• اخر الاخبار

    القداسة الله المطلقة في سِفْرُ إِشَعْيَاءَ6 عدد 3 إعداد د. القس سامي منير إسكندر

     



    القداسة الله المطلقة في سِفْرُ إِشَعْيَاءَ6 عدد 3


    إعداد


    د. القس سامي منير إسكندر

     

    «3وَهَذَا نَادَى ذَاكَ: «قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ6: 3).

    تُعد هذه الآية، وهي جزء من رؤيا النبي إِشَعْيَاءَ، من أكثر النصوص قوة وجمالًا في الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ، وتقدم دروسًا عميقة لنا:

    أولا: القداسة المطلقة لله هي جوهر وجوده:

    القداسة تعني الكمال والخلو من كل خطية، والانفصال عن كل شر ونجاسة. وهي أساساً من صفات الله القدوس، مصدر كل قداسة.

    قداسة الله: ولا توجد قداسة بعيداً عن الله أو بالإنفصال عنه، فهو وحده القدوس، لا مثل له ولا نظير «11مَنْ مِثْلُكَ بَيْنَ الآلِهَةِ يَا رَبُّ؟ مَنْ مِثْلُكَ مُعْتَزّاً فِي الْقَدَاسَةِ مَخُوفاً بِالتَّسَابِيحِ صَانِعاً عَجَائِبَ؟»(سِفْرُ اَلْخُرُوجُ15: 11)، «3وَهَذَا نَادَى ذَاكَ: «قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ6: 3). فالقداسة ليست صفة بشرية. ولكنها إلهية تماماً، بل هي الفكرة المحورية في أَسْفَارٌ نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ للإيمان بالله. ويقول الله عن نفسه: لأني الله، لا إنسان، القدوس في وسطك، فلا آتي بسخط «9لاَ أُجْرِي حُمُوّ غَضَبِي. لاَ أَعُودُ أَخْرِبُ أَفْرَايِمَ لأَنِّي اللَّهُ لاَ إِنْسَانٌ الْقُدُّوسُ فِي وَسَطِكَ فَلاَ آتِي بِسَخَطٍ»(سِفْرُ هُوشَعَ11: 9). وهذه العبارة العميقة تؤكد:

    1) تفرد الله وجلاله وسموه، فقد جلَّ عن المثل والنظير.

    2) اقترابه من شعبه - فهو في وسطهم - واهتمامه بشئونهم، في محبته الفائقة ونعمته الدائمة فالقدوس هو نفسه الإله الرحيم الحنان الذي اختار شعبه وغمرهم بمراحمه وألطافه.

    وقد أعلنت قداسة الله من أقدم العصور، في ناموس موسى، بل ومن قبله. وجاء الأنبياء لكي يؤكدوا هذا الحق، فيوصف الله بأنه القدوس أو قدوس إسرائيل أربعاً وعشرين مرة في سفر إشعياء وحده،

