إِنْجِيلُ يُوحَنَّا إِنْجِيلُ المحبة
الإصحَاحُ الأَوَّلُ
48) الْمَسِيحِ مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً
إعداد
د. القس / سامي منير اسكندر
14وَالْكَلِمَةُ
صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ،
مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ
مِنَ الآبِ، مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً.
مَمْلُوءاً نِعْمَةً
وَحَقّاً
شهادة البشير يُوحَنَّا ورفاقه: «14وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً
كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءاً
نِعْمَةً وَحَقّاً»(إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا1: 14)، فما هو هذا المجد الذي رآه يُوحَنَّا
ورفاقه؟ أهو مجد المعجزات التي أجراها الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ «11هَذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا
الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تلاَمِيذُهُ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا2: 11)؟ أم هو مجد
صفاته، الذي كان يحف بشخص الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مدة خدمته على الأرض؟ أم هو
المجد الخاص الذي ظهر في تجلي الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ على الجبل فشهده يُوحَنَّا
واثنان من رفاقه؟
وربما تحتمل هذه الكلمات إشارة ضمنية
إلى المجد الممتاز الذي تحدث عنه يُوحَنَّا في ديباجة سِفْرُ
رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ.
«مجداً»
– كررت كَلِمَةُ «مجداً» بعد كَلِمَةُ «مجده» على سبيل التوكيد لا الوصف. أنها ترجع بذاكرتنا
إلى «نار الشكينا» في نَامُوسِ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ، التي كانت في الهيكل رمزاً لحضور الله.
وهي
إحدى مميزات كتابات يُوحَنَّا«11هَذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا
الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تلاَمِيذُهُ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا2: 11)، «40قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَلَمْ أَقُلْ لَكِ: إِنْ آمَنْتِ
تَرَيْنَ مَجْدَ اللَّهِ؟»(إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا11: 40)، و«41قَالَ إِشَعْيَاءُ هَذَا
حِينَ رَأَى مَجْدَهُ وَتَكَلَّمَ عَنْهُ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا12:
41)، و«5وَالآنَ
مَجِّدْنِي أَنْتَ
أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ
كَوْنِ الْعَالَمِ... «22وَأَنَا قَدْ
أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِداً
كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. 23أَنَا
فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ، وَلِيَعْلَمَ
الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي، وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي. 24أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هَؤُلاَءِ
الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا، لِيَنْظُرُوا مَجْدِي
الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ
الْعَالَمِ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا17:
5و22-24)، و«10وَذَهَبَ
بِي بِالرُّوحِ إِلَى جَبَلٍ عَظِيمٍ عَالٍ، وَأَرَانِي الْمَدِينَةَ الْعَظِيمَةَ
أُورُشَلِيمَ الْمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، 11لَهَا مَجْدُ اللهِ، وَلَمَعَانُهَا شِبْهُ
أَكْرَمِ حَجَرٍ كَحَجَرِ يَشْبٍ بَلُّورِيٍّ»(سِفْرُ رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ21:
10و11).
«كما» – ليست تشبيهية، بل وصفية «4وَلَكِنْ لاَ يُحَاكِمْ
أَحَدٌ وَلاَ يُعَاتِبْ أَحَدٌ. وَشَعْبُكَ كَمَنْ يُخَاصِمُ كَاهِناً»(سِفْرُ هُوشَعَ4: 4)، و«3أُورُشَلِيمُ الْمَبْنِيَّةُ كَمَدِينَةٍ مُتَّصِلَةٍ كُلِّهَا»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور122:
3).
«لوحيد من الآب». كان موسى والأنبياء خداماً وعبيداً لله.
أما الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ فهو ابن الله، بمعنى ممتاز لا يدانيه فيه سواه.
وبنسبة رفيعة لا يشاركه فيها إنسان. وقد ذكرت كَلِمَةُ «وحيد»
وصفاً للرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ، في كتابات يُوحَنَّا وحده: «14وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً
كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءاً
نِعْمَةً وَحَقّاً»(إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا1: 14)، و«16لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى
بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ
يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ... 18اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ، وَالَّذِي لاَ
يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللَّهِ الْوَحِيدِ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا3:
16و18)، و«9بِهَذَا
أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ اللهِ فِينَا: أَنَّ اللهَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إِلَى الْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ»(رِّسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى4:
9)- وهي تميز بنوة الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ لله عن بنوة المؤمنين له «12وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ
سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا1:
12). «من الآب»- معناها الحرفي «من حضرة الآب» وهي تفيد الإرسالية التي من قبل الله.
«مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً»
:
«النِعْمَةً»
ضد الناموس،
«واَلْحَقَّ» – ضد الطقوس (الدينونة).
«النِعْمَةً»
هي الله جواداً محسناً
«واَلْحَقَّ»
هو الله معلناً ذاته.
