الخلفية التاريخية للإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ
إعداد
د.القس سامي منير اسكندر
ابن الدراسة على الخلفية
التاريخية والجغرافية والثقافية، «الخلفية» كما تستخدم هنا، هي السياق أو
المحيط الذي تشكلت فيه الرسالة الأصلية. سواء كان هذا بالنسبة للطفل الذي يتعلم
لغة والدته أو للمترجم الذي يتعلم لغة غير مكتوبة، فإن فحص السياق هو وسيلة جيدة
لبدء تعلم اللغة. فبدون فهم ذلك السياق، يصبح توصيل المعنى صعباً، إن لم يكن
مستحيلاً.
الخلفية التاريخية للإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ
الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ هو إعلان في إطار التاريخ، بخلاف تعاليم العديد من الديانات الأخرى. فبعض الديانات تؤسس على
أسطورة، مثل الشنتوية أو الهندوسية. بينما تأسس بعضها بواسطة شخصية تاريخية، لكن
عناصر كثيرة من التعاليم الدينية لهذه الديانات اليوم خرافية، مثل البوذية. على
النقيض من ذلك، نجد الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ مؤصلاً ومؤسساً في التاريخ، وينادي بأنه وثيقة تاريخية، فهو سجل إعلان الله عن نفسه للإنسان.
لذلك يجب علينا أن نفهم الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ في سياقه التاريخي.
Ø
الموقف الشخصي للمؤلف
إن موقف المؤلف غالباً ما يليق
بالضوء على معنى المقطع. فكثير من المزامير تتخذ معنى جديداً عندما تتم دراستها في
ضوء الموقف الشخصي الذي كتبها به دَاوُدَ. قال دَاوُدَ: «4إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ، وَالشَّرَّ قُدَّامَ
عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ، لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي أَقْوَالِكَ، وَتَزْكُوَ فِي
قَضَائِكَ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور51: 4). يؤثر معنى هذه العبارة على
تفسير المرء للمزمور بأكمله. فهل كان دَاوُدَ يتحدث عن نوع من الخطية الداخلية،
الروحية التي لا تتضمن أشخاصاً آخرين؟ إن فهمنا أن هذا الاعتراف العظيم تمت كتابته
استجابة لقناعة دَاوُدَ بشأن خطيته مع بَثْشَبَعَ وأوريا، يمكننا من أن نفهم
المعنى العميق الذي قصده دَاوُدَ. فكل خطية ضد شخص آخر، مهما كان عنفها وقسوتها،
هي في النهاية وأول كل شيء، خطية ضد الله. فعندما نضع الموقف الشخصي للمؤلف في
أذهاننا عندها فقط يمكن لهذه الفكرة أن تدخل حيز التركيز.
يقول إعلان الله في الإِنْجِيل كذلك: «4اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا. 5لِيَكُنْ حِلْمُكُمْ مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ. اَلرَّبُّ قَرِيبٌ. 6لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ
بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ.
7وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ
وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
إِلَى أَهْلِ فِيلِبِّي4: 4-7). هذه مشاعر جميلة، ومثالية للغاية. لكن
ماذا كانت حالة بُولُسَ الرَّسُولِ وهو يملي هذه الكلمات العظيمة؟ كان بُولُسَ
الرَّسُولِ في السجن «13حَتَّى
إِنَّ وُثُقِي صَارَتْ ظَاهِرَةً فِي الْمَسِيحِ فِي كُلِّ دَارِ الْوِلاَيَةِ
وَفِي بَاقِي الأَمَاكِنِ أَجْمَعَ. 14وَأَكْثَرُ
الإِخْوَةِ، وَهُمْ وَاثِقُونَ فِي الرَّبِّ بِوُثُقِي، يَجْتَرِئُونَ أَكْثَرَ
عَلَى التَّكَلُّمِ بِالْكَلِمَةِ بِلاَ خَوْفٍ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
إِلَى أَهْلِ فِيلِبِّي1: 13-14)! كانت حياته مهددة بالخطر عندما كتب: «17لكِنَّنِي وَإِنْ كُنْتُ
أَنْسَكِبُ أَيْضًا عَلَى ذَبِيحَةِ إِيمَانِكُمْ وَخِدْمَتِهِ، أُسَرُّ
وَأَفْرَحُ مَعَكُمْ أَجْمَعِينَ. 18وَبِهذَا
عَيْنِهِ كُونُوا أَنْتُمْ مَسْرُورِينَ أَيْضًا وَافْرَحُوا مَعِي»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى
أَهْلِ فِيلِبِّي 2: 17-18).
