الخلاص بين النِّعْمَة
والجِهَادَ
إعداد
د. القس سامي منير اسكندر
Ø فاتحة
يشتد الحوار في قضية الخلاص بالنِّعْمَة
أم بالجِهَادَ. والواقع أن سر الخلاف هو التطرف، أي تمسك كل فريق بأحد النقيضين.
ففريق يري الخلاص بالنِّعْمَة فقط مستندين علي قول الإِنْجِيل: «8لأَنَّكُمْ
بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ
عَطِيَّةُ اللهِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ2: 8). وعلي النقيض من ذلك نري قوماً آخرين يتمسكون
بأن الخلاص هو بالجِهَادَ فقط مثل أصحاب بدعة (البيلاجية) أتباع بيلاجيوس في القرن
الرابع الميلادي.
أما نظرة الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
الْمَكْتُوبُ فهي نظرة متوازنة وحكيمة, ومن منطلق فكر الإِنْجِيل الأصيل سوف نناقش:
النِّعْمَة: في مفهومها، وأعمالها،
وكيفية الحصول عليها، وبعض التوصيات بخصوصها.
الجِهَادَ: في مفهومه، وحتميته،
وجوانبه، وأسلوبه. التوافق بين النِّعْمَة والجِهَادَ.
Ø النِّعْمَة
سوف نوضح مفهوم النِّعْمَة، مفاعيلها،
كيفية الحصول عليها، ثم توصيات بخصوصها:
Ø مفهوم النِّعْمَة:
النِّعْمَة هي عطية مجانية من
الله للإنسان، وهذا ما قصد الإِنْجِيل إيضاحه بقوله «8لأَنَّكُمْ
بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ
عَطِيَّةُ اللهِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ2: 8). وهذا نفسه ما أعلانه الحكيم سليمان بقوله: «34كَمَا أَنَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِالْمُسْتَهْزِئِينَ
هَكَذَا يُعْطِي نِعْمَةً لِلْمُتَوَاضِعِينَ»(سِفْرُ
الأَمْثَالُ3: 34). إذن فالنِّعْمَة عطية مجانية من الله تُعطى لِلْمُتَوَاضِعِينَ.
Ø فاعلية النِّعْمَة:
تقوم النِّعْمَة بأعمال عديدة في حياة
الإنسان نذكر منها:
1) الرَحْمَةً والمعونة: يقول الإِنْجِيل: «16فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ
لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْناً فِي حِينِهِ»(الرِّسَالَةُ
إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ4: 16). فبالنِّعْمَة نحصل على رحمة ربنا
ومعونته الإلهية.
2) الخلاص:
فالإِنْجِيل يقول: «8لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ،
وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ2: 8). فالنِّعْمَة هي عمل الله الذي به
يخلصنا من خطايانا.
3) التبرير:
قال الإِنْجِيل: «24مُتَبَرِّرِينَ
(يَعْتَبِرُهُمْ
صَالِحِينَ) مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي
بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ3: 24). فالنِّعْمَة بررتنا بدم الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ الذي سال على الصليب.
4) الثبات:
فالإِنْجِيل يقول: «9لاَ
تُسَاقُوا بِتَعَالِيمَ مُتَنَّوِعَةٍ وَغَرِيبَةٍ، لأَنَّهُ
حَسَنٌ أَنْ يُثَبَّتَ الْقَلْبُ بِالنِّعْمَةِ، لاَ بِأَطْعِمَةٍ لَمْ
يَنْتَفِعْ بِهَا الَّذِينَ تَعَاطَوْهَا»(الرِّسَالَةُ
إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ13: 9).
5) القوة:
يتضح ذلك من قول الإِنْجِيل: «1فَتَقَوَّ أَنْتَ يَا ابْنِي بِالنِّعْمَةِ الَّتِي فِي
الْمَسِيحِ يَسُوعَ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
الثَّانِيةُ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ2: 1). والنِّعْمَة تقوي ضعفنا وتسندنا في جِهَادَنا.
Ø الحصول علي النِّعْمَة:
كيف نحصل على نعمة ربنا؟
توجد عدة وسائل للحصول علي النِّعْمَة
منها:
1) ممارسات
نعمة: التي من خلالها يحصل المؤمن علي نعم الله المتعددة. فبالإِيمَان ننال
الحياة الجديدة، وبالاعتراف ننال غفران الخطايا، وبغفران خطايانا ننال سكن الروح
القدس، وبالتناول نضم لشركة الكنيسة التي هي جسد الرب.
2) الإتضاع:
يقول الإِنْجِيل: «5كَذَلِكَ
أَيُّهَا الأَحْدَاثُ اخْضَعُوا لِلشُّيُوخِ، وَكُونُوا جَمِيعاً خَاضِعِينَ
بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ، وَتَسَرْبَلُوا بِالتَّوَاضُعِ، لأَنَّ اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ
نِعْمَةً»(رِّسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الأُولَى5: 5). فالمتكبر
لا يحصل على نعمة الله.
3) الإِيمَان:
الواقع أن الإِيمَان هو اليد التي تمتد لتحصل علي النِّعْمَة كما وضح الإِنْجِيل: «8لأَنَّكُمْ
بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ
عَطِيَّةُ اللهِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ
إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ2: 8).
Ø توصيات النِّعْمَة:
هناك عدة توصيات للنِّعْمَة نذكر
منها:
1) النمو
في النِّعْمَة: يقول الإِنْجِيل «18وَلَكِنِ انْمُوا فِي
النِّعْمَةِ وَفِي مَعْرِفَةِ رَبِّنَا
وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. لَهُ الْمَجْدُ الآنَ وَإِلَى يَوْمِ الدَّهْرِ. آمِينَ»(رِّسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ3: 18). وهذا ما أكده الإِنْجِيل: «7لَكِنْ كَمَا تَزْدَادُونَ
فِي كُلِّ شَيْءٍ: فِي الإِيمَانِ وَالْكَلاَمِ وَالْعِلْمِ وَكُلِّ
اجْتِهَادٍ وَمَحَبَّتِكُمْ لَنَا، لَيْتَكُمْ
تَزْدَادُونَ فِي هَذِهِ النِّعْمَةِ أَيْضاً»(رِّسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ8: 7).
2) عدم
الازدراء بِرُوحِ النِّعْمَةِ: أي عدم تحقير النِّعْمَة، يقول
الإِنْجِيل «29فَكَمْ
عِقَاباً أَشَرَّ تَظُنُّونَ أَنَّهُ يُحْسَبُ مُسْتَحِقّاً مَنْ دَاسَ ابْنَ
اللهِ، وَحَسِبَ دَمَ الْعَهْدِ الَّذِي قُدِّسَ بِهِ دَنِساً، وَازْدَرَى بِرُوحِ النِّعْمَةِ؟»(الرِّسَالَةُ
إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ10: 29).
3) الحذر
من السقوط من النِّعْمَة: يوبخ الإِنْجِيل أهل غلاطية لارتدادهم عن النِّعْمَة
بقوله: «4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ
النِّعْمَةِ»(رِّسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ5:
4). كان هذا عن النِّعْمَة من زوايا متعددة،
0 التعليقات:
إرسال تعليق