الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ لماذا يصَّلِبِ؟
إعداد
د. القس سامي منير اسكندر
ü لماذا مات الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مصلوباً؟
أولاً: الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ هو كاهن وذبيحة:
ب- الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ هو حَمَلُ
اللَّهِ
«29وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ، فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ
الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ! 36فَنَظَرَ إِلَى يَسُوعَ مَاشِياً، فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ!»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا1: 29و36).
«7إِذاً نَقُّوا مِنْكُمُ الْخَمِيرَةَ الْعَتِيقَةَ لِكَيْ تَكُونُوا
عَجِيناً جَدِيداً كَمَا أَنْتُمْ فَطِيرٌ. لأَنَّ
فِصْحَنَا أَيْضاً الْمَسِيحَ قَدْ ذُبِحَ لأَجْلِنَا»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ5: 7).
ü الجرح الداخلى أعمق:
كان لابد أن يكون الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ قائماً؛ فلا يمكنه أن يكون ملقى أثناء ممارسته لعمله كرئيس للكهنة.
لذلك فإن عملية الذبح كانت داخلية (بالرغم من وجود جراحات مثل آثار المسامير
وإكليل الشوك) لكن الجرح الأساسى كان داخلياً. وهنا تظهر نقطة عميقة فى محبة الله،
وهى تتمثل فى شخص الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ أنه مذبوح فى داخله كما يقول الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ: «38فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى
الْمَوْتِ.
امْكُثُوا هَهُنَا وَاسْهَرُوا مَعِي»(إِنْجِيلُ مَتَّى26: 38). «34فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى
الْمَوْتِ! امْكُثُوا
هُنَا وَاسْهَرُوا»(إِنْجِيلُ
مَرْقُسَ14: 34)،
وأيضًا علي لسان الرَّسُولِ بُولُسَ: «8فَإِنَّ اللهَ شَاهِدٌ لِي كَيْفَ أَشْتَاقُ إِلَى
جَمِيعِكُمْ فِي أَحْشَاءِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ فِيلِبِّي1:
8)، فالذبح الداخلى أصعب بكثير من الذبح الخارجى وفى هذا يقول الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ: «6فَيَسْأَلَهُ: مَا هَذِهِ الْجُرُوحُ فِي يَدَيْكَ؟
فَيَقُولُ: هِيَ الَّتِي جُرِحْتُ بِهَا فِي بَيْتِ أَحِبَّائِي»(سِفْرُ زَكَريَّا13: 6).
ü النزيف الداخلى:
السياط التى جُلد بها الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ كانت مصنوعة من سيور البقر وفى أطرافها عظم أو معدن، لذلك فقد
مزّقت الشرايين المحيطة بالقفص الصدرى وأحدثت نزيفاً داخلياً. فلما ضربه الجندى
بالحربة كان الدم عندئذ يملأ القفص الصدرى فسال الهيموجلوبين الأحمر بلون الدم ثم
البلازما الشفافة ثم السوائل الخاصة بالأوديما (أى الإرتشاح المائى). هذه التى
عبّر عنها ببساطة الإِنْجِيل: «34لَكِنَّ وَاحِداً مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ
بِحَرْبَةٍ، وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا19: 34). وقد رأى القديس يُوحَنَّا
مركبات الدم مفصولة لأن الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ كان قد أسلم الروح فى الساعة
التاسعة وعندما طعنه الجندى قرب الغروب كان قد مضى حوالى ساعتين.
ü مات ذبيحاً:
إهتم الرَّسُولِ
يُوحَنَّا أن يذكر واقعة خروج الدم والماء لكى يؤكّد أن الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ مات ذبيحاً. ويقول: «35وَالَّذِي عَايَنَ شَهِدَ، وَشَهَادَتُهُ حَقٌّ، وَهُوَ
يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ لِتُؤْمِنُوا أَنْتُمْ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا19: 35). كانت رقبة الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ سليمة نسبياً والصدر سليم نسبياً بحسب الظاهر خارجه بينما كان النزيف
حاد من الداخل. فى الخارج كانت تظهر آثار ضربات السياط، بالإضافة إلى الجروح التى
كانت فى اليدين والقدمين، وقد أحدثت نزيفاً خارجياً لكنه محدود. فالمصلوب كان يمكن
أن يبقى معلقاً على الصَّلِيبِ ويتعذب وقد لا يموت إلا بعد ثلاثة أيام. ولكن كان
يهّم الرَّسُولِ يُوحَنَّا الإنجيلى
جداً أن يؤكّد أن الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ هو خروف الفصح الذى ذُبح لأجلنا،
لذلك أكَّد نزول الدم والماء من جنبه لكى نعرف أنه ذُبح.
