• اخر الاخبار

    حلقة 47 - مجد المسيح الوحيد في القرآن - إِنْجِيلُ يُوحَنَّا إِنْجِيلُ المحبة - د. القس / سامي منير اسكندر

      









    إِنْجِيلُ يُوحَنَّا إِنْجِيلُ المحبة

    الإصحَاحُ الأَوَّلُ

    47) مَجْد الْمَسِيحِ الِوَحِيدٍ في القرآن

    إعداد 

    د. القس / سامي منير اسكندر




       



    14وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً كَمَا 

    لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً.


    مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ


    «12فَلَمَّا اقْتَرَبَ إِلَى بَابِ الْمَدِينَةِ، إِذَا مَيْتٌ مَحْمُولٌ، ابْنٌ وَحِيدٌ لأُمِّهِ، وَهِيَ أَرْمَلَةٌ وَمَعَهَا جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْمَدِينَةِ»(إِنْجِيلُ لُوقَا7: 12).
    «42لأَنَّهُ كَانَ لَهُ بِنْتٌ وَحِيدَةٌ لَهَا نَحْوُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَتْ فِي حَالِ الْمَوْتِ. فَفِيمَا هُوَ مُنْطَلِقٌ زَحَمَتْهُ الْجُمُوعُ»(إِنْجِيلُ لُوقَا8: 42).
    «38وَإِذَا رَجُلٌ مِنَ الْجَمْعِ صَرَخَ قَائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ، أَطْلُبُ إِلَيْكَ. اُنْظُرْ إِلَى ابْنِي، فَإِنَّهُ وَحِيدٌ لِي»(إِنْجِيلُ لُوقَا9: 38).  
    «14وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا1: 14).  
    «18اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا1: 18).  
    «16لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا3: 16).
    «18اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللَّهِ الْوَحِيدِ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا3: 18).
    «17بِالإِيمَانِ قَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُجَرَّبٌ. قَدَّمَ الَّذِي قَبِلَ الْمَوَاعِيدَ، وَحِيدَهُ»(الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ11: 17).
    «9بِهَذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ اللهِ فِينَا: أَنَّ اللهَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إِلَى الْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ»(رِّسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى4: 9).
    ورد ذكر الْمَسِيحِ في ثلاث وتسعين آية من القرآن. وإِلَى هذه الآيات يرجع التفكير الإسلامي لشخصية الْمَسِيحِ. ومجمل الآيات الَّتِي تكُلَّمت عن الْمَسِيحِ وأمه، أحدهما أو كُلَّيهما 286 آية. ومنها عَلَى سبيل المثال:
    ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهُ إِلَيْكُمْ، مُصَدِّقـاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةَ، وَمُبَشِّراً بِرَسُولُ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالَوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾(الصف61: 6).
    ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهُ. وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ. وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ. مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اِتِّبَاعَ الظَّنِّ. وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَل رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾(النساء4: 157، 158).
    ﴿وَالسَّلام عَليَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ويَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أَبْعَثُ حيّاً﴾(مريم19: 33و34)، و(آل عمران3: 55) ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إلى﴾. ﴿فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْت أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهمْ﴾ (المائدة 5: 116و 117).

    أولاً: ما تميز الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ به:

