أقنوم الرُّوحُ الْقُدُسُ
والضَّمِير
إعداد
د. القس سامي منير إسكندر
كثيرًا
ما يتكلم الرُّوحُ الْقُدُسُ داخل
قلوبنا ولكننا نرفض أن نطيع صوته. فما هو الفرق بين الرُّوحُ الْقُدُسُ والضَّمِير؟
الضَّمِير
يتكلم داخل الإِنْسَان
حتى في عدم وجود الرُّوحُ الْقُدُسُ.
الضَّمِير
أثر من آثار الشريعة الأولى المكتوبة من الله داخل الإِنْسَان.
فحينما خلق الله الإِنْسَان
على صورته ومثاله وضع فيه الضَّمِير
لكي يرشده إلى الصواب ويبكته على الخطأ مع عدم إلغاء حريته. ولكن الضَّمِير
بعد سقوط الإِنْسَان
أصبح من الممكن أن يتغير أو يتسع ويضيق حسب العوامل التربوية للإِنْسَان.
من الممكن أن يعمل الإِنْسَان
أمرًا يبكته عليه ضَّمِيره،
ولكن إذا اعتاد على عمل هذا الأمر، فسوف لا يبكته ضَّمِيره
مثلما قال الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ عن الخطاة يشربون الإثم كالماء «ِ16فَبِالْحَرِيِّ
مَكْرُوهٌ وَفَاسِدٌ الإِنْسَان
الشَّارِبُ الإِثْمَ كَالْمَاءِ!»(سِفْرُ
أَيُّوبَ15: 16).
الضَّمِير
من الممكن أن يضعف وأن ينام، وأن يضيق أو يتسع تبعًا للعوامل التي تمر بحياة الإِنْسَان
وتبعًا لمحاولته أن ينمى ضَّمِيره
ويقوّمه ويهذبه، أو إذا كان يميت ضَّمِيره.
وهناك من الضمائر من يظن أنه باضطهاده للمسيحيين يقدّم خدمة لله مثلما كان
يفعل الرَّسُولِ بُولُسَ قبل
قبوله الإيمان بالرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ. لذلك قال الرَّبِّ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ: «2سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ، بَلْ تَأْتِي
سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً
لِلَّهِ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا16:
2)، لهذا فالضَّمِير
يتأثر بما يتلقنه الإِنْسَان
وما يعتقده.
لكن الرُّوحُ الْقُدُسُ ليس
كذلك. الرُّوحُ الْقُدُسُ هو
هو أمس واليوم وإلى الأبد، بنفس قوته الإلهية وبنفس ناره الحارقة للخطية. فهو لا
يتغير. الرُّوحُ الْقُدُسُ يعتبر
قائد ومعلّم ومرشد للضَّمِير
فإذا مات ضَّمِير
الإِنْسَان،
فسوف يوقظه الرُّوحُ الْقُدُسُ
وسوف يرجع هذا الضَّمِير
للمقياس المضبوط، مثلما حدث مع زكا
رئيس العشارين عندما قال: «8فَوَقَفَ زَكَّا وَقَالَ لِلرَّبِّ: «هَا أَنَا يَا
رَبُّ أُعْطِي نِصْفَ أَمْوَالِي لِلْمَسَاكِينِ، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ
بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ». 9فَقَالَ
لَهُ يَسُوعُ: «الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهَذَا الْبَيْتِ، إِذْ هُوَ أَيْضاً
ابْنُ إِبْرَاهِيمَ،»(إِنْجِيلُ
لُوقَا19: 8، 9).
ضَّمِير زكا
الأول كان يسمح له بظلم الناس، ولكن بعد أن استيقظ ضَّمِيره
قال: «إِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ» فمن الذي
يوقظ ويهذب الضَّمِير؟
إنها عطية من عند الله، الرُّوحُ الْقُدُسُ «26وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ
يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ»(إِنْجِيلُ يُوحَنَّا14:
26).
فالإِنْسَان
لم يُترك في مهب الريح ولكن الإِعْلاَنِ الإِلَهِيَّ يُعطى
له من الله مباشرةً بواسطة الرُّوحُ الْقُدُسُ الذي يسكن فيه للقيادة
والارشاد والتعليم «8وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ
يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ: 9أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلأَنَّهُمْ لاَ
يُؤْمِنُونَ بِي. 10وَأَمَّا عَلَى
بِرٍّ فَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي وَلاَ تَرَوْنَنِي أَيْضاً. 11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ
هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ»(إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا16: 8-11)،
في نقاوة كاملة لا تتأثر بالعوامل التربوية أو الاجتماعية أو البيئية، وفوق كل هذا
سمو التعليم الإلهي.
لذلك
فالإِنْسَان
الذي يعيش مع الرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ تختلف تصرفاته عن المجتمع الذي حوله،
ويعتبر نوع من الطفرة يختلف عن مقاييس العالم حتى وسط المجتمع المسيحي نفسه. لأن
المجتمع المسيحي أحيانًا يتوارث عادات وتقاليد بشرية خاطئة. لكن الإِنْسَان
الذي فيه روح الله يرفض العادات السيئة في المجتمع كما قال الإِعْلاَنِ
الإِلَهِيَّ الْمَكْتُوبُ «وَيَكُونُ
الْجَمِيعُ مُتَعَلِّمِينَ مِنَ اللَّهِ» «45إِنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ: وَيَكُونُ
الْجَمِيعُ مُتَعَلِّمِينَ مِنَ اللَّهِ. فَكُلُّ مَنْ سَمِعَ مِنَ الآبِ
وَتَعَلَّمَ يُقْبِلُ إِلَيَّ»(إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا6:
45)، و«11وَلاَ يُعَلِّمُونَ كُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ وَكُلُّ
وَاحِدٍ أَخَاهُ قَائِلاً: اعْرِفِ الرَّبَّ، لأَنَّ الْجَمِيعَ سَيَعْرِفُونَنِي
مِنْ صَغِيرِهِمْ إِلَى كَبِيرِهِمْ»(الرِّسَالَةُ
إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ8: 11).
0 التعليقات:
إرسال تعليق