لماذا أربعة أناجيل؟
إعداد
د. القس سامي
منير اسكندر
الأناجيل
كلها إنجيل واحد، ولا يوجد أي تناقض أو اختلاف فيما بينها..بل هي فقط أربعة بشاير
كُتِبَت بإعلان الله إلى أربعة أشخاص هم متى - مرقس - لوقا - يوحنا. وكل شخص منهم
كان يكتب لطائفة معينة من الناس، وهذا هو سبب الاختلاف الظاهري بينهم..
والمتعمق في دراسة الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ، لا يجد أي اختلاف في
الأناجيل الأربعة..بل هي مكملة لبعضها البعض..
أما
بالنسبة لتاريخ كتابة الأناجيل، فيصعب تحديد السنة بالضبط.. لكن الشهادات
الخارجية والأدلة والنظريات العلمية الحديثة تحدد أن الأناجيل الثلاثة الأولى - متى
ومرقس ولوقا - كتبت قبل سنة 70م، أي قبل
خراب أورشليم الذي حدث في تلك السنة. وتحددت التسعينيات لإنجيل يوحنا..وهناك
اجتماع عام بين العلماء على أن إِنْجِيلُ
مَرْقُسَ
هي أقدم الأناجيل الأربعة، تليها بشارة متى، ثم لوقا.
Ø
خواطر سريعة على
الأناجيل الأربعة:
أ) إِنْجِيلُ مَتَّى:
تنبأ
أنبياء نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ
وانتظروا بشوق مجيء المسيا، الذي سيدخل التاريخ ليقوم بفداء الشعب وخلاصه، وجاءت
أول آية في إِنْجِيلُ مَتَّى تعلن تحقيق أمل إسرائيل في مجيء
المسيا المنتظر «كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ
ابْنِ إِبْراهِيمَ» لقد وضع رجال الكنيسة الأوائل إِنْجِيلُ مَتَّى كأول كتاب في الإِنْجِيل لأنه حلقة وصل بين كتب نَامُوسِ
مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ والإِنْجِيل ويصف إِنْجِيلُ مَتَّى شخص وعمل المسيا الملك.
ب) إِنْجِيلُ
مَرْقُسَ:
إِنْجِيلُ
مَرْقُسَ (ويكتبه البعض خطأ إنجيل مرقص) أقصر الأناجيل الأربعة، ويعطى نظرة واضحة وسريعة
عن حياة الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ ويركز على معجزات الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وينتهي هذا
الإنجيل إلى الحديث عن نهاية الزمان وعن ما سيحدث عند رجوع الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ثم
يسرد الأحداث المتعلقة بآلام الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وموته وقيامته وصعوده
إلى السماء، ويؤكد على مساندة الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لتلاميذه فيما هم
ينشرون البشارة في العالم أجمع.
ج) إِنْجِيلُ
لُوقَا:
إِنْجِيلُ لُوقَا يبنى على الحقائق التاريخية، ونظرا
لتدقيقه في تسلسل الأحداث الصحيحة، جاء إنجيله أشمل الأناجيل الأربعة من هذه
الناحية، ويقدم الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ على أنه الإنسان المثالي الذي أتى ليبحث عن الخطاة
ويخلصهم.
4) إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا:
إِنْجِيلُ يُوحَنَّا غير عادى في محتواه وفي أسلوبه، وهو إضافة
جديدة للثلاثة أناجيل فهو أسهلها في القراءة، وأعمقها علمًا ودرسًا ويقدم الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ بكونه الكلمة الأزلي الذي أظهر محبة الله إذ صار بشرا سويا
لكي يخلص من الهلاك من يؤمنون به ويهبهم الحياة الأبدية والغرض من هذا الإنجيل،
كما هو واضح من المعجزات الواردة فيه هو التحريض على الإيمان بالرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ لنوال الحياة.