    1) الحبل العجيب:
    ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكُلَّمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾(التحريم66: 12، والأَنْبِيَاءِ21: 91).
    فقَالَت امرأة زكريا: ﴿إني وجدت ما في بطني يسجد لما في بطنك﴾، فذلك قوله: ﴿مَّصدِّقاً بكُلَّمةٍ مِنْ اللهُ﴾.
    2) الولادة العجيبة:
    أتي الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ إِلَى الْعَالَمِ عَلَى غير سنة البَشَرٌ في التوالد ومن فتاة اختارها اللهُ مرة بعد مرة من بين نساء الْعَالَمِين وقد قام تعالي بتطهيرها بذَاتِهِ قبل إلقاء كُلَّمته إليها لتصبح سيدة نساء الدنيا والآخرة. يخبرنا القرآن أن بنى آدم يتوالدون (أو يتناسلون) بالعلاقة بين رجل وامرأة!
    لكننا في ولادة الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ نجد خرقـاً لسنة البَشَرٌ في التـوالد فهُوَ كُلَّمة اللهُ ألقاها إِلَى عذراء (مريم) وروح منه: ﴿الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهُ وَكُلَّمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرَوُحٌ مِنْهُ﴾(النساء4: 171).
    كما أن مريم الفتاة الَّتِي اختارها اللهُ مرة بعدة مرة من بين نساء الْعَالَمِين وقام تعالي بذَاتِهِ بتطهيرها ليجيء منها الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وبذلك تصبح سيدة نساء الْعَالَمِ في الدنيا والأخرة ليست فتاة عادية، بل هي سيدة نساء الْعَالَمِين رغم صغر سنها:
    ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةِ يَا مَرْيَمُ إِنّ اللهُ اصْطَفَاكِ وَطَهّرَكِ (يلاحظ أن اللهُ هُوَ الَّذِي طهرها ولم يرسل ملاكا يشق ويطهر) وَاصْطَفَاكِ (الصفيّ: ما يصطفيه الرئيس من الغنيمة قبل قسمتها- بحسب المعجم الوجيز) عَلَى نِسَآءِ الْعَالَمِينَ﴾(آل عمران 3: 42).
    جاء في تفسير ابن كثير للآية: ﴿واصطفاها مرة بعد مرة لجلالتها عَلَى نساء الْعَالَمِين﴾(تفسير ابن كثير لنفس الآية - المجلد الثاني- ص32).
    وجاء أيضاً في تفسير الآية: ﴿أن اللهُ اختارك لتكوني أم نبيه، وطهرك من كُلَّ دنس، وخصك بأمومتك لعيسى بفضل عَلَى كُلَّ نساء الْعَالَمِين﴾(تفسير المنتخب لنفس الآية - المجلس الأَعْلَى للشئون الإسلامية ص37).
    3) الولادة بدون ذنوب:
    ﴿إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً. قَالَتْ: أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً؟ قَالَ: كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ  هُوَ عَلَى هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا، وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً﴾(مريم19:19-21).
    أما الفخر الرازي فقَالَ: العبارة ﴿لأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً﴾ الزكي يفيد أموراً ثلاثة:   
    (أ) إنه طاهر من الذنوب.
    (ب) إنه ينمو عَلَى التزكية، لأنه يقَالَ فيمن لا ذنب له زكي، وفي الزرع النامي زكي.
    (ج) النزاهة والطهارة.
    فقد جاء في الروايات (كتب الأحاديث) الحديثان التاليان:
              1. ﴿ما من مولود يولد إلا مسه الشَّيْطَانَ حين يولد فيستهل صارخـاً من مسه إياه إلا مريم وابنها﴾. وفي لفظ أخر: ﴿ما من مولود إلا وقد عصره الشَّيْطَانَ عصرة أو عصرتين إلا عيسي ابن مريم ومريم (أمه). وفي لفظ أخر: ﴿كُلَّ آدمي يطعن الشَّيْطَانَ بجنبه حين يُولد. إلا عيسى وأمه عليهما السلام، جُعِلَ بينهما حجاب فلم ينفذ إليهما شَيْءٍ منه﴾ أخرجاه مسلم والبخارى (تفسير ابن كثير لسورة يُوسُفُ الطبعة السابقة المجلد الرابع ص346).