    وباقي أَسْفَارٌ نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ «22مَنْ عَيَّرْتَ وَجَدَّفْتَ، وَعَلَى مَنْ عَلَّيْتَ صَوْتاً، وَقَدْ رَفَعْتَ إِلَى الْعَلاَءِ عَيْنَيْكَ عَلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ؟»(سِفْرُ اَلْمُلُوكِ الثَّانِي19: 22)، «10فَلاَ تَزَالُ تَعْزِيَتِي وَابْتِهَاجِي فِي عَذَابٍ لاَ يُشْفِقُ أَنِّي لَمْ أَجْحَدْ كَلاَمَ الْقُدُّوسِ»(سِفْرُ أَيُّوبَ6: 10)، «22فَأَنَا أَيْضاً أَحْمَدُكَ بِرَبَابٍ حَقَّكَ يَا إِلَهِي. أُرَنِّمُ لَكَ بِالْعُودِ يَا قُدُّوسَ إِسْرَائِيلَ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور71: 22)، «41رَجَعُوا وَجَرَّبُوا اللهَ وَعَنُّوا (أعترضوا، قاوموا) قُدُّوسَ إِسْرَائِيلَ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور78: 41)، «18لأَنَّ الرَّبَّ مِجَنُّنَا وَقُدُّوسَ إِسْرَائِيلَ مَلِكُنَا»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور89: 18)، «10بَدْءُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ وَمَعْرِفَةُ الْقُدُّوسِ فَهْمٌ»(سِفْرُ الأَمْثَالُ9: 10)، «3وَلَمْ أَتَعَلَّمِ الْحِكْمَةَ وَلَمْ أَعْرِفْ مَعْرِفَةَ الْقُدُّوسِ»(سِفْرُ الأَمْثَالُ30: 3)، «29اُدْعُوا إِلَى بَابِلَ أَصْحَابَ الْقِسِيِّ. لِيَنْزِلْ عَلَيْهَا كُلُّ مَنْ يَنْزِعُ فِي الْقَوْسِ حَوَالَيْهَا. لاَ يَكُنْ نَاجٍ. كَافِئُوهَا نَظِيرَ عَمَلِهَا. افْعَلُوا بِهَا حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَلَتْ. لأَنَّهَا بَغَتْ عَلَى الرَّبِّ عَلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ»(سِفْرُ إِرْمِيَا50: 29)، «5لأَنَّ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا لَيْسَا بِمَقْطُوعَيْنِ عَنْ إِلَهِهِمَا عَنْ رَبِّ الْجُنُودِ وَإِنْ تَكُنْ أَرْضُهُمَا مَلآنَةً إِثْماً عَلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ»(سِفْرُ إِرْمِيَا51: 5)، «7وَأُعَرِّفُ بِاسْمِي الْمُقَدَّسِ فِي وَسَطِ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ، وَلاَ أَدَعُ اسْمِي الْمُقَدَّسَ يُنَجَّسُ بَعْدُ، فَتَعْلَمُ الأُمَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ»(سِفْرُ حِزْقِيَال39: 7)، «12أَلَسْتَ أَنْتَ مُنْذُ الأَزَلِ يَا رَبُّ إِلَهِي قُدُّوسِي؟ لاَ نَمُوتُ. يَا رَبُّ لِلْحُكْمِ جَعَلْتَهَا وَيَا صَخْرُ لِلتَّأْدِيبِ أَسَّسْتَهَا»(سِفْرُ حَبَقُّوق1: 12)، «3اَللَّهُ جَاءَ مِنْ تِيمَانَ وَالْقُدُّوسُ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ. سِلاَهْ. جَلاَلُهُ غَطَّى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضُ امْتَلَأَتْ مِنْ تَسْبِيحِهِ»(سِفْرُ حَبَقُّوق3: 3).

    وليس معنى قدوس إسرائيل أنه مختص بإسرائيل لا غير، بل معناه أنه هو الذي قدسهم لنفسه، فأصبح إسرائيل شعباً مقدساً لان الله قدسهم لذاته.

    والقداسة ليست مجرد صفة من صفات الله، بل هي جوهر طبيعته، فهو القداسة ذاتها، مثلما هو المحبة، والمحبة منه «7أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لِنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ هِيَ مِنَ اللهِ، وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ وَيَعْرِفُ اللهَ. 8وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ...16وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا وَصَدَّقْنَا الْمَحَبَّةَ الَّتِي لِلَّهِ فِينَا. اللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ»(رِّسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى4: 7و8و16). وعندما يقسم الله بقدسه (أي قداسته) فهو إنما يقسم بذاته «2قَدْ أَقْسَمَ السَّيِّدُ الرَّبُّ بِقُدْسِهِ: «هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي عَلَيْكُنَّ يَأْخُذُونَكُنَّ بِخَزَائِمَ وَذُرِّيَّتَكُنَّ بِشُصُوصِ السَّمَكِ»(سِفْرُ عَامُوسَ4: 2)، «8قَدْ أَقْسَمَ السَّيِّدُ الرَّبُّ بِنَفْسِهِ يَقُولُ الرَّبُّ إِلَهُ الْجُنُودِ: «إِنِّي أَكْرَهُ عَظَمَةَ يَعْقُوبَ وَأُبْغِضُ قُصُورَهُ فَأُسَلِّمُ الْمَدِينَةَ وَمِلأَهَا»(سِفْرُ عَامُوسَ6: 8)، «16وَقَالَ: «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ22: 16)، «35مَرَّةً حَلَفْتُ بِقُدْسِي أَنِّي لاَ أَكْذِبُ لِدَاوُدَ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور89: 35)، «7اَللهُ قَدْ تَكَلَّمَ بِقُدْسِهِ. أَبْتَهِجُ أَقْسِمُ شَكِيمَ وَأَقِيسُ وَادِيَ سُكُّوتَ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور108: 7).

