاً بلا شر، بل لأن المخلوق -
في ملء حرية إرادته - فعل الخطية.
ثالثاً: هبات الله وعطاياه صَّالِحُة:
لأنها تعبير عن جوده ومحبته ورحمته، ولصَّالِحُ خليقته.
ويكتب الرسول يعقوب: «17كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ
مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ
تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ»(رِّسَالَةُ
يَعْقُوبُ الرَّسُولِ1: 17). ففي عنايته ورحمته يصنع ما هو صَّالِحُ لجميع
الناس، للصَّالِحُين والإشرار «45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي
السَّمَاوَاتِ فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحُينَ وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِين»(إِنْجِيلُ مَتَّى5: 45)، «35بَلْ أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ وَأَحْسِنُوا وَأَقْرِضُوا
وَأَنْتُمْ لاَ تَرْجُونَ شَيْئاً فَيَكُونَ أَجْرُكُمْ عَظِيماً وَتَكُونُوا
بَنِي الْعَلِيِّ فَإِنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَى غَيْرِ الشَّاكِرِينَ وَالأَشْرَارِ»(إِنْجِيلُ لُوقَا6: 35)، «17مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ نَفْسَهُ بِلاَ شَاهِدٍ وَهُوَ
يَفْعَلُ خَيْراً يُعْطِينَا مِنَ السَّمَاءِ أَمْطَاراً وَأَزْمِنَةً مُثْمِرَةً وَيَمْلأُ
قُلُوبَنَا طَعَاماً وَسُرُوراً»(سِفْرُ أَعْمَالُ
الرُّسُلِ14: 17)، وكأب سماوي كامل يعطي عطايا صَّالِحُة جيدة لكل أولاده «11فَإِنْ كُنْتُمْ
وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ
يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ»(إِنْجِيلُ
مَتَّى7: 11).
ويبدو صَلاَحٌ الله لشعبه في نَامُوسِ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ، في وعوده العديدة بالبركة والسلام «7لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ
وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى مَمْلَكَتِهِ
لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِالْحَقِّ وَالْبِرِّ مِنَ الآنَ إِلَى الأَبَدِ.
غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هَذَا»(سِفْرُ
إِشَعْيَاءَ9: 7)، «11وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ السَّيِّدَ يُعِيدُ
يَدَهُ ثَانِيَةً لِيَقْتَنِي بَقِيَّةَ شَعْبِهِ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ أَشُّورَ
وَمِنْ مِصْرَ وَمِنْ فَتْرُوسَ وَمِنْ كُوشَ وَمِنْ عِيلاَمَ وَمِنْ شِنْعَارَ
وَمِنْ حَمَاةَ وَمِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ. 12وَيَرْفَعُ رَايَةً لِلأُمَمِ وَيَجْمَعُ مَنْفِيِّي
إِسْرَائِيلَ وَيَضُمُّ مُشَتَّتِي يَهُوذَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَطْرَافِ الأَرْضِ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ11: 11و12)، «19وَأَجْعَلُ فِيهِمْ
آيَةً وَأُرْسِلُ مِنْهُمْ نَاجِينَ إِلَى الأُمَمِ إِلَى تَرْشِيشَ وَفُولَ
وَلُودَ النَّازِعِينَ فِي الْقَوْسِ. إِلَى تُوبَالَ وَيَاوَانَ إِلَى
الْجَزَائِرِ الْبَعِيدَةِ الَّتِي لَمْ تَسْمَعْ خَبَرِي وَلاَ رَأَتْ مَجْدِي
