• اخر الاخبار

    الصراع الداخلي بين الشر والخير إعداد د. القس سامي منير اسكندر

     


    الصراع الداخلي بين الشر والخير


    إعداد


    د. القس سامي منير اسكندر


    تأمل اليوم للمن السماوي كلمة الله 1/ 7 / 2025

    «26قَدْ فَنِيَ لَحْمِي وَقَلْبِي. صَخْرَةُ قَلْبِي وَنَصِيبِي اللهُ إِلَى الدَّهْرِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور73: 26).

    الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ يُقدّم هذا مزمور يصف فيه صاحب المزمور (آساف) صراعه الداخلي عندما رأى ازدهار الأشرار وتجبرهم، بينما عانى هو البريء. بعد مروره بفترة من الشك والغيرة، يدخل المرتل إلى "مقادس الله"(ع17)، أي إلى فهم إلهي عميق، حيث يدرك النهاية الحقيقية للأشرار، ويستعيد منظوره الصحيح. في هذه الآية تحديدًا، يعلن عن إيمانه الراس:

    1) الإقرار بالضعف البشري والهشاشة

    "قَدْ فَنِيَ لَحْمِي وَقَلْبِي". هذه العبارة تعبر عن ضعف الإنسان الجسدي والنفسي.

    "فَنِيَ لَحْمِي": تشير إلى الضعف الجسدي، أو المرض، أو الإرهاق الشديد، أو حتى اقتراب الموت. إنه اعتراف بأن الجسد البشري له حدوده ويفنى.

    "وَقَلْبِي": هنا لا تشير فقط إلى العضو الجسدي، بل إلى المركز العاطفي والنفسي والروحي للإنسان. "فناء القلب" يعني الشعور باليأس، الإحباط، التعب الروحي، أو حتى الانكسار العاطفي.

    أن الاعتراف بضعفنا البشري ليس عيبًا، بل هو نقطة انطلاق أساسية نحو الاعتماد على قوة أكبر. إنها تذكير بأننا كبشر لسنا خالدين أو لا نهزم، وأن الألم واليأس يمكن أن يصيبا أعمق أجزاء كياننا.

    2) الله هو القوة والثبات في الضعف "صَخْرَةُ قَلْبِي".

    بعد الإقرار بالضعف والفناء، يأتي هذا الإعلان القوي عن مصدر القوة.

    "صَخْرَةُ قَلْبِي": الصخرة في الكتاب المقدس هي رمز للثبات، القوة، المأوى، والأمان. عندما يفنى جسد وقلب المرتل، يجد قوته واستقراره في الله. هذا يعني أن الله هو مصدر القوة الروحية والعاطفية الذي لا يتزعزع، حتى عندما تنهار كل القوى البشرية. إنه الملجأ الذي نعود إليه عندما لا يكون لدينا ما نتكل عليه في ذواتنا.

    أن القوة الحقيقية تكمن في الاتكال على الله في أوقات الضعف. عندما لا نملك شيئًا نعتمد عليه في ذواتنا، يكون الله هو الأساس الصلب الذي يمكننا أن نقف عليه. إنه يمنحنا الثبات الداخلي والقدرة على التحمل.

    3) الله هو النصيب الأبدي والأهم: "وَنَصِيبِي اللهُ إِلَى الدَّهْرِ".

    "نَصِيبِي": في العهد القديم، كان "النصيب" يشير إلى الميراث أو الجزء المخصص لشخص ما، خاصة الأرض أو الممتلكات. لكن بالنسبة لللاويين، لم يكن لهم نصيب من الأرض، بل كان الرب نفسه هو نصيبهم (عدد 18: 20). هنا، يعلن المرتل أن الله هو نصيبه الأكثر قيمة، والذي لا يزول.

    "إِلَى الدَّهْرِ": تعني "إلى الأبد" أو "إلى الأزل". هذا يؤكد على ديمومة هذا النصيب وثباته. بينما كل شيء في الحياة فاني (اللحم والقلب)، فإن العلاقة مع الله ونصيبه في الحياة الأبدية معه يدومان إلى الأبد. أن الله هو غايتنا النهائية وأثمن ما نملك. كل ممتلكات العالم ومكاسبه فانية، ولكن العلاقة بالله هي الكنز الحقيقي الذي لا يفنى. إنها دعوة لإعادة ترتيب الأولويات والتركيز على ما هو أبدي وذو قيمة حقيقية.

    Ø   خلاصة الآية:

    الضعف الشديد يقود إلى القوة الإلهية: ندرك أن ضعفنا البشري ليس نهاية المطاف، بل هو بوابة للاعتماد الكلي على الله وقوته الفائقة.

    الله هو مصدر الثبات والأمان: في أوقات الانهيار الجسدي والنفسي، يكون الله هو الصخرة التي لا تتزعزع، ويوفر لنا القوة والراحة والاستقرار.

    القيمة الأبدية لله: كل ما في هذا العالم فانٍ، ولكن الله هو كنزنا الحقيقي ونصيبنا الأبدي، الذي يدوم إلى الأبد. هذه الآية تشجع على وضع الله في المقام الأول في حياتنا.

    إنها آية تزرع الأمل والاطمئنان في القلوب، وتذكرنا بأن حتى عندما ينهار كل شيء في حياتنا، يبقى الله هو الملجأ والقوة والنصيب الأبدي.



    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    Item Reviewed: الصراع الداخلي بين الشر والخير إعداد د. القس سامي منير اسكندر Rating: 5 Reviewed By: د. القس سامي منير اسكندر
    Scroll to Top