              2. - ﴿كُلَّ إِنْسَانَ تلده أمه يلكزه الشَّيْطَانَ في حضنيه إلا مريم وابنها﴾(تفسير ابن كثير (لسورة آل عمران) الطبعة السابقة -المجلد الثاني ص 27و28).
    4) بشرت الْمَلاَئِكَةِ بميلاد الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ..وليس ملاكا واحداً:
    ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةِ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهُ يُبَشِّرُكِ بِكُلَّمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ. وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾(آل عمران3: 45). رئيس الْمَلاَئِكَةِ وليس الْمَلاَئِكَةِ يستقبل الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ عند ولادته: ﴿فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا.. (مريم19: 24). قَالَ الجلالان: ﴿أي جبريل أسفل منها﴾(تفسير ابن كثير لسورة السجدة - طبعة دار الشعب - تحقيق عبد العزيز غنيم، محمد أحمد عاشور، محمد إِبْرَاهِيمُ البنا- المجلد السادس ص362).
    وقَالَ البيضاوي في تفسيره للآية: ﴿جبريل كان يقبل الولد﴾. وجاء في عرائس المجالس: فاحتوتها الْمَلاَئِكَةِ (أي مريم)، وكانوا صفوفاً محذقين بها أي محيطين بها» (تفسير الجلالين لسورة السجدة ص 348 طبعة الشمرلى. وقد طبع بتصريح من مشيخة الأزهر الشريف ومراقبة البحوث والثقافة الإسلامية وتقرير اللجنة المختصة الصادر برقم 297 بتاريخ 5/5/1977 وتحقيق وتعليق الدكتور شعبان محمد إسماعيل المدرس بجامعة الأزهر وعضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف).
    5) كونه مباركاً:
    يقول القرآن عن لسان الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ﴾(مريم31:19). قَالَ الطـبري عن يونس بن عبد الأَعْلَى عن سفيان أن تـفسير(ج16ص80و81):
    ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً﴾كانت بركته الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. فهُوَ معلم للخير.
    وقَالَ الإمام الرازي: إن في تفسير المبارك وجوهاً:
    (أحدها) أن البَرَكَةٍ في اللغـة هي الثبات، وأصله من بروك البعـير فمعناه جعلني ثَابِتٌاً عَلَى دين اللهُ مستقراً عليه.
    (وثانيهما) أنه إنما كان مباركاً لأنه كان يُعلِّم النَّاسِ دينهم ويدعوهم إِلَى طريق الْحَقَّ، فإن ضلوا فمن قِبَل أنَفْسَهُم لا من قِبَله، وروى الحسن عن النَّبِيَّ قَالَ: أسلمت أم عيسى عليها السلام عيسى إِلَى الكُتَّاب، فقَالَت للمعلم: أدفعه إليك عَلَى أن لا تضربه. فقَالَ له المعلم: اكتب. فقَالَ: أي شَيْءٍ أكتب؟ فقَالَ: اكتب أبجد. فرفع عيسى عليه السلام رأسه، فقَالَ: هل تدري ما أبجد؟ فعلاه بالدُرَّة ليضربه، فقَالَ: يا مؤِدّب لا تضربني. إن كنت لا تدري فاسألني فأنا أُعلِّمك: الألف من آلاء اللهُ، والباء من بهاء اللهُ، والجيم من جمال اللهُ، والدال من أداء الْحَقَّ إِلَى اللهُ.
    (وثالثها) البَرَكَةٍ الزيادة والعلو، فكأنـه قَالَ: جـعلني في جميع الأحوال غالباً مفـلحاً منجحاً لأني ما دمت أبقى في الدنيا أكون عَلَى الغير مستعلياً بالحجة، فـإذا جاء الوقت المعلوم يكرمني اللهُ تعالى بالرفع إِلَى السَمَاءً.
