الصَوْمِ في نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ
وَالْمَزَامِيرِ
إعداد
د. القس سامي منير اسكندر
Ø سيكولوجية
الصَوْمِ:
الإمساك عن الطعام أو الشراب أو كليهما في أَوقات
الحزن أَو الضيق أمر شائع بين كثير من الشعوب. ونقرأ في الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ عن كثيرين امتنعوا عن الطعام في أوقات التوتر الشديد، كما في الغيرة
والغضب والحيرة، مثل حنة أم صموئيل، التي أمام تعيير ضرتها لها بكت ولم تأكل «7وَهَكَذَا صَارَ سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ, كُلَّمَا
صَعِدَتْ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ, هَكَذَا كَانَتْ تُغِيظُهَا. فَبَكَتْ وَلَمْ
تَأْكُلْ»(سِفْرُ
صَمُوئِيلَ الأَوَّلُ1: 7). وكما فعل يوناثان بن
شاول الملك، عندما غضب لأن أباه حاول ان يقتل داود «34فَقَامَ يُونَاثَانُ عَنِ الْمَائِدَةِ
بِحُمُوِّ غَضَبٍ وَلَمْ يَأْكُلْ خُبْزاً فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنَ
الشَّهْرِ, لأَنَّهُ اغْتَمَّ عَلَى دَاوُدَ, لأَنَّ أَبَاهُ قَدْ أَخْزَاهُ»(سِفْرُ صَمُوئِيلَ
الأَوَّلُ20: 34)، وعندما رفض نابوت اليزرعيلي،
ان يبيع اخاب الملك كرمه، رجع أخاب إلي بيته مكتئباً مغموماً..ولم يأكل خبزاً «1وَحَدَثَ بَعْدَ هَذِهِ الأُمُورِ أَنَّهُ كَانَ
لِنَابُوتَ الْيَزْرَعِيلِيِّ كَرْمٌ فِي يَزْرَعِيلَ بِجَانِبِ قَصْرِ أَخْآبَ
مَلِكِ السَّامِرَةِ. 2فَقَالَ أَخْآبُ
لِنَابُوتَ: «أَعْطِنِي كَرْمَكَ فَيَكُونَ لِي بُسْتَانَ بُقُولٍ لأَنَّهُ
قَرِيبٌ بِجَانِبِ بَيْتِي، فَأُعْطِيَكَ عِوَضَهُ كَرْماً أَحْسَنَ مِنْهُ. أَوْ
إِذَا حَسُنَ فِي عَيْنَيْكَ أَعْطَيْتُكَ ثَمَنَهُ فِضَّةً». 3فَقَالَ نَابُوتُ لأَخْآبَ: «حَاشَا لِي مِنْ
قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ أُعْطِيَكَ مِيرَاثَ آبَائِي». 4فَدَخَلَ أَخْآبُ بَيْتَهُ مُكْتَئِباً مَغْمُوماً مِنْ أَجْلِ
قَوْلِ نَابُوتَ الْيَزْرَعِيلِيِّ: «لاَ أُعْطِيكَ مِيرَاثَ آبَائِي».
وَاضْطَجَعَ عَلَى سَرِيرِهِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ وَلَمْ يَأْكُلْ خُبْزاً»(سِفْرُ اَلْمُلُوكِ
الأَوَّلُ21: 1-4). وكل هذه الحالات - التي
ذكرناها - من الامتناع عن الأكل لم يكن لها علاقة بالدين.
أما الصَوْمِ المرتبط بالعبادة - في الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ – فكثيراً ما كان مصحوباً بالحزن ولبس المسوح وذرى
الرماد، ويبدو أن هذا النوع من التذلل له أساس سيكولوجي، وكأنه يقول لله: أنا تائب
ونادم، ولست متعالياً أو متكبر اًو هو يتضمن أيضا استرحام الإله.
ونجد هذا واضحاً في حالة داود عندما مرض
ابنه الذي ولدته بثشبع عقب خطيته معها، «16فَسَأَلَ دَاوُدُ اللَّهَ مِنْ أَجْلِ الصَّبِيِّ،
وَصَامَ دَاوُدُ صَوْماً، وَدَخَلَ وَبَاتَ مُضْطَجِعاً عَلَى الأَرْضِ. 17فَقَامَ شُيُوخُ بَيْتِهِ عَلَيْهِ لِيُقِيمُوهُ
عَنِ الأَرْضِ فَلَمْ يَشَأْ، وَلَمْ يَأْكُلْ مَعَهُمْ خُبْزاً. 18وَكَانَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ أَنَّ
الْوَلَدَ مَاتَ، فَخَافَ عَبِيدُ دَاوُدَ أَنْ يُخْبِرُوهُ بِأَنَّ الْوَلَدَ
قَدْ مَاتَ لأَنَّهُمْ قَالُوا: «هُوَذَا لَمَّا كَانَ الْوَلَدُ حَيّاً
كَلَّمْنَاهُ فَلَمْ يَسْمَعْ لِصَوْتِنَا. فَكَيْفَ نَقُولُ لَهُ قَدْ مَاتَ
الْوَلَدُ؟ يَعْمَلُ أَشَرَّ!». 19وَرَأَى
دَاوُدُ عَبِيدَهُ يَتَنَاجُونَ، فَفَطِنَ دَاوُدُ أَنَّ الْوَلَدَ قَدْ مَاتَ.
