حروب البَكُورية
إعداد
د. القس سامي منير اسكندر
«31فَقَالَ
يَعْقُوبُ: «بِعْنِي الْيَوْمَ بَكُورِيَّتَكَ»(سِفْرُ
التَّكْوِينِ25: 31)، كان
للبَكُورِيَّةِ عند شعب الرب امتيازات يمتاز بها الْبِكْرُ عن غيره من
أخوته. منها نيابة الْبِكْرُ عن أبيه في قيادة البيت خاصة أمام الله (كاهن
العائلة) حين غيابه. ومنها اختصاصه بالبركة على شرط أن يكون مستحقًا لها، وإلاّ
فتعطى لغيره كما حدث لعِيسُو ورأوبين. ومنها أنه يعطى نصيبًا واحدًا زائدًا عن أخوته «17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْراً لِيُعْطِيَهُ
نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ
قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ»(سِفْرُ
اَلَتَّثْنِيَة21: 17)، ومنها،
وهو أهمها وأعظمها اعتبارًا، أن الْبِكْرُ كان مكرسًا للرب «29لاَ تُؤَخِّرْ مِلْءَ بَيْدَرِكَ وَقَطْرَ مِعْصَرَتِكَ
وَأَبْكَارَ بَنِيكَ تُعْطِينِي»(سِفْرُ اَلْخُرُوجُ22: 29).
وبناء على ذلك اختار الله اللاويين من
الشعب ليخدموه عوضًا عن أبكار الشعب وفرض عليهم إزاء ذلك فدية الْبِكْرُ
خمسة شواقل من الفضة كما تقدم الكلام عن ذلك.
وكان للبكر من أولاد الملوك الحق أن يتبّوا كرسي الملك بعد أبيه «3وَأَعْطَاهُمْ أَبُوهُمْ عَطَايَا كَثِيرَةً مِنْ
فِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَتُحَفٍ مَعَ مُدُنٍ حَصِينَةٍ فِي يَهُوذَا. وَأَمَّا
الْمَمْلَكَةُ فَأَعْطَاهَا لِيَهُورَامَ لأَنَّهُ الْبِكْرُ. 4فَقَامَ
يَهُورَامُ عَلَى مَمْلَكَةِ أَبِيهِ وَتَشَدَّدَ وَقَتَلَ جَمِيعَ إِخْوَتِهِ
بِالسَّيْفِ وَأَيْضاً بَعْضاً مِنْ رُؤَسَاءِ إِسْرَائِيلَ»(سِفْرُ
أَخْبَارِ الأَيَّامِ الثَّانِي21: 3و4). على أن ذلك لم يكن مطّردًا فإن سليمان ويهوآحاز وابيّا خلفوا آباءهم في الملك ولم يكونوا أبكارًا «31كَانَ يَهُوآحَازُ ابْنَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً
حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ
حَمُوطَلُ بِنْتُ إِرْمِيَا مِنْ لِبْنَةَ»(سِفْرُ
اَلْمُلُوكِ الثَّانِي23: 31)، و«14وَابْنُهُ آمُونُ وَابْنُهُ يُوشِيَّا»(سِفْرُ أَخْبَارِ الأَيَّامِ الأَوَّلُ3: 14)، و«18وَاتَّخَذَ
رَحُبْعَامُ لِنَفْسِهِ امْرَأَةً: مَحْلَةَ بِنْتَ يَرِيمُوثَ بْنِ دَاوُدَ
وَأَبِيجَايِلَ بِنْتَ أَلِيآبَ بْنِ يَسَّى. 19فَوَلَدَتْ
لَهُ بَنِينَ: يَعُوشَ وَشَمَرْيَا وَزَاهَمَ 20ثُمَّ
بَعْدَهَا أَخَذَ مَعْكَةَ بِنْتَ أَبْشَالُومَ فَوَلَدَتْ لَهُ أَبِيَّا
وَعَتَّايَ وَزِيزَا وَشَلُومِيثَ. 21وَأَحَبَّ
رَحُبْعَامُ مَعْكَةَ بِنْتَ أَبْشَالُومَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ نِسَائِهِ
وَسَرَارِيهِ لأَنَّهُ اتَّخَذَ ثَمَانِيَ عَشَرَةَ امْرَأَةً وَسِتِّينَ
سُرِّيَّةً وَوَلَدَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ابْناً وَسِتِّينَ ابْنَةً. 22وَأَقَامَ رَحُبْعَامُ أَبِيَّا ابْنَ مَعْكَةَ
رَأْساً وَقَائِداً بَيْنَ إِخْوَتِهِ لِيُمَلِّكَهُ»(سِفْرُ
أَخْبَارِ الأَيَّامِ الثَّانِي11: 18-22).
ولما كانت البَكُورِيَّةِ أمرًا ذا شأن واعتبار عند اليهود، فإنهم كانوا يلقبون كل ما كان كبير الأهمية بالْبِكْرُ. ولذلك جاء
ذكر الْبِكْرُ، وبكر من الأموات والابن الوحيد في ألقاب الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، له المجد «18وَهُوَ رَأْسُ الْجَسَدِ: الْكَنِيسَةِ. الَّذِي هُوَ
الْبَدَاءَةُ، بِكْرٌ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِكَيْ يَكُونَ هُوَ مُتَقَدِّماً فِي
كُلِّ شَيْءٍ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ كُولُوسِّي1: 18)، و«29لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ
فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ لِيَكُونَ هُوَ بِكْراً
بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ8: 29).
