الخميس صباحاً 17/5 /2018
الصوم والصلاة مع الانتقام باطل
د. القس سامي منير اسكندر
إلي كل الْقِدِّيسُينَ وَالأَفَاضِلُ
جسَّد الرب
أيام 15-17 مايو لتُحَطِّمُ مَكَايِدِ
إِبْلِيسَ معي
Ø
ماذا يقول الإِنْجِيل بشأن الإنتقام؟
يقول الإِنْجِيل الكثير بشأن الإنتقام. وتحمل
الكلمات العبرية واليونانية المترجمة «نقمة» أو «إنتقام» أو «ثأر» فكرة العقاب في
معناها الأصلي. وهذا أمر مهم في فهم لماذا يحتفظ الله لنفسه بحق الإنتقام؟
الآية المفتاحية المتعلقة بالحق الكتابي في نَامُوسِ
مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ وقد تم إقتباسها مرتين في الإِنْجِيل. قال
الله: «35لِيَ النَّقْمَةُ وَالجَزَاءُ. فِي وَقْتٍ تَزِلُّ أَقْدَامُهُمْ. إِنَّ يَوْمَ
هَلاكِهِمْ قَرِيبٌ وَالمُهَيَّئَاتُ لهُمْ مُسْرِعَةٌ»(سِفْرُ اَلَتَّثْنِيَة32: 35)، التي ترجمها لنا الإِنْجِيل: «19لاَ
تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ بَلْ أَعْطُوا مَكَاناً
لِلْغَضَبِ (دَعُوا الْغَضَبَ لِلهِ، اتْرُكُوا الْعِقَابَ
للهِ) لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي
يَقُولُ الرَّبُّ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ12:
19)، «30فَإِنَّنَا
نَعْرِفُ الَّذِي قَالَ: «لِيَ الاِنْتِقَامُ،
أَنَا أُجَازِي، يَقُولُ الرَّبُّ». وَأَيْضاً: «الرَّبُّ يَدِينُ شَعْبَهُ»(الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ10: 30). ويعلن الله، في نَامُوسِ
مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ وفي سفر التثنية، عن شعب إسرائيل العنيد والمتمرد وعابد الأوثان الذي
رفضه وأثار غضبه بسبب شره. لقد تعهد بأن ينتقم لنفسه منهم في الوقت الذي يراه حسب
دوافعه النقية والكاملة. ويتعلق الشواهد السابق ذكرها في الإِنْجِيل بسلوك المؤمن،
والذي لا يجب أن يغتصب لنفسه سلطان الله. بل علينا أن نسمح له أن يدين بعدل، وأن
يسكب غضبه وعقابه على أعدائه حسب ما يرى هو أنه مناسب.
لا ينتقم الله أبداً من منطلق دوافع غير نقية،
على عكسنا نحن. فإنتقامه يكون بهدف عقاب من أساءوا إليه ورفضوه. ولكن يمكننا أن
نصلي لكي ينتقم الله لنفسه في كمال وقداسة ضد أعدائه وأن يثأر للذين يقمعهم الشر.
يصلي كاتب المزامير «1يَا إِلَهَ النَّقَمَاتِ يَا رَبُّ يَا إِلَهَ
النَّقَمَاتِ أَشْرِقِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور94: 1)، أن ينتقم الله للأبرار، ليس من منطلق الثأر
الخارج عن السيطرة، ولكن من منطلق القصاص العادل من قبل الديان الأبدي الذي أحكامه
كلها عدل. وحتى عندما يتألم الأبرياء، ويبدو الأشرار ناجحين، فإن العقاب من حق
الله وحده. «2اَلرَّبُّ إِلَهٌ غَيُورٌ وَمُنْتَقِمٌ. الرَّبُّ مُنْتَقِمٌ
وَذُو سَخَطٍ. الرَّبُّ مُنْتَقِمٌ مِن مُبْغِضِيهِ وَحَافِظٌ غَضَبَهُ علَى
أَعْدَائِهِ»(سِفْرُ نَاحُوم1: 2).