فَيُخْبِرُونَ بِمَجْدِي بَيْنَ الأُمَمِ. 20وَيُحْضِرُونَ كُلَّ إِخْوَتِكُمْ مِنْ كُلِّ الأُمَمِ
تَقْدِمَةً لِلرَّبِّ عَلَى خَيْلٍ وَبِمَرْكَبَاتٍ وَبِهَوَادِجَ وَبِغَالٍ
وَهُجُنٍ إِلَى جَبَلِ قُدْسِي أُورُشَلِيمَ قَالَ الرَّبُّ كَمَا يُحْضِرُ بَنُو
إِسْرَائِيلَ تَقْدِمَةً فِي إِنَاءٍ طَاهِرٍ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ66: 19و20)، «1لأَنَّهُ هُوَذَا فِي
تِلْكَ الأَيَّامِ وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عِنْدَمَا أَرُدُّ سَبْيَ يَهُوذَا
وَأُورُشَلِيمَ. 2أَجْمَعُ كُلَّ الأُمَمِ وَأُنَزِّلُهُمْ إِلَى وَادِي
يَهُوشَافَاطَ وَأُحَاكِمُهُمْ هُنَاكَ عَلَى شَعْبِي وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلَ
الَّذِينَ بَدَّدُوهُمْ بَيْنَ الأُمَمِ وَقَسَمُوا أَرْضِي. 3وَأَلْقُوا
قُرْعَةًعَلَى شَعْبِي وَأَعْطَوُا الصَّبِيَّ لِزَانِيَةٍ وَبَاعُوا الْبِنْتَ
بِخَمْرٍ لِيَشْرَبُوا. 4«وَمَاذَا أَنْتُنَّ لِي يَا صُورُ وَصَيْدُونُ وَجَمِيعَ
دَائِرَةِ فِلِسْطِينَ؟ هَلْ تُكَافِئُونَنِي عَنِ الْعَمَلِ أَمْ هَلْ
تَصْنَعُونَ بِي شَيْئاً؟ سَرِيعاًبِالْعَجَلِ أَرُدُّ عَمَلَكُمْ عَلَى
رُؤُوسِكُمْ. 5لأَنَّكُمْ أَخَذْتُمْ فِضَّتِي وَذَهَبِي وَأَدْخَلْتُمْ
نَفَائِسِي الْجَيِّدَةَ إِلَى هَيَاكِلِكُمْ. 6وَبِعْتُمْ بَنِي
يَهُوذَا وَبَنِي أُورُشَلِيمَ لِبَنِي الْيَاوَانِيِّينَ لِتُبْعِدُوهُمْ عَنْ
تُخُومِهِمْ. 7هَئَنَذَا أُنْهِضُهُمْ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي
بِعْتُمُوهُمْ إِلَيْهِ وَأَرُدُّ عَمَلَكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ. 8وَأَبِيعُ بَنِيكُمْ
وَبَنَاتِكُمْ بِيَدِ بَنِي يَهُوذَا لِيَبِيعُوهُمْ لِلسَّبَائِيِّينَ لأُمَّةٍ
بَعِيدَةٍ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمَ». 9نَادُوا بِهَذَا بَيْنَ الأُمَمِ. قَدِّسُوا حَرْباً.
أَنْهِضُوا الأَبْطَالَ. لِيَتَقَدَّمْ وَيَصْعَدْ كُلُّ رِجَالِ الْحَرْبِ. 10اِطْبَعُوا
سِكَّاتِكُمْ سُيُوفاً وَمَنَاجِلَكُمْ رِمَاحاً. لِيَقُلِ الضَّعِيفُ: بَطَلٌ
أَنَا! 11أَسْرِعُوا وَهَلُمُّوا يَا جَمِيعَ الأُمَمِ مِنْ كُلِّ
نَاحِيَةٍ وَاجْتَمِعُوا. إِلَى هُنَاكَ أَنْزِلْ يَا رَبُّ أَبْطَالَكَ. 12تَنْهَضُ وَتَصْعَدُ
الأُمَمُ إِلَى وَادِي يَهُوشَافَاطَ لأَنِّي هُنَاكَ أَجْلِسُ لأُحَاكِمَ جَمِيعَ
الأُمَمِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. 13أَرْسِلُوا الْمِنْجَلَ لأَنَّ الْحَصِيدَ قَدْ نَضَجَ.
هَلُمُّوا دُوسُوا لأَنَّهُ قَدِ امْتَلَأَتِ الْمِعْصَرَةُ. فَاضَتِ الْحِيَاضُ
لأَنَّ شَرَّهُمْ كَثِيرٌ». 14جَمَاهِيرُ جَمَاهِيرُ فِي وَادِي الْقَضَاءِ لأَنَّ يَوْمَ
الرَّبِّ قَرِيبٌ فِي وَادِي الْقَضَاءِ. 15اَلشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَظْلُمَانِ وَالنُّجُومُ تَحْجِزُ
لَمَعَانَهَا. 16وَالرَّبُّ مِنْ صِهْيَوْنَ يُزَمْجِرُ. وَمِنْ أُورُشَلِيمَ
يُعْطِي صَوْتَهُ فَتَرْجُفُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ. وَلَكِنَّ الرَّبَّ مَلْجَأٌ
لِشَعْبِهِ وَحِصْنٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ»(سِفْر
يُوئِيل3: 1-16).
