من هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ؟
إعداد
د. القس
سامي منير اسكندر
«14لأَنَّ
كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمْ
أَبْنَاءُ اللهِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ8: 14).
معني كلمة أَبْنَاءُ
اللهِ في سياق الآية رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ8: 14 في اللغات العبرية واليونانية والارامية بالادلة والبراهين
الكتابية؟
المعنى اللغوي لكلمة "أبناء
الله" في رومية 8: 14 تشير عبارة "أبناء الله" إلى علاقة التبني أو البنوة
بالنعمة، وليس البنوة الطبيعية. هذا المعنى يتضح بشكل كبير من السياق اليوناني
للآية.
v في اللغة اليونانية
النص اليوناني الأصلي في رومية 8:
14 يستخدم عبارة "υἱοὶ θεοῦ" (ويوِي ثيو).
"υἱοὶ" (ويوِي) هي صيغة الجمع
لكلمة "υἱός" (ويُوس)، والتي تعني "ابن". هذه الكلمة لا تشير فقط إلى
العلاقة البيولوجية، بل إلى الوضع القانوني والمسؤولية الكاملة لشخص بالغ.
في المقابل، توجد كلمة أخرى في اليونانية هي "τέκνον" (تِكْنون)، وتعني "طفل" أو "وليد". هذه الكلمة
تركز على العلاقة البيولوجية والعاطفية.
بولس يستخدم "ويوس" هنا ليؤكد على أن المؤمنين ليسوا
مجرد "أطفال" لله (تِكْنون) بل هم "أبناء" بالمعنى القانوني، لهم حقوق وميراث
(كما يوضح في الآيات اللاحقة، مثل آية 17 "فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا
فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا").
هذا المفهوم يعززه بولس في الآية 15 التي تليها مباشرة، حيث يقول:
"إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ
أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ»."
كلمة "التبني" اليونانية هي "υἱοθεσία" (ويوثيسيا)، والتي تعني "وضع الابن". هذا يوضح أن البنوة هنا هي
عملية قانونية إلهية يتم بها منح المؤمن وضع الابن البالغ.
v في اللغة العبرية
لا يوجد مقابل مباشر للآية في
العهد القديم لأنها تتناول مفهومًا جديدًا في العهد الجديد. ومع ذلك، يمكن فهم
الخلفية العبرية من خلال مفهوم "بني إسرائيل" أو "بني إلوهيم".
في العهد القديم، كان يُشار إلى شعب إسرائيل بأنه "ابن الله" (مثال: هوشع 11:
1)، لكنها كانت علاقة جماعية وليست فردية لكل مؤمن.
كان مفهوم البنوة يُفهم من خلال علاقة العهد والطاعة. فالذي يطيع
الله ويتبع وصاياه يُعتبر من شعبه، أي من "أبنائه".
بولس في رسالته يوسع هذا المفهوم ليشمل الأفراد من جميع الأمم،
وليس اليهود فقط، بناءً على الايمان بالمسيح والانقياد لروحه، وليس بناءً على
الولادة.
v في اللغة الآرامية
الترجمة الآرامية (البشيطة) تستخدم
كلمة "بْنَانُا أَلُاها" (بنانُا ألوها).
كلمة "بْنَانُا" (بنانُا) هي صيغة الجمع لكلمة "بَر" (بَر)، والتي
تعني "ابن". وهي مكافئة لكلمة "ويوس" اليونانية من حيث المعنى.
كلمة "أَلُاها" (ألوها) تعني "الله".
ما يميز النص الآرامي هو استخدام المؤمنين لعبارة "يَا أَبَا" (أَبا)، وهي
كلمة آرامية تعني "يا أبي". هذه العبارة كانت شائعة في الاستخدام اليومي
في زمن يسوع، وتشير إلى علاقة حميمة وقريبة جدًا مع الأب. استخدامها في النص يؤكد
على أن علاقة البنوة الجديدة هي علاقة شخصية وحميمة، وليست مجرد علاقة رسمية.
الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ
يقدم هذه الآية التي مفهومها لا يقتصر على الانتماء العرقي، بل هو حالة روحية. فالآية
تؤكد أن الانقياد لروح الله هو العلامة المميزة للأبناء. هذا الانقياد يعني الخضوع
لإرادته، واتباع توجيهاته، والعيش حسب قيمه ومبادئه.
آيات أخرى توضح مفهوم أبناء الله
I. بالميلاد الجديد: الإنجيل يؤكد أن بنوة الله هي هبة تُمنح للإنسان عند قبوله
الإيمان بيسوع المسيح.
إنجيل يوحنا 1: 12: "وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ
قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ
الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ". هذه الآية توضح أن البنوة هي حق يُمنح لمن يؤمنون
باسم المسيح.
II. بالتبني والروح: رسالة رومية نفسها تشرح أن البنوة هي عملية تبني إلهي تتم
بالروح القدس.
رسالة رومية 8: 15: "إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ
الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي
بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ»". الروح القدس هو الذي يمنح المؤمن شعور
البنوة ويجعله ينادي الله "أبًا".
III.
بالخلاص والمحبة: رسالة يوحنا الأولى تربط بين
البنوة والمحبة والخلاص.
رسالة يوحنا الأولى 3: 1: "اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ
أَعْطَانَا الآبُ لِنُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! مِنْ أَجْلِ هذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ،
لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ".
IV.
البنوة هي علامة لمحبة الله
العظيمة تجاه البشر.
رسالة يوحنا الأولى 3: 2: "أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ
نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلكِنْ
نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا
هُوَ".
V. البنوة تتضمن وعدًا بالتحول إلى صورة المسيح في المجيء الثاني: "وَلكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا
أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ".
v أبناء الله هم:
1) من يؤمنون بيسوع المسيح.
2) من ينقادون بروحه القدوس.
3) من يختبرون التبني الروحي من الله.
4) من يحملون علامة المحبة الإلهية في حياتهم.
5) من يتشبهون بالمسيح في حياتهم اليومية.

0 التعليقات:
إرسال تعليق