توجد مناسبتين فقط في الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ
حيث سمح الله للبشر بالإنتقام لامتحان إيمانهم. المرة الأولى بعدما إرتكب المديانيين أعمال عنف فظيع ضد شعب
إسرائيل، إمتلأ كأس غضب الله على المديانيين، فأمر موسى بقيادة الشعب في الانتقام
ضدهم. «1وَأَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى: 2اِنْتَقِمْ نَقْمَةً لِبَنِي إِسْرَائِيل مِنَ
المِدْيَانِيِّينَ ثُمَّ تُضَمُّ إِلى قَوْمِكَ»(سِفْرُ اَلْعَدَد31: 1-2). وهنا نقول، موسى تصرف من تلقاء نفسه،
كان مجرد أداة لتنفيذ الانتقام دون الرجوع لمعرفة خطة الله الكاملة للأمر مع إرشاده
وتوجيهاته.
والمرة الثانية، يطلب من المؤمنين الخضوع للحكام الذين عينهم
الله لأنهم أدوات الله «13فَاخْضَعُوا لِكُلِّ تَرْتِيبٍ بَشَرِيٍّ مِنْ أَجْلِ
الرَّبِّ. إِنْ كَانَ لِلْمَلِكِ فَكَمَنْ هُوَ فَوْقَ الْكُلِّ، 14أَوْ لِلْوُلاَةِ فَكَمُرْسَلِينَ مِنْهُ
لِلاِنْتِقَامِ مِنْ فَاعِلِي الشَّرِّ، وَلِلْمَدْحِ لِفَاعِلِي الْخَيْرِ»(رِّسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الأُولَى2: 13-14). وكما في حالة موسى، لا يجب أن يتصرف
هؤلاء الحكام من تلقاء أنفسهم مع الرجوع لله، ولكي ينفذون مشيئة الله لعقاب
الأشرار.
من المغري أن نحاول القيام بدور الله والسعي
إلى عقاب الذين نشعر أنهم يستحقون العقاب. ولكن لكوننا مولودين بالخطية، فمن
المستحيل أن ننتقم بدوافع نقية. لهذا يحتوي ناموس موسى هذا الأمر «18لا تَنْتَقِمْ وَلا تَحْقِدْ عَلَى ابْنَاءِ
شَعْبِكَ بَلْ تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. أَنَا الرَّبُّ»(سِفْرُ اَللاَّوِيِّينَ19: 18). وحتى داود، الذي كان «14وَأَمَّا الآنَ فَمَمْلَكَتُكَ لاَ تَقُومُ. قَدِ انْتَخَبَ
الرَّبُّ لِنَفْسِهِ رَجُلاً حَسَبَ قَلْبِهِ(الله)، وَأَمَرَهُ الرَّبُّ أَنْ يَتَرَأَّسَ عَلَى شَعْبِهِ.
لأَنَّكَ لَمْ تَحْفَظْ مَا أَمَرَكَ بِهِ الرَّبُّ»(سِفْرُ صَمُوئِيلَ الأَوَّلُ13: 14)، رفض أن ينتقم من شاول، رغم أن داود كان
الطرف البريء الذي وقع عليه الظلم. خضع داود لأمر الله بأن يترك الإنتقام ويتكل
عليه قائلاً: «12يَقْضِي
الرَّبُّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَيَنْتَقِمُ لِي الرَّبُّ مِنْكَ، وَلَكِنْ يَدِي
لاَ تَكُونُ عَلَيْكَ»(سِفْرُ
صَمُوئِيلَ الأَوَّلُ24: 12).
علينا كمؤمنين أن نتبع وصية الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ «44وَأَمَّا
أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ.
أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ
إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ،»(إِنْجِيلُ مَتَّى5: 44)، تاركين الإنتقام لله.
0 التعليقات:
إرسال تعليق