والنجاح والازدهار «17فَتَعْرِفُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ سَاكِناً فِي
صِهْيَوْنَ جَبَلِ قُدْسِي. وَتَكُونُ أُورُشَلِيمُ مُقَدَّسَةً وَلاَ يَجْتَازُ
فِيهَا الأَعَاجِمُ فِي مَا بَعْدُ». 18وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ الْجِبَالَ تَقْطُرُ
عَصِيراً وَالتِّلاَلَ تَفِيضُ لَبَناًوَجَمِيعَ يَنَابِيعِ يَهُوذَا تَفِيضُ
مَاءً وَمِنْ بَيْتِ الرَّبِّ يَخْرُجُ يَنْبُوعٌ وَيَسْقِي وَادِي السَّنْطِ. «19مِصْرُ تَصِيرُ
خَرَاباً وَأَدُومُ تَصِيرُ قَفْراً خَرِباً مِنْ أَجْلِ ظُلْمِهِمْ لِبَنِي
يَهُوذَا الَّذِينَ سَفَكُوا دَماً بَرِيئاً فِي أَرْضِهِمْ. 20وَلَكِنَّ يَهُوذَا
تُسْكَنُ إِلَى الأَبَدِ وَأُورُشَلِيمَ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ»(سِفْر يُوئِيل3: 17–20)، «13هَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ الرَّبُّ يُدْرِكُ الْحَارِثُ
الْحَاصِدَ وَدَائِسُ الْعِنَبِ بَاذِرَ الزَّرْعِ وَتَقْطُرُ الْجِبَالُ عَصِيراً
وَتَسِيلُ جَمِيعُ التِّلاَلِ. 14وَأَرُدُّ سَبْيَ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ فَيَبْنُونَ مُدُناً خَرِبَةً
وَيَسْكُنُونَ وَيَغْرِسُونَ كُرُوماً وَيَشْرَبُونَ خَمْرَهَا وَيَصْنَعُونَ
جَنَّاتٍ وَيَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا. 15وَأَغْرِسُهُمْ فِي أَرْضِهِمْ وَلَنْ يُقْلَعُوا بَعْدُ مِنْ
أَرْضِهِمِ الَّتِي أَعْطَيْتُهُمْ» قَالَ الرَّبُّ إِلَهُكَ»(سِفْرُ عَامُوسَ9: 13-15).
ونقرأ في الإِنْجِيل «28وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعاً لِلْخَيْرِ
لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ8:
18)، بما في ذلك التأديب «10لأَنَّ أُولَئِكَ أَدَّبُونَا أَيَّاماً قَلِيلَةً حَسَبَ
اسْتِحْسَانِهِمْ، وَأَمَّا هَذَا فَلأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ، لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي
قَدَاسَتِهِ»(الرِّسَالَةُ إِلَى
الْعِبْرَانِيِّينَ12: 10)، والتجارب «2اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ
فِي تَجَارِبَ مُتَنَّوِعَةٍ. 3عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْراً. 4وَأَمَّا الصَّبْرُ
فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ
نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ. 5وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ
فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللَّهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ،
فَسَيُعْطَى لَهُ. 6وَلَكِنْ لِيَطْلُبْ بِإِيمَانٍ غَيْرَ مُرْتَابٍ الْبَتَّةَ،
لأَنَّ الْمُرْتَابَ يُشْبِهُ مَوْجاً مِنَ الْبَحْرِ تَخْبِطُهُ الرِّيحُ
وَتَدْفَعُهُ. 7فَلاَ يَظُنَّ ذَلِكَ الإِنْسَانُ أَنَّهُ يَنَالُ
شَيْئاًمِنْ عِنْدِ الرَّبِّ. 8رَجُلٌ ذُو رَأْيَيْنِ هُوَ مُتَقَلْقِلٌ فِي جَمِيعِ
طُرُقِهِ. 9وَلْيَفْتَخِرِ الأَخُ الْمُتَّضِعُ بِارْتِفَاعِهِ، 10وَأَمَّا الْغَنِيُّ
فَبِاتِّضَاعِهِ، لأَنَّهُ كَزَهْرِ الْعُشْبِ يَزُولُ. 11لأَنَّ الشَّمْسَ
أَشْرَقَتْ بِالْحَرِّ، فَيَبَّسَتِ الْعُشْبَ، فَسَقَطَ زَهْرُهُ وَفَنِيَ
جَمَالُ مَنْظَرِهِ. هَكَذَا يَذْبُلُ الْغَنِيُّ أَيْضاً فِي طُرُقِهِ. 12طُوبَى لِلرَّجُلِ
الَّذِي يَحْتَمِلُ التَّجْرِبَةَ، لأَنَّهُ إِذَا تَزَكَّى يَنَالُ «إِكْلِيلَ
الْحَيَاةِ» الَّذِي وَعَدَ بِهِ الرَّبُّ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ»(رِّسَالَةُ يَعْقُوبُ الرَّسُولِ1: 2-12)، والامتحانات
والاضطهادات «17لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا
أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيّاً»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ4: 17)، فكل هذه
الأمور تدفع المؤمن للالتجاء إلى الله لطلب بركته وقوة الروح القدس.
