مقدمة
سِفْرُ عُوبَدْيَا
الجزء
الثاني
إعداد
د. القس
سامي منير اسكندر
Ø أَدُومَ :
في دراستنا
لسِفْرُ عاموس (أصحاح 1) رأينا أن كلمة «أَدُومَ» تعني «من الأرض» أو «دموي»،
وتُشير إلى الإنسان الجسداني المحب للأرضيات والمحب لسفك الدماء أو الظلم.
أَدُومَ هو
لقب عيسو الذي كان يحمل عداوة ضد أخيه يعقوب. وقد أطلق هذا الاسم على الإقليم الذي
يسكنه أبناء عيسو، أي على أرض سعير (أرْض عيسو، إذ كان عيسو مشعرًا)، وهو إقليم
جبلي وعر، استولى عليه عيسو ونسله بعد طردهم الحوريين «»(سِفْرُ اَلَتَّثْنِيَة2: 12). حملوا عداوة لاخوتهم
الإسرائيليين فلم يسمحوا لهم بالعبور في أرضهم بعد خروجهم من أرض مصر «»(سِفْرُ اَلْعَدَد20: 14-41).
غزا داود أَدُومَ
وأقام عليها حُراسًا «»(سِفْرُ
صَمُوئِيلَ الثَّانِي8: 13-14)؛ «15وَحَدَثَ لَمَّا كَانَ دَاوُدُ فِي أَدُومَ، عِنْدَ
صُعُودِ يُوآبَ رَئِيسِ الْجَيْشِ لِدَفْنِ الْقَتْلَى، وَضَرَبَ كُلَّ ذَكَرٍ فِي
أَدُومَ. 16(لأَنَّ يُوآبَ وَكُلَّ
إِسْرَائِيلَ أَقَامُوا هُنَاكَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ حَتَّى أَفْنُوا كُلَّ ذَكَرٍ
فِي أَدُومَ). 17أَنَّ هَدَدَ هَرَبَ
هُوَ وَرِجَالٌ أَدُومِيُّونَ مِنْ عَبِيدِ أَبِيهِ مَعَهُ لِيَأْتُوا مِصْرَ.
وَكَانَ هَدَدُ غُلاَماً صَغِيراً»(سِفْرُ
اَلْمُلُوكِ الأَوَّلُ11: 15-17)، لكنهم سببوا متاعب كثيرة لنسله «20فِي أَيَّامِهِ عَصَى أَدُومُ عَلَى يَهُوذَا
وَمَلَّكُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مَلِكاً»(سِفْرُ
اَلْمُلُوكِ الثَّانِي8: 20)، «7هُوَ قَتَلَ مِنْ أَدُومَ فِي وَادِي الْمِلْحِ عَشَرَةَ
آلاَفٍ، وَأَخَذَ سَالِعَ بِالْحَرْبِ، وَدَعَا اسْمَهَا يَقْتَئِيلَ إِلَى هَذَا
الْيَوْمِ... 22هُوَ بَنَى أَيْلَةَ
وَاسْتَرَدَّهَا لِيَهُوذَا بَعْدَ اضْطِجَاعِ الْمَلِكِ مَعَ آبَائِهِ»(سِفْرُ
اَلْمُلُوكِ الثَّانِي14: 7و22)، «6فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَرْجَعَ رَصِينُ مَلِكُ أَرَامَ
أَيْلَةَ لِلأَرَامِيِّينَ، وَطَرَدَ الْيَهُودَ مِنْ أَيْلَةَ. وَجَاءَ
الأَرَامِيُّونَ إِلَى أَيْلَةَ وَأَقَامُوا هُنَاكَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ»(سِفْرُ
اَلْمُلُوكِ الثَّانِي16: 6).