متى
|
مرقس
|
لوقا
|
يوحنا
|
|
لمن كُتب ؟
|
لليهود
|
للرومان
|
لليونان
|
للعالم
المسيحى
|
موضوعه
|
المسيّا
الملك
|
المسيا
غالب إبليس
|
الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ صديق البشرية
|
الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ الكلمة المتجسد
|
رسالة الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
|
يتمم
الناموس
|
يصنع
عجائب
|
يخلص
البشرية
|
يحل
في وسطنا
|
مادة
الإنجيل |
اهتم
بالنبوات
|
اهتم
بالعمل
|
اهتم
بالتاريخ
|
اهتم
باللاهوت
|
رمزه
|
وجه
إنسان
|
الأسد
|
الثور
|
النسر
|
الإدعاء يوجود تناقض بين الأناجيل:
أولًا: الزعم بوجود تناقض بين إِنْجِيلُ يُوحَنَّا والأناجيل
الثلاثة الأخرى:
نحن
لا ننكر بأن إِنْجِيلُ يُوحَنَّا ينفرد بمنهج
خاص، لكن ذلك يرجع للأسباب الآتية:
1)
كَتَبَ يوحنا إنجيله بعد أن كتبت الأناجيل الثلاثة الأولى الأخرى. كُتِبَ في
أواخر القرن الأول، حوالي سنة 95م، وكانت غايته تكملة ما جاء بهذه الأناجيل
الأخرى؛ بمعنى تفصيل ما أجمل ذكره، أو ذكر ما أغفل كتابته. فلم يكن هناك داع
لتكرار ما قد تم كتابته بالفعل..
2)
يوحنا كان له هدف أساسي هو إثبات إلوهية الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وهذا ما
يكشفه صراحة في خاتمة إنجيله: «30وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ
تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. 31وَأَمَّا
هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ
اللَّهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ»(إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا20: 30و31).
3)
كتب يوحنا إنجيله أواخر القرن الأول، وكان في ذلك الوقت ظهرت هرطقات ضد لاهوت الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ..فكان من أغراضه الرد على هذه الهرطقات وإثبات خطأها. وهذا
واضح من رسائله الثلاثة
«10إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ وَلاَ يَجِيءُ بِهَذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ.
11لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ.»(رِّسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الثَّانِيةُ آية10و11).
«10إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ وَلاَ يَجِيءُ بِهَذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ.
11لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ.»(رِّسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الثَّانِيةُ آية10و11).
ثانيًا:
الزعم بوجود تعارض بين الأناجيل الثلاثة الأولى:
ونحن
نقول أن الاتفاقات بينها أكثر بكثير مما بينها من اختلافات ظاهرية. ونقول اختلافات
ظاهرية لأنها ليست حقيقية. وليس أدل على التوافق بين الأناجيل الثلاثة الأولى، من
وضع مضمونها في ثلاثة أنهار متوازية في بعض الكتب. كل جزء من إِنْجِيلُ مَتَّى مثلًا
مع ما يقابله من إنجيلي مرقس ولوقا وهكذا..وقد بدأ هذا العمل منذ وقت مبكر في
تاريخ الكنيسة، حتى أن القديس والفيلسوف أغسطينوس
(القرن الرابع)، وضع كتابً«اتفاق الأناجيل» «Harmony of the Gospels».
ونستطيع
إجمال هذه الاختلافات المزعومة في ثلاث نقاط: الترتيب الزمني للأحداث، ثم تفاصيل
الأحداث، وأخيرًا حرفية كلام الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
1) الترتيب الزمني للأحداث: إن أسلوب الترتيب الزمني للأحداث
ليس هو الطريقة الوحيدة الواجب على المؤرِخ إتباعها. فهناك الترتيب المنطقي، الذي
يربط الأحداث بمسبباتها..وهناك الترتيب النفسي الذي يخضع لتأثير الكاتِب، وتتمشى
مع الغرض الذي لأجله كُتِبَ..فمثلًا لاحَظ علماء الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ
أن لوقا في أنجيله اهتم بذكر وتدوين معجزات الشفاء التي فعلها الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ. والسبب في ذلك واضح؛ فلقد كان لوقا طبيبًا «14وَرَجَعَ يَسُوعُ بِقُوَّةِ الرُّوحِ إِلَى الْجَلِيلِ،
وَخَرَجَ خَبَرٌ عَنْهُ فِي جَمِيعِ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ»(إِنْجِيلُ
لُوقَا4: 14)، وكطبيب اهتم بذكر معجزات الشفاء التي كان يعجز الطب
إزاءها...