    (ورابعها) مبارك عَلَى النَّاسِ بحيث يحصل بسبب دعائي إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأَبْرَصِ. عن قتادة أنه رأته امرأة وهُوَ يُحيي ويُبرئ الأكمه والأَبْرَصِ، فقَالَت: طوبى لبطن حملك وثدي أُرضعت به. فـقَالَ عيسى عليه السلام مجيباً: طوبى لمن تلا كتاب اللهُ واتبع ما فيه ولم يكن جباراً شقياً.
    6) كونه آية ورحمة للعالمين:
    ﴿قَالَ: رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنً، وَلِنَجعَلَهُ آيَةً لِلّنَّاسِ وَرَحَمةً مِّنَّا وَكَانَ أَمراً مَّقضِيّاً﴾ (مريم19: 21). الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ﴿آية﴾ البَشَرٌية وآية الدهُوَر بسبب ولادته البتولية، وهذا شرف لم ينله إِبْرَاهِيمُ حجر الزاوية في الدين الحنيف، ولم يحظَ به مُوسَى كُلَّيم اللهُ، ولم يُنسَب مطلقاً إِلَى أي نبي، فمُوسَى وإِبْرَاهِيمُ لم يتقربَّا من اللهُ إلا في كهُوَلتهما. والرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ آية لأنه ولد نبياً، دون سائر الأَنْبِيَاءِ والمرسلين: تنبأ منذ مولده (مريم19: 30)! فجميع الأَنْبِيَاءِ من آدم إِلَى آخرهم، صاروا أنبياء وهم ﴿رجالاً كهُوَلاً﴾. وهُوَ وحده الَّذِي تنبأ وهُوَ طفلاً: ﴿تكُلَّم النَّاسِ في المهد وكهلاً﴾(آل عمران 3: 47، المائدة5: 115).
    لماذا ولادة الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ من العذراء مريم آية ورحمة؟
    قصد اللهُ الأَزَلِي من هذه الآية هُوَ الرحمة للناس بالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابن مريم. (فالتقت الرحمة بالعدل سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور85: 10).
    7)كونه مؤيداً بروح القدس:
    ﴿وَآتَيْنَا عِـيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِـرُوحِ الْقُـدُسِ﴾(البقرة 2: 87 و253 المائدة 5: 110). ونـقرأ في النساء: ﴿الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهُ وَكُلَّمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرَوُحٌ مِنْهُ. فَآمِنُوا بِاللهُ وَرُسُلِهِ﴾(النساء4: 171).
    وتعليم القرآن عن الرُّوحِ غامض: ﴿وَيَسأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحِ مِن أَمرِ رَبِيّ. وَمَآ أُوتِيتُم مِنَ اُلعِلمِ إِلا قَلِيلاً﴾(الإسراء17: 85).
    8) رفعه عند وفاته:
    ﴿وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إلى وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا، وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إلى يوم الْقِيَامَةِ﴾(آل عمران3: 55).
    9) عصمتـه في رسالته كما في سيرتـه:
    فـقد شَهِدَ الملاك بذلك إذ قَالَ لأمه: ﴿أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً﴾. وقد قَالَ البيضاوي في تفسير كُلَّمة ﴿زَكِي﴾: إن عيسى كان مترقياً من سن إِلَى سن.
    أما الفخر الرازي فقَالَ: العبارة ﴿لأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً﴾ الزكي يفيد أموراً ثلاثة:   
    (أ) إنه طاهر من الذنوب.          
    (ب) إنه ينمو عَلَى التزكية، لأنه يقَالَ فيمن لا ذنب له زكي، وفي الزرع النامي زكي.   
    (ج) النزاهة والطهارة.
    الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لم يرث خطيئة عن آدم ولم يفعل خطيئة..(عصمة مطلقة من الخطايا) في المعتقد الْمَسِيحِي أن الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ جاء ليقدم نَفْسَهُ ذبيحة لله بلا عيب (أي ليس في جسده خطيئة) مرة واحدة عن خطايا الْعَالَمِ، أي تكفيراً عن خطاياهم وحتى يمنحهم اللهُ الْحَيَاةُ، ففاقد الشَيْءٍ لا يعطيه.. أي المذنب لا يستطيع أن يشفع في المذنبين (بالنقل والعقل والمنطق. وللمزيد ارجع إِلَى كتاب كفارة الْمَسِيحِ لعوض سمعان):
    معـصوم من الخطيئة الجبرية من آدم: حيث جاء في الصحيحين ﴿جحد آدم فجحدت ذريته، وخطأ آدم فخطئت ذريته﴾.
    وجاء في جامع الترمذي، وفي سورة الأعراف ج2 ص180: عن أبي هريرة قَالَ رَسُولُ اللهُ (ص): ﴿فجحد آدم، فجحدت ذريته، ونسي فنسيت ذريته، وخطئ آدم، فخطئت ذريته﴾. وقَالَ أبو عيسي الترمذي حديث حسن صحيح (الفكر الإسلامي نقد واجتهاد دكتور محمد أركون ترجمة وتعليق هاشم صالح ص144 دار الساقي بيروت لبنان0 الطبعة الثالثة 1998م I.S.B.N 1 85516. 0095.).
    وقَالَ أبو جعفر الطبري في عبارة ﴿غُلاَماً زَكِيّاً﴾ وذلك بالاستناد إِلَى قول أبي عمرو: ﴿الغلام الزكي هُوَ الطاهر من الذنوب﴾.
    وقَالَ البيضاوى: «إن الْمَسِيحِ كان غلام طاهراً من الذنوب» لذلك قَالَ ابن عطا:«إن أحسن النبات ما كان تمرته مثل عيسى روح اللهُ»(كتاب «اللهُ» عوض سمعان ص81).
    وقَالَ العقاد عن «الْمَسِيحِ»: «وتمثلت الوداعة في كثير من أقواله وأفعاله، ومنها الرحمة بالخاطئين والعاثرين. وهي الرحمة الَّتِي تبلغ الغاية حين تأتي من رَسُولُ مبـراً من الخطايا والعثرات» (الأستاذ عباس محمود العقاد - عبقرية الْمَسِيحِ مؤسسة أخبار اليوم كتاب اليوم العدد317 يناير 1991- ص79).
    وقَالَ د. نصر حامد أبو زيد: «يقف الفكر الديني الإسلامي من مسألة طبيعة السيد الْمَسِيحِ موقفاً نافياً لأي طبيعة أخري سوى الطبيعة الإِنْسَانَية النقية الخالصة» (د.نصر حامد أبو زيد- نقد الخطاب الديني - ص204).
    هذا هُوَ الْمَسِيحِ، أما باقي الأَنْبِيَاءِ أولي العزم فقد اخطأوا جميعا. أخطاء الأَنْبِيَاءِ الكبار (أولي العزم):  بحسب القرآن نورد منهم:
          1.   آدم وزوجه ﴿فَأَزَلِهُمّا الشَّيْطَانَ﴾(البقرة 2: 36)، ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ (طه20: 121).
          2.   نوح : ﴿رّبّ اغْفِرْ لِي.. ﴾(نوح71: 28).
          3.   إِبْرَاهِيمُ: ﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدّينِ﴾(الشعراء26: 82)، كما أن إِبْرَاهِيمُ قد شك في كُلام اللهُ: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَىَ؟ قَالَ: أَوَلَمْ تُؤْمِن. قَالَ: بَلَىَ، وَلَـكِن لّيَطْمَئِنّ قَلْبِي﴾(البقرة2: 260). في التفسير أورد البخارى قول الرَسُولُ(ص): «نحن أحق بالشك من إِبْرَاهِيمُ». وقد ذكر في الصحيحين كذبات إِبْرَاهِيمُ الثلاثة (تفسير ابن كثير لسورة البقرة المجلد الأول ص466). وكذب ثلاث مرات(الأَنْبِيَاءِ21: 64، الأنعام6: 76، إِبْرَاهِيمُ14: 41).
          4.   يُوسُفُ: ﴿وَلَقَدْ هَمّتْ بِهِ وَهَمّ بِهَا لَوْلآ أَن رّأَى بِرَّهُانَ رَبّهِ﴾(يُوسُفُ12: 24). وفي التفسير قيل تمناها زوجة (تفسير ابن كثير لسورة الأَنْبِيَاءِ- المجلد الخامس ص343).
