المَسِيَّا هو الْمَسِيحِ في إِنْجِيلُ يُوحَنَّا
إعداد
د. القس سامي منير اسكندر
موضوع الإِيمَانِ أن يسوع هو الْمَسِيحِ
أو المَسِيَّا، وأنه ابن اللَّه:
وكما
أن كلمة «الْمَسِيحِ» لا تعنى لقبًا مجردًا، إنما تعنى بالضرورة «الواحد الممسوح»، «الملك الممسوح»،
الأمر الَّذِي كان اليهود يدركونه دون الأمم، أما كلمة «ابن اللَّه» فيدركها
بالأكثر العالم الهيليني.
على
أي الأحوال ارتباط اللقبين معًا كان ضروريًا لتثبيت إيمان من كانوا من أصلٍ يهوديٍ
أو أمميٍ، إذ يدرك كل مؤمن أن الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ هذا هو موضوع كل نَامُوسِ
مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ، وهو ابن اللَّه الواحد معه في ذات الجوهر،
قادر على تقديم الخلاص وتجديد الخلقة.
هذا
وقد لاحظ الدارسون أن كلمة «المَسِيَّا» قدمت في هذا الإِنْجِيل
وحده دون ترجمة بل كما هي، وكأن الرَّسُولِ يُوحَنَّا أراد أن يؤكد أن اللقب هنا
إنما عني ما فهمه اليهود.
لذا
نجده يقدم لنا دعوة أندراوس لأخيه سِمْعَانَ بُطْرُسَ: «قَدْ وَجَدْنَا مَسِيَّا» (الَّذِي تَفْسِيرُهُ: الْمَسِيحُ)» «41هَذَا
وَجَدَ أَوَّلاً أَخَاهُ سِمْعَانَ، فَقَالَ لَهُ: «قَدْ وَجَدْنَا مَسِيَّا»
الَّذِي تَفْسِيرُهُ:
الْمَسِيحُ»(إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا1: 41). وحديث فيلبس لنثنائيل: «45وَجَدْنَا الَّذِي
كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى فِي النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءُ: يَسُوعَ ابْنَ يُوسُفَ
الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا1: 45)؛ هذه
هي صورة الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ في هذا الإِنْجِيل منذ
بدايته، صورة مَسِيَّانية.
هذه
الصورة عن الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بكونه المَسِيَّا الملك الَّذِي طال انتظار كنيسة نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ «37هَذَا هُوَ مُوسَى الَّذِي قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ:
نَبِيّاً مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلَهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ
تَسْمَعُونَ. 38هَذَا هُوَ الَّذِي
كَانَ فِي الْكَنِيسَةِ فِي الْبَرِّيَّةِ مَعَ الْمَلاَكِ الَّذِي كَانَ
يُكَلِّمُهُ فِي جَبَلِ سِينَاءَ وَمَعَ آبَائِنَا. الَّذِي قَبِلَ أَقْوَالاً
حَيَّةً لِيُعْطِيَنَا إِيَّاهَا. 39الَّذِي
لَمْ يَشَأْ آبَاؤُنَا أَنْ يَكُونُوا طَائِعِينَ لَهُ بَلْ دَفَعُوهُ وَرَجَعُوا
بِقُلُوبِهِمْ إِلَى مِصْرَ»(سِفْرُ
أَعْمَالُ الرُّسُلِ7: 37-39). لمجيئه أكدها الرَّسُولِ يُوحَنَّا في أكثر من موضع. ففي
دخول الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ أُورُشَلِيمَ «13فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا
لِلِقَائِهِ، وَكَانُوا يَصْرُخُونَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ
الرَّبِّ! مَلِكُ إِسْرَائِيلَ!» 14وَوَجَدَ
يَسُوعُ جَحْشاً فَجَلَسَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «15لاَ تَخَافِي يَا ابْنَةَ صَهْيَوْنَ. هُوَذَا
مَلِكُكِ يَأْتِي جَالِساً عَلَى جَحْشِ أَتَانٍ». 16وَهَذِهِ
الأُمُورُ لَمْ
يَفْهَمْهَا تَلاَمِيذُهُ أَوَّلاً، وَلَكِنْ لَمَّا تَمَجَّدَ يَسُوعُ، حِينَئِذٍ
تَذَكَّرُوا أَنَّ هَذِهِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَنْهُ، وَأَنَّهُمْ صَنَعُوا
هَذِهِ لَهُ»(إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا12: 13-16).