في الحقيقة، أن المسيحين في فيلبي كان لديهم نموذج لبُولُسَ
الرَّسُولِ كسجين في مناسبة أسبق؛ نموذج لشخص وهو ينزف من الجروح التي خلفتها
السياط الرومانية، استطاع أن يرنم في منتصف الليل «12وَمِنْ هُنَاكَ إِلَى
فِيلِبِّي، الَّتِي هِيَ أَوَّلُ مَدِينَةٍ مِنْ مُقَاطَعَةِ مَكِدُونِيَّةَ،
وَهِيَ كُولُونِيَّةُ. فَأَقَمْنَا فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ أَيَّامًا...22فَقَامَ الْجَمْعُ مَعًا عَلَيْهِمَا، وَمَزَّقَ
الْوُلاَةُ ثِيَابَهُمَا وَأَمَرُوا أَنْ يُضْرَبَا بِالْعِصِيِّ. 23فَوَضَعُوا عَلَيْهِمَا ضَرَبَاتٍ كَثِيرَةً
وَأَلْقُوهُمَا فِي السِّجْنِ، وَأَوْصَوْا حَافِظَ السِّجْنِ أَنْ يَحْرُسَهُمَا
بِضَبْطٍ. 24وَهُوَ إِذْ أَخَذَ
وَصِيَّةً مِثْلَ هذِهِ، أَلْقَاهُمَا فِي السِّجْنِ الدَّاخِلِيِّ، وَضَبَطَ
أَرْجُلَهُمَا فِي الْمِقْطَرَةِ. 25وَنَحْوَ
نِصْفِ اللَّيْلِ كَانَ بُولُسُ وَسِيلاَ يُصَلِّيَانِ وَيُسَبِّحَانِ اللهَ،
وَالْمَسْجُونُونَ يَسْمَعُونَهُمَا»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ16:
12، 22-25).
معرفة هذه الأمور يزيد ويعمق من
فهمنا لحثه البسيط لنا على أن نفرح. فلا يوجد قارئ وهو يعرف موقف بُولُسَ
الرَّسُولِ يمكنه أن يقول، «إنه يستطيع أن يتحدث عن الفرح، ولكنه لم يعرف مثل
ظروفي قط».
Ø
الشواهد التاريخية داخل الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ
في كثير من الأحيان يمكننا أن نجد
الخلفية التاريخية في الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ نفسه، لذلك فإن فهم تاريخ نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ
وَالْمَزَامِيرِ هو أمر ضروري لفهم إعلان الله في الإِنْجِيل. فأسفار مثل الرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ ستكون أبعد من حدود فهمنا بدون
الخلفية التاريخية لنَامُوسِ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ
قام الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ذات مرة بالإشارة إلى حدث
تاريخي في نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ
وَالْمَزَامِيرِ، وهي إشارة تحمل مفتاح فهم مقطع بأكمله. فقد
قال لنِيقُودِيمُوسُ: «14وَكَمَا
رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ
الإِنْسَانِ، 15لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ
كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا3: 14-15). فإن لم نفهم روايات نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ عن الخطية، والدينونة، والإيمان
وشفاء الله، فإن إشارة الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ستكون لغزاً يمكن أن يشوه
المعنى بدلاً من أن يلقي بالضوء على الهدف من موته على الصليب.