رابعاً: الله أوامره صَّالِحُة:
فحيث أن شريعة الله هي أنعكاس لصفاته، فأن وصاياه تعلن
كماله الأدبي وكمال مشئيته. فالمثل الأعلى للصَلاَحٌ في الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ هو مشابهة الله الآب «48فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي
السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ»(إِنْجِيلُ مَتَّى5:
48)، كما هو معلن في كلمته وفي حياة وتعاليم الرب يسوع المسيح. فقد جاء المسيح لا
لينقض ناموس الله بل ليتممه لأجل تبريرنا «17لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ
الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ
وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ
إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى
أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا
يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ»(إِنْجِيلُ
مَتَّى5: 17-19)، فالناموس مقدس والوصية مقدسة وعادلة وصَّالِحُة «12إِذاً النَّامُوسُ
مُقَدَّسٌ وَالْوَصِيَّةُ مُقَدَّسَةٌ وَعَادِلَةٌ وَصَالِحَةٌ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ7:
12).
خامساً: الطاعة الصَّالِحُة لوصايا الله:
فالطاعة ترضية وهي أساس البركة والصلاة المستجابة «22وَمَهْمَا سَأَلْنَا
نَنَالُ مِنْهُ، لأَنَّنَا نَحْفَظُ وَصَايَاهُ، وَنَعْمَلُ الأَعْمَالَ الْمَرْضِيَّةَ أَمَامَهُ»(رِّسَالَةُ
يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى3: 22)، «2بِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نُحِبُّ أَوْلاَدَ اللهِ: إِذَا
أَحْبَبْنَا اللهَ وَحَفِظْنَا وَصَايَاهُ. 3فَإِنَّ هَذِهِ هِيَ مَحَبَّةُ اللهِ: أَنْ نَحْفَظَ
وَصَايَاهُ. وَوَصَايَاهُ لَيْسَتْ ثَقِيلَةً،»(رِّسَالَةُ
يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى5: 2و3)، وتبدو ثمارها في القيام بالأعمال الصَّالِحُة
التي أعدها الله للمؤمن ليسلك فيها «16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ
يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي
السَّمَاوَاتِ»(إِنْجِيلُ مَتَّى5: 16)، «10لأَنَّنَا نَحْنُ
عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ
فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ2: 10)، «10لِتَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلرَّبِّ، فِي كُلِّ رِضىً،
مُثْمِرِينَ فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ، وَنَامِينَ فِي مَعْرِفَةِ اللهِ،»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ كُولُوسِّي1:
10)، «8وَاللَّهُ
قَادِرٌ أَنْ
يَزِيدَكُمْ كُلَّ نِعْمَةٍ، لِكَيْ
تَكُونُوا وَلَكُمْ كُلُّ اكْتِفَاءٍ كُلَّ حِينٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ، تَزْدَادُونَ
فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ9: 8).
