الجزء الثاني
الخلفية الجغرافية للإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ
إعداد
د.القس سامي منير اسكندر
إن جغرافية المكان تفيد كثيراً
في فهم المقطع. يمكن للجغرافيا أن تكون أمراً بسيطاً كاتجاه تدفق أحد الأنهار
مثلاً. ففي حِزْقِيَال 47 نقرأ أن نهراً يتدفق من الهيكل و«يشفي (تلتئم، اِلْتَحَمَ،
بَرئ، المياه)» بحراً. فعندما نعطي عناية خاصة للتعرف على كل من العناصر الجغرافية
في ذلك المقطع، يتضح في الحال أنه في هذا المقطع يتدفق النهر شرقاً، وليس غرباً،
وأن البحر الميت هو الذي يأتي إلى الحياة في الحلم النبوي.
في مثال آخر، يكون هوشع نموذجاً
للأنبياء في كونه مؤصلاً في كل من تاريخ وجغرافية الأرض: «1اِسْمَعُوا هذَا
أَيُّهَا الْكَهَنَةُ! وَانْصِتُوا يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ! وَأَصْغُوا يَا
بَيْتَ الْمَلِكِ! لأَنَّ عَلَيْكُمُ الْقَضَاءَ، إِذْ صِرْتُمْ فَخًّا فِي
مِصْفَاةَ (اسم عبري معناه برج المراقبة وهو اسم مكان ربما يكون في بنيامين أو جلعاد)،
وَشَبَكَةً مَبْسُوطَةً عَلَى تَابُورَ(جبل في أرض الجليل يسمى الآن الطور)... 3أَنَا
أَعْرِفُ أَفْرَايِمَ. وَإِسْرَائِيلُ لَيْسَ مَخْفِيًّا عَنِّي. إِنَّكَ الآنَ
زَنَيْتَ يَا أَفْرَايِمُ. قَدْ تَنَجَّسَ إِسْرَائِيلُ...«8اِضْرِبُوا بِالْبُوقِ
فِي جِبْعَةَ (مدينة في نصيب بني بنيامين «28وَصَيْلَعَ
وَآلفَ وَالْيَبُوسِيَّ، هِيَ أُورُشَلِيمُ، وَجِبْعَةَ وَقِرْيَةَ أَرْبَعَ. عَشَرَةَ
مَدِينَةً مَعَ ضِيَاعِهَا. هذَا هُوَ نَصِيبُ بَنِي بَنْيَامِينَ حَسَبَ
عَشَائِرِهِمْ»(سِفْرُ يَشُوع18: 28)، « 14فَعَبَرُوا وَذَهَبُوا. وَغَابَتْ لَهُمُ
الشَّمْسُ عِنْدَ جِبْعَةَ
الَّتِي لِبَنْيَامِينَ»(سِفْرُ اَلْقُضَاة19: 14)، وتسمى جبعة بنيامين «2وَاخْتَارَ شَاوُلُ
لِنَفْسِهِ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ مِنْ إِسْرَائِيلَ، فَكَانَ أَلْفَانِ مَعَ شَاوُلَ
فِي مِخْمَاسَ وَفِي جَبَلِ بَيْتِ إِيلَ، وَأَلْفٌ كَانَ مَعَ يُونَاثَانَ فِي جِبْعَةِ بَنْيَامِينَ.