يقول البعض أن الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ كان إيليا الذي عاد ثانية،
بينما كان هناك آخرون يقولون إنه إرميا «14فَقَالُوا: «قَوْمٌ: يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ،
وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا، وَآخَرُونَ: إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ»(إِنْجِيلُ مَتَّى16: 14)، فما الصفات التي كانت في الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ والتي أثارت ذكرياتهم عن إيليا
وإرميا؟ لا توجد طريقة نعرف بها ذلك بدون دراسة النبيين من نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ
وَالْمَزَامِيرِ.
إن تاريخ نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ
وَالْمَزَامِيرِ ليس فقط أساسي لفهم الكثير من نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ
وَالْمَزَامِيرِ، ولكنه ضروري كذلك لفهم مقاطع عديدة من نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ
وَالْمَزَامِيرِ نفسه. فمثلاً، يجب أن تقرأ أسفار الأَنْبِيَاءِ في سياق الأسفار التاريخية. فقد
وجد الكثيرون أنه من المفيد توضيح نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ
وَالْمَزَامِيرِ بالخرائط بحسب التسلسل الزمني الموجود في
الأسفار التاريخية ووضع الأَنْبِيَاءِ على الخريطة للتأكد من الخلفية
التاريخية لكل نبوة.
فمثلاً، يخبرنا حِزْقِيَال عن
واد مملوء بعظام يابسة «1كَانَتْ
عَلَيَّ يَدُ الرَّبِّ، فَأَخْرَجَني بِرُوحِ الرَّبِّ وَأَنْزَلَنِي فِي وَسْطِ
الْبُقْعَةِ وَهِيَ مَلآنَةٌ عِظَامًا، 2وَأَمَرَّنِي
عَلَيْهَا مِنْ حَوْلِهَا وَإِذَا هِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا عَلَى وَجْهِ
الْبُقْعَةِ، وَإِذَا هِيَ يَابِسَةٌ جِدًّا. 3فَقَالَ
لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، أَتَحْيَا هذِهِ الْعِظَامُ؟» فَقُلْتُ: «يَا سَيِّدُ
الرَّبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ». 4فَقَالَ
لِي: «تَنَبَّأْ عَلَى هذِهِ الْعِظَامِ وَقُلْ لَهَا: أَيَّتُهَا الْعِظَامُ
الْيَابِسَةُ، اسْمَعِي كَلِمَةَ الرَّبِّ: 5هكذَا
قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِهذِهِ الْعِظَامِ: هأَنَذَا أُدْخِلُ فِيكُمْ رُوحًا
فَتَحْيَوْنَ. 6وَأَضَعُ عَلَيْكُمْ
عَصَبًا وأَكْسِيكُمْ لَحْمًا وَأَبْسُطُ عَلَيْكُمْ جِلْدًا وَأَجْعَلُ فِيكُمْ
رُوحًا، فَتَحْيَوْنَ وَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ»(سِفْرُ حِزْقِيَال 37: 1-6). وقد عمل الوعاظ المجتهدون
على إخضاع شعب الله لتفسيرات مذهلة لذلك المقطع! فعادة تتم تفسير الروحي لهذه
المقطع، بالإشارة كثيراً إلى أنه يصف الميلاد الجديد، عندما ينتقل الشخص من الموت
إلى الحياة بقوة الروح القدس. إن معرفتنا بالخلفية التاريخية للمقطع لها أهمية
قصوى في فهمه. «21وَكَانَ فِي السَّنَةِ
الثَّانِيَةِ عَشَرَةَ مِنْ سَبْيِنَا، فِي الشَّهْرِ الْعَاشِرِ، فِي الْخَامِسِ
مِنَ الشَّهْرِ، أَنَّهُ جَاءَ إِلَيَّ مُنْفَلِتٌ مِنْ أُورُشَلِيمَ، فَقَالَ:
«قَدْ ضُرِبَتِ الْمَدِينَةُ»(سِفْرُ حِزْقِيَال33: 21).