    فهو الإله القدوس «16وَيَتَعَالَى رَبُّ الْجُنُودِ بِالْعَدْلِ وَيَتَقَدَّسُ الإِلَهُ الْقُدُّوسُ بِالْبِرِّ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ5: 16)، «3وَهَذَا نَادَى ذَاكَ: «قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ6: 3)، «9لاَ أُجْرِي حُمُوّ غَضَبِي. لاَ أَعُودُ أَخْرِبُ أَفْرَايِمَ لأَنِّي اللَّهُ لاَ إِنْسَانٌ الْقُدُّوسُ فِي وَسَطِكَ فَلاَ آتِي بِسَخَطٍ»(سِفْرُ هُوشَعَ11: 9)، «19اَلرَّبُّ السَّيِّدُ قُوَّتِي وَيَجْعَلُ قَدَمَيَّ كَالأَيَائِلِ وَيُمَشِّينِي عَلَى مُرْتَفَعَاتِي. لِرَئِيسِ الْمُغَنِّينَ عَلَى آلاَتِي ذَوَاتِ الأَوْتَارِ»(سِفْرُ حَبَقُّوق3: 19).

    والصيغة الفعلية تؤكد هذا بقوة «41بِرَائِحَةِ سُرُورِكُمْ أَرْضَى عَنْكُمْ، حِينَ أُخْرِجُكُمْ مِنْ بَيْنِ الشُّعُوبِ وَأَجْمَعُكُمْ مِنَ الأَرَاضِي الَّتِي تَفَرَّقْتُمْ فِيهَا، وَأَتَقَدَّسُ فِيكُمْ أَمَامَ عُيُونِ الأُمَمِ،»(سِفْرُ حِزْقِيَال20: 41)، «22وَقُلْ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَأَنَذَا عَلَيْكِ يَا صَيْدُونُ وَسَأَتَمَجَّدُ فِي وَسَطِكِ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ حِينَ أُجْرِي فِيهَا أَحْكَاماً وَأَتَقَدَّسُ فِيهَا...25عِنْدَمَا أَجْمَعُ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ مِنَ الشُّعُوبِ الَّذِينَ تَفَرَّقُوا بَيْنَهُمْ، وَأَتَقَدَّسُ فِيهِمْ أَمَامَ عُيُونِ الأُمَمِ، يَسْكُنُونَ فِي أَرْضِهِمِ الَّتِي أَعْطَيْتُهَا لِعَبْدِي يَعْقُوبَ،»(سِفْرُ حِزْقِيَال28: 22و25)، «16وَتَصْعَدُ عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ كَسَحَابَةٍ تُغَشِّي الأَرْضَ. فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ يَكُونُ. وَآتِي بِكَ عَلَى أَرْضِي لِتَعْرِفَنِي الأُمَمُ، حِينَ أَتَقَدَّسُ فِيكَ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ يَا جُوجُ»(سِفْرُ حِزْقِيَال38: 16)، «27عِنْدَ إِرْجَاعِي إِيَّاهُمْ مِنَ الشُّعُوبِ وَجَمْعِي إِيَّاهُمْ مِنْ أَرَاضِي أَعْدَائِهِمْ، وَتَقْدِيسِي فِيهِمْ أَمَامَ عُيُونِ أُمَمٍ كَثِيرِينَ»(سِفْرُ حِزْقِيَال39: 27)، «13هَذَا مَاءُ مَرِيبَةَ حَيْثُ خَاصَمَ بَنُو إِسْرَائِيل الرَّبَّ فَتَقَدَّسَ فِيهِم»(سِفْرُ اَلْعَدَد20: 13). فقداسة الله إنما هي تأكيد لذاته، وهي بذلك تعبر عن كل شخصيته الإلهية، فصلاح الله يتألق بالقداسة، فالقداسة هي الله، والله هو القداسة.