وَأَمَّا بَقِيَّةُ الشَّعْبِ فَأَرْسَلَهُمْ كُلَّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ...15وَقَامَ صَمُوئِيلُ وَصَعِدَ مِنَ الْجِلْجَالِ
إِلَى جِبْعَةِ
بَنْيَامِينَ. وَعَدَّ شَاوُلُ الشَّعْبَ الْمَوْجُودَ مَعَهُ نَحْوَ
سِتِّ مِئَةِ رَجُل»(سِفْرُ
صَمُوئِيلَ الأَوَّلُ13:
2و15)، و«16فَنَظَرَ
الْمُرَاقِبُونَ لِشَاوُلَ فِي جِبْعَةِ بَنْيَامِينَ، وَإِذَا بِالْجُمْهُورِ
قَدْ ذَابَ وَذَهَبُوا مُتَبَدِّدِينَ»(سِفْرُ صَمُوئِيلَ الأَوَّلُ14: 16)، وجبعة بني بنيامين
«29وَخَالَبُ
بْنُ بَعْنَةَ النَّطُوفَاتِيُّ، وَإِتَّايُ بْنُ رِيبَايَ مِنْ جِبْعَةِ بَنِي
بَنْيَامِينَ،»(سِفْرُ صَمُوئِيلَ
الثَّانِي23: 29)، وجبعة شاول «4فَجَاءَ الرُّسُلُ إِلَى
جِبْعَةِ شَاوُلَ
وَتَكَلَّمُوا بِهذَا الْكَلاَمِ فِي آذَانِ الشَّعْبِ، فَرَفَعَ كُلُّ الشَّعْبِ
أَصْوَاتَهُمْ وَبَكَوْا»(سِفْرُ
صَمُوئِيلَ الأَوَّلُ11:
4)، «29عَبَرُوا
الْمَعْبَرَ. بَاتُوا فِي جَبَعَ. ارْتَعَدَتِ الرَّامَةُ. هَرَبَتْ جِبْعَةُ
شَاوُلَ»(سِفْرُ
إِشَعْيَاءَ10:
29)، ولعلها هي أيضاً جبعة الله «5بَعْدَ ذلِكَ تَأْتِي
إِلَى جِبْعَةِ
اللهِ حَيْثُ أَنْصَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَيَكُونُ عِنْدَ
مَجِيئِكَ إِلَى هُنَاكَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَنَّكَ تُصَادِفُ زُمْرَةً مِنَ
الأَنْبِيَاءِ نَازِلِينَ مِنَ الْمُرْتَفَعَةِ وَأَمَامَهُمْ رَبَابٌ وَدُفٌّ
وَنَايٌ وَعُودٌ وَهُمْ يَتَنَبَّأُونَ»(سِفْرُ صَمُوئِيلَ الأَوَّلُ10: 5)، بِالْقَرْنِ
فِي الرَّامَةِ
(رامة، رامة الجنوب ـ رامة المصفاة ـ صوفيم،
اسم عبرى معناه مرتفع أو سام وقد أطلق هذا الاسم على عدة مدن كانت جميعها مبنية
على أماكن مرتفعة وقد ورد هذا الاسم معرفا بأل
فى نحو خمسة وثلاثين موضعاً، وورد بغير أداة التعريف
فى موضع واحد «33وَحَاصُورَ
وَرَامَةَ
وَجِتَّايِمَ،»(سِفْرُ نَحَمْيَا11: 33). كما ورد مرة مضافا إلى اسم
آخر رَامَةِ الْمِصْفَاةِ «26وَمِنْ حَشْبُونَ إِلَى رَامَةِ الْمِصْفَاةِ
وَبُطُونِيمَ، وَمِنْ مَحَنَايِمَ إِلَى تُخُمِ دَبِيرَ»(سِفْرُ يَشُوع13: 26)، ومرة
أخرى رَامَةِ الْجَنُوبِ «8وَجَمِيعُ الضِّيَاعِ
الَّتِي حَوَالَيْ هذِهِ الْمُدُنِ إِلَى بَعْلَةِ بَئْرِ رَامَةِ الْجَنُوبِ.
هذَا هُوَ نَصِيبُ سِبْطِ بَنِي شِمْعُونَ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ»(سِفْرُ يَشُوع19: 8). وهي مدينة
من نصيب بنيامين: ذكرت بين مدينتى جيعون ويثيروت «25جِبْعُونَ وَالرَّامَةَ
وَبَئِيرُوتَ،»(سِفْرُ يَشُوع18: 25)، وقد اعتقد الرجل اللاوى أنها قد تصلح مكانا لمبيته
هو وسريته فى اثناء رحلتهما إلى الشمال «13وَقَالَ لِغُلاَمِهِ:
«تَعَالَ نَتَقَدَّمُ إِلَى أَحَدِ الأَمَاكِنِ وَنَبِيتُ فِي جِبْعَةَ أَوْ فِي
الرَّامَةِ»(سِفْرُ اَلْقُضَاة19: 13). كما أن النخلة التى كانت تجلس تحتها دَبُورَةَ القاضية: «5وَهِيَ جَالِسَةٌ تَحْتَ نَخْلَةِ
دَبُورَةَ بَيْنَ الرَّامَةِ وَبَيْتِ إِيلَ فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ.
وَكَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَصْعَدُونَ إِلَيْهَا لِلْقَضَاءِ»(سِفْرُ اَلْقُضَاة4: 5). وقد سعى بعشا ملك السامرة الى تحصين الرامة ضد آسا ملك يهوذا إلا أن
آسا أحبط المحاولة وحمل معه المواد التى كان قد جمعها بعشا، واستخدمها فى تحصين
مدينتى جبع بنيامين والمصفاة «17وَصَعِدَ
بَعْشَا مَلِكُ إِسْرَائِيلَ عَلَى يَهُوذَا وَبَنَى الرَّامَةَ لِكَيْ لاَ يَدَعَ
أَحَدًا يَخْرُجُ أَوْ يَدْخُلُ إِلَى آسَا مَلِكِ يَهُوذَا. 18وَأَخَذَ آسَا جَمِيعَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ
الْبَاقِيَةِ فِي خَزَائِنِ بَيْتِ الرَّبِّ وَخَزَائِنِ بَيْتِ الْمَلِكِ
وَدَفَعَهَا لِيَدِ عَبِيدِهِ، وَأَرْسَلَهُمُ الْمَلِكُ آسَا إِلَى بَنْهَدَدَ
بْنِ طَبْرِيمُونَ بْنِ حَزْيُونَ مَلِكِ أَرَامَ السَّاكِنِ فِي دِمَشْقَ
قَائِلاً: «19إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ
وَبَيْنَ أَبِي وَأَبِيكَ عَهْدًا. هُوَذَا قَدْ أَرْسَلْتُ لَكَ هَدِيَّةً مِنْ
فِضَّةٍ وَذَهَبٍ، فَتَعَالَ انْقُضْ عَهْدَكَ مَعَ بَعْشَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ
فَيَصْعَدَ عَنِّي». 20فَسَمِعَ
بَنْهَدَدُ لِلْمَلِكِ آسَا وَأَرْسَلَ رُؤَسَاءَ الْجُيُوشِ الَّتِي لَهُ عَلَى
مُدُنِ إِسْرَائِيلَ، وَضَرَبَ عُيُونَ وَدَانَ وَآبَلَ بَيْتِ مَعْكَةَ وَكُلَّ
كِنَّرُوتَ مَعَ كُلِّ أَرْضِ نَفْتَالِي. 21وَلَمَّا
سَمِعَ بَعْشَا كَفَّ عَنْ بِنَاءِ الرَّامَةِ وَأَقَامَ فِي تِرْصَةَ. 22فَاسْتَدْعَى الْمَلِكُ آسَا كُلَّ يَهُوذَا.
لَمْ يَكُنْ بَرِيءٌ. فَحَمَلُوا كُلَّ حِجَارَةِ الرَّامَةِ وَأَخْشَابِهَا
الَّتِي بَنَاهَا بَعْشَا، وَبَنَى بِهَا الْمَلِكُ آسَا جَبْعَ بَنْيَامِينَ
وَالْمِصْفَاةَ»(سِفْرُ اَلْمُلُوكِ
الأَوَّلُ15: 17-22)، «......»(سِفْرُ أَخْبَارِ الأَيَّامِ الثَّانِي16: 5و6). اصْرُخُوا فِي
بَيْتِ آوَنَ. وَرَاءَكَ يَا بَنْيَامِينُ...«13وَرَأَى
أَفْرَايِمُ مَرَضَهُ وَيَهُوذَا جُرْحَهُ، فَمَضَى أَفْرَايِمُ إِلَى أَشُّورَ،
وَأَرْسَلَ إِلَى مَلِكٍ عَدُوٍّ. وَلكِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَشْفِيَكُمْ
وَلاَ أَنْ يُزِيلَ مِنْكُمُ الْجُرْحَ»(سِفْرُ هُوشَعَ5: 1، 3، 8، 13). مثل كثير من المقاطع غيره. هذا المقطع المحدد
يكون غير مفهوم بدون بحث دقيق للأماكن المذكورة فيه.
إن قصة إنقاذ دبورة لإِسْرَائِيلَ
هي قصة قوية حتى بدون فهم الخلفية التاريخية لها. لكن عندما نحدد موضع كل من
الأسباط على خريطة وندرس تراصف أولئك الذين حاربوا والذين لم يحاربوا، فإن هذا يضع
المقطع كله تحت التركيز الواضح «.....»(سِفْرُ
اَلْقُضَاة4-5).
تتمثل الدراما بين أولئك الذين
ساعدوا الرب والذين لم يساعدوه. من السهل أن نرى كيف أن تأثير مقطع ما والحق
الروحي الموجود فيه يتناقض كثيراً بدون الدراسة الدقيقة للخلفية الجغرافية.