وبعد النبوة مباشرة، يقول الرب لحِزْقِيَال:
«11ثُمَّ
قَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، هذِهِ العِظَامُ هِيَ كُلُّ بَيتِ إِسْرَائِيلَ. هَا
هُمْ يَقُولُونَ: يَبِسَتْ عِظَامُنَا وَهَلَكَ رَجَاؤُنَا. قَدِ انْقَطَعْنَا. 12لِذلِكَ تَنَبَّأْ وَقُلْ لَهُمْ: هكذَا قَالَ
السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَفتَحُ قُبُورَكُمْ وأُصْعِدُكُمْ مِنْ
قُبُورِكُمْ يَا شَعْبِي، وَآتِي بِكُمْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ»(سِفْرُ حِزْقِيَال37: 11-12). وهكذا فإن الخلفية
تساعدنا على فهم أن الرؤية تشير إلى إسرائيل وعلاقتهم (علاقة العهد) أو قيامتهم الروحية
للرَّبِّ.
الأكثر من ذلك، يساعدنا تاريخ الإِنْجِيل (العهد الجديد) كثيراً، على فهم مقاطع إعلان الله في الإِنْجِيل. فكر مثلاً في الكلمات الختامية
لسِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ: «30وَأَقَامَ بُولُسُ
سَنَتَيْنِ كَامِلَتَينِ فِي بَيْتٍ اسْتَأْجَرَهُ لِنَفْسِهِ. وَكَانَ يَقْبَلُ
جَمِيعَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ إِلَيْهِ، 31كَارِزًا
بِمَلَكُوتِ اللهِ، وَمُعَلِّمًا بِأَمْرِ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِكُلِّ
مُجَاهَرَةٍ، بِلاَ مَانِعٍ»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ28: 30-31).
تمثل ظروف بُولُسَ الرَّسُولِ
الخلفية لرسائل السجن وتلقي بالضوء على مقاطع مثل هذه: «18مُصَلِّينَ بِكُلِّ
صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ، وَسَاهِرِينَ لِهذَا بِعَيْنِهِ
بِكُلِّ مُواظَبَةٍ وَطِلْبَةٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، 19وَلأَجْلِي، لِكَيْ يُعْطَى لِي كَلاَمٌ عِنْدَ
افْتِتَاحِ فَمِي، لأُعْلِمَ جِهَارًا بِسِرِّ الإِنْجِيلِ، 20الَّذِي لأَجْلِهِ أَنَا سَفِيرٌ فِي سَلاَسِلَ،
لِكَيْ أُجَاهِرَ فِيهِ كَمَا يَجِبُ أَنْ أَتَكَلَّمَ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ6: 18-20).
«20حَسَبَ انْتِظَارِي
وَرَجَائِي أَنِّي لاَ أُخْزَى فِي شَيْءٍ، بَلْ بِكُلِّ مُجَاهَرَةٍ كَمَا فِي
كُلِّ حِينٍ، كَذلِكَ الآنَ، يَتَعَظَّمُ الْمَسِيحُ فِي جَسَدِي، سَوَاءٌ كَانَ
بِحَيَاةٍ أَمْ بِمَوْتٍ. 21لأَنَّ
لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ... 24وَلكِنْ أَنْ أَبْقَى
فِي الْجَسَدِ أَلْزَمُ مِنْ أَجْلِكُمْ. 25فَإِذْ
أَنَا وَاثِقٌ بِهذَا أَعْلَمُ أَنِّي أَمْكُثُ وَأَبْقَى مَعَ جَمِيعِكُمْ
لأَجْلِ تَقَدُّمِكُمْ وَفَرَحِكُمْ فِي الإِيمَانِ،»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
إِلَى أَهْلِ فِيلِبِّي1: 20-21، 24-25).
