• اخر الاخبار

    اللياقة الذهنية أو العقلية إعداد د. القس سامي منير إسكندراالقسم الثاني، الجزء التاسع علاقة الزمن في اتخذ القرار باللياقة الذهنية أو العقلية

     




    اللياقة الذهنية أو العقلية

     

    Mental fitness

    إعداد

    د. القس سامي منير إسكندر

    القسم الثاني، الجزء التاسع

    علاقة الزمن في اتخذ القرار باللياقة الذهنية أو العقلية

     

    ما العلاقة بين الزمن في اتخذ القرار واللياقة الذهنية أو العقلية؟

    بالتأكيد، هناك علاقة وثيقة ومتبادلة بين الزمن (من حيث وقت اتخاذ القرار) واللياقة الذهنية أو العقلية. لفهم هذه العلاقة بشكل كامل، دعنا نوضح كل مصطلح على حدة، ثم نربط بينهما.

    v  المصطلحات:

    1. الزمن من حيث اتخاذ القرار (Decision-Making Time):

    يشير هذا المصطلح إلى الإطار الزمني الذي يتم فيه اتخاذ قرار ما.

    يمكن أن يكون هذا الزمن قصيرًا جدًا (مثل القرارات السريعة التي تتخذ في جزء من الثانية في مواقف الطوارئ)،

    أو متوسطًا (مثل القرارات اليومية التي تتطلب بعض التفكير)،

    أو طويلاً (مثل القرارات الاستراتيجية التي تتطلب جمع معلومات وتحليلها على مدى أسابيع أو شهور).

    القرارات السريعة (Rapid Decisions): غالبًا ما تعتمد على الحدس أو الخبرة السابقة أو الاستجابات التلقائية. تحدث تحت ضغط الوقت.

    القرارات المدروسة (Deliberate Decisions): تتطلب تفكيراً أعمق، تحليلاً للمعلومات، مقارنة للبدائل، وتقييم للمخاطر والفوائد. تتطلب وقتاً أطول.

    عامل الضغط الزمني (Time Pressure):

    هو وجود قيود زمنية محددة لاتخاذ القرار. يمكن أن يؤثر بشكل كبير على جودة القرار.

    2. اللياقة الذهنية أو العقلية (Mental Fitness / Cognitive Fitness):

    تعرف اللياقة الذهنية بأنها قدرة الدماغ على الأداء بكفاءة وفعالية في مختلف الظروف. تشمل مجموعة واسعة من القدرات المعرفية والعاطفية والسلوكية التي تمكن الفرد من التعامل مع التحديات اليومية واتخاذ قرارات سليمة. يمكن مقارنتها باللياقة البدنية، حيث تعني أن الدماغ "مدرب" وقادر على التعامل مع "الضغط" المعرفي.

    تشمل مكونات اللياقة الذهنية ما يلي:

    التركيز والانتباه (Focus and Attention): القدرة على الحفاظ على التركيز على مهمة معينة وتجاهل المشتتات.

    الذاكرة (Memory): القدرة على تذكر المعلومات وتخزينها واسترجاعها (الذاكرة العاملة، الذاكرة طويلة المدى).

    حل المشكلات (Problem Solving): القدرة على تحديد المشكلات، تحليلها، وتطوير حلول فعالة.

    المرونة المعرفية (Cognitive Flexibility): القدرة على التكيف مع التغيرات، التفكير في طرق جديدة، والانتقال بين المهام أو الأفكار.

    التفكير النقدي (Critical Thinking): القدرة على تحليل المعلومات بموضوعية، تقييم الحجج، وتكوين الأحكام السليمة.

    إدارة العواطف (Emotional Regulation): القدرة على التعرف على العواطف وإدارتها بشكل صحي، وتجنب تأثيرها السلبي على اتخاذ القرار.

    القدرة على اتخاذ القرار (Decision-Making Ability): هي النتيجة النهائية لعمليات عقلية متعددة.

    v  العلاقة بين الزمن من حيث اتخاذ القرار واللياقة الذهنية:

    العلاقة بين الزمن من حيث اتخاذ القرار واللياقة الذهنية هي علاقة ذات اتجاهين وتأثير متبادل:

    أولاً: كيف تؤثر اللياقة الذهنية على الزمن اللازم لاتخاذ القرار وجودة القرار:

    الكفاءة والسرعة في اتخاذ القرار (Efficiency and Speed):

    الأشخاص ذوو اللياقة الذهنية العالية يمتلكون قدرة أفضل على معالجة المعلومات بسرعة.

    لديهم ذاكرة عاملة أقوى تسمح لهم بالاحتفاظ بالعديد من العوامل في أذهانهم في وقت واحد.

    مرونتهم المعرفية تمكنهم من التكيف مع المواقف غير المتوقعة واتخاذ قرارات سريعة ومناسبة حتى تحت الضغط الزمني.

    بفضل مهارات حل المشكلات والتفكير النقدي، يمكنهم تحليل الموقف بسرعة وتحديد الخيارات الأفضل، مما يقلل من الوقت المستغرق لاتخاذ القرار.

    هذا لا يعني التسرع، بل الكفاءة في معالجة البيانات والوصول إلى استنتاجات.

    v  جودة القرار (Decision Quality):

    عندما تكون اللياقة الذهنية عالية، يكون الفرد أقل عرضة لإجهاد اتخاذ القرار (Decision Fatigue). إجهاد اتخاذ القرار هو حالة من الاستنزاف العقلي تحدث بعد اتخاذ العديد من القرارات المتتالية، مما يؤدي إلى ضعف القدرة على اتخاذ قرارات جيدة لاحقاً، واللجوء إلى التسرع، أو التأجيل، أو اتخاذ قرارات أقل جودة.