2) تفاصيل الأحداث: الإنجيليين يتفقون في جوهر الأحداث،
ومن الناحية الأخرى فإن وجود تباين ينفي عنهم تواطئهم معًا أو اتفاقهم
المسبق..! ونلاحظ أن بعض هذه الاختلافات راجع إلى بعض التفاصيل التي لم يرد
أن يسجلها أحد الإنجيليين من وجهة نظره، بينما سجلها آخر..كما أن هذا الاختلاف قد
يحدث نتيجة أحداث متشابهة..أي حدوث أكثر من حادثة من نفس النوع. كما حدث في معجزة
إشباع الألوف والبركة (فلدينا إشباع الخمسة آلاف من خمسة أرغفة وسمكتين، ثم إشباع
الأربعة آلاف من سبع خبزات وقليل من صغار السمك «15وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ
تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «الْمَوْضِعُ خَلاَءٌ وَالْوَقْتُ قَدْ مَضَى. اِصْرِفِ
الْجُمُوعَ لِكَيْ يَمْضُوا إِلَى الْقُرَى وَيَبْتَاعُوا لَهُمْ طَعَاماً». 16فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لاَ حَاجَةَ لَهُمْ
أَنْ يَمْضُوا. أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا». 17فَقَالُوا لَهُ: «لَيْسَ عِنْدَنَا هَهُنَا إِلاَّ خَمْسَةُ
أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَانِ». 18فَقَالَ:
«ائْتُونِي بِهَا إِلَى هُنَا». 19فَأَمَرَ
الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الْعُشْبِ. ثُمَّ أَخَذَ الأَرْغِفَةَ
الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ
وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ، وَالتَّلاَمِيذُ لِلْجُمُوعِ. 20فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا
مَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مَمْلُوءةً»(إِنْجِيلُ
مَتَّى14: 15-20)؛ «32وَأَمَّا يَسُوعُ فَدَعَا تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ: «إِنِّي
أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ، لأَنَّ الآنَ لَهُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَمْكُثُونَ
مَعِي وَلَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. وَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أَصْرِفَهُمْ
صَائِمِينَ لِئَلا يُخَوِّرُوا فِي الطَّرِيقِ» 33فَقَالَ
لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «مِنْ أَيْنَ لَنَا فِي الْبَرِّيَّةِ خُبْزٌ بِهَذَا
الْمِقْدَارِ حَتَّى يُشْبِعَ جَمْعاً هَذَا عَدَدُهُ؟» 34فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «كَمْ عِنْدَكُمْ مِنَ
الْخُبْزِ؟» فَقَالُوا: «سَبْعَةٌ وَقَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ السَّمَكِ». 35فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى
الأَرْضِ، 36وَأَخَذَ السَّبْعَ
خُبْزَاتٍ وَالسَّمَكَ، وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ،
وَالتَّلاَمِيذُ أَعْطَوُا الْجَمْعَ. 37فَأَكَلَ
الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا مَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ سَبْعَةَ
سِلاَلٍ مَمْلُوءَة، ٍ38وَالآكِلُونَ
كَانُوا أَرْبَعَةَ آلاَفِ رَجُلٍ مَا عَدَا النِّسَاءَ وَالأَوْلاَدَ. 39ثُمَّ صَرَفَ الْجُمُوعَ وَصَعِدَ إِلَى
السَّفِينَةِ وَجَاءَ إِلَى تُخُومِ مَجْدَلَ»(إِنْجِيلُ
مَتَّى15: 32-38)؛ «35وَبَعْدَ سَاعَاتٍ كَثِيرَةٍ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ
تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «الْمَوْضِعُ خَلاَءٌ وَالْوَقْتُ مَضَى. 36اِصْرِفْهُمْ لِكَيْ يَمْضُوا إِلَى الضِّيَاعِ
وَالْقُرَى حَوَالَيْنَا وَيَبْتَاعُوا لَهُمْ خُبْزاً، لأَنْ لَيْسَ عِنْدَهُمْ
مَا يَأْكُلُونَ». 37فَأَجَابَ وَقَالَ
لَهُمْ: «أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا». فَقَالُوا لَهُ: «أَنَمْضِي
وَنَبْتَاعُ خُبْزاً بِمِئَتَيْ دِينَارٍ وَنُعْطِيهُمْ لِيَأْكُلُوا؟» 38فَقَالَ لَهُمْ: «كَمْ رَغِيفاً عِنْدَكُمْ؟