    ولأنه القدوس فهو منقطع النظير «2لَيْسَ قُدُّوسٌ مِثْلَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ لَيْسَ غَيْرَكَ، وَلَيْسَ صَخْرَةٌ مِثْلَ إِلَهِنَا»(سِفْرُ صَمُوئِيلَ الأَوَّلُ2: 2)، «20وَقَالَ أَهْلُ بَيْتَشَمْسَ: «مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَقِفَ أَمَامَ الرَّبِّ الْإِلَهِ الْقُدُّوسِ هَذَا، وَإِلَى مَنْ يَصْعَدُ عَنَّا؟»(سِفْرُ صَمُوئِيلَ الأَوَّلُ6: 20)، «5هُوَذَا نَفْسُ الْقَمَرِ لاَ يُضِيءُ وَالْكَوَاكِبُ غَيْرُ نَقِيَّةٍ فِي عَيْنَيْهِ»(سِفْرُ أَيُّوبَ25: 5)، «18فَبِمَنْ تُشَبِّهُونَ اللَّهَ وَأَيَّ شَبَهٍ تُعَادِلُونَ بِهِ؟ 19اَلصَّنَمُ يَسْبِكُهُ الصَّانِعُ وَالصَّائِغُ يُغَشِّيهِ بِذَهَبٍ وَيَصُوغُ سَلاَسِلَ فِضَّةٍ. 20الْفَقِيرُ عَنِ التَّقْدِمَةِ يَنْتَخِبُ خَشَباً لاَ يُسَوِّسُ يَطْلُبُ لَهُ صَانِعاً مَاهِراً لِيَنْصُبَ صَنَماً لاَ يَتَزَعْزَعُ!...25فَبِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي فَأُسَاوِيهِ؟ يَقُولُ الْقُدُّوسُ. 26ارْفَعُوا إِلَى الْعَلاَءِ عُيُونَكُمْ وَانْظُرُوا مَنْ خَلَقَ هَذِهِ؟ مَنِ الَّذِي يُخْرِجُ بِعَدَدٍ جُنْدَهَا يَدْعُو كُلَّهَا بِأَسْمَاءٍ؟ لِكَثْرَةِ الْقُوَّةِ وَكَوْنِهِ شَدِيدَ الْقُدْرَةِ لاَ يُفْقَدُ أَحَدٌ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ40: 18-20و25و26)، «3اَللَّهُ جَاءَ مِنْ تِيمَانَ وَالْقُدُّوسُ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ. سِلاَهْ. جَلاَلُهُ غَطَّى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضُ امْتَلَأَتْ مِنْ تَسْبِيحِهِ»(سِفْرُ حَبَقُّوق3: 3). وقداسة الله تميزه عن الملائكة «18هُوَذَا عَبِيدُهُ لاَ يَأْتَمِنُهُمْ وَإِلَى مَلاَئِكَتِهِ يَنْسِبُ حَمَاقَةً»(سِفْرُ أَيُّوبَ4: 18)، «14مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى يَزْكُو أَوْ مَوْلُودُ الْمَرْأَةِ حَتَّى يَتَبَرَّرَ؟ 15هُوَذَا قِدِّيسُوهُ لاَ يَأْتَمِنُهُمْ وَالسَّمَاوَاتُ غَيْرُ طَاهِرَةٍ بِعَيْنَيْه»(سِفْرُ أَيُّوبَ15: 14و15)، وعن الآلهة الوثنية «11مَنْ مِثْلُكَ بَيْنَ الآلِهَةِ يَا رَبُّ؟ مَنْ مِثْلُكَ مُعْتَزّاً فِي الْقَدَاسَةِ مَخُوفاً بِالتَّسَابِيحِ صَانِعاً عَجَائِبَ؟»(سِفْرُ اَلْخُرُوجُ15: 11)، «13اَللهُمَّ فِي الْقُدْسِ طَرِيقُكَ. أَيُّ إِلَهٍ عَظِيمٌ مِثْلُ اللهِ!»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور77: 13)،

    وعن الناس «17أَالإِنْسَانُ أَبَرُّ مِنَ اللهِ أَمِ الرَّجُلُ أَطْهَرُ مِنْ خَالِقِهِ؟»(سِفْرُ أَيُّوبَ4: 17)، «14مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى يَزْكُو أَوْ مَوْلُودُ الْمَرْأَةِ حَتَّى يَتَبَرَّرَ؟»(سِفْرُ أَيُّوبَ15: 14)، «2لاَ تَسْتَعْجِلْ فَمَكَ وَلاَ يُسْرِعْ قَلْبُكَ إِلَى نُطْقِ كَلاَمٍ قُدَّامَ اللَّهِ. لأَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاوَاتِ وَأَنْتَ عَلَى الأَرْضِ فَلِذَلِكَ لِتَكُنْ كَلِمَاتُكَ قَلِيلَةً»(سِفْرُ الْجَامِعَةِ5: 2).

