المقدمة الحلقة 29 - المسيا - المسيح يبقى إلى الابد - دراسة في إنجيل يوحنا د. القس سامي منير اسكندر..

المَسِيَّا الْمَسِيحَ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ، ؟!!!!

إعداد

د. القس سامي منير اسكندر

Ø    الدخول إلى أُورُشَلِيمَ

«¹²وَفِي الْغَدِ سَمِعَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ الَّذِي جَاءَ إِلَى الْعِيدِ أَنَّ يَسُوعَ آتٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ، ¹³فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، وَكَانُوا يَصْرُخُونَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! مَلِكُ إِسْرَائِيلَ!» ¹⁴وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشاً فَجَلَسَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «¹⁵لاَ تَخَافِي يَا ابْنَةَ صَهْيَوْنَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي جَالِساً عَلَى جَحْشِ أَتَانٍ». ¹⁶وَهَذِهِ الأُمُورُ لَمْ يَفْهَمْهَا تَلاَمِيذُهُ أَوَّلاً، وَلَكِنْ لَمَّا تَمَجَّدَ يَسُوعُ، حِينَئِذٍ تَذَكَّرُوا أَنَّ هَذِهِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَنْهُ، وَأَنَّهُمْ صَنَعُوا هَذِهِ لَهُ. ¹⁷وَكَانَ الْجَمْعُ الَّذِي مَعَهُ يَشْهَدُ أَنَّهُ دَعَا لِعَازَرَ مِنَ الْقَبْرِ وَأَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. ¹⁸لِهَذَا أَيْضاً لاَقَاهُ الْجَمْعُ، لأَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَنَعَ هَذِهِ الآيَةَ. ¹⁹فَقَالَ الْفَرِّيسِيُّونَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «انْظُرُوا! إِنَّكُمْ لاَ تَنْفَعُونَ شَيْئاً! هُوَذَا الْعَالَمُ قَدْ ذَهَبَ وَرَاءَهُ!»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا12: 12-19).

Ø    المَسِيَّا لاَ يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنْ أَيْنَ هُوَ؟!!!

«²⁵فَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ أُورُشَلِيمَ: «أَلَيْسَ هَذَا هُوَ الَّذِي يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ؟ ²⁶وَهَا هُوَ يَتَكَلَّمُ جِهَاراً وَلاَ يَقُولُونَ لَهُ شَيْئاً! أَلَعَلَّ الرُّؤَسَاءَ عَرَفُوا يَقِيناً أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَسِيحُ حَقّاً؟ ²⁷وَلَكِنَّ هَذَا نَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُوَ، وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَمَتَى جَاءَ لاَ يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنْ أَيْنَ هُوَ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا7: 25-27).

مِنْ أَيْنَ يأتى؟ هذا كان شائعاً بين اليهود وفي المصادر اليهودية أن المَسِيَّا قد أتى إلى الْعَالَمُ ولكنه مُخْفىً بالعناية الإلهية، وأنه سيظهر فجأة ولا يعرف أحد من أين يأتى؟! ويكون إنساناً كاملاً مهيِّاً للعمل الذي سيقوم به وأهمه هو حكم إِسْرَائِيلَ، لذلك من ميلاده حتي ظهوره سيكون أمر مُخْفياً. وقد اجتهد بعض الربيين (معلموا الشريعة) في التخمين أنه ربما يكون في روما أو في الشمال والبعض قال أنه اختفى في الفردوس لبعض الوقت. وفي مؤلف يهودي معاصر لإِنْجِيلُ يُوحَنَّا هو سفر عزرا الرابع (من الأسفار الأبوكريفا الثانية) 13: 52 يُرمَز إليه بأنه سيظهر من البحر (يجب الربط مع سير الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ على المياة وظهور فجأة في كفر ناحوم «²⁴فَلَمَّا رَأَى الْجَمْعُ أَنَّ يَسُوعَ لَيْسَ هُوَ هُنَاكَ وَلاَ تَلاَمِيذُهُ، دَخَلُوا هُمْ أَيْضاً السُّفُنَ وَجَاءُوا إِلَى كَفْرِنَاحُومَ يَطْلُبُونَ يَسُوعَ. ²⁵وَلَمَّا وَجَدُوهُ فِي عَبْرِ الْبَحْرِ، قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، مَتَى صِرْتَ هُنَا؟»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا6: 24و25).

على هذا الأساس كان اليهود يحاور الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ أنه لا يمكن أن يكون هو المَسِيَّا لأنه معروف أنه من الجليل، ولكنهم بتهكِّم واضح من رد الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ نفسه أنه ليس من روما أو من أو من الشمال أو من الفردوس بل من الله «²⁸فَنَادَى يَسُوعُ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ قَائِلاً: « تَعْرِفُونَنِي وَتَعْرِفُونَ مِنْ أَيْنَ أَنَا، وَمِنْ نَفْسِي لَمْ آتِ، بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ، الَّذِي أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. ²⁹أَنَا أَعْرِفُهُ لأَنِّي مِنْهُ، وَهُوَ أَرْسَلَنِي»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا7: 28و29).