    الللياقة الذهنية الجيدة تعني قدرة أفضل على إدارة الضغوط العاطفية التي يمكن أن تؤثر على القرار. فالقلق الزائد أو التوتر يمكن أن يؤثر سلباً على الدوائر الكهربائية في الدماغ ويؤدي إلى قرارات خاطئة.

    يقل تأثير التحيزات المعرفية (Cognitive Biases) على اتخاذ القرار. عندما يكون العقل متعباً، يصبح أكثر عرضة للاعتماد على الاختصارات العقلية التي قد تؤدي إلى تحيزات.

    تمكن اللياقة الذهنية من التفكير الاستراتيجي والإبداعي، مما يؤدي إلى قرارات أكثر ابتكاراً وفعالية على المدى الطويل.

    ثانياً: كيف يؤثر الزمن (عامل الوقت) على اللياقة الذهنية وجودة اتخاذ القرار:

    1)  ضيق الوقت والتأثير على اللياقة الذهنية

    (Time Pressure and Mental Fitness):

    عندما يكون الوقت ضيقاً، يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة مستويات التوتر والقلق، مما يقلل من اللياقة الذهنية ويؤثر سلباً على القدرات المعرفية مثل التركيز والذاكرة وحل المشكلات.

    2)  العمل تحت ضغط الوقت لفترات طويلة يمكن أن يؤدي إلى

    الإرهاق الذهني (Mental Exhaustion)

    أو التعب المعرفي (Cognitive Fatigue

    حيث يتراكم بعض المنتجات الثانوية السامة في الدماغ، مما يؤثر على نشاط قشرة الفص الجبهي المسؤولة عن اتخاذ القرار.

    الإرهاق الذهني يقلل من القدرة على ضبط النفس والتعاون، ويزيد من الميل لاتخاذ قرارات سريعة ومنخفضة التكلفة (أي لا تتطلب جهداً كبيراً للتفكير)، حتى لو لم تكن الخيار الأمثل.

    3)  الوقت الكافي ودعم اللياقة الذهنية

    (Sufficient Time and Mental Fitness):

    وجود وقت كافٍ لاتخاذ القرار يسمح للدماغ بالعمل بكامل طاقته، مما يدعم اللياقة الذهنية.

    يمكن للفرد جمع المعلومات، التفكير بعمق، استشارة الآخرين، والنظر في جوانب مختلفة من المشكلة.

    هذا يقلل من الضغط، ويسمح للعقل بالبقاء في حالة تأهب وإبداع، مما يؤدي إلى قرارات أكثر جودة.

    الفترات الكافية بين القرارات تسمح للدماغ بالراحة وإعادة شحن طاقته، مما يحافظ على اللياقة الذهنية ويمنع الإرهاق.

    v  أمثلة عملية:

    الجراح في غرفة العمليات: يحتاج إلى لياقة ذهنية عالية جداً لاتخاذ قرارات سريعة ودقيقة في جزء من الثانية تحت ضغط زمني هائل. أي ضعف في لياقته الذهنية (نتيجة الإرهاق، قلة النوم، التوتر) يمكن أن يؤدي إلى قرارات خاطئة بنتائج كارثية.

    المدير في اجتماع طارئ: إذا كان المدير يعاني من إرهاق ذهني بسبب يوم عمل طويل ومليء بالقرارات، فإنه قد يتخذ قراراً متهوراً أو غير مدروس تحت ضغط الوقت، على عكس لو كان مرتاحاً وذهنه صافياً.

    الطالب قبل الامتحان: إذا لم يدرب ذهنه على التركيز وحل المشكلات (عبر المذاكرة والتمارين)، فلن يتمكن من الإجابة على الأسئلة بسرعة ودقة في الوقت المحدد للامتحان، حتى لو كان لديه المعرفة النظرية.

    v  الخلاصة:

    لتحسين جودة اتخاذ القرار، من الضروري الاهتمام باللياقة الذهنية. وهذا يشمل:

    إدارة الوقت بفعالية: تجنب التسرع المفرط أو التأجيل المفرط.

    أخذ فترات راحة كافية: للسماح للدماغ بالتعافي من الإرهاق الذهني.

    ممارسة الأنشطة التي تعزز اللياقة الذهنية: مثل التمارين الرياضية، النوم الجيد، التغذية السليمة، تعلم مهارات جديدة، حل الألغاز، التأمل، وقضاء الوقت مع الأحباء.

    • التعامل مع التوتر والقلق: لتقليل تأثيرهما السلبي على القدرات المعرفية.

    الزمن واللياقة الذهنية ليسا مجرد عاملين منفصلين يؤثران على اتخاذ القرار، بل هما عنصران يتفاعلان باستمرار ليحددا مدى فعالية ودقة قراراتنا.

    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    Item Reviewed: اللياقة الذهنية أو العقلية إعداد د. القس سامي منير إسكندراالقسم الثاني، الجزء التاسع علاقة الزمن في اتخذ القرار باللياقة الذهنية أو العقلية Rating: 5 Reviewed By: د. القس سامي منير اسكندر
    Scroll to Top