Ø
الْبِكْرُ
كانت العادة
عند اليهود أن يكرّسوا كل بكر ذكر لخدمة الرب «12أَنَّكَ تُقَدِّمُ لِلرَّبِّ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ
وَكُلَّ بِكْرٍ مِنْ نِتَاجِ الْبَهَائِمِ الَّتِي تَكُونُ لَكَ»(سِفْرُ
اَلْخُرُوجُ13: 12)، و«19لِي كُلُّ فَاتِحِ رَحِمٍ وَكُلُّ مَا يُولَدُ ذَكَراً
مِنْ مَوَاشِيكَ بِكْراً مِنْ ثَوْرٍ وَشَاةٍ»(سِفْرُ
اَلْخُرُوجُ34: 19)، وهناك
سبب آخر وهو أنهم أمروا بذلك ليتذكروا قتل الله لأبكار
المصريين وإبقائه على أبكارهم «12أَنَّكَ تُقَدِّمُ لِلرَّبِّ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ
وَكُلَّ بِكْرٍ مِنْ نِتَاجِ الْبَهَائِمِ الَّتِي تَكُونُ لَكَ»(سِفْرُ
اَلْخُرُوجُ13: 12)، وأما الْبِكْرُ
من البهائم فكان مكرّسًا أيضًا لخدمة الرب. لا يفكّ ولا يبدل إلا إذا كان من
الحيوانات النجسة حسب الشريعة، وأراد صاحبه فكّه. وإذا لم يرد بيع أو قتل أو بدل «13وَلَكِنَّ كُلَّ بِكْرِ حِمَارٍ تَفْدِيهِ بِشَاةٍ.
وَإِنْ لَمْ تَفْدِهِ فَتَكْسِرُ عُنُقَهُ. وَكُلُّ بِكْرِ إِنْسَانٍ مِنْ
أَوْلاَدِكَ تَفْدِيهِ»(سِفْرُ اَلْخُرُوجُ13: 13)، «27وَإِنْ
كَانَ مِنَ الْبَهَائِمِ النَّجِسَةِ يَفْدِيهِ حَسَبَ تَقْوِيمِكَ وَيَزِيدُ
خُمْسَهُ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يُفَكَّ فَيُبَاعُ حَسَبَ تَقْوِيمِكَ»(سِفْرُ
اَللاَّوِيِّينَ27: 27). وكان
للبكر امتيازات عن باقي إخوته، يرد ذكرها في الكلام عن حقوق البَكُورِيَّةِ، كأن يأخذ نصيب اثنين وغير ذلك «17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْراً لِيُعْطِيَهُ
نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ
قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ»(سِفْرُ
اَلَتَّثْنِيَة21: 17)، هذا
إذا كان يستحق هذه الامتيازات وإلا فيسقط حقه في جميع امتيازات البَكُورِيَّةِ كما
حدث لعِيسُو ورأوبين «29لِيُسْتَعْبَدْ لَكَ شُعُوبٌ وَتَسْجُدْ لَكَ قَبَائِلُ.
كُنْ سَيِّداً لإِخْوَتِكَ وَلْيَسْجُدْ لَكَ بَنُو أُمِّكَ. لِيَكُنْ لاَعِنُوكَ
مَلْعُونِينَ وَمُبَارِكُوكَ مُبَارَكِينَ»(سِفْرُ التَّكْوِينِ27: 29)، و«1وَبَنُو رَأُوبَيْنَ بِكْرِ إِسْرَائِيلَ. لأَنَّهُ هُوَ
الْبِكْرُ وَلأَجْلِ تَدْنِيسِهِ فِرَاشَ أَبِيهِ، أُعْطِيَتْ بَكُورِيَّتُهُ
لِبَنِي يُوسُفَ بْنِ إِسْرَائِيلَ، فَلَمْ يُنْسَبْ بِكْراً. 2لأَنَّ يَهُوذَا اعْتَزَّ عَلَى إِخْوَتِهِ
وَمِنْهُ الرَّئِيسُ، وَأَمَّا الْبَكُورِيَّةُ فَلِيُوسُفَ»(سِفْرُ أَخْبَارِ الأَيَّامِ الأَوَّلُ5: 1و2).
وأما ما ورد في الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ من ذكر أبكار المساكين «30وَتَرْعَى أَبْكَارُ الْمَسَاكِينِ وَيَرْبُضُ
الْبَائِسُونَ بِالأَمَانِ وَأُمِيتُ أَصْلَكِ بِالْجُوعِ فَيَقْتُلُ بَقِيَّتَكِ»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ14: 30)، فيراد به شدة الفقر. وكذلك بكر الموت أي الموت العظيم «13يَأْكُلُ أَعْضَاءَ جَسَدِهِ. يَأْكُلُ أَعْضَاءَهُ
بِكْرُ الْمَوْتِ(يَفْتَرِسُ الدَّاءُ جِلْدَهُ وَيَلْتَهِمُ الْمَرَضُ
الأَكَّالُ أَعْضَاءَهُ. (ح)»(سِفْرُ أَيُّوبَ18: 13)،
وبكر كل خليقة أي أول ورأس الخليقة «15اَلَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ
كُلِّ خَلِيقَةٍ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ كُولُوسِّي1: 15)، وأما الْبِكْرُ في «6وَأَيْضاً مَتَى أَدْخَلَ الْبِكْرَ إِلَى الْعَالَمِ
يَقُولُ: «وَلْتَسْجُدْ لَهُ كُلُّ مَلاَئِكَةِ اللهِ»(الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ1: 6).
فالمراد به الدلالة على عظمة الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ورئاسته.
0 التعليقات:
إرسال تعليق