Ø     والأمور مُخْفىً

مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ كَنْزاً مُخْفىً «⁴⁴أَيْضاً يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ كَنْزاً مُخْفىً فِي حَقْلٍ، وَجَدَهُ إِنْسَانٌ فَأَخْفَاهُ. وَمِنْ فَرَحِهِ مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَى ذَلِكَ الْحَقْلَ»(إِنْجِيلُ مَتَّى13: 44).

هَذَا الْقَوْلَ مُخْفىً «⁴⁵وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا هَذَا الْقَوْلَ، وَكَانَ مُخْفىً عَنْهُمْ لِكَيْ لاَ يَفْهَمُوهُ، وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ»(إِنْجِيلُ لُوقَا9: 45).

«³⁴وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً، وَكَانَ هَذَا الأَمْرُ مُخْفىً عَنْهُمْ، وَلَمْ يَعْلَمُوا مَا قِيلَ»(إِنْجِيلُ لُوقَا18: 34).

الْمَنِّ الْمُخْفَى «¹⁷مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الْمَنِّ الْمُخْفَى، وَأُعْطِيهِ حَصَاةً بَيْضَاءَ، وَعَلَى الْحَصَاةِ اسْمٌ جَدِيدٌ مَكْتُوبٌ لاَ يَعْرِفُهُ أَحَدٌ غَيْرُ الَّذِي يَأْخُذُ»(سِفْرُ رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ2: 17). وهذا يحتاج لحديث آخر.

Ø    الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ المَسِيَّا ينبئ بموته

«²⁰وَكَانَ أُنَاسٌ يُونَانِيُّونَ مِنَ الَّذِينَ صَعِدُوا لِيَسْجُدُوا فِي الْعِيدِ. ²¹فَتَقَدَّمَ هَؤُلاَءِ إِلَى فِيلُبُّسَ الَّذِي مِنْ بَيْتِ صَيْدَا الْجَلِيلِ، وَسَأَلُوهُ قَائِليِنَ: «يَا سَيِّدُ، نُرِيدُ أَنْ نَرَى يَسُوعَ» ²²فَأَتَى فِيلُبُّسُ وَقَالَ لأَنْدَرَاوُسَ، ثُمَّ قَالَ أَنْدَرَاوُسُ وَفِيلُبُّسُ لِيَسُوعَ. ²³وَأَمَّا يَسُوعُ فَأَجَابَهُمَا قَائِلاً: «قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَانِ. ²⁴اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ. ²⁵مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هَذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ. ²⁶إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضاً يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ. ²⁷اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا أَقُولُ: أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ؟ وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ ²⁸أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ!». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ: «مَجَّدْتُ، وَأُمَجِّدُ أَيْضاً!». ²⁹فَالْجَمْعُ الَّذِي كَانَ وَاقِفاً وَسَمِعَ، قَالَ: «قَدْ حَدَثَ رَعْدٌ!». وَآخَرُونَ قَالُوا: «قَدْ كَلَّمَهُ ملاَكٌ!». ³⁰أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «لَيْسَ مِنْ أَجْلِي صَارَ هَذَا الصَّوْتُ، بَلْ مِنْ أَجْلِكُمْ. ³¹اَلآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ خَارِجاً. ³²وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ». ³³قَالَ هَذَا مُشِيراً إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعاً أَنْ يَمُوتَ. ³⁴فَأَجَابَهُ الْجَمْعُ: «نَحْنُ سَمِعْنَا مِنَ النَّامُوسِ أَنَّ الْمَسِيحَ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْتَفِعَ ابْنُ الإِنْسَانِ؟ مَنْ هُوَ هَذَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا12: 20-34).

الشعب اليهودي تسلم من معلمي الشريعة تعاليم عن نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ مأخوذ بالفكر الجسد والسياسي أن المَسِيَّا الذي هو الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الملك الآتى سيحكم إلى الأبد «⁷لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى مَمْلَكَتِهِ لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِالْحَقِّ وَالْبِرِّ مِنَ الآنَ إِلَى الأَبَدِ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هَذَا»(سِفْرُ إِشَعْيَاءَ9: 7).

فأخذ معلمي اليهود من الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أنه حكم زمني على الأَرْضِ، يدحض الإِنْجِيلُ هذا الفكر من واقع نبوات نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ ويرد أيضا أنه ليس هناك ملكوت بدون طريق الصليب فالسيف طريق إلى لِإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ في النَّارِ الأَبَدِيَّةِ كما يقول الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: «⁴¹ثُمَّ يَقُولُ أَيْضاً لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لِإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ،»(إِنْجِيلُ مَتَّى25: 41).

 وأيضا الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مات وقام ليحكم للأبد على شعبه وفي بيته التي هي الكنيسة (المنظورة على الإرض وغير المنظورة سحابة الشهود التي هي في السموات) إلى الأبد آمين.

8:13 ص