الطاهر والنجس في أقوال
الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
إعداد
د. القس
سامي منير اسكندر
كانت
مسألة الطهارة الطقسية موضوع حوار هام بين الفريسيين والرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، فقد كان القسم السادس من المشنا اليهودية
يتناول بالتفصيل كل ما يتعلق بهذا الموضوع. وكان أحد الأبواب يعالج كل ما يتعلق
بغسل الأيدي. وباب آخر يعالج موضوع غسل الأواني، وهكذا. فمثلاً كان بائع الأواني
يترك بضاعته في السوق دون حراسة، فيفترض أن أحد الأشخاص النجسين قد لمس بضاعته في
غيبته، فكانت كل أوانيه تعتبر نجسة ويلزم تطهيرها من خارج. كما كان يمكن أن تتنجس
الأطعمة والسوائل والأواني والأشخاص. ولم يكن الأمم وحدهم مصدراً للنَّجَاسَةِ، بل
كان اليهودي، الذي يهمل مراعاة القواعد الفريسية بكل تدقيق، يعتبر مصدراً للنَّجَاسَةِ.
وكان يمكن للنَّجَاسَةِ أن تنتقل عبر سلسلة من الحلقات تبعد كثيراً عن المصدر
الأصلي للنَّجَاسَةِ «13فَقَالَ
حَجَّي: «إِنْ كَانَ الْمُنَجَّسُ بِمَيِّتٍ يَمَسُّ شَيْئاً مِنْ هَذِهِ فَهَلْ
يَتَنَجَّسُ؟» فَأَجَابَ الْكَهَنَةُ: «يَتَنَجَّسُ»(سِفْرُ حَجَّي2: 13).
وكان
لابد لهذا الاهتمام بحرفية النَّامُوسِ، أن يجعلهم يهملون أثقل النَّامُوسِ، الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ
وَالإِيمَانَ «23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ
وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ
وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ، وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. كَانَ
يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هَذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ»(إِنْجِيلُ مَتَّى23: 23).
لذلك
وصفهم الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بأنهم «24أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! الَّذِينَ يُصَفُّونَ
عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ! 25وَيْلٌ
لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ
تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ، وَهُمَا مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوآنِ
اخْتِطَافاً وَدَعَارَةً. 26أَيُّهَا
الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى: نَقِّ أَوَّلاً دَاخِلَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ لِكَيْ
يَكُونَ خَارِجُهُمَا أَيْضاً نَقِيّاً»(إِنْجِيلُ مَتَّى23: 24-26)،
وطالب
بأن يبدا بالتطهير من الداخل «14ثُمَّ دَعَا كُلَّ الْجَمْعِ وَقَالَ لَهُمُ: «اسْمَعُوا
مِنِّي كُلُّكُمْ وَافْهَمُوا. 15لَيْسَ
شَيْءٌ مِنْ خَارِجِ الإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ فِيهِ يَقْدِرُ أَنْ يُنَجِّسَهُ،
لَكِنَّ الأَشْيَاءَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهُ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ.
16إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذْنَانِ
لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ». 17وَلَمَّا
دَخَلَ مِنْ عِنْدِ الْجَمْعِ إِلَى الْبَيْتِ، سَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ عَنِ
الْمَثَلِ. 18فَقَالَ لَهُمْ:
«أَفَأَنْتُمْ أَيْضاً هَكَذَا غَيْرُ فَاهِمِينَ؟ أَمَا تَفْهَمُونَ أَنَّ كُلَّ
مَا يَدْخُلُ الإِنْسَانَ مِنْ خَارِجٍ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُنَجِّسَهُ، 19لأَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ إِلَى قَلْبِهِ بَلْ
إِلَى الْجَوْفِ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْخَلاَءِ، وَذَلِكَ يُطَهِّرُ كُلَّ
الأَطْعِمَةِ». 20ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ
الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ ذَلِكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. 21لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ
النَّاسِ، تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ: زِنىً، فِسْقٌ، قَتْلٌ، 22سِرْقَةٌ، طَمَعٌ، خُبْثٌ، مَكْرٌ، عَهَارَةٌ،
عَيْنٌ شِرِّيرَةٌ، تَجْدِيفٌ، كِبْرِيَاءُ، جَهْلٌ. 23جَمِيعُ هَذِهِ الشُّرُورِ تَخْرُجُ مِنَ الدَّاخِلِ
وَتُنَجِّسُ الإِنْسَانَ»(إِنْجِيلُ مَرْقُسَ7: 14-23).
فبينما
كان الفريسيون يجعلون كل همهم الطهارة الطقسية الخارجية، شدد الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ على الطهارة الداخلية، طهارة القلب التي
تتحقق بالتوبة والإيمان «4كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ فِي الْبَرِّيَّةِ وَيَكْرِزُ
بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا...15وَيَقُولُ: «قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ
مَلَكُوتُ اللَّهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ»(إِنْجِيلُ مَرْقُسَ1: 4و15..إلخ)،
وهذه
العملية لا تنتج عن إعادة التكيف سيكولوجياً، بل بالإيمان القلبي بالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، فهي لا تنفصل عن شخص الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ «10قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الَّذِي قَدِ اغْتَسَلَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلاَّ
إِلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ، بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كُلُّهُ. وَأَنْتُمْ طَاهِرُونَ
وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّكُمْ»(إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا13:
10)، «3أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ
بِهِ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا15: 3).
0 التعليقات:
إرسال تعليق