    فهو الساكن في نور لا يُدنى منه «16الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى تِيمُوثَاوُسَ6: 16). فقداسته تحوطه بجلال مرهب «22مِنَ الشِّمَالِ يَأْتِي ذَهَبٌ. عِنْدَ اللهِ جَلاَلٌ مُرْهِبٌ»(سِفْرُ أَيُّوبَ37: 22)، «5وَقَالَ اللاَّوِيُّونَ يَشُوعُ وَقَدْمِيئِيلُ وَبَانِي وَحَشَبْنِيَا وَشَرَبْيَا وَهُودِيَّا وَشَبَنْيَا وَفَتَحْيَا: « قُومُوا بَارِكُوا الرَّبَّ إِلَهَكُمْ مِنَ الأَزَلِ إِلَى الأَبَدِ وَلْيَتَبَارَكِ اسْمُ جَلاَلِكَ الْمُتَعَالِي عَلَى كُلِّ بَرَكَةٍ وَتَسْبِيحٍ»(سِفْرُ نَحَمْيَا9: 5)، «22فَلْتَسْقُطْ عَضُدِي مِنْ كَتِفِي وَلْتَنْكَسِرْ ذِرَاعِي مِنْ قَصَبَتِهَا»(سِفْرُ أَيُّوبَ31: 22)، «1أَيُّهَا الرَّبُّ سَيِّدُنَا مَا أَمْجَدَ اسْمَكَ فِي كُلِّ الأَرْضِ حَيْثُ جَعَلْتَ جَلاَلَكَ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ!»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور8: 1)، «4صَوْتُ الرَّبِّ بِالْقُوَّةِ. صَوْتُ الرَّبِّ بِالْجَلاَلِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور29: 4...الخ).

    والقداسة مظهر من مظاهر سيادة الله. فهو أسمى من كل الوجود، غير محدود، ولا تقيده شروط، فهو السيد المطلق لإرادته ومشاعره، بل ولغضبه وقدرته، وليس من يقول له ماذا تفعل؟ «12إِذَا خَطَفَ فَمَنْ يَرُدُّهُ وَمَنْ يَقُولُ لَهُ: مَاذَا تَفْعَلُ؟»(سِفْرُ أَيُّوبَ9: 12)، «35وَحُسِبَتْ جَمِيعُ سُكَّانِ الأَرْضِ كَلاَ شَيْءَ وَهُوَ يَفْعَلُ كَمَا يَشَاءُ فِي جُنْدِ السَّمَاءِ وَسُكَّانِ الأَرْضِ وَلاَ يُوجَدُ مَنْ يَمْنَعُ يَدَهُ أَوْ يَقُولُ لَهُ: مَاذَا تَفْعَلُ؟»(سِفْرُ دَانِيآل4: 35)،

    وفي غير حاجة إلى تبرير أفعاله، فهو سيد أحكامه وقراراته، لذلك يجب أن يُخاف منه «4لأَنَّ عِنْدَكَ الْمَغْفِرَةَ. لِكَيْ يُخَافَ مِنْكَ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور130: 4).

    فهو معتز في القداسة مخوف بالتسبيح «11مَنْ مِثْلُكَ بَيْنَ الآلِهَةِ يَا رَبُّ؟ مَنْ مِثْلُكَ مُعْتَزّاً فِي الْقَدَاسَةِ مَخُوفاً بِالتَّسَابِيحِ صَانِعاً عَجَائِبَ؟»(سِفْرُ اَلْخُرُوجُ15: 11)، واسمه عظيم ومهوب قدوس هو «3يَحْمَدُونَ اسْمَكَ الْعَظِيمَ وَالْمَهُوبَ. قُدُّوسٌ هُوَ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور99: 3).

    والقداسة مرادفة للقوة، فالقدوس يسيطر على كل قوى الكون وهو يفعل هذا، لا ليحتفظ بالسيطرة الطاغية لنفسه، بل ليمنح الحياة والبركة للجنس البشري من خلال شعبه «1وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ. 2فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ وَتَكُونَ بَرَكَةً. 3وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ12: 1-3).