«22يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ
جَمِيعُ الْقِدِّيسِينَ وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ مِنْ بَيْتِ قَيْصَرَ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
إِلَى أَهْلِ فِيلِبِّي4: 22).
تأكد من التوازي الحقيقي للمقاطع
التي تستخدمها. فعلى سبيل المثال، لا تستخدم سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ 28 (السابق اقتباسه) كخلفية
لرسالة تيموثاوس الثانية وسجن بُولُسَ الرَّسُولِ المدون هناك. وأيضاً لا تستخدم
وضعه المدون في تيموثاوس الثانية (في زنزانة ما مرتين، بحسب التقليد) كخلفية
لرسائل السجن. فرِّسَالَةُ بُولُسَ
الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ ورِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
إِلَى أَهْلِ فِيلِبِّي متوازيتان فقط من ناحية أن بُولُسَ الرَّسُولِ
كان في السجن في كلتا الحالتين. لكن رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ ورِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ فِيلِبِّي بلا شك يشيران إلى نفس التجربة
التي تم وصفها في سِفْرُ
أَعْمَالُ الرُّسُلِ. تلقي هذه المقارنات بالضوء على أحدهما الأخرى،
فتملأ الصورة التي تصف وضع وموقف بُولُسَ الرَّسُولِ وتقدم خلفية لتعاليمه.
يمكن العثور على الخلفية
التاريخية التي يقدمها الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ من عدة مصادر:
1) الإشارات
المرجعية في الهوامش التي توجد في الكتب المقدسة المرفق بها شواهد.
2) فهارس
الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ حيث يتم ذكر اسم ما في مقاطع أخرى من الفهارس الممتازة (Strong’s Exhaustive Concordance
of the Bible بقلم جيمس سترونج، وYoung’s Analytical Concordance of the Bible بقلم روبرت يانج).
3) قواميس
الكتاب المقدس أو الموسوعات الكتابية.
Ø مصادر خارج الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ
رغم أن قدراً كبيراً من الخلفية
التاريخية يمكن العثور عليه في الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ نفسه، فكثيراً ما تكون المصادر التاريخية خارج الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ مفيدة في فهم المقطع.
إن رؤية التِّمْثَالُ
الْعَظِيمُ المدونة في «31أَنْتَ
أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنْتَ تَنْظُرُ وَإِذَا بِتِمْثَال عَظِيمٍ. هذَا
التِّمْثَالُ الْعَظِيمُ الْبَهِيُّ جِدًّا وَقَفَ قُبَالَتَكَ، وَمَنْظَرُهُ
هَائِلٌ. 32رَأْسُ هذَا التِّمْثَالِ
مِنْ ذَهَبٍ جَيِّدٍ. صَدْرُهُ وَذِرَاعَاهُ مِنْ فِضَّةٍ. بَطْنُهُ وَفَخْذَاهُ
مِنْ نُحَاسٍ. 33سَاقَاهُ مِنْ
حَدِيدٍ. قَدَمَاهُ بَعْضُهُمَا مِنْ حَدِيدٍ وَالْبَعْضُ مِنْ خَزَفٍ. 34كُنْتَ تَنْظُرُ إِلَى أَنْ قُطِعَ حَجَرٌ
بِغَيْرِ يَدَيْنِ، فَضَرَبَ التِّمْثَالَ عَلَى قَدَمَيْهِ اللَّتَيْنِ مِنْ
حَدِيدٍ وَخَزَفٍ فَسَحَقَهُمَا. 35فَانْسَحَقَ
حِينَئِذٍ الْحَدِيدُ وَالْخَزَفُ وَالنُّحَاسُ وَالْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ مَعًا،
وَصَارَتْ كَعُصَافَةِ الْبَيْدَرِ فِي الصَّيْفِ، فَحَمَلَتْهَا الرِّيحُ فَلَمْ
يُوجَدْ لَهَا مَكَانٌ. أَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي ضَرَبَ التِّمْثَالَ فَصَارَ
جَبَلاً كَبِيرًا وَمَلأَ الأَرْضَ كُلَّهَا. 36هذَا
هُوَ الْحُلْمُ. فَنُخْبِرُ بِتَعْبِيرِهِ قُدَّامَ الْمَلِكِ.