كانوا
دائمًا يسخرون باليهود ويهزأون بهم خاصة عندما سباهم البابليون، لذا جاءت النبوات
ضدهم كثيرة في الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ (الكتاب المقدس)، منها «1عَنْ بَنِي عَمُّونَ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ. أَلَيْسَ
لإِسْرَائِيلَ بَنُونَ أَوْ لاَ وَارِثٌ لَهُ؟ لِمَاذَا يَرِثُ مَلِكُهُمْ جَادَ
وَشَعْبُهُ يَسْكُنُ فِي مُدُنِهِ؟ 2لِذَلِكَ
هَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ الرَّبُّ وَأُسْمِعُ فِي رَبَّةِ بَنِي عَمُّونَ
جَلَبَةَ حَرْبٍ وَتَصِيرُ تَلاًّ خَرِباً وَتُحْرَقُ بَنَاتُهَا بِالنَّارِ
فَيَرِثُ إِسْرَائِيلُ الَّذِينَ وَرِثُوهُ يَقُولُ الرَّبُّ. 3وَلْوِلِي يَا حَشْبُونُ لأَنَّ عَايَ قَدْ
خَرِبَتْ. اصْرُخْنَ يَا بَنَاتِ رَبَّةَ. تَنَطَّقْنَ بِمُسُوحٍ. انْدُبْنَ
وَطَوِّفْنَ بَيْنَ الْجُدْرَانِ لأَنَّ مَلِكَهُمْ يَذْهَبُ إِلَى السَّبْيِ هُوَ
وَكَهَنَتُهُ وَرُؤَسَاؤُهُ مَعاً. 4مَا
بَالُكِ تَفْتَخِرِينَ بِالأَوْطِئَةِ؟ قَدْ فَاضَ وَطَاؤُكِ دَماً أَيَّتُهَا
الْبِنْتُ الْمُرْتَدَّةُ وَالْمُتَوَكِّلَةُ عَلَى خَزَائِنِهَا قَائِلَةً: مَنْ
يَأْتِي إِلَيَّ؟ 5هَئَنَذَا أَجْلِبُ
عَلَيْكِ خَوْفاً يَقُولُ السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ
حَوَالَيْكِ وَتُطْرَدُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا أَمَامَهُ وَلَيْسَ مَنْ
يَجْمَعُ التَّائِهِينَ. 6ثُمَّ بَعْدَ
ذَلِكَ أَرُدُّ سَبْيَ بَنِي عَمُّونَ يَقُولُ الرَّبُّ». 7عَنْ أَدُومَ: «هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ. أَلاَ
حِكْمَةَ بَعْدُ فِي تَيْمَانَ؟ هَلْ بَادَتِ الْمَشُورَةُ مِنَ الْفُهَمَاءِ؟ هَلْ
فَرَغَتْ حِكْمَتُهُمْ؟ 8اُهْرُبُوا.
الْتَفِتُوا. تَعَمَّقُوا فِي السَّكَنِ يَا سُكَّانَ دَدَانَ. لأَنِّي قَدْ
جَلَبْتُ عَلَيْهِ بَلِيَّةَ عِيسُو حِينَ عَاقَبْتُهُ. 9لَوْ أَتَاكَ الْقَاطِفُونَ أَفَمَا كَانُوا
يَتْرُكُونَ عُلاَلَةً أَوِ اللُّصُوصُ لَيْلاً أَفَمَا كَانُوا يُهْلِكُونَ مَا
يَكْفِيهِمْ؟ 10وَلَكِنَّنِي جَرَّدْتُ
عِيسُوَ وَكَشَفْتُ مُسْتَتَرَاتِهِ فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْتَبِئَ. هَلَكَ
نَسْلُهُ وَإِخْوَتُهُ وَجِيرَانُهُ فَلاَ يُوجَدُ. 11اُتْرُكْ
أَيْتَامَكَ أَنَا أُحْيِيهِمْ وَأَرَامِلُكَ عَلَيَّ لِيَتَوَكَّلْنَ. 12لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَا إِنَّ
الَّذِينَ لاَ حَقَّ لَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا الْكَأْسَ قَدْ شَرِبُوا فَهَلْ
أَنْتَ تَتَبَرَّأُ تَبَرُّؤاً؟ لاَ تَتَبَرَّأ! بَلْ إِنَّمَا تَشْرَبُ شُرْباً. 13لأَنِّي بِذَاتِي حَلَفْتُ يَقُولُ الرَّبُّ
إِنَّ بُصْرَةَ تَكُونُ دَهَشاً وَعَاراً وَخَرَاباً وَلَعْنَةً وَكُلَُّ
مُدُنِهَا تَكُونُ خِرَباً أَبَدِيَّةً. 14قَدْ
سَمِعْتُ خَبَراً مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ وَأُرْسِلَ رَسُولٌ إِلَى الأُمَمِ