وبأي معنى يمكن أن يوصف أي عمل بأنه صَّالِحُ؟
عندما يكون هذا العمل حسب مشيئة الله ومطابقاً للمثال
المعلن في كلمة الله الموحى بها «16كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىًبِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ
لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَ التَّأْدِيبِ الَّذِي فِي
الْبِرِّ، 17لِكَيْ يَكُونَ انْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّباً لِكُلِّ
عَمَلٍ صَالِحٍ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
الثَّانِيةُ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ3: 16و17)، وعندما يصدر العمل عن دافع
صحيح، أي بدافع المحبة لله وللآخرين، والعرفان بفضل الله وإحسانه «14لأَنَّ مَحَبَّةَ
الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هَذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ
قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ. فَالْجَمِيعُ إِذاً مَاتُوا»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ
كُورِنْثُوسَ5: 14)، «3مُتَذَكِّرِينَ بِلاَ انْقِطَاعٍ عَمَلَ إِيمَانِكُمْ،
وَتَعَبَ مَحَبَّتِكُمْ، وَصَبْرَ رَجَائِكُمْ، رَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ،
أَمَامَ اللهِ وَأَبِينَا»(رِّسَالَة بُولُسَ
الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ تَسَالُونِيكِي1: 3)، «10لأَنَّ اللهَ لَيْسَ
بِظَالِمٍ حَتَّى يَنْسَى عَمَلَكُمْ وَتَعَبَ الْمَحَبَّةِ الَّتِي
أَظْهَرْتُمُوهَا نَحْوَ اسْمِهِ، إِذْ قَدْ خَدَمْتُمُ الْقِدِّيسِينَ
وَتَخْدِمُونَهُمْ»(الرِّسَالَةُ إِلَى
الْعِبْرَانِيِّينَ6: 10)،
وعندما يتم لهدف صَّالِحُ، أي لامتداد ملكوت الله ونشر
معرفته، ولمجده «16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ
يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ»(إِنْجِيلُ مَتَّى5: 16)، «31فَإِذَا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ أَوْ تَشْرَبُونَ أَوْ
تَفْعَلُونَ شَيْئاً فَافْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ اللهِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ
كُورِنْثُوسَ10: 31)،
وأيضاً «20لأَنَّكُمْ قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ
فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَ لِلَّهِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ
كُورِنْثُوسَ6: 20)، «12وَلْيَكُنْ سُلُوكُكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ سُلُوكاً حَسَناً فَمَعَ
أَنَّهُمْ يَتَّهِمُونَكُمْ زُوراً بِأَنَّكُمْ تَفْعَلُونَ الشَّرَّ، فَحِينَ
يُلاَحِظُونَ أَعْمَالَكُمُ الصَّالِحَةَ يُمَجِّدُونَ اللهَ فِي يَوْمِ
الافْتِقَادِ»(رِّسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ
الأُولَى2: 12).
وقد أعطى الله الناموس للأنسان في صيغتين:
صيغة إيجابية تتضمن محبة الله ومحبة القريب التي هي تكميل الناموس «8لاَ تَكُونُوا فِي دَيْنٍ
لأَحَدٍ، إِلاَّ بِأَنْ يُحِبَّ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَإِنَّ
مَنْ يُحِبُّ غَيْرَهُ، يَكُونُ قَدْ تَمَّمَ الشَّرِيعَةَ...10فَالْمَحَبَّةُ لاَ تَعْمَلُ سُوءاً لِلْقَرِيبِ
وَهَكَذَا تَكُونُ الْمَحَبَّةُ إِتْمَاماً لِلشَّرِيعَةِ كُلِّهَا»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ13:
8و10)،
وصيغة سلبية في سائر الوصايا العشر باستثناء