    وهذا التكامل بين القداسة الإلهية ومقاصد الله الحكيمة العادلة، صبغة مميزة لإعلان أَسْفَارٌ نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ «7فَقَالَ الرَّبُّ: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَذَلَّةَ شَعْبِي الَّذِي فِي مِصْرَ وَسَمِعْتُ صُرَاخَهُمْ مِنْ أَجْلِ مُسَخِّرِيهِمْ. إِنِّي عَلِمْتُ أَوْجَاعَهُمْ»(سِفْرُ اَلْخُرُوجُ3: 7)، «16وَيَتَعَالَى رَبُّ الْجُنُودِ بِالْعَدْلِ وَيَتَقَدَّسُ الإِلَهُ الْقُدُّوسُ بِالْبِرِّ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ5: 16). وبهذا تكتسب القداسة معنى أدبياً عميقاً باعتبارها صفة من صفات الله، تتجلى في عدالته «3فَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: «هَذَا مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ قَائِلاً: فِي الْقَرِيبِينَ مِنِّي أَتَقَدَّسُ وَأَمَامَ جَمِيعِ الشَّعْبِ أَتَمَجَّدُ». فَصَمَتَ هَارُونُ»(سِفْرُ اَللاَّوِيِّينَ10: 3)، «12فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمَا لمْ تُؤْمِنَا بِي حَتَّى تُقَدِّسَانِي أَمَامَ أَعْيُنِ بَنِي إِسْرَائِيل لِذَلِكَ لا تُدْخِلانِ هَذِهِ الجَمَاعَةَ إِلى الأَرْضِ التِي أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا». 13هَذَا مَاءُ مَرِيبَةَ حَيْثُ خَاصَمَ بَنُو إِسْرَائِيل الرَّبَّ فَتَقَدَّسَ فِيهِمْ»(سِفْرُ اَلْعَدَد20: 12و13)، «3يَحْمَدُونَ اسْمَكَ الْعَظِيمَ وَالْمَهُوبَ. قُدُّوسٌ هُوَ. 4وَعِزُّ الْمَلِكِ أَنْ يُحِبَّ الْحَقَّ. أَنْتَ ثَبَّتَّ الاِسْتِقَامَةَ. أَنْتَ أَجْرَيْتَ حَقّاً وَعَدْلاً فِي يَعْقُوبَ. 5عَلُّوا الرَّبَّ إِلَهَنَا وَاسْجُدُوا عِنْدَ مَوْطِئِ قَدَمَيْهِ. قُدُّوسٌ هُوَ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور99: 3-5)، «16وَيَتَعَالَى رَبُّ الْجُنُودِ بِالْعَدْلِ وَيَتَقَدَّسُ الإِلَهُ الْقُدُّوسُ بِالْبِرِّ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ5: 16)، «22وَقُلْ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَأَنَذَا عَلَيْكِ يَا صَيْدُونُ وَسَأَتَمَجَّدُ فِي وَسَطِكِ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ حِينَ أُجْرِي فِيهَا أَحْكَاماً وَأَتَقَدَّسُ فِيهَا»(سِفْرُ حِزْقِيَال28: 22)، «23فَأَتَعَظَّمُ وَأَتَقَدَّسُ وَأُعْرَفُ فِي عُيُونِ أُمَمٍ كَثِيرَةٍ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ»(سِفْرُ حِزْقِيَال38: 23).

    كما تتجلى قداسته في موقفه من الخطية، فقداسة الله لا تدل فقط على انفصاله عن الخطية في كمال ذاته، بل تدل أيضاًعلى كرهه لها ونفوره منها. وباعتباره إله أمانة لا جور فيه «4هُوَ الصَّخْرُ الكَامِلُ صَنِيعُهُ. إِنَّ جَمِيعَ سُبُلِهِ عَدْلٌ. إِلهُ أَمَانَةٍ لا جَوْرَ فِيهِ. صِدِّيقٌ وَعَادِلٌ هُوَ»(سِفْرُ اَلَتَّثْنِيَة32: 4)،

    فعيناه أطهر من أن تنظر الشر، ولا تستطيع النظر إلى الجور «13عَيْنَاكَ أَطْهَرُ مِنْ أَنْ تَنْظُرَا الشَّرَّ وَلاَ تَسْتَطِيعُ النَّظَرَ إِلَى الْجَوْرِ فَلِمَ تَنْظُرُ إِلَى النَّاهِبِينَ وَتَصْمُتُ حِينَ يَبْلَعُ الشِّرِّيرُ مَنْ هُوَ أَبَرُّ مِنْهُ؟»(سِفْرُ حَبَقُّوق1: 13). وهو يغار على اسمه القدوس من أن يُنجس «20فَلَمَّا جَاءُوا إِلَى الأُمَمِ حَيْثُ جَاءُوا نَجَّسُوا اسْمِي الْقُدُّوسَ، إِذْ قَالُوا لَهُمْ: هَؤُلاَءِ شَعْبُ الرَّبِّ وَقَدْ خَرَجُوا مِنْ أَرْضِهِ. 21فَتَحَنَّنْتُ عَلَى اسْمِي الْقُدُّوسِ الَّذِي نَجَّسَهُ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ فِي الأُمَمِ حَيْثُ جَاءُوا» 22لِذَلِكَ فَقُلْ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ. هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: «لَيْسَ لأَجْلِكُمْ أَنَا صَانِعٌ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ، بَلْ لأَجْلِ اسْمِي الْقُدُّوسِ الَّذِي نَجَّسْتُمُوهُ فِي الأُمَمِ حَيْثُ جِئْتُمْ»(سِفْرُ حِزْقِيَال36: 20-22).