«النِعْمَةً»
= المجانية وعدم الاستحقاق
«واَلْحَقَّ»
=
الصدق
مقابل الكذب، الحقيقة مقابل الشَّبة أو الظل
«النِعْمَةً»
كما استعملت في الاصل، معناها:
«كل
ما يجلب الانشراح». وهي تطلق على:
أ) كل ما هو مقبول وجذاب «22وَكَانَ
الْجَمِيعُ يَشْهَدُونَ لَهُ وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْ كَلِمَاتِ النِّعْمَةِ
الْخَارِجَةِ مِنْ فَمِهِ، وَيَقُولُونَ: «أَلَيْسَ هَذَا ابْنَ يُوسُفَ؟»(إِنْجِيلُ لُوقَا4: 22)،
ب)
كل ما هو مسر
«52وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ
وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ»(إِنْجِيلُ لُوقَا2: 52)، و«46وَكَانُوا كُلَّ يَوْمٍ يُواظِبُونَ فِي الْهَيْكَلِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ.
وَإِذْ هُمْ يَكْسِرُونَ
الْخُبْزَ فِي الْبُيُوتِ كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الطَّعَامَ بِابْتِهَاجٍ
وَبَسَاطَةِ قَلْبٍ
47مُسَبِّحِينَ اللهَ وَلَهُمْ نِعْمَةٌ لَدَى جَمِيعِ
الشَّعْبِ. وَكَانَ
الرَّبُّ كُلَّ يَوْمٍ يَضُمُّ إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّذِينَ يَخْلُصُونَ»(سِفْرُ أَعْمَالُ الرُّسُلِ2:
47)
ج)
الفضل المجاني الذي
غمر الخطأة. والمعنى الأخير هو الأعمق، وهو المقصود بالذات في هذا
العدد.
تختلف
«النِعْمَةً»
عن المحبة في أن المحبة قد تتجه إلى الأعلى، أو إلى الأدنى أو إلى الند، لكن «النِعْمَةً»
لا تعرف إلا اتجاهاً واحداً- من الأعلى إلى الأدنى «واَلْحَقَّ»
هو النور الذي به نرى الله كما هو. وفي نور الله نرى كل شخص وكل شيء في حقيقته.
فما
أغنى الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الذي فيه اجتمع هذان الضدان - «النِعْمَةً
واَلْحَقَّ»
- الرحمة والعدالة - اللطف والشدة.
هذه
خلاصة ما أعلنه الله للبشر عن نفسه في نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ
وَالْمَزَامِيرِ «النِعْمَةً
واَلْحَقَّ»
«5فَنَزَلَ الرَّبُّ فِي السَّحَابِ فَوَقَفَ عِنْدَهُ
هُنَاكَ وَنَادَى بِاسْمِ الرَّبِّ. 6فَاجْتَازَ
الرَّبُّ قُدَّامَهُ. وَنَادَى الرَّبُّ: «الرَّبُّ إِلَهٌ
رَحِيمٌ وَرَأُوفٌ بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الْإِحْسَانِ وَالْوَفَاءِ.
7حَافِظُ الْإِحْسَانِ إِلَى أُلُوفٍ.
غَافِرُ الْإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالْخَطِيَّةِ. وَلَكِنَّهُ لَنْ يُبْرِئَ إِبْرَاءً. مُفْتَقِدٌ إِثْمَ الآبَاءِ فِي
الأَبْنَاءِ وَفِي أَبْنَاءِ الأَبْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ»(سِفْرُ
اَلْخُرُوجُ34: 5-7)، و«5لِذَلِكَ لاَ تَقُومُ الأَشْرَارُ فِي الدِّينِ وَلاَ الْخُطَاةُ فِي
جَمَاعَةِ الأَبْرَارِ»(سِفْرُ اَلْمَزَامِيرُ، مَزْمُور1:
5)، و«18لاَ
خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ
إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ
يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ»(رِّسَالَةُ
يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى4: 18)،
«فالنِعْمَةً»
هي الله محبة، و«اَلْحَقَّ» هو الله نور.
هاتان
الكلمتان، مجتمعتين معاً، تصفان الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ باعتبار كونه منجز
الفداء، وهو الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ
(الْمَكْتُوبُ، ومتجسدًا).
ليس
الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ شخصاً «منعماً عليه» ولا هو
مجرد شخص عارف باَلْحَقَّ لكنه «مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً».
أو قل: هو النِعْمَةً المتجسد،
وهو اَلْحَقَّ متأنساً.
العبارة
«14وَالْكَلِمَةُ
صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا
مَجْدَهُ، مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ،
مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا1:
14)، حالية تصف الْكَلِمَةُ .
لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ = مونوجانيس من مقطعين
مونو = singleوحيد أو فريد جانيس = kind النوع.
0 التعليقات:
إرسال تعليق