الوحي في إنجيل برنابا
إعداد
د. القس سامي منير اسكندر
مع
المهندس سامي متري
Ø
وحي إنجيل برنابا هو عبارة عن تنزيل كتاب على المسيح،
وقد ُذكر ذلك في أربع مرات تأكيداً لهذا
المعنى:
1-
"ولما بلغ يسوع ثلاثين سنة من العمر كما أخبرني بذلك نفسه، صعد إلى جبل
الزيتون مع أمه ليجني زيتوناً، وبينما كان يصلي في الظهيرة وبلغ هذه الكلمات
"يا رب برحمة" وإذا بنور باهر قد أحاط به وجوق لا يحصى من الملائكة
كانوا يقولون: ليتمجد الله. قدم له الملاك جبريل كتاباً كأنه مرآة براقة فنزل على
قلب يسوع الذي عرف به ما فعل الله وما قال الله وما يريد الله حتى أن كل شئ كان
عرياناً ومكشوفاً له. ولقد قال لي: صدق يا برنابا إني أعرف كل نبي وكل نبوة وكل ما
أقوله إنما قد جاء في ذلك الكتاب". (برنابا10: 1-5).
ومرة
ثانية يؤكد هذا المفهوم ليس لبرنابا فقط بل لتلاميذه أيضاً:
"أجاب
يسوع: صدقوني أنه لما اختارني الله ليرسلني إلى بيت إسرائيل أعطاني كتاباً يشبه
مرآة نقية نزلت إلى قلبي حتى أن كل ما أقوله يصدر عن ذلك الكتاب ومتي انتهي صدور
ذلك الكتاب من فمي أصعد عن العالم.
أجاب
بطرس: يا معلم هل ما تتكلم الآن به مكتوب في ذلك الكتاب؟
أجاب
يسوع: "إن كل ما أقوله لمعرفة الله ولخدمة الله ولمعرفة الإنسان، ولخلاص
الجنس البشري إنما هو جميعه صادر من ذلك الكتاب الذي هو إنجيلي” (برنابا 168: 2 -5).
ومرة
ثالثة يؤكد كاتب إنجيل برنابا هذا المفهوم
"حينئذ جاء الملاك جبريل ليسوع. وأراه مرآة
براقة كالشمس. رأى فيها هذه الكلمات مكتوبة لعمري أنا الأبدي (في ترجمة أخرى
"وإني وأنا الخالد الأبدي أقول....) كما أن الجنة أكبر من السموات برمتها
والأرض. وكما أن الأرض برمتها أكبر من حبة رمل، هكذا أنا أكبر من الجنة”.(برنابا
179: 1-4).
فكر
الوحي بالتنزيل فكر إسلامي فالقرآن كان في اللوح المحفوظ وأنزله الله إلى جبريل ثم
أنزله الملاك جبريل على النبي العربي منجماً. وهناك عدة نصوص قرآنية تخبر أن
التوراة أُنزلت على موسى والزبور على داود والإنجيل على عيسى والقرآن على محمد (
آل عمران 3، 5،6، مائدة 47، 66. آل عمران 93، مائدة 44، النساء163، الإسراء
17.......... الخ).
مقارنة
بين ما حدث مع المسيح على جبل الزيتون، ومع محمد في حراء، نرى كثيراً من التشابه:
قال
ابن إسحق: حدثني وهب بن كيسان قال: قال عبيد.. خرج رسول الله إلى ِحراء كما كان
يخرج لجواره، ومعه أهله، حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته، ورحم
العباد بها،
جاءه
جبريل بأمر الله تعالى، قال رسول الله: فجاءني جبريل، وأنا نائم بنمط من ديباج فيه
كتاب، فقال: أقرا، قال: قلت: ما أقرأ، قال: فغتني به حتى ظننت أنه الموت، ثم
أرسلني فقال: أقرأ: قلت: ما أقرأ، قال: فغتني به حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني.
فقال
أقرأ، قال: قلت: ماذا أقرأ. ما أقول لذلك إلا افتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع
بي فقال: اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق أقرا وربك الأكرم الذي علَّم
بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم. قال: فقرأتها، ثم انتهي فانصرف عني وهببت من نومي فكأنما
كتبت في قلبي كتاباً، قال: فخرجت حتى إذا كنت في وسط الجبل سمعت صوتاً من
السماء يقول: يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل: فرفعت رأسي إلى السماء أنظر فإذا
جبريل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول: يا محمد أنت رسول الله وأنا
جبريل"
(
سيرة النبي. لأبي عبد الملك بن هشام تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد. مجلد1.
مكتبة التراث. ص 254 - 255).
Ø
وفي القصتين نرى:
i.
الوحي
يبدأ انزاله على جبل (الزيتون - حراء)
ii.
الوحي
يبدأ ساعة الظهيرة بعد الصلاة والتحنث
iii.
ملاك
الوحي هو جبريل
iv.