«37أَنْتَ أَيُّهَا
الْمَلِكُ مَلِكُ مُلُوكٍ، لأَنَّ إِلهَ السَّمَاوَاتِ أَعْطَاكَ مَمْلَكَةً
وَاقْتِدَارًا وَسُلْطَانًا وَفَخْرًا. 38وَحَيْثُمَا
يَسْكُنُ بَنُو الْبَشَرِ وَوُحُوشُ الْبَرِّ وَطُيُورُ السَّمَاءِ دَفَعَهَا
لِيَدِكَ وَسَلَّطَكَ عَلَيْهَا جَمِيعِهَا. فَأَنْتَ هذَا الرَّأْسُ مِنْ ذَهَبٍ.
39وَبَعْدَكَ تَقُومُ مَمْلَكَةٌ
أُخْرَى أَصْغَرُ مِنْكَ وَمَمْلَكَةٌ ثَالِثَةٌ أُخْرَى مِنْ نُحَاسٍ
فَتَتَسَلَّطُ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ. 40وَتَكُونُ
مَمْلَكَةٌ رَابِعَةٌ صَلْبَةٌ كَالْحَدِيدِ، لأَنَّ الْحَدِيدَ يَدُقُّ
وَيَسْحَقُ كُلَّ شَيْءٍ. وَكَالْحَدِيدِ الَّذِي يُكَسِّرُ تَسْحَقُ وَتُكَسِّرُ
كُلَّ هؤُلاَءِ. 41وَبِمَا رَأَيْتَ
الْقَدَمَيْنِ وَالأَصَابِعَ بَعْضُهَا مِنْ خَزَفٍ وَالْبَعْضُ مِنْ حَدِيدٍ،
فَالْمَمْلَكَةُ تَكُونُ مُنْقَسِمَةً، وَيَكُونُ فِيهَا قُوَّةُ الْحَدِيدِ مِنْ
حَيْثُ إِنَّكَ رَأَيْتَ الْحَدِيدَ مُخْتَلِطًا بِخَزَفِ الطِّينِ. 42وَأَصَابِعُ الْقَدَمَيْنِ بَعْضُهَا مِنْ
حَدِيدٍ وَالْبَعْضُ مِنْ خَزَفٍ، فَبَعْضُ الْمَمْلَكَةِ يَكُونُ قَوِيًّا
وَالْبَعْضُ قَصِمًا. 43وَبِمَا
رَأَيْتَ الْحَدِيدَ مُخْتَلِطًا بِخَزَفِ الطِّينِ، فَإِنَّهُمْ يَخْتَلِطُونَ
بِنَسْلِ النَّاسِ، وَلكِنْ لاَ يَتَلاَصَقُ هذَا بِذَاكَ، كَمَا أَنَّ الْحَدِيدَ
لاَ يَخْتَلِطُ بِالْخَزَفِ. 44وَفِي
أَيَّامِ هؤُلاَءِ الْمُلُوكِ، يُقِيمُ إِلهُ السَّمَاوَاتِ مَمْلَكَةً لَنْ
تَنْقَرِضَ أَبَدًا، وَمَلِكُهَا لاَ يُتْرَكُ لِشَعْبٍ آخَرَ، وَتَسْحَقُ
وَتُفْنِي كُلَّ هذِهِ الْمَمَالِكِ، وَهِيَ تَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ. 45لأَنَّكَ رَأَيْتَ أَنَّهُ قَدْ قُطِعَ حَجَرٌ
مِنْ جَبَل لاَ بِيَدَيْنِ، فَسَحَقَ الْحَدِيدَ وَالنُّحَاسَ وَالْخَزَفَ
وَالْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ. اَللهُ الْعَظِيمُ قَدْ عَرَّفَ الْمَلِكَ مَا
سَيَأْتِي بَعْدَ هذَا. اَلْحُلْمُ حَقٌّ وَتَعْبِيرُهُ يَقِينٌ»(سِفْرُ دَانِيآل2: 31-45)،
تذكر مقدماً قيام وسقوط بابل،
وميدو فارس، واليونان، وروما. كما أن الأجزاء المختلفة للتمثال لم يتم اختيارها
بالطبع بصورة عشوائية، بل قصد بها أن تحدد سمات كل من هذه الإمبراطوريات. لكن يجب
على المرء أن يدرس الخلفية التاريخية من مصادر أخرى لكي يفهم سمات هذه