اذْهَبُوا وَانْظُرُوا». وَلَمَّا عَلِمُوا قَالُوا: «خَمْسَةٌ وَسَمَكَتَانِ». 39فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا الْجَمِيعَ
يَتَّكِئُونَ رِفَاقاً رِفَاقاً عَلَى الْعُشْبِ الأَخْضَرِ. 40فَاتَّكَأُوا صُفُوفاً صُفُوفاً: مِئَةً مِئَةً
وَخَمْسِينَ خَمْسِينَ. 41فَأَخَذَ
الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ
السَّمَاءِ، وَبَارَكَ ثُمَّ كَسَّرَ الأَرْغِفَةَ، وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ
لِيُقَدِّمُوا إِلَيْهِمْ، وَقَسَّمَ السَّمَكَتَيْنِ لِلْجَمِيعِ، 42فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. 43ثُمَّ رَفَعُوا مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَيْ
عَشْرَةَ قُفَّةً مَمْلُوءَةً، وَمِنَ السَّمَكِ. 44وَكَانَ
الَّذِينَ أَكَلُوا مِنَ الأَرْغِفَةِ نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفِ رَجُلٍ»(إِنْجِيلُ
مَرْقُسَ6: 35-44)؛ «1فِي تِلْكَ الأَيَّامِ إِذْ كَانَ الْجَمْعُ كَثِيراً
جِدّاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ، دَعَا يَسُوعُ تَلاَمِيذَهُ
وَقَالَ لَهُمْ: «2إِنِّي أُشْفِقُ
عَلَى الْجَمْعِ، لأَنَّ الآنَ لَهُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَمْكُثُونَ مَعِي
وَلَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. 3وَإِنْ
صَرَفْتُهُمْ إِلَى بُيُوتِهِمْ صَائِمِينَ يُخَوِّرُونَ فِي الطَّرِيقِ، لأَنَّ
قَوْماً مِنْهُمْ جَاءُوا مِنْ بَعِيدٍ». 4فَأَجَابَهُ
تَلاَمِيذُهُ: «مِنْ أَيْنَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُشْبِعَ هَؤُلاَءِ خُبْزاً
هُنَا فِي الْبَرِّيَّةِ؟» 5فَسَأَلَهُمْ:
«كَمْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْخُبْزِ؟» فَقَالُوا: «سَبْعَةٌ». 6فَأَمَرَ الْجَمْعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى
الأَرْضِ، وَأَخَذَ السَّبْعَ خُبْزَاتٍ وَشَكَرَ وَكَسَرَ وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ
لِيُقَدِّمُوا، فَقَدَّمُوا إِلَى الْجَمْعِ. 7وَكَانَ
مَعَهُمْ قَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ السَّمَكِ، فَبَارَكَ وَقَالَ أَنْ يُقَدِّمُوا
هَذِهِ أَيْضاً. 8فَأَكَلُوا
وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا فَضَلاَتِ الْكِسَرِ: سَبْعَةَ سِلاَلٍ. 9وَكَانَ الآكِلُونَ نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلاَفٍ.
ثُمَّ صَرَفَهُمْ»(إِنْجِيلُ مَرْقُسَ8: 1-9)..الهدف
هنا من الكتابة هو إظهار بركة الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ..
ونود
أن نشير إلى نقطة هامة وهي أن الكتبة الملهمين لهم أن يستعملوا ما درج عليه عصرهم
من قواعد لغوية وعوائد شائعة. فمثلًا قول الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ «39فَأَجابَ وَقَالَ لَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ
يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ. 40لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ
الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ، هَكَذَا يَكُونُ ابْنُ
الإِنْسَانِ فِي قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ»(إِنْجِيلُ
مَتَّى12: 39و40). وحينما نحسب المدة التي مكثها الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لا
تكون ثلاثة أيام وثلاث ليال كامل..كان اليهود في عصر الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
يقصدون بكلمة نهار وليل إلى غير يوم كامل (أي ليس 24 ساعة)..وبهذا المفهوم تكلم الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ في النص السابق المرتبط بيونان وبقائه في بطن الحوت..وفي
عصر الرسل كان يطلق اليوم الثامن على يوم الأحد الذي يُدعى «أول الأسبوع».
هذه
مجرد أمثلة..فإذا وجدن بعض ما يبدو أنها متناقضات فالسبب يرجع إلى جهل البشر ببعض
الظروف والقوانين أو العادات التي تكشف الدراسات عنها.
0 التعليقات:
إرسال تعليق