فاتحة إِنْجِيلُ يُوحَنَّا
إعداد
د. القس سامي منير اسكندر
«John» الإختصار : يو = JOH
Ø الفاتحة
إِنْجِيلُ يُوحَنَّا
بشارة غريبة. كلماته بسيطة وهي التي نستعملها كل يوم. ولكن اللاهوتيون ما زالوا
يدرسونها فلم يكتشفوا بعد أعماقها. يرتاح البسطاء إلى قراءة هذا الإِنْجِيل.
والصوفيّون والمفكرين واللاهوتيين صار صديق لصلاتهم ولتأمّلهم. إِنْجِيل يعلن حَيَاةُ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ،
شأنه شأن مَتَّى ومَرْقُسَ ولُوقَا، ولكنه يختلف عنهم.
إِنْجِيلُ يُوحَنَّا
هي فريدة. فليس في آداب اللغات ما يعدل البشائر الأربع، إِنْجِيلُ يُوحَنَّا هو إِنْجِيلُ
الخاصة، لكنها في نفس الوقت إِنْجِيلُ العالم أجمع. فمع أن كاتبها يهودي مشبع
بالآراء اليهودية، ومع أنه مسيحي ملم بكل ما جاءت به البشائر الثلاث السابقة
لبشارته، ومع أنه مرتبط بحدود الزمن الذي نشأ فيه، ومتأثر بعوامل البيئة اليونانية
التي كانت محيطة به، إلا أن إِنْجِيلُه ليس قاصراً على اليهود، ولا هو إِنْجِيلُ
جيل خاص، لكنه إِنْجِيلُ
الأجيال، لأن وراء يد يُوحَنَّا، عاملاً قوياً خفياً، هو روح الله العارف قلوب
البشر أجمعين.
إِنْجِيلُ يُوحَنَّا
هو البشارة الروحانية. إنها نخبرنا أكثر من أي إِنْجِيلُ آخر عن الرُّوحِ الْقُدُسِ. وهي التي تنطلق
بنا من عالم المادة إلى عالم الرُّوحِ، من الماء الذي نشربه كل اليوم إلى الماء
الحيّ الذي يتفجّر فينا. من الخبز الذي نأكله كل يوم إلى الخبز الحيّ الذي نزل من
السماء فأعطانا حَيَاةُ أبديّة. من ولادة بحسب الجسد إلى ولادة في ماء الكَلِمَةُ والرُّوحِ
الْقُدُسِ.
في
الإصحاحات الثلاثة الأولى، نرى الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ «كَلِمَةُ الله الأزلي» محاطاً ببيئة يهودية، وإذ نبلغ
الإصحاح الرابع، نرى الفادي وقد تخطى حدود البيئة اليهودية الضيقة، حتى اتصل
بالسامريين فوجدوا فيه مخلصهم المنتظر إذ قالوا «42وَقَالُوا لِلْمَرْأَةِ: « إِنَّنَا لَسْنَا بَعْدُ
بِسَبَبِ كلاَمِكِ نُؤْمِنُ، لأَنَّنَا نَحْنُ قَدْ سَمِعْنَا وَنَعْلَمُ أَنَّ
هَذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ الْمَسِيحُ مُخَلِّصُ الْعَالَمِ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا4: 42)، «14فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يَسُوعُ
قَالُوا: «إِنَّ
هَذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ!»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا6: 14).
إِنْجِيلُ يُوحَنَّا
هو شهادة فرد. شهادة يُوحَنَّا بن زبدى وشقيق يعقوب وصديق بطرس ورفيقه حتى الصليب،
بل في زيارة القبر بعد القيامة. وهو أيضاً شهادة جماعة تقول لليهود الذين لم
يؤمنوا بالرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ: نحن ننطق بما نعلم، ونشهد بما رأينا، ولكنكم لا
تقبلون شهادتنا. جماعة تقول عن صاحب الإِنْجِيل: هذا هو التلميذ الشاهد بهذه
الأمور، وهو الذي كتبها. ونحن نعلم أن شهادته حق.
إن
كل قارئ ودارس لهذه البشارة، مهما كانت لغته وجنسيته، أمام صفحات إِنْجِيلُ يُوحَنَّا
كلمات جامعة يقوم أمامها واثبًا ليحيي الرُّوحِ الْقُدُسِ
للغته الخاصة لكل العالم، لأنها كلمات
عامة تلامس جميع البشر على توالي الأيام – المحبة، الْحَيَاةُ، النور، الحق،
الخبز، الماء – كل هذا يؤكد لنا أن هذه البشارة هي إِنْجِيل
العالم أجمع.
هذا
الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ هو قدس أقداس الْحَيَاةُ المسيحية. فيه نسمع
أقدس الإعلانات السماوية، فلا عجب إذا جادت قرائح القديسين بأمجد الألقاب وأقدسها
على هذه البشارة. فمن قائل أنها «إِنْجِيل الأبدية» إلى قائل أنها «تعبير قلب الله»،
إلى قائل إنها «إِنْجِيل
الحب الثمين النادر».
الإِنْجِيل
بحسب ما كتبه الرسول يُوحَنَّا سفر يناسب الكل، البسطاء والعلماء. كلماته بسيطة
للغاية، يقرأه البسطاء فيجدون نفوسهم قريبة منه فيرتاحون، ويغوص فيه أصحاب الخبرات
الروحية دون أن ينتهوا إلى سبر غوره.
كُتِبَ إِنْجِيلُ يُوحَنَّا على مُستَوَيَين.
فلديهِ مُستَوىً يستطيعُ الطِّفلُ أن يفهَمَهُ؛ ويستخدِمُ كلماتٍ مُبَسَّطَةً
قصيرةً جداً. ويُعتَبَرُ إِنْجِيلُ يُوحَنَّا الأبسطَ بينَ الأناجيل
الأربَعة. ولكن، عندما تفهَمُونَ أنَّ يُوحَنَّا يكتُبُ بِلُغةِ الرُّمُوز هذه،
تُدرِكُونَ أنَّهُ في إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا، هُناكَ دائماً ذلكَ المعنى الأعمَق. فهُناكَ دائِماً ذلكَ
المعنى الآخر، حيثُ تتَّخِذُ الأشخاصُ والأماكِنُ والأشياء معنىً آخر، يُعَلِّمُنا
أُمُوراً رُوحيَّةً. عندما تفهَمُونَ هذا، تدُركُونَ عندها أنَّ إِنْجِيلُ يُوحَنَّا،
حتَّى ولو كُتِبَ بأبسَطِ لُغَةٍ، فهُوَ أعمَقُ إنجيلٍ بينَ الأناجيل الأربَعة.
ولكن لكي تَفهَمُوا هذا المعنَى الأعمق، تحتاجُونَ إلى مفاتيحَ تُفَسِّرُ الرُّمُوز.
يا تري أي مفاتيح هذه؟! ماهي ؟! كيف نستخدمها
؟!
0 التعليقات:
إرسال تعليق