الوصيتين الرابعة والخامسة، فالله محبة، وتسير قداسته ومحبته جنباً إلى جنب. وهكذا
يجب أن يجمع الإنسان بين المحبة والبر في سلوك منقاد بالروح، حتى تكون أفعاله صَّالِحُة
حقاً «3فَإِنَّ
مَا عَجَزَتِ الشَّرِيعَةُ عَنْهُ، لِكَوْنِ الْجَسَدِ قَدْ جَعَلَهَا
قَاصِرَةًعَنْ تَحْقِيقِهِ، أَتَمَّهُ اللهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ، مُتَّخِذاً مَا
يُشْبِهُ جَسَدَ الْخَطِيئَةِ وَمُكَفِّراً عَنِ الْخَطِيئَةِ فَدَانَ
الْخَطِيئَةَ فِي الْجَسَدِ. 4حَتَّى يَتِمَّ فِينَا الْبِرُّ الَّذِي تَسْعَى إِلَيْهِ
الشَّرِيعَةُ، فِينَا نَحْنُ السَّالِكِينَ لاَ بِحَسَبِ الْجَسَدِ بَلْ بِحَسَبِ
الرُّوحِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى
أَهْلِ رُومِيَةَ8: 3و4)، «22وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: الْمَحَبَّةُ وَالْفَرَحُ
وَالسَّلامُ، وَطُولُ الْبَالِ وَاللُّطْفُ وَالصَّلاَحُ، وَالأَمَانَةُ. 23وَالْوَدَاعَةُ
وَضَبْطُ النَّفْسِ وَلَيْسَ مِنْ قَانُونٍ يَمْنَعُ مِثْلَ هَذِهِ الْفَضَائِلِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ5:
22و23). فالأعمال الصَّالِحُة إذاً هي أعمال المحبة، كما فعلت مريم عندما سكبت
الطيب على الرب يسوع المسيح، فقد قال عنها أنها قد عملت به عملاً حسناً أو صَّالِحُاً
«3وَفِيمَا
كَانَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ عَنْيَا، مُتَّكِئاً فِي بَيْتِ سِمْعَانَ الأَبْرَصِ،
جَاءَتِ امْرَأَةٌ تَحْمِلُ قَارُورَةَ عِطْرٍ مِنَ النَّارِدِينِ الْخَالِصِ
الْغَالِي الثَّمَنِ، فَكَسَرَتِ الْقَارُورَةَ وَسَكَبَتِ الْعِطْرَ عَلَى
رَأْسِهِ. 4فَاسْتَاءَ بَعْضُهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَقَالُوا: «لِمَاذَا
هَذَا التَّبْذِيرُ لِلْعِطْرِ؟ 5فَقَدْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُبَاعَ هَذَا الْعِطْرُ
بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِ مِئَةِ دِينَارٍ، وَيُوهَبَ الثَّمَنُ لِلْفُقَرَاءِ»
وَأَخَذُوا يُؤَنِّبُونَ الْمَرْأَةَ. 6غَيْرَ أَنَّ يَسُوعَ قَالَ: «اتْرُكُوهَا! لِمَاذَا
تُضَايِقُونَهَا؟ إِنَّهَا عَمِلَتْ بِي عَمَلاً حَسَناً»(إِنْجِيلُ مَرْقُسَ14: 3-6)،
وأيضاً «13أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ
فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ
خَارِجاًوَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. 14أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى
مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ. 15وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ
بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. 16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ
هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ
وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ»(إِنْجِيلُ مَتَّى5: 13-16)، «9وَلْتَكُنِ
الْمَحَبَّةُ بِلاَ رِيَاءٍ انْفُرُوا مِنَ الشَّرِّ، وَالْتَصِقُوا بِالْخَيْرِ. 10أَحِبُّوا بَعْضُكُمْ
بَعْضاً مَحَبَّةً أَخَوِيَّةً، مُفَضِّلِينَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي
الْكَرَامَةِ. 11لاَ تَتَكَاسَلُوا فِي الاجْتِهَادِ، بَلْ كُونُوا
مُلْتَهِبِينَ فِي الرُّوحِ، عَبِيداً خَادِمِينَ لِلرَّبِّ، 12فَرِحِينَ
بِالرَّجَاءِ، صَابِرِينَ فِي الضِّيقِ، مُوَاظِبِينَ عَلَى الصَّلاَةِ، 13مُتَعَاوِنِينَ عَلَى
