إعداد
د. القس سامي منير اسكندر
«10عَلِّمْنِي
أَنْ أَعْمَلَ رِضَاكَ لأَنَّكَ أَنْتَ إِلَهِي. رُوحُكَ الصَّالِحُ يَهْدِينِي
فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور143: 10).
معنى كلمة "الهداية" في اللغات العبرية واليونانية والآرامية، بحسب سياق سفر
المزامير، مزمور 143: 10، يركز على فكرة التوجيه، الإرشاد، والتعليم.
v
اللغة العبرية (النص الأصلي)
في المزمور 143: 10، الكلمة
العبرية المستخدمة هي "הוֹרֵנִי" (هوريني)، وهي صيغة أمر من الفعل "יָרָה" (ياراه).
المعنى الأساسي: الفعل "ياراه" يعني "التوجيه"، "التعليم"، "الإرشاد". هو يعبر عن عملية نقل المعرفة أو الطريق الصحيح من معلم إلى
تلميذ، أو من الله إلى الإنسان.
- الدليل والآية:
"عَلِّمْنِي أَنْ أَعْمَلَ
مَرْضَاتَكَ، لأَنَّكَ أَنْتَ إِلهِي. رُوحُكَ الصَّالِحُ يَهْدِينِي فِي أَرْضٍ
مُسْتَوِيَةٍ." (مزمور 143: 10).
هنا، صيغة الأمر "عَلِّمْنِي" (هوريني) تحمل
معنى "أرشدني" أو "وجهني". فالداود يطلب من الله أن يعلمه الطريق الصحيح الذي يرضيه،
مؤكدًا على أن هذا التوجيه هو من الروح القدس.
v
اللغة اليونانية (الترجمة السبعينية)
عند ترجمة المزمور 143: 10 إلى
اليونانية في الترجمة السبعينية (Septuagint)، استخدمت كلمة "ὁδήγησόν" (هوديغيسون)، وهي من
الفعل "ὁδηγέω" (هوديغيو).
المعنى الأساسي: الفعل "هوديغيو" يعني "أن أقود" أو "أن أرشد". هذه الكلمة تستخدم للإشارة إلى من يقود شخصًا في طريق، أو
مرشدًا سياحيًا. المعنى هنا هو التوجيه المباشر في المسار الصحيح.
- الدليل والآية:
"δίδασόν με ποιεῖν τὸ θέλημά σου, ὅτι σὺ εἶ ὁ θεός μου· τὸ πνεῦμά σου τὸ ἀγαθὸν ὁδηγήσει με ἐν γῇ εὐθείᾳ." (مزمور
143: 10، الترجمة السبعينية).
الجزء الذي يقابل "يهديني"
هو "ὁδηγήσει με" (هوديغيسي مي)، ويعني "سيقودني" أو "سيرشدني". هذا يؤكد على فكرة القيادة
والتوجيه الإلهي على الطريق الصحيح.
v
اللغة الآرامية (الترجمة البسيطة - Peshitta).
في الترجمة الآرامية المسماة "البشيطة"، والتي كانت لغة
يسوع المسيح، استخدمت كلمة "ܕܬܿܥܠܿܡܿܢܝܼ" (دتَعلَمَني) أو
"ܕܬܿܕܿܒܪܼܢܝܼ" (دتَدبَرني).
- المعنى الأساسي:
"دَعلَمَني" تعني "علمني"، وهي تعكس نفس
فكرة التعليم والإرشاد الموجودة في العبرية.
"دَدبَرني" تعني "دبرني" أو "قدني". وهي تعكس فكرة القيادة والتوجيه
مثل اليونانية.
- الدليل والآية:
"ܐܠܦܝܢܝ ܕܐܥܒܕ ܨܒܝܢܟ. ܡܛܠ ܕܐܢܬ ܗܿܘܐ ܐܿܠܗܝܼ. ܪܘܚܟ ܛܿܒܬܐ ܬܕܒܪܢܝ ܒܐܪܥܐ ܕܬܪܥܐ." (مزمور 143: 10، ترجمة البشيطة).
الجزء الذي يقابل
"يهديني" هو "ܬܕܒܪܢܝ" (تدبَرني)،
ويعني "ستقودني" أو "ستوجهني".
خلاصة: على الرغم من اختلاف الكلمات في اللغات الثلاث، إلا أن المعنى الجوهري للهداية في مزمور 143: 10 يظل واحدًا: هو فعل إلهي يهدف إلى توجيه الإنسان، تعليمه، وإرشاده في الطريق الصحيح. الهداية ليست مجرد معرفة، بل هي عملية قيادة فعلية من الله تضمن أن يسلك المؤمن في طريق مستقيم.
يقدم الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ هذه آية تعلمنا عدة
دروس مهمة، وفقًا للآية الهداية هي عمل يُطلَب من الله لتعليم الإنسان أن يعمل ما
يرضيه. ويتم هذا العمل من خلال الروح الصالح أي الرُّوحِ الْقُدُسِ الذي يقود الإنسان في طريق مستقيم ومستوٍ، بعيدًا عن الخطية.
الآية تتألف من ثلاثة أجزاء رئيسية توضح مفهوم الهداية:
1)طلب الهداية: تبدأ الآية بالطلب "عَلِّمْنِي أَنْ أَعْمَلَ رِضَاكَ"، وهذا يوضح أن
الهداية ليست مجرد معرفة نظرية، بل هي تعليم عملي يوجه الإنسان لفعل ما يرضي الله.
هذا الطلب يدل على أن الإنسان بمفرده قد لا يعرف دائمًا الطريق الصحيح أو العمل المرضي
لله.
2)مصدر الهداية: المصدر هو الله نفسه، "لأَنَّكَ أَنْتَ إِلَهِي"، والهداية تتم
عبر الروح الصالح أي الرُّوحِ الْقُدُسِ الذي يرسله الله. هذا يؤكد أن الرُّوحِ
الْقُدُسِ هو المرشد والمعلم الذي يقود الإنسان. فكما يوضح سفر يوحنا 16: 13،
"وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ
إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ".
3)نتائج الهداية: هو أن الروح يقود الإنسان "فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ". هذا يعني أن الروح يزيل الصعوبات والعقبات الروحية، ويجعل
الطريق سهلاً ومستقيمًا، بعيدًا عن الانحراف والضلال. كما يشير سفر الأمثال 3: 6، "فِي كُلِّ طُرُقِكَ اعْرِفْهُ،
وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ".
آيات أخرى تدعم مفهوم الهداية
سفر المزامير 25: 5: "دَرِّبْنِي عَلَى حَقِّكَ
وَعَلِّمْنِي، لأَنَّكَ أَنْتَ إِلَهُ خَلاَصِي. إِيَّاكَ انْتَظَرْتُ الْيَوْمَ
كُلَّهُ". هذه الآية تكرر فكرة أن الهداية هي تعليم إلهي وهدفها هو الخلاص.
سفر المزامير 119: 105: "سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ
وَنُورٌ لِسَبِيلِي". هنا يُشبَّه كلام الله بالضوء الذي ينير الطريق، مما
يؤكد أن كلمة الله هي أداة الهداية الأساسية التي يستخدمها الروح.
سفر إشعياء 48: 17: "هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ فَادِيكَ، قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ: أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ مُعَلِّمُكَ لِتَنْتَفِعَ، وَأُمَشِّيكَ فِي طَرِيق تَسْلُكُ فِيهِ". هذا النص يؤكد أن الله هو المعلم الذي يرشد الإنسان إلى طريق المنفعة والخير.

0 التعليقات:
إرسال تعليق