    فهو يدافع عن قداسته بإظهار مقته للخطية وتطهير شعبه منها «23فَأُقَدِّسُ اسْمِي الْعَظِيمَ الْمُنَجَّسَ فِي الأُمَمِ الَّذِي نَجَّسْتُمُوهُ فِي وَسَطِهِمْ، فَتَعْلَمُ الأُمَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ حِينَ أَتَقَدَّسُ فِيكُمْ قُدَّامَ أَعْيُنِهِمْ. 24وَآخُذُكُمْ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ وَأَجْمَعُكُمْ مِنْ جَمِيعِ الأَرَاضِي وَآتِي بِكُمْ إِلَى أَرْضِكُمْ. 25وَأَرُشُّ عَلَيْكُمْ مَاءً طَاهِراً فَتُطَهَّرُونَ. مِنْ كُلِّ نَجَاسَتِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَصْنَامِكُمْ أُطَهِّرُكُمْ»(سِفْرُ حِزْقِيَال36: 23-25).

    وفي محضر قداسة الله، يكتشف الإنسان مدى نجاسته «3وَهَذَا نَادَى ذَاكَ: «قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ». 4فَاهْتَزَّتْ أَسَاسَاتُ الْعَتَبِ مِنْ صَوْتِ الصَّارِخِ وَامْتَلَأَ الْبَيْتُ دُخَاناً. 5فَقُلْتُ: «وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ وَأَنَا سَاكِنٌ بَيْنَ شَعْبٍ نَجِسِ الشَّفَتَيْنِ لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ رَأَتَا الْمَلِكَ رَبَّ الْجُنُودِ». 6فَطَارَ إِلَيَّ وَاحِدٌ مِنَ السَّرَافِيمِ وَبِيَدِهِ جَمْرَةٌ قَدْ أَخَذَهَا بِمِلْقَطٍ مِنْ عَلَى الْمَذْبَحِ 7وَمَسَّ بِهَا فَمِي وَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ قَدْ مَسَّتْ شَفَتَيْكَ فَانْتُزِعَ إِثْمُكَ وَكُفِّرَ عَنْ خَطِيَّتِكَ». 8ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتَ السَّيِّدِ: «مَنْ أُرْسِلُ وَمَنْ يَذْهَبُ مِنْ أَجْلِنَا؟» فَأَجَبْتُ: «هَئَنَذَا أَرْسِلْنِي»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ6: 3-8).

    ومن هنا جاء الارتباط بين قداسة الله ودينونته. فالله القدوس الذي يمقت الخطية، لا يسعه إلا أن يعاقبها، فهو إله لا يُسر بالشر، لا يساكنه الشرير «4لأَنَّكَ أَنْتَ لَسْتَ إِلَهاً يُسَرُّ بِالشَّرِّ لاَ يُسَاكِنُكَ الشِّرِّيرُ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور5: 4). ومن ينتهك قداسة الله، فعليه أن ينتظر غضبه «5الرَّبُّ يَمْتَحِنُ الصِّدِّيقَ. أَمَّا الشِّرِّيرُ وَمُحِبُّ الظُّلْمِ فَتُبْغِضُهُ نَفْسُهُ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور11: 5).

    فالله يثبت قداسته بإجراء أحكامه «16وَيَتَعَالَى رَبُّ الْجُنُودِ بِالْعَدْلِ وَيَتَقَدَّسُ الإِلَهُ الْقُدُّوسُ بِالْبِرِّ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ5: 16).

    ويقسم الله بقدسه بأن النساء اللواتي يظلمن المساكين لن ينجين من القصاص «1اِسْمَعِي هَذَا الْقَوْلَ يَا بَقَرَاتِ بَاشَانَ الَّتِي فِي جَبَلِ السَّامِرَةِ الظَّالِمَةَ الْمَسَاكِينِ السَّاحِقَةَ الْبَائِسِينَ الْقَائِلَةَ لِسَادَتِهَا: «هَاتِ لِنَشْرَبَ». 2قَدْ أَقْسَمَ السَّيِّدُ الرَّبُّ بِقُدْسِهِ: «هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي عَلَيْكُنَّ يَأْخُذُونَكُنَّ بِخَزَائِمَ وَذُرِّيَّتَكُنَّ بِشُصُوصِ السَّمَكِ. 3وَمِنَ الشُّقُوقِ تَخْرُجْنَ كُلُّ وَاحِدَةٍ عَلَى وَجْهِهَا وَتَنْدَفِعْنَ إِلَى الْحِصْنِ» يَقُولُ الرَّبُّ»(سِفْرُ عَامُوسَ4: 1-3).