سَدِّ حَاجَاتِ الْقِدِّيسِينَ، مُدَاوِمِينَ عَلَى إِضَافَةِ الْغُرَبَاءِ. 14بَارِكُوا الَّذِينَ
يَضْطَهِدُونَكُمْ بَارِكُوا وَلاَ تَلْعَنُوا! 15افْرَحُوا مَعَ
الْفَرِحِينَ، وَابْكُوا مَعَ الْبَاكِينَ. 16كُونُوا مُتَوَافِقِينَ بَعْضُكُمْ مَعَ بَعْضٍ، غَيْرَ
مُهْتَمِّينَ بِالأُمُورِ الْعَالِيَةِ، بَلْ مُسَايِرِينَ ذَوِي الْمَرَاكِزِ
الْوَضِيعَةِ لاَ تَكُونُوا حُكَمَاءَ فِي نَظَرِ أَنْفُسِكُمْ. 17لاَ تَرُدُّوا
لأَحَدٍ شَرّاًمُقَابِلَ شَرٍّ، بَلِ اجْتَهِدُوا فِي تَقْدِيمِ مَا هُوَ حَسَنٌ
أَمَامَ جَمِيعِ النَّاسِ. 18إِنْ كَانَ مُمْكِناً، فَمَادَامَ الأَمْرُ يَتَعَلَّقُ
بِكُمْ، عِيشُوا فِي سَلاَمٍ مَعَ جَمِيعِ النَّاسِ. 19لاَ تَنْتَقِمُوا
لأَنْفُسِكُمْ، أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، بَلْ دَعُوا الْغَضَبَ لِلهِ، لأَنَّهُ
قَدْ كُتِبَ: «لِيَ الانْتِقَامُ، أَنَا أُجَازِي، يَقُولُ الرَّبُّ». 20وَإِنَّمَا «إِنْ
جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ، وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ فَإِنَّكَ، بِعَمَلِكَ
هَذَا تَجْمَعُ عَلَى رَأْسِهِ جَمْراً مُشْتَعِلاً». 21لاَ تَدَعِ الشَّرَّ
يَغْلِبُكَ، بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ12: 9-21)، «8لاَ تَكُونُوا فِي
دَيْنٍ لأَحَدٍ، إِلاَّ بِأَنْ يُحِبَّ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَإِنَّ مَنْ يُحِبُّ
غَيْرَهُ، يَكُونُ قَدْ تَمَّمَ الشَّرِيعَةَ، 9لأَنَّ الْوَصَايَا
«لاَ تَزْنِ، لاَ تَقْتُلْ، لاَ تَسْرِقْ، لاَ تَشْهَدْ زُوراً، لاَ تَشْتَهِ»
وَبَاقِي الْوَصَايَا، تَتَلَخَّصُ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ: «أَحِبَّ قَرِيبَكَ
كَنَفْسِكَ!». 10فَالْمَحَبَّةُ لاَ تَعْمَلُ سُوءاً لِلْقَرِيبِ وَهَكَذَا
تَكُونُ الْمَحَبَّةُ إِتْمَاماً لِلشَّرِيعَةِ كُلِّهَا»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ13:
8-10)، إلي يمكن للمؤمن أن يحيا حياة صَّالِحُة إلي بقوة الروح القدس الساكن فيه «2لأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ
الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ حَرَّرَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيئَةِ
وَمِنَ الْمَوْتِ. 3فَإِنَّ مَا عَجَزَتِ الشَّرِيعَةُ عَنْهُ، لِكَوْنِ
الْجَسَدِ قَدْ جَعَلَهَا قَاصِرَةً عَنْ تَحْقِيقِهِ، أَتَمَّهُ اللهُ إِذْ
أَرْسَلَ ابْنَهُ، مُتَّخِذاً مَا يُشْبِهُ جَسَدَ الْخَطِيئَةِ وَمُكَفِّراً عَنِ
الْخَطِيئَةِ فَدَانَ الْخَطِيئَةَ فِي الْجَسَدِ...11وَإِذَا كَانَ رُوحُ
الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ يَسْكُنُ فِيكُمْ، فَإِنَّ
الَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ سَوْفَ يُحْيِي
أَيْضاًأَجْسَادَكُمُ الْفَانِيَةَ بِسَبَبِ رُوحِهِ الَّذِي يَسْكُنُ فِيكُمْ. 12فَلَيْسَ عَلَيْنَا
إِذَنْ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَيُّ الْتِزَامٍ نَحْوَ الْجَسَدِ لِنَعِيشَ
بِحَسَبِ الْجَسَدِ. 13لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ بِحَسَبِ الْجَسَدِ، فَإِنَّكُمْ
سَتَمُوتُونَ، وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ،
فَسَتَحْيَوْنَ. 14فَإِنَّ جَمِيعَ الْخَاضِعِينَ لِقِيَادَةِ رُوحِ اللهِ، هُمْ
أَبْنَاءٌ لِلهِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ8: 2و3و11-14).
0 التعليقات:
إرسال تعليق