ü سبب الذبح أو الموت:
النزيف الداخلى الحاد الذى تعرَّض له الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ نتج عنه أن كمية الدم الباقية فى الدورة الدموية كانت بسيطة
جداً. لذلك إحتاج القلب أن يعمل بسرعة لتعويض الدم المفقود. ولكى يعمل بسرعة، كان
القلب نفسه كعضلة، يحتاج لكمية أكبر من الدم. ولكن الشرايين التاجيّة التى تغذّى
القلب لم يكن فى إمكانها أن تقوم بهذا الدور لقلة كمية الدم الواصل إليها نتيجة
للنزيف. وإذا كانت سرعة ضربات القلب فى الإِنْسَان الطبيعى هى سبعين نبضة فى
الدقيقة ففى حالات النزيف ترتفع إلى 140 نبضة. وكل هذا يجهد عضلة القلب فتصل إلى
مرحلة الهبوط الحاد جداً فى الجزء الأيمن منها ويؤدى ذلك إلى الوفاة.
ü صرخة الكاهن المنتصر:
كان الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ يقترب من هذه
اللحظة الأخيرة؛ وهنا وفى آخر
لحظة صرخ بصوت عظيم وقال: «46وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَ: «يَا أَبَتَاهُ، فِي
يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هَذَا أَسْلَمَ
الرُّوحَ»(إِنْجِيلُ لُوقَا23:
46). وقد كانت هذه الصرخة هى صرخة إنتصار. لإنه لأول مرة منذ سقوط أبينا آدم من
الفردوس يستطيع أحد أن يقول «يَا
أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي» فكل من
مات لم يستطع أن يستودع روحه فى يدى الآب بل كان إبليس يقبض على تلك النفوس. وإذ
صرخ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بصوت عظيم رغم حالة الإعياء الشديدة التى كان
يعانى منها إنما أراد بذلك أن يلفت النظر إلى عبارة الإنتصار هذه. وهذه هى أول مرة
منذ سقطة آدم يضع ذو طبيعة بشرية روحه فى يدى الآب.
صار الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
هو القنطرة أو الجسر الذى يعبر عليه المفديون من الجحيم إلى الفردوس وإلى ملكوته.
وقد خاب أمل الشيطان فى هذه اللحظة لأنه رأى أمامه قوة الذى إنتصر بالصَّلِيبِ.
يقول للقديس يُوحَنَّا ذهبى الفم: ]عندما إنحدرت إلى الموت أيها
الحياة الذى لايموت حينئذ أمتَّ الجحيم ببرق لاهوتك. وعندما أقمت الأموات من تحت
الثرى صرخ نحوك القوات السمائيون أيها المسيح الإله معطى الحياة المجد لك[. فقد أبرق الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ حينما سلّم روحه فى يدى
الآب. وبتعبير آخر: أصبح كالبرق وأفزع كل مملكة الشيطان.
أخُفى لاهوته الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ عن الشيطان والإِنْجِيل يعلن: «34فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى
الْمَوْتِ!
امْكُثُوا هُنَا وَاسْهَرُوا»(إِنْجِيلُ
مَرْقُسَ14: 34). كان يجاهد ويأتى ملاك ليقويه فى الصلاة من أجل إخفاء
لاهوته عن الشيطان ولكن فى اللحظة التى أسلم فيها روحه على الصَّلِيبِ؛ أى عندما
غادرت روحه الإِنْسَانية الجسد، فى الحال أبرق بمجد لاهوته، لذلك يقول «15إِذْ جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ
وَالسَّلاَطِينَ اشْهَرَهُمْ جِهَاراً، ظَافِراً بِهِمْ فِيهِ(فى الصَّلِيبِ)»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ كُولُوسِّي2:
15). فقد تحوّل الموقف تماماً وكأن الشيطان يقيم حفلاً أو وليمة وأحضر معه كل
بوابات الجحيم وكل قوات الظلمة لتحيط بمنطقة الجلجثة فوقف أمامه من «2فَنَظَرْتُ، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ، وَالْجَالِسُ
عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ، وَقَدْ أُعْطِيَ إِكْلِيلاً، وَخَرَجَ غَالِباً
وَلِكَيْ يَغْلِبَ»(سِفْرُ
رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ6: 2)، ففزعت من أمامه كل هذه القوات
حينما أبصرت مجد لاهوته.
0 التعليقات:
إرسال تعليق