وأمام
بيلاطس اعترف الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بمملكته «33ثُمَّ دَخَلَ بِيلاَطُسُ أَيْضاً إِلَى دَارِ
الْوِلاَيَةِ وَدَعَا يَسُوعَ، وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» 34أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هَذَا، أَمْ آخَرُونَ قَالُوا
لَكَ عَنِّي؟» 35أَجَابَهُ
بِيلاَطُسُ: «أَلَعَلِّي
أَنَا يَهُودِيٌّ؟ أُمَّتُكَ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَسْلَمُوكَ
إِلَيَّ. مَاذَا فَعَلْتَ؟» 36أَجَابَ
يَسُوعُ: «مَمْلَكَتِي
لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا الْعَالَمِ،
لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ
إِلَى الْيَهُودِ. وَلَكِنِ الآنَ لَيْسَتْ
مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا». 37فَقَالَ
لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَفَأَنْتَ إِذاً مَلِكٌ؟» أَجَابَ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ: إِنِّي مَلِكٌ. لِهَذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهَذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ
لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ
يَسْمَعُ صَوْتِي»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا18: 33-37)؛
وقد
تمت محُكمته كملكٍ لليهود «3وَكَانُوا يَقُولُونَ: «السّلاَمُ يَا مَلِكَ
الْيَهُودِ!». وَكَانُوا يَلْطِمُونَهُ...12مِنْ هَذَا الْوَقْتِ كَانَ بِيلاَطُسُ يَطْلُبُ
أَنْ يُطْلِقَهُ، وَلَكِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَصْرُخُونَ قَائِليِنَ: «إِنْ
أَطْلَقْتَ هَذَا فَلَسْتَ مُحِبّاً لِقَيْصَرَ. كُلُّ مَنْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ
مَلِكاً يُقَاوِمُ قَيْصَرَ!». 13فَلَمَّا
سَمِعَ بِيلاَطُسُ هَذَا الْقَوْلَ أَخْرَجَ يَسُوعَ، وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ
الْوِلاَيَةِ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ «الْبَلاَطُ» وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ
«جَبَّاثَا». 14وَكَانَ اسْتِعْدَادُ
الْفِصْحِ، وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَقَالَ لِلْيَهُودِ: «هُوَذَا
مَلِكُكُمْ!». 15فَصَرَخُوا: «خُذْهُ!
خُذْهُ! اصْلِبْهُ!» قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ؟» أَجَابَ
رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ: «لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرَ!...19وَكَتَبَ بِيلاَطُسُ عُنْوَاناً وَوَضَعَهُ
عَلَى الصَّلِيبِ. وَكَانَ مَكْتُوباً: «يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ مَلِكُ
الْيَهُودِ». 20فَقَرَأَ هَذَا
الْعُنْوَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ
يَسُوعُ كَانَ قَرِيباً مِنَ الْمَدِينَةِ. وَكَانَ مَكْتُوباً
بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَالْيُونَانِيَّةِ وَاللاتِينِيَّةِ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا19: 3،
12-15و19و20).
الرَّسُولِ
يُوحَنَّا وحده هو الذي أخبرنا أن الجموع طلبته لتقيمه ملكًا فانسحب من وسطهم «15وَأَمَّا يَسُوعُ فَإِذْ عَلِمَ أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ
أَنْ يَأْتُوا وَيَخْتَطِفُوهُ لِيَجْعَلُوهُ مَلِكاً، انْصَرَفَ أَيْضاً إِلَى
الْجَبَلِ وَحْدَهُ»(إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا6: 15)، لأن فهمهم للملك المَسِيَّاني مختلف عن
قصده هو. هذه الصورة التي قدمها الرَّسُولِ يُوحَنَّا عن الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ بكونه «المَسِيَّا الملك» الَّذِي طال
انتظار اليهود لمجيئه، جعلت بعض الدارسين ينادون بأن يُوحَنَّا كرجل يهودي كان مرّ
النفس بسبب العداوة التي أظهرها اليهود نحو الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذا ما نادى به لورد شارنوود Lord Charnwood سنة 1925، غير أن بعض الدارسين مثل ف.
تيلور فيرى أن هذا الهدف لم يكن رئيسيًا، إنما كان الرَّسُولِ يُوحَنَّا
مرّ النفس من نحو كل من حمل عداوة للرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ سواء كان يهوديًا أو غير يهودي. ودارسون
آخرون مثل J.
A. T. Robinson
نادوا بأن الرَّسُولِ قصد المسيحيين الذين من أصل هيليني ولم يوجه إِنْجِيلُه
لليهود.
0 التعليقات:
إرسال تعليق