الإمبراطوريات المتعاقبة. وعندما نكتشف من السجلات التاريخية دقة تنبؤات سِفْرُ
دَانِيآل فهذا بالتأكيد تدعيم عميق للإيمان بالإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ باعتبار أنه كتاب الله المعجزي، وبسِفْرُ
دَانِيآل كمتحدث حقيقي أصيل عن الله. لا يهم إلى متى يُرجع الناقد الليبرالي
الأعلى تاريخ سِفْرُ دَانِيآل الأصلي، فالمهم أنه لا يزال نبوة دقيقة لا بد
وأن تكون فوق طبيعية. فبدون السجلات التي من خارج الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ، تُفقد الكثير من قوة هذه
الحقائق.
يوجد مثال آخر في سِفْرُ رُؤْيَا
يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ. فإن إشاراته المستمرة إلى بابل يمكن فهمها فقط في ضوء تاريخ روما في زمن كتابته. الأكثر من
ذلك، فإن الكنائس السبعة في آسيا الصغرى كانت أماكن تاريخية يمكننا أن نعرف عنها
من خلال الدراسات التاريخية والأثرية. هذه السمات تلقي بالضوء على كلمة ربنا
للكنائس في كل منطقة «»(سِفْرُ
رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ 1-3).
فمن هم النيقولاويون؟ وماذا كان «مجمع الشيطان» في سميرنا؟ وماذا كان عرش الشيطان في برجاموم؟ ومن هي إيزابل التي في ثياترا؟ الإجابة على تلك الأسئلة وعلى
الكثير غيرها يجب البحث عنها في مصادر من خارج الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ.
في سعيه للعثور على معنى أي
مقطع، يحتاج المفسر أولاً أن يكتشف كل ما يمكنه اكتشافه بشأن المؤلف: من هو؟، وأين ومتى كتب سفره؟، وتحت أية ظروف كتبه. الأكثر
من ذلك، يجب على المفسر أن يسعى لمعرفة المستمع أو الأشخاص الذين كتب لهم هذا
المقطع، والخلفية التاريخية التي قرأوا فيها ذلك المقطع. فإن كانت هناك إشارة إلى
حدث ما، يجب تتبع هذا الحدث والتعرف عليه لكي نكون على يقين من المعنى المقصود.
يمكن العثور على الخلفية التاريخية الموجودة خارج الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ من عدة مصادر خارجية هي:
1) قواميس
الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ، ودوائر المعارف الكتابية والكتيبات.
3) كتب
عن مقدمات للكتاب المقدس والمواد الافتتاحية في الشروحات.
إن الخلفية التاريخية لها أهمية
عظيمة في فهم العديد من مقاطع الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ، وفي الحقيقة، لها أهمية جوهرية في تفسير
العديد منها. لكن هناك عناصر أخرى في الخلفيات.
إلى اللقاء في الجزء الثاني
0 التعليقات:
إرسال تعليق