          5.   ومُوسَى سيد الشَرِيعَةَ الَّذِي كُلَّم اللهُ تكُلَّيماً (النساء 4: 163) وكز المصريّ فقضى عليه، فقَالَ: ﴿هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانَ. قَالَ رَبِّ إني ظَـلَمْـتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ﴾(القصص28: 16؛ والشعراء26: 19؛ والأعراف7: 149). ﴿قَالَ فعلتها وأنا من الضالين﴾(الشعراء26: 20).
          6.   وداود: ﴿وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرّ رَاكِعًا وَأَنَابَ فَغَفَرَنَا لَهُ﴾ (ص38: 24،25). قَالَ بعض السلف: «كان داود (ع) بعد التوبة خيراً منه قبل الخطئية..» (تفسير ابن كثير لسورة يُوسُفُ المجلد الرابع ص308).
    مما سبق نخلص إلي أن جميع الأَنْبِيَاءِ أولي العزم قد أخطئوا ﴿فالنفس أمارة بالسوء﴾(يُوسُفُ12: 53). كما وأنهم ورثوا خطيئة آدم عدا الْمَسِيحِ..فمن هذا الَّذِي لم يعرف خطيئة سواء فعلية أو موروثة عن آدم؟
    10) تفرُّد رسالته بالبيّنات:
    إذ نقرأ: ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ﴾(البقرة 2: 87و253)، والبيـّنات هي العجائب.
    11) علامة الساعة (المجيء الثاني): 
    ﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ (الزخرف43: 57و61). قَالَ الجلالان في تـفسير ﴿لَعِلْمُ للساعة﴾، إنه عيسى لعـلم الساعة تُعـلَم بنزوله، فالْمَسِيحِ يأتي ثانية كعلامة للساعة أي الْقِيَامَةِ. ومتى ذكرنا أنّ المعروف عند النَّاسِ أن اللهُ ينفرد عن خلقه بأنه وحده عنده علم الساعة، ندرك الميزة الَّتِي أفردها القرآن للرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
    12) إنه الشفيع المقّرب:
    (الزمر39: 43، 44 والسجدة32: 4) نجد أن القرآن يحصر الشفاعة في اللهُ وحده، إذ يقول ﴿ولِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً﴾. ويقول القرآن إن الشفاعة أيضاً من امتيازات الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، إذ يقول: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةِ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهُ يُبَشِّرُكِ بِكُلَّمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ. وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾(آل عمران3: 45).
    ورغم أن القرآن قَالَ إن الشفاعة ليست لأحد ﴿إِلا مَن أَذِنَ لِهُ الرَّحَمانُ﴾(طه20: 109)، ولا يذكر شفـاعة لأي من الأَنْبِيَاءِ، ولا حتى نبي الإسلام، فيقول: ﴿استَغِفرْ لَهُم أَولا تَستَغفِر لَهُم: إِنْ تَستَغفِر لَهُمْ سَبعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِر اللهُ لَهُمْ. ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهُ وَرَسُولُه وَاللهُ لا يَهـدِى الْقَوْمَ الْفَـاسِقِينَ﴾(التوبة9 :80).
    أما القول: ﴿أُفَمن حـقَّ عليه كُلَّمـة العذاب: أفأنت تنقذ مَنْ في النار؟﴾ (الزمر39: 19)، فـفسّره البيضاوي: «كُررت الهمزه في الجزاء لتـأكيد الإنكار والاستبعاد ووضع مَنْ في النار موضع الضمير لذلك، وللدلالـة عَلَى أن من حُكِمَ عليه بالعذاب كالواقع فيـه لامـتناع الخلق فيـه».


    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    Item Reviewed: حلقة 47 - مجد المسيح الوحيد في القرآن - إِنْجِيلُ يُوحَنَّا إِنْجِيلُ المحبة - د. القس / سامي منير اسكندر Rating: 5 Reviewed By: د. القس سامي منير اسكندر
    Scroll to Top