عمل
الرُّوحُ الْقُدُسُ في حياة المؤمن
إعداد
د.
القس سامي منير اسكندر
بالتأكيد! الرُّوحُ الْقُدُسُ يلعب دورًا حيويًا
وأساسيًا في حياة المؤمن المسيحي، فهو ليس مجرد قوة
أو تأثير، بل هو أقنوم إلهي، أي شخص إلهي من الثالوث الأقدس (الآب والابن والرُّوحُ
الْقُدُسُ). دوره متعدد الأوجه ويشمل جوانب كثيرة، يمكن تلخيصها فيما يلي:
1) الرُّوحُ الْقُدُسُ هو
المُجدّد (Regenerator) والمُحيي:
I. ولادة جديدة:
الرُّوحُ الْقُدُسُ هو الذي يحدث الولادة الجديدة في
قلب المؤمن. فالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ قال لنيقوديموس: «3إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ
وَالرُّوحِ، لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا3: 5). الرُّوحُ الْقُدُسُ هو الذي يمنح الحياة
الروحية للشخص الذي كان ميتًا بالخطايا.
II. الإحياء الروحي:
هو الذي يجعلنا ندرك خطايانا، ويقودنا إلى التوبة
والإيمان بالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
2) الرُّوحُ الْقُدُسُ هو المُعيّن
والمُختم (Sealer):
I. السكنى في المؤمن:
بمجرد
الإيمان بالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، يسكن الرُّوحُ الْقُدُسُ في قلب المؤمن. «19أَمَا
تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمْ،
الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟»(رِّسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ6: 19).
II. ختم وضمان الخلاص:
الرُّوحُ
الْقُدُسُ هو "عربون" أو
ضمان لميراثنا الأبدي. «14الَّذِي
هُوَ عَرْبُونُ مِيرَاثِنَا، لِفِدَاءِ الْمُقْتَنَى، لِمَدْحِ مَجْدِه»(رِّسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ1: 14). وجود الرُّوحُ الْقُدُسُ فينا
هو تأكيد من الله على أننا أولاده وأن خلاصنا مؤكد.
3) الرُّوحُ الْقُدُسُ هو
المُرشد والمُعلّم (Guide and Teacher):
I. قيادة في الحق:
يدير
الرُّوحُ الْقُدُسُ المؤمنين ويقودهم في طريق الحق. «13وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ،
رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ
يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ،
وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا 16: 13).
II. فهم كلمة الله:
الرُّوحُ
الْقُدُسُ يفتح أذهاننا لفهم الكتاب المقدس وتطبيق مبادئه في حياتنا. «26وَلَكِنَّ
الرُّوحَ الْقُدُسَ هُوَ الَّذِي يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ
بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُم»(إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا14: 26).
4) الرُّوحُ الْقُدُسُ هو
المُمكِّن للخدمة والمُعطي للمواهب
(Empowerer and Giver of
Gifts):
I. القوة للشهادة:
كما
رأينا في سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ
2، يمنح الرُّوحُ الْقُدُسُ المؤمنين
القوة للشهادة للرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بجرأة وفعالية. «8لَكِنَّكُمْ
سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ
لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى
أَقْصَى الأَرْضِ»(سِفْرُ أَعْمَالُ
الرُّسُلِ1: 8).
المواهب
الروحية:
يوزع
الرُّوحُ الْقُدُسُ مواهب مختلفة على المؤمنين لبناء جسد الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ (الكنيسة). تشمل هذه المواهب: التعليم، الخدمة، التشجيع، العطاء،
القيادة، والرحمة، بالإضافة إلى مواهب أخرى مثل الكلام بألسنة والشفاء والمعجزات
(راجع
1 كورنثوس 12، رومية 12، أفسس 4).
5) الرُّوحُ الْقُدُسُ هو
المُقدّس والمُغيّر (Sanctifier and
Transformer):
I. النمو في القداسة:
الرُّوحُ
الْقُدُسُ يعمل في حياة المؤمن ليجعله أكثر شبهًا بالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
هو الذي ينتج "ثَمَرُ الرُّوحِ"
في حياتنا: «22وَأَمَّا ثَمَرُ
الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ،
طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ 23وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. ضِدَّ
أَمْثَالِ هَذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ5: 22-23).
II. التغلب على الخطية:
يمنح الرُّوحُ الْقُدُسُ
القوة للمؤمن لمقاومة إغراءات الخطية والعيش حياة ترضي الله.
6) الرُّوحُ الْقُدُسُ هو
المُعين والمُشفع (Helper and
Intercessor):
I. مساعد في الضعف:
الرُّوحُ
الْقُدُسُ يساعدنا في ضعفنا، خاصة عندما لا نعرف كيف نصلي. «26كَذلِكَ
الرُّوحُ أَيْضًا يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا، لأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَاذَا
نُصَلِّي كَمَا يَنْبَغِي. وَلَكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا
بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ8: 26).
II. التعزية والتشجيع:
الرُّوحُ الْقُدُسُ هو
"المعزي" أو "الباراقليط"
(Paraclete)، الذي يقف بجانبنا ويقدم لنا التعزية
والتشجيع في أوقات الضيق والتحديات.
7) الرُّوحُ الْقُدُسُ هو الذي
يمجد الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ:
الرُّوحُ الْقُدُسُ لا
يتكلم عن نفسه، بل يشهد للرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
ويمجده. «14ذَاكَ
يُمَجِّدُنِي، لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا16:
14). هذا يضمن أن التركيز يبقى دائمًا على الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وليس على الرُّوحُ
الْقُدُسُ نفسه أو على الاختبارات الروحية.
بشكل عام، الرُّوحُ الْقُدُسُ هو المحرك الرئيسي
للحياة الروحية للمؤمن. بدونه، لا يستطيع الإنسان أن يفهم الحقائق الإلهية، أو
ينمو في القداسة، أو يخدم الله بفاعلية. هو الوجود الإلهي الذي يسكن في المؤمن
ليُحوّله، ويقوده، ويُمكّنه ليعيش حياة ترضي الله وتُظهر مجده.
0 التعليقات:
إرسال تعليق