قَائِلاً: «تَجَمَّعُوا وَتَعَالُوا عَلَيْهَا وَقُومُوا لِلْحَرْبِ. 15لأَنِّي هَا قَدْ جَعَلْتُكَ صَغِيراً بَيْنَ
الشُّعُوبِ وَمُحْتَقَراً بَيْنَ النَّاسِ. 16قَدْ
غَرَّكَ تَخْوِيفُكَ كِبْرِيَاءُ قَلْبِكَ يَا سَاكِنُ فِي مَحَاجِئِ الصَّخْرِ
الْمَاسِكَ مُرْتَفَعِ الأَكَمَةِ. وَإِنْ رَفَعْتَ كَنَسْرٍ عُشَّكَ فَمِنْ هُنَاكَ
أُحْدِرُكَ يَقُولُ الرَّبُّ. 17وَتَصِيرُ
أَدُومُ عَجَباً. كُلُّ مَارٍّ بِهَا يَتَعَجَّبُ وَيَصْفِرُ بِسَبَبِ كُلِّ
ضَرَبَاتِهَا! 18كَانْقِلاَبِ سَدُومَ
وَعَمُورَةَ وَمُجَاوَرَاتِهِمَا يَقُولُ الرَّبُّ لاَ يَسْكُنُ هُنَاكَ إِنْسَانٌ
وَلاَ يَتَغَرَّبُ فِيهَا ابْنُ آدَمَ. 19هُوَذَا
يَصْعَدُ كَأَسَدٍ مِنْ كِبْرِيَاءِ الأُرْدُنِّ إِلَى مَرْعًى دَائِمٍ. لأَنِّي
أَغْمِزُ وَأَجْعَلُهُ يَرْكُضُ عَنْهُ. فَمَنْ هُوَ مُنْتَخَبٌ فَأُقِيمَهُ
عَلَيْهِ؟ لأَنَّهُ مَنْ مِثْلِي وَمَنْ يُحَاكِمُنِي وَمَنْ هُوَ الرَّاعِي الَّذِي
يَقِفُ أَمَامِي؟ 20لِذَلِكَ اسْمَعُوا
مَشُورَةَ الرَّبِّ الَّتِي قَضَى بِهَا عَلَى أَدُومَ وَأَفْكَارَهُ الَّتِي
افْتَكَرَ بِهَا عَلَى سُكَّانِ تِيمَانَ. إِنَّ صِغَارَ الْغَنَمِ تَسْحَبُهُمْ.
إِنَّهُ يَخْرِبُ مَسْكَنَهُمْ عَلَيْهِمْ. 21مِنْ
صَوْتِ سُقُوطِهِمْ رَجَفَتِ الأَرْضُ. صَرْخَةٌ سُمِعَ صَوْتُهَا فِي بَحْرِ
سُوفَ. 22هُوَذَا كَنَسْرٍ يَرْتَفِعُ
وَيَطِيرُ وَيَبْسُطُ جَنَاحَيْهِ عَلَى بُصْرَةَ وَيَكُونُ قَلْبُ جَبَابِرَةِ
أَدُومَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَقَلْبِ امْرَأَةٍ مَاخِضٍ»(سِفْرُ إِرْمِيَا49:
1-22)، «8قَدْ
سَمِعْتُ تَعْيِيرَ مُوآبَ وَتَجَادِيفَ بَنِي عَمُّونَ الَّتِي بِهَا عَيَّرُوا
شَعْبِي, وَتَعَظَّمُوا عَلَى تُخُمِهِمْ...11الرَّبُّ
مُخِيفٌ إِلَيْهِمْ, لأَنَّهُ يُهْزِلُ جَمِيعَ آلِهَةِ الأَرْضِ, فَسَيَسْجُدُ
لَهُ النَّاسُ, كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَكَانِهِ, كُلُّ جَزَائِرِ الأُمَمِ»(سِفْرُ صَفَنْيَا2: 8و11)، «12هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّ
أَدُومَ قَدْ عَمِلَ بِالاِنْتِقَامِ عَلَى بَيْتِ يَهُوذَا وَأَسَاءَ إِسَاءَةً
وَانْتَقَمَ مِنْهُ, 13لِذَلِكَ
هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَأَمُدُّ يَدِي عَلَى أَدُومَ وَأَقْطَعُ
مِنْهَا الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ, وَأُصَيِّرُهَا خَرَاباً. مِنَ التَّيْمَنِ
وَإِلَى دَدَانَ يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ. 14وَأَجْعَلُ
نَقْمَتِي فِي أَدُومَ بِيَدِ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ, فَيَفْعَلُونَ بِأَدُومَ
كَغَضَبِي وَكَسَخَطِي, فَيَعْرِفُونَ نَقْمَتِي يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ»(سِفْرُ حِزْقِيَال25: 12-14 الخ...)، وأيضًا النبوة التي
بين أيدينا الآن.