فَقَالَ دَاوُدُ لِعَبِيدِهِ: «هَلْ مَاتَ الْوَلَدُ؟» فَقَالُوا: «مَاتَ». 20فَقَامَ دَاوُدُ عَنِ الأَرْضِ وَاغْتَسَلَ
وَادَّهَنَ وَبَدَّلَ ثِيَابَهُ وَدَخَلَ بَيْتَ الرَّبِّ وَسَجَدَ، ثُمَّ جَاءَ
إِلَى بَيْتِهِ وَطَلَبَ فَوَضَعُوا لَهُ خُبْزاً فَأَكَلَ. 21فَقَالَ لَهُ عَبِيدُهُ: «مَا هَذَا الأَمْرُ
الَّذِي فَعَلْتَ؟ لَمَّا كَانَ الْوَلَدُ حَيّاً صُمْتَ وَبَكَيْتَ، وَلَمَّا
مَاتَ الْوَلَدُ قُمْتَ وَأَكَلْتَ خُبْزاً». 22فَقَالَ:
«لَمَّا كَانَ الْوَلَدُ حَيّاً صُمْتُ وَبَكَيْتُ لأَنِّي قُلْتُ: مَنْ يَعْلَمُ؟
رُبَّمَا يَرْحَمُنِي الرَّبُّ وَيَحْيَا الْوَلَدُ. 23وَالآنَ قَدْ مَاتَ، فَلِمَاذَا أَصُومُ؟ هَلْ أَقْدِرُ أَنْ
أَرُدَّهُ بَعْدُ؟ أَنَا ذَاهِبٌ إِلَيْهِ وَأَمَّا هُوَ فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيَّ»(سِفْرُ صَمُوئِيلَ
الثَّانِي12: 16-23).
كما قد يكون الصَوْمِ تعبيرًا عن الاتضاع أَمام الرَّبِّ، كما
يقول الرَّبِّ لإيليا النبي عن آخاب عندما جعل مسحاً على جسده وصام واضطجع بالمسح:
هل رأيت كيف اتضع اخاب أمامي، فمن اجل انه قد اتضع امامي، لا أجلب الشر في أيامه «27وَلَمَّا سَمِعَ أَخْآبُ هَذَا الْكَلاَمَ شَقَّ
ثِيَابَهُ وَجَعَلَ مِسْحاً عَلَى جَسَدِهِ وَصَامَ وَاضْطَجَعَ بِالْمِسْحِ وَمَشَى
بِسُكُوتٍ. 28فَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ
إِلَى إِيلِيَّا التِّشْبِيِّ: «29هَلْ
رَأَيْتَ كَيْفَ اتَّضَعَ أَخْآبُ أَمَامِي؟ فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدِ اتَّضَعَ
أَمَامِي لاَ أَجْلِبُ الشَّرَّ فِي أَيَّامِهِ، بَلْ فِي أَيَّامِ ابْنِهِ
أَجْلِبُ الشَّرَّ عَلَى بَيْتِهِ»(سِفْرُ اَلْمُلُوكِ الأَوَّلُ21: 27-29).
ولا يذكر الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ شيئا عن صيام الأباء، وأول مرة يذكر فيها الصَوْمِ، هي عن موسى عندما لَمْ يَأْكُلْ خُبْزاً وَلَمْ يَشْرَبْ مَاءً أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وهو على جبل سيناء «28وَكَانَ
هُنَاكَ عِنْدَ الرَّبِّ أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً لَمْ يَأْكُلْ خُبْزاً
وَلَمْ يَشْرَبْ مَاءً. فَكَتَبَ عَلَى اللَّوْحَيْنِ كَلِمَاتِ
الْعَهْدِ الْكَلِمَاتِ الْعَشَرَ»(سِفْرُ اَلْخُرُوجُ34: 28)، «9حِينَ صَعِدْتُ إِلى الجَبَلِ لآِخُذَ لوْحَيِ
الحَجَرِ لوْحَيِ العَهْدِ الذِي قَطَعَهُ الرَّبُّ مَعَكُمْ أَقَمْتُ فِي
الجَبَلِ أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ ليْلةً لا
آكُلُ خُبْزاً وَلا أَشْرَبُ مَاءً»(سِفْرُ اَلَتَّثْنِيَة9: 9)
وتكرر ذلك بعد أن كسر لوحي الشريعة «18ثُمَّ
سَقَطْتُ أَمَامَ الرَّبِّ كَالأَوَّلِ أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ ليْلةً
لا آكُلُ خُبْزاً
وَلا أَشْرَبُ مَاءً مِنْ أَجْلِ كُلِّ خَطَايَاكُمُ التِي
أَخْطَأْتُمْ بِهَا بِعَمَلِكُمُ الشَّرَّ أَمَامَ الرَّبِّ لِإِغَاظَتِهِ»(سِفْرُ اَلَتَّثْنِيَة9: 18).
0 التعليقات:
إرسال تعليق