    وقد حذر يشوع الشعب من أنه لأن الله إله قدوس، فهو لا يغفر ذنوبهم وخطاياهم إذا تركوه وعبدوا الأصنام «19فَقَالَ يَشُوعُ لِلشَّعْبِ: «لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَعْبُدُوا الرَّبَّ لأَنَّهُ إِلَهٌ قُدُّوسٌ وَإِلَهٌ غَيُورٌ هُوَ. لاَ يَغْفِرُ ذُنُوبَكُمْ وَخَطَايَاكُمْ. 20وَإِذَا تَرَكْتُمُ الرَّبَّ وَعَبَدْتُمْ آلِهَةً غَرِيبَةً يَرْجِعُ فَيُسِيءُ إِلَيْكُمْ وَيُفْنِيكُمْ بَعْدَ أَنْ أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ»(سِفْرُ يَشُوع24: 19و20).

    وعندما خرجت نار من عند الرب لتلتهم ناداب وأبيهو (ابني هرون)، لاستهانتهما بوصايا الرب: «3فَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: «هَذَا مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ قَائِلاً: فِي الْقَرِيبِينَ مِنِّي أَتَقَدَّسُ وَأَمَامَ جَمِيعِ الشَّعْبِ أَتَمَجَّدُ». فَصَمَتَ هَارُونُ»(سِفْرُ اَللاَّوِيِّينَ10: 3). وبالمثل هلك قورح وجماعته من اللاويين لأنهم ازدروا بقداسة الرب «30وَلكِنْ إِنِ ابْتَدَعَ الرَّبُّ بِدْعَةً وَفَتَحَتِ الأَرْضُ فَاهَا وَابْتَلعَتْهُمْ وَكُل مَا لهُمْ فَهَبَطُوا أَحْيَاءً إِلى الهَاوِيَةِ تَعْلمُونَ أَنَّ هَؤُلاءِ القَوْمَ قَدِ ازْدَرُوا بِالرَّبِّ»(سِفْرُ اَلْعَدَد16: 30).

    وستلحق مثل هذه الدينونة بالأمم كما بالأفراد، لنفس السبب . ويحدث هذا على مدى التاريخ، وفي نهاية التاريخ. فقدوس إسرائيل لهيب نار يحرق ويأكل حسك أشور وشوكه في يوم واحد «17وَيَصِيرُ نُورُ إِسْرَائِيلَ نَاراً وَقُدُّوسُهُ لَهِيباً فَيُحْرِقُ وَيَأْكُلُ حَسَكَهُ وَشَوْكَهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ10: 17). كما أنه سيستدعي كل أنواع الهلاك للقضاء على قوات جوج في الأيام الأخيرة. وبذلك يُظهر عظمته وقداسته «23فَأَتَعَظَّمُ وَأَتَقَدَّسُ وَأُعْرَفُ فِي عُيُونِ أُمَمٍ كَثِيرَةٍ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ»(سِفْرُ حِزْقِيَال38: 23).

    أما أعظم تجليات قداسة الله، فتظهر في محبته، وأَسْفَارٌ نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ يهيء الطريق للإعلان الأكمل لطبيعة الله، في إعلان الله في الإِنْجِيل. وفي نبوة هوشع يتجلى مفهوم القداسة بكل روعته، في فكرة المحبة. فإن ماساة النبي نفسه تصبح مثالاً لموقف الله من نحو ارتداد الإنسان وخطيته، فاستعداد هوشع لأن يحب زوجته الخائنة ويستعيدها لنفسه، يُصور - بدرجة باهتة - محبة الله غير المحدودة لأولاده الضالين. فرغم أن التباين الشديد بين قداسة الله وفساد الإنسان يظل كما هو، إلا أن محبة الله المقدسة، تستر طبيعة الإنسان الفاسدة. فما يفعله الله - بفضل قداسته - ليحب الإنسان الساقط لا يستطيعه أي إنسان، ولذلك فإن التناقض الكبير بين الله والإنسان، يكمن في ذات المحبة التي تنتصر عليه.

    التكرار الثلاثي لكلمة «قُدُّوسٌ» ليس مجرد تأكيد، بل هو تعبير عن الكمال المطلق والنقاء التام لله. هذا يذكرنا بأن الله منفصل تمامًا عن الخطية والشر، وأنه يمتلك طهارة لا متناهية. هذا الدرس يدعونا إلى تقدير قداسة الله والخشوع أمامه.

    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    Item Reviewed: القداسة الله المطلقة في سِفْرُ إِشَعْيَاءَ6 عدد 3 إعداد د. القس سامي منير إسكندر Rating: 5 Reviewed By: د. القس سامي منير اسكندر
    Scroll to Top