بعد سبي
يهوذا، إذ صارت خرابًا استولى أَدُومَ على الكثير من بقاعها حتى بلغوا مدينة
حبرون. لكن تزايدت ضغوط العرب عليهم خاصة في القرن السادس ق.م. وفي القرن الخامس
طرد الأنباط Nabateans أَدُومَ
من مرتفعاته في جنوب البحر الميت، من جبل سعير، والتزموا بالتحرك إلى الجانب
الغربي للبحر الميت، وصارت حبرون عاصمتهم في ذلك الحين. وفي القرن الثاني ق.م. أخذ
يهوذا المكابي واليهود حبرون وغيرها من المدن التي كان أَدُومَ قد استولى عليها،
وقد أرغمهم يوحنا هركانيوس على التهوُّد عام 125 ق.م. ولما جاء تيطس الروماني حطّم
أَدُومَ تمامًا. وبهذا تحققت نبوات الأنبياء فيهم.
Ø
أَدُومَ في المفهوم الروحي :
1. في أَدُومَ
الذي جاءه من (يُدينه) يحكمه من جبل صهيون «21وَيَصْعَدُ مُخَلِّصُونَ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ لِيَدِينُوا جَبَلَ
عِيسُو وَيَكُونُ الْمُلْكُ لِلرَّبِّ»(سِفْرُ عُوبَدْيَا آية 21) إنما إشارة إلى الأمم الأشرار لكنهم يتقبلوا الإيمان خلال
الرسل القادمين من جبل صهيون، وكأن هذا السِفْرُ هو سِفْرُ الكنيسة الواحد الجامعة
تضم في أحضانها الأمم الذين كانوا قبلاً من أَدُومَ أرضيين وظالمين، كما ضمت
اليهود الذين قبلوا الإيمان، وكما يقول الإِنْجِيل: «16وَيُصَالِحَ الاثْنَيْنِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ
بِالصَّلِيبِ، قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ2: 16).
2. وأيضًا
في أَدُومَ الظالم والمحب لسفك الدم صورة حية لمضطهدي الكنيسة في العصر الروماني،
أيّة اضطهادات عظيمة هذه التي عانت منها الكنيسة؟! ماذا يقول أبناء أَدُومَ، أي
الجسدانيون خدام الشيطان وملائكته، عابدو الأصنام والحجارة، الذين يتبعون شهوات
الجسد؟ «أزيلوا المسيحيين، أهلكوهم، لا
تتركوا أحدًا منهم يعيش، ألقوا بهم في النار» = «7اُذْكُرْ يَا رَبُّ لِبَنِي أَدُومَ يَوْمَ أُورُشَلِيمَ
الْقَائِلِينَ: «هُدُّوا هُدُّوا (انقضوا
انقضوا) حَتَّى
إِلَى أَسَاسِهَا»(سِفْرُ
اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور137: 7). وإذ «المضطهِدون هكذا يُحتقرون أما الشهداء
فيُكلّلون».
هذا هو أَدُومَ
الذي لا يطيق أخيه يعقوب بل يضطهده ويشمت به ويشترك مع أعدائه في إذلاله. هذا كله
لأن أَدُومَ (عيسو) كان بكرًا وبسبب شهواته صار الأخير. وكان بنو أَدُومَ هم البكر
لكن الذين وُلدوا بعدهم نالوا منهم الامتياز، لأن شهوة الجسد أحدرتهم بينما ارتفع
الآخرون لاستخفافهم بها.