ارجع إلى خريطة الأسباط الاثني
عشر (أعلي......) وحدد أماكن زبولون، ويساكر، ونفتالي. لاحظ أنهم جميعاً متجمعين
حول مشهد المعركة عند جبل تابور ونهر قيشون. ستجد أن الأطلس التاريخي أو دائرة
المعارف تمدك بالمزيد عن هذه الأسباط. لقد كان فقيرة، ومضطهدة من الكنعانيين
الأغنياء الذين كانوا يعيشون بينهم. كان هؤلاء هم الناس الذين حاربوا ونالوا تأييد
الله ومساندته، بجانب بنيامين وأفرايم، حيث قامت دبورة بالقضاء لإِسْرَائِيلَ.
الآن قم بتحديد موقع دان وأشير
ورأوبين على الخريطة. ربما كان «جلعاد» هو
جاد وجزء من منسى الذي كان عبر الأردن. لاحظ أن كل هذه الأسباط كانت تعيش على هامش
المعركة. وتظهر الخلفية التاريخية كذلك أنهم كانوا أكثر ثراءً اقتصادياُ فقد كان
دان غنياً بسبب التجارة، وأشير، رغم أنه كان أقرب للصراع، كان آمناً وقد صنع
معاهدة سلام مع العدو. عبر النهر، كان جاد وشرقي منسى آمنين، بجانب رأوبين. لكن
رأوبين أيضاً كان لديه الكثير ليفقدوه كرعاة مواشي أغنياء. وفي النهاية لم يذهبوا
للمعركة، ووقعوا تحت لعنة الله.
ما هو مكان منسى الغربي في وسط
كل هذا؟ لاحظ أنه لم يذكر حتى في النص، ولكنه قريب لساحة المعركة. فهل يشير «ماخير»
إلى ذلك السبط؟ وكيف يمكن لتسعمائة مركبة حديدية أن يجرفها نهر؟ بل الأمر غير
المحتمل، كيف استطاع قائد عسكري ذو خبرة أن يدع مركباته المسلحة تدخل في مجرى جارف
يستطيع أن يجرفها ويغرقها؟ يقدم لنا الأطلس إجابات على هذه الأسئلة، التي تعتبر
جوهرية لفهم المقطع.
إن الظروف الجغرافية للرَّسُول بُولُسَ
ِعندما كتب الرسالة الثانية إلى تيموثاوس تلقي بالضوء على معنى السفر بأكمله،
وخاصة على الأصحاح الرابع. يخبرنا التقليد أن الرَّسُولِ بُولُسَ كان في زنزانة ما
مرتين التي كانت عبارة عن حفرة رطبة أرضيتها ذات كتل حجرية غير منتظمة فوق نهر
التيبر الذي كان يتدفق خلال الزنزانة. أخبر بُولُسَ الرَّسُولِ تِيمُوثَاوُسَ أن
يتأكد من حضوره إليه قَبْلَ الشِّتَاءِ «21بَادِرْ أَنْ تَجِيءَ
قَبْلَ الشِّتَاءِ. يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَفْبُولُسُ وَبُودِيسُ وَلِينُسُ
وَكَلاَفَدِيَّةُ وَالإِخْوَةُ جَمِيعًا»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ4: 21)، ومن أن يحضر معطفه معه «13اَلرِّدَاءَ الَّذِي
تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ، أَحْضِرْهُ مَتَى جِئْتَ، وَالْكُتُبَ
أَيْضًا وَلاَ سِيَّمَا الرُّقُوقَ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ4: 13). هنا نجد بُولُسَ
الرَّسُولِ الشيخ في زنزانة باردة كريهة الرائحة، يواجه الموت وحده: «16فِي احْتِجَاجِي
الأَوَّلِ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مَعِي، بَلِ الْجَمِيعُ تَرَكُونِي. لاَ يُحْسَبْ
عَلَيْهِمْ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ4: 16). وهكذا فإن الخلفية الجغرافية
تساعد على وضع كلمات بُولُسَ الرَّسُولِ في منظورها الصحيح.
«5وَأَمَّا أَنْتَ فَاصْحُ
فِي كُلِّ شَيْءٍ. احْتَمِلِ الْمَشَقَّاتِ. اعْمَلْ عَمَلَ الْمُبَشِّرِ. تَمِّمْ
خِدْمَتَكَ. 6فَإِنِّي أَنَا الآنَ
أُسْكَبُ سَكِيبًا، وَوَقْتُ انْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ. 7قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ
السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، 8وَأَخِيرًا
قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ،
الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ
يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا»(رِّسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ4: 5-8).