كتاب
ينزل على كل منهما
وأن
المسيحية لا تؤمن أنه هناك كتاب قد أنزل على المسيح،
(الشيخ
محمد فريد وجدي " لا يوجد مسيحي في العالم يعتقد أن الله أنزل على عيسى كتاباً
اسمه الإنجيل بلغة إلهية..ولكنهم يقولون بوجود أناجيل عديدة كتبها جماعة من كبار
أتباع المسيح لنشر تاريخ حياته، من يوم ميلاده إلى يوم وفاته، واستيعاب جميع ما
فاه به من التعاليم والوصايا ". (الأدلة العلمية على جواز ترجمة معاني القرآن
إلى اللغات الأجنبية. ط2. مطبعة الرغائب. سنة 1936. ص 22. ).
إذاً
القول بهذا يدل على أن إنجيل برنابا قد كُتب بعد ظهور الإسلام وانتشار هذه المقولة
أو أن كاتبه أو منقحه شخص مسلم.
Ø
الوحي المسيحي
"والوحي
في المفهوم المسيحي يعرَّف عادة،أنه تأثير فائق الطبيعة لروح الله على الكتَاب
الذين كتبوا الأسفار المقدسة، وهذا التأثير ضمن أن كل ما كتبوه كان تماماً ما قصد
الله أن يكتبوا لتوصيل الحق الإلهي، ولذلك يمكن بحق تسميته " مُوحىَّ" (Theopneustos
ثيوبنوستوس = تنفس به الله).
"يعرَّف
عادة، أنه
تأثير فائق الطبيعة لروح الله على الكتَاب الذين كتبوا الأسفار المقدسة، وهذا
التأثير ضمن أن كل ما كتبوه كان تماماً ما قصد الله أن يكتبوا لتوصيل الحق الإلهي،
ولذلك يمكن بحق تسميته
"مُوحىَّ" (Theopneustos
ثيوبنوستوس = تنفس به الله).
«16كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ
مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ،
لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، 17لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّباً
لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ3: 16و17).
وليس
من الضروري أن يتضمن هذا الوحي دائماً أي حالة شاذة للعقل في الكاتب، مثل الغيبوبة
أو الرؤيا أو سماع صوت، كما ولا يتضمن إلغاء شخصية الكاتب.
فإن
الله في عنايته، قد أعد ناقلي الوحي من البشر لمهمتهم وجعلهم في كثير من الحالات،
ربما في معظمها أن يقوموا به عن طريق الاستعمال العادي للقوى التي منحهم
إياها..وبما أن الحق يوصل عن طريق الكلمات، والخطأ اللفظي يسئ تمثيل المعني،
فالوحي ينبغي أن يكون لفظياً” (تفسير الكتاب المقدس. جـ1. جماعة من اللاهوتيين.
برئاسة د. فرنسيس دافدس. منشورات النفير. ط2 سنة 1970. ص 41-22.).
«20عَالِمِينَ هَذَا أَوَّلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ
الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ، 21لأَنَّهُ
لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ
اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ»(رِّسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ1:
20و21).
لقد
أرشد الروح القدس كتبه النص المقدس وأشرف عليهم، مستفيداً من شخصياتهم الفريدة
والمتميزة، حتى يكتبوا كل ما أراد الروح القدس أن يكتبوه بدون زيادة أو خطأ. ويجب
ملاحظة الآتي:
1.
الوحي
لا يمكن تفسيره أو تعليله، فهو عمل الروح القدس
2.
الوحي
مقصور على من كتبوا الأسفار المقدسة
3.
الوحي
بالضرورة إرشاد، أي أن الروح القدس أشرف على انتخاب المواد التي استخدمها، والكلمات
المستعملة في الكتابة.
لقد
حفظ الروح القدس الكنيسة من كل خطأ ومن كل حذف ومن كل إضافة. يمتد الوحي ليشمل
الكلمات والألفاظ وليس فقط الأفكار والمفاهيم يتأكد الوحي فقط في النص الأصلي
لمخطوطة السفر التي كتبها الكاتب بنفسه فقط، وليس في الترجمات - سواء القديمة أو
الحديثة - وليس في المخطوطات العبرية أو اليونانية، وليس في أي نص آخر معروف،
فكلها إما بها خطأً في بعض الأمور. أو أن خلوها من خطأ ليس مؤكداً. ومع أنه ليس
لدينا مخطوطات أصلية بيد كتبه الأسفار فإن عدد الكلمات التي لازالت محل جدل قليلة
جداً، ولم يتأثر بذلك أي تعليم أو عقيدة ".
إذاً
فكاتب إنجيل برنابا يؤمن أن الوحي هو بالتنزيل وأن هناك إنجيل قد أنزل على يسوع
مخالفاً بذلك الفكر المسيحي عن الوحي وأن المسيح لم ينزل عليه إنجيل، بل ولم يكتب
أي كتاب تاركاً هذه المهمة لتلاميذه ورسله بإرشاد الروح القدس الذي وعدهم بإرساله (إِنْجِيلُ يُوحَنَّا14-16).
0 التعليقات:
إرسال تعليق