3. أخيرًا
فإن أَدُومَ يمثل الإنسان العتيق الأرضي والدموي، المحب للظلم والعداوة، هذا الذي
يكره الإنسان الداخلي ولا يطيقه، إذ يقول المرتل: «7اُذْكُرْ يَا رَبُّ لِبَنِي أَدُومَ يَوْمَ أُورُشَلِيمَ
الْقَائِلِينَ: «هُدُّوا هُدُّوا (انقضوا
انقضوا) حَتَّى
إِلَى أَسَاسِهَا»(سِفْرُ
اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور137: 7). بالإيمان يُحطم الصليب إنساننا
الخارجي ليقوم فينا أورشليمنا الداخلية أو جبل صهيون الروحي، الإنسان المخلوق على
صورة خالقه ليتجدد من يوم إلى يوم فينعم بالنجاة في المسيح يسوع ويحسب ميراثًا
للرب ومقدسًا له «15فَإِنَّهُ قَرِيبٌ يَوْمُ الرَّبِّ عَلَى كُلِّ الأُمَمِ.
كَمَا فَعَلْتَ يُفْعَلُ بِكَ. عَمَلُكَ يَرْتَدُّ عَلَى رَأْسِكَ»(سِفْرُ عُوبَدْيَا آية15)، فيه يسكن الثالوث القدوس معلنًا
ملكوته فينا. هذا ما نستوحيه أيضًا من كلمات عنوان اَلْمَزْمُور 60 «لإِمَامِ الْمُغَنِّينَ عَلَى السَّوْسَنِّ. شَهَادَةٌ
مُذَهَّبَةٌ لِدَاوُدَ لِلتَّعْلِيمِ. عِنْدَ مُحَارَبَتِهِ أَرَامَ النَّهْرَيْنِ وَأَرَامَ
صُوبَةَ فَرَجَعَ يُوآبُ وَضَرَبَ مِنْ أَدُومَ فِي وَادِي الْمِلْحِ اثْنَيْ
عَشَرَ أَلْفاً»، إذ يقول: «أَدُومَ» تعني «أرضي»، لذا يلزم على الإنسان أن
يضرب فيه ما هو أرضي، لأنه إذ يُريد أن يحيا سماويًا فلماذا يعيش أرضيًا؟! لنذبح
الحياة الأرضية (محبة الأرضيات) فنحيا الحياة السماوية. «49وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ سَنَلْبَسُ
أَيْضاً صُورَةَ السَّمَاوِيِّ»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ15: 49).
Ø
بين عُوبَدْيَا وإِرْمِيَا :
جاءت نبوة إِرْمِيَا
ضد أَدُومَ «7عَنْ أَدُومَ: «هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ. أَلاَ حِكْمَةَ بَعْدُ
فِي تَيْمَانَ؟ هَلْ بَادَتِ الْمَشُورَةُ مِنَ الْفُهَمَاءِ؟ هَلْ فَرَغَتْ
حِكْمَتُهُمْ؟ 8اُهْرُبُوا.
الْتَفِتُوا. تَعَمَّقُوا فِي السَّكَنِ يَا سُكَّانَ دَدَانَ. لأَنِّي قَدْ
جَلَبْتُ عَلَيْهِ بَلِيَّةَ عِيسُو حِينَ عَاقَبْتُهُ. 9لَوْ أَتَاكَ الْقَاطِفُونَ أَفَمَا كَانُوا يَتْرُكُونَ
عُلاَلَةً أَوِ اللُّصُوصُ لَيْلاً أَفَمَا كَانُوا يُهْلِكُونَ مَا يَكْفِيهِمْ؟ 10وَلَكِنَّنِي جَرَّدْتُ عِيسُوَ وَكَشَفْتُ مُسْتَتَرَاتِهِ
فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْتَبِئَ. هَلَكَ نَسْلُهُ وَإِخْوَتُهُ وَجِيرَانُهُ فَلاَ يُوجَدُ.