توجد
العديد من المصادر المتوفرة لفهم الخلفية الجغرافية. بالإضافة إلى الخرائط
والرسومات في الأطالس التاريخية وأطالس الكتاب المقدس، يمكن للدارس أن يجد وصفاً
جغرافياً في قواميس الكتاب المقدس. كما أن دائرة معارف الكتاب المقدس تناقش أيضاً
الخلفيات الجغرافية.
Ø
إشارات إلى الحياة الحيوانية
قد
تتطلب الخلفية الجغرافية كذلك فهماً للحيوانات التي ذكرت في الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ. فمثلاً، تكثر في الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ الإشارات إلى الخراف – الخروف
الضال، والخروف الذي وجد، وخراف الذبائح، وحمل الله. لذلك فالذين ليست لديهم معرفة
بالخراف، سيكون من المفيد لهم أن يدرسوا سمات هذا الحيوان بالتحديد. فالخراف
حيوانات لا حول لها ولا قوة، ولا تستطيع رعاية نفسها، ولا تستطيع المقاومة او
حماية نفسها، كما أنها غبية. مثل هذه السمات وغيرها تساعدنا على فهم سِفْرُ
اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور 23، سِفْرُ إِشَعْيَاءَ 53، سِفْرُ حِزْقِيَال 34، إِنْجِيلُ يُوحَنَّا 10، وكثير من المقاطع الأخرى
غيرها. إن الطريقة التي يرتبط بها الراعي بخرافه في فلسطين القديمة هي أيضاً دراسة
مهمة لفهم المقاطع التي تتحدث عن الخراف والراعي في الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ. لكن هذا أمر ثقافي أكثر من
المسألة الجغرافية الخاصة بطبيعة الحيوان نفسه.
Ø
إشارات إلى الحياة النباتية
من المفيد دائماً في فهم مقطع ما
أن ندرس سمات الحياة النباتية في إِسْرَائِيلَ القديمة. فمثلاً: «12وَفِي الْغَدِ لَمَّا
خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ، 13فَنَظَرَ
شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ، وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا
شَيْئًا. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا، لأَنَّهُ
لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ. 14فَأَجَابَ
يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «لاَ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَرًا بَعْدُ إِلَى
الأَبَدِ!». وَكَانَ تَلاَمِيذُهُ يَسْمَعُون»(إِنْجِيلُ مَرْقُسَ11: 12-14).
هذا مقطع غريب. إذ يبدو أن الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ قد لعن شجرة بريئة لأنها لم
تعمل ما لم يكن مفروضاً لها أن تعمله. أي أن تحمل ثمراً في غير أوانه. ربما فعل
ذلك كاستعراض لتشجيع إيمان تلاميذه، الأمر الذي حدث بالفعل. وبالتأكيد، كرب لكل
الخليقة، كان له الحق في يستغني عن شجرة واحدة، فالبشر عامة لم يكن لديهم عذاب
ضمير بشأن تدمير غابات بأكملها لأسباب أقل من ذلك.
ومع ذلك، فإن القصة مثيرة للتعجب
وصعبة الفهم إلا إذا عرفنا بعض الخصائص الخاصة بشجر التين. فالبحث سيوضح أن شجرة
التي تكون له عجيرات صغيرة قبل الأوراق (أمر عادي)، الذي اعتاد أهل المنطقة على
أكله (أمر ثقافي). لذلك، فإن كانت هناك شجرة في مثل هذا الفصل من العام بها أوراق،
فمن المؤكد توقع أن يكون بها نمو مبكر للعجيرات التي يمكن أن تشبع شخصاً جائعاً.
لكننا هنا أمام شجرة ليس بها أي شيء سوى أوراق. فيما بعد في نفس ذلك اليوم، كان الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ يطرد باعة الحمام والصيارفة من
الهيكل، وفيما بعد قام بإلقاء الويل على الفريسيين المرائيين «13لكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ
أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ
مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ، فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ
تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ.....»(إِنْجِيلُ مَتَّى 23: 13... ألخ). فهل يا ترى كان
يمثل مقدماً نموذجاً لنظرة الله للمرائين – أولئك الذين لديهم «أوراق» ولكنهم
يفتقرون «للثمر»؟ على أية حال، فإن دراسة السمات الجغرافية لشجرة التين مفيدة لفهم
المقطع.
0 التعليقات:
إرسال تعليق