11اُتْرُكْ أَيْتَامَكَ أَنَا
أُحْيِيهِمْ وَأَرَامِلُكَ عَلَيَّ لِيَتَوَكَّلْنَ. 12لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَا إِنَّ الَّذِينَ لاَ
حَقَّ لَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا الْكَأْسَ قَدْ شَرِبُوا فَهَلْ أَنْتَ تَتَبَرَّأُ
تَبَرُّؤاً؟ لاَ تَتَبَرَّأ! بَلْ إِنَّمَا تَشْرَبُ شُرْباً. 13لأَنِّي بِذَاتِي حَلَفْتُ يَقُولُ الرَّبُّ
إِنَّ بُصْرَةَ تَكُونُ دَهَشاً وَعَاراً وَخَرَاباً وَلَعْنَةً وَكُلَُّ
مُدُنِهَا تَكُونُ خِرَباً أَبَدِيَّةً. 14قَدْ سَمِعْتُ خَبَراً
مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ وَأُرْسِلَ رَسُولٌ إِلَى الأُمَمِ قَائِلاً: «تَجَمَّعُوا
وَتَعَالُوا عَلَيْهَا وَقُومُوا لِلْحَرْبِ. 15لأَنِّي هَا قَدْ جَعَلْتُكَ صَغِيراً بَيْنَ
الشُّعُوبِ وَمُحْتَقَراً بَيْنَ النَّاسِ. 16قَدْ غَرَّكَ
تَخْوِيفُكَ كِبْرِيَاءُ قَلْبِكَ يَا سَاكِنُ فِي مَحَاجِئِ الصَّخْرِ الْمَاسِكَ
مُرْتَفَعِ الأَكَمَةِ. وَإِنْ رَفَعْتَ كَنَسْرٍ عُشَّكَ فَمِنْ هُنَاكَ
أُحْدِرُكَ يَقُولُ الرَّبُّ. 17وَتَصِيرُ
أَدُومُ عَجَباً. كُلُّ مَارٍّ بِهَا يَتَعَجَّبُ وَيَصْفِرُ بِسَبَبِ كُلِّ
ضَرَبَاتِهَا! 18كَانْقِلاَبِ سَدُومَ
وَعَمُورَةَ وَمُجَاوَرَاتِهِمَا يَقُولُ الرَّبُّ لاَ يَسْكُنُ هُنَاكَ إِنْسَانٌ
وَلاَ يَتَغَرَّبُ فِيهَا ابْنُ آدَمَ. 19هُوَذَا
يَصْعَدُ كَأَسَدٍ مِنْ كِبْرِيَاءِ الأُرْدُنِّ إِلَى مَرْعًى دَائِمٍ. لأَنِّي
أَغْمِزُ وَأَجْعَلُهُ يَرْكُضُ عَنْهُ. فَمَنْ هُوَ مُنْتَخَبٌ فَأُقِيمَهُ
عَلَيْهِ؟ لأَنَّهُ مَنْ مِثْلِي وَمَنْ يُحَاكِمُنِي وَمَنْ هُوَ الرَّاعِي
الَّذِي يَقِفُ أَمَامِي؟ 20لِذَلِكَ
اسْمَعُوا مَشُورَةَ الرَّبِّ الَّتِي قَضَى بِهَا عَلَى أَدُومَ وَأَفْكَارَهُ
الَّتِي افْتَكَرَ بِهَا عَلَى سُكَّانِ تِيمَانَ. إِنَّ صِغَارَ الْغَنَمِ
تَسْحَبُهُمْ. إِنَّهُ يَخْرِبُ مَسْكَنَهُمْ عَلَيْهِمْ. 21مِنْ صَوْتِ سُقُوطِهِمْ رَجَفَتِ الأَرْضُ.
صَرْخَةٌ سُمِعَ صَوْتُهَا فِي بَحْرِ سُوفَ. 22هُوَذَا كَنَسْرٍ
يَرْتَفِعُ وَيَطِيرُ وَيَبْسُطُ جَنَاحَيْهِ عَلَى بُصْرَةَ وَيَكُونُ قَلْبُ
جَبَابِرَةِ أَدُومَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَقَلْبِ امْرَأَةٍ مَاخِضٍ»(سِفْرُ إِرْمِيَا49:
7-22) متطابقة مع العبارات التسع لنبوة عُوبَدْيَا :
(سِفْرُ عُوبَدْيَا آية1–4) تقابل
(سِفْرُ إِرْمِيَا49:
14و16).
(سِفْرُ عُوبَدْيَا آية5–6) تقابل
(سِفْرُ إِرْمِيَا49:
9و10).
(سِفْرُ عُوبَدْيَا آية8–9) تقابل
(سِفْرُ إِرْمِيَا49:
7و22).
وقد اتفق
كل النقاد على أن عُوبَدْيَا
النبي لم يعتمد على سِفْرُ إِرْمِيَا بل بالأحرى يظهر سِفْرُ عُوبَدْيَا أقدم من سِفْرُ إِرْمِيَا.
